المحتوى الرئيسى

مقهى ريش.. تاريخ مصر في 100 عام

05/02 14:13

توفي صباح اليوم السبت 2 مايو، مجدي عبدالملك، صاحب "كافيه ريش"، التي كانت احد المقهي التي صاغ عليها الادباء والمفكرين تاريخ مصر الثقافي، حيث تجمع بها اعظم ادباء مصر والعالم العربي.

وكان من اشهر رواد "قهوه ريش" الشاعر الكبير احمد فؤاد نجم، والروائي جمال الغيطاني، والالماني فولكهارد فيندفور، مراسل جورنال ديرشبيجل.

تاسس مقهى ريش عام 1908، ويقع بالقرب من ميدان طلعت حرب، وشيدت عائله يهوديه، تسمي "عادا"، العماره التي يوجد بها المقهي، وشيد المقهي رجل الاعمال النمساوي بيرنارد ستينبرج، وباعه عام 1914، الي رجل الاعمال الفرنسي هنري بير، احد الرعايا الفرنسيين الذي اطلق علي الكافيه اسم "ريش"، ليتشابه مع اشهر مقاهي يباريس.

وقبل انتهاء الحرب العالميه الأولى عام 1918، اشتري تاجر يوناني "ميشيل بوليدس"، المقهي من صاحبها، ووسعه، وظل المقهي ملك له حتي عام 1960، ثم انتقلت ملكيته الي صاحبه المصري مجدي عبدالملك.

وكان المقهي في ذلك الوقت ممتدا الي ميدان سليمان باشا "طلعت حرب حاليا"، وبجانبه مسرح، غني عليه عمالقه الغناء منهم: "صالح عبد الحي، وزكي مراد"، وبجوار المقهي انشات صاله مصارعه.

كافيه ريش هو تحفه معماريه تختلف عن اي مقهي اخر من حيث الديكور واللوحات الموجوده داخله، ويعد المقهي ملتقي الادباء والمثقفين امثال: "نجيب محفوظ، ويوسف ادريس، وامل دنقل، ويحيي الطاهر عبدالله، وصلاح جاهين، وثروت اباظه، ونجيب سرور، وكمال الملاخ، وشاعر النيل حافظ ابراهيم، وكامل الشناوي، ومحمود السعدني، وعبدالرحمن الخميسي، وزكريا الحجاوي".

بالاضافه الي الكثير من اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين واشهرهم: "الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي، والسوري حسين الحلاق، والشاعر الفلسطيني معين بسيسو، والشاعر السوداني محمد الفيتوري، والسياسي اليمني محمد احمد نعمان، والامير علي عبدالكريم".

وغيرهم ممن كانوا يحرصون علي حضور نداوت نجيب محفوظ الاسبوعيه التي كان يعقدها، عصر يوم الجمعه، منذ عام 1963، بعد وقف ندواته في مقهي الاوبرا، وكان "ريش" يقدم المشاريب والوجبات بتخفيض خاص من باب الحفاوه بضيوف الروائي الكبير.

ذكر كتاب "تاريخ مصر القومي 1914- 1921"، لعبدالرحمن الرافعي، "ان كافيه ريش ملتقي الافنديه من الطبقه الوسطي، كما عرف مقرا يجتمع فيه دعاه الثوره والمتحدثون بشؤونها او شؤون البلاد العامه، كما كان معقلا لمختلف الطلائع السياسيه المتحرره من التعصب الحزبي، يتحاورون ويتسامرون ويتندرون ويتشاغبون، لكنهم غالبا ما يتفقون علي موقف واحد في مواجهه المشكلات الكبري التي تحتاج الي الحشد والوحده الوطنيه، ومعظم البيانات الوطنيه كانت خارجه من هذا المكان".

واشار الي ان ريش كان متنفسا لكل الطبقات والانواع من الناس علي اختلاف نزاعتهم، وظل البوليس السياسي يقصد المكان ورجال المخابرات والصحفيين الاجانب، كل يفتش عن ماربه الخاصه وقياس الاخبار ومواكبه النبض المصري".

وذكر الكتاب ان المقهي كان لها دور كبير في "ثوره 1919"، وان صاحب المقهي في هذا الوقت، كان عضوا في احد اهم التنظيمات السريه، حيث وجد داخل المقهي بعد مرور 80 عاما علي الثوره، اله لطبع المنشورات، حيث احدث زلزال 1992 شرخا باحد جدران المقهي، ووجد خلف الجدار سرداب سري به منشورات والات طباعه يدويه.

وفي الاربعينيات من القرن العشرين، احتشد عدد كبير من العاملين في الموسيقي والغناء داخل المقهي، لايجاد حلا لمشاكلهم المهنيه، وكان علي راسهم ام كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وكانت نتيجه هذا التجمع، الاتفاق علي انشاء اول نقابه للموسيقيين بمصر.

وكان الكافيه ملتقي الضباط الاحرار قبل قيامهم بـثوره يوليو1952، منهم جمال عبدالناصر، وانور السادات، ومحمد نجيب، اذ كانوا يعدون ويجهزون لسيناريو الثوره، وفي العام 1972 انطلقت منه "ثوره الادباء"، احتجاجا علي اغتيال الروائي الفلسطيني غسان كنعاني.

كانت تذهب ام كلثوم الي مقهي ريش بصحبه المطرب والملحن الشيخ ابوالعلا محمد، وكانت لا تزال صغيره في بدايتها، حيث تعاقد المقهي معها لاقامه حفلات غنائيه بصفه مستمره، وفقا لـ "جريده المقطم"، في عددها الـ30، الصادر بشهر مايو عام 1923.

حيث صدر اعلانا يحدد يوم الخميس موعدا اسبوعيا لوصلات غنائيه وتواشيح بصوت ام كلثوم، تحت عنوان "هلمو احجزو محلاتكم من الان كرسي مخصوص بـ15 قرشا ودخول عمومي 10 قروش".

يعد اشهر رواد المقهي، وله قصيده شعبيه ذائعه الصيت، وصف فيها نجم المقهي ورواده والمثقفين الذين كانوا يرتادونه في السبعينيات بعنوان "يعيش اهل بلدي".

وتقول "يعيش المثقف علي مقهي ريش.. يعيش يعيش يعيش.. محفلط مزفلط كتير.. الكلام.. عديم الممارسه.. عدو الزحام.. بكام كلمه فاضيه.. وكام اصطلاح.. يفبرك حلول المشاكل.. قوام.. يعيش المثقف.. يعيش يعيش يعيش.. يعيش اهل بلدي".

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل