المحتوى الرئيسى

فلسطين في السينما العربية:67 عاماًمن الاستهلاك المحلي

04/29 14:03

جائزه الشيخ زايد للكتاب تعلن اسماء الفائزين

رحيل محمد مهر الدين.. رائد الحداثه في الفن العراقي

مسرحيه عدو الشعب للكاتب هنريك ابسن

" الصوره تساوي الف كلمه " قاعده رئيسه في كل ما هو بصري، ريبورتاج صحفي، فيديو كليب، مسلسلات تليفزيونيه، افلام سينمائيه، فهل تنطبق تلك القاعده علي صوره القدس وصوره فلسطين في الدراما المصريه، تلك هي الحكايه.

لكي تصور فيلم عن القضية الفلسطينية هناك تيمات شكليه يجب ان يحتويه العرض؛ حرق العلم الاسرائيلي، كوفيه فلسطينيه غير اصليه، يافطات باللغة العبرية، مظاهرات بالحجاره والمولوتوف مفبركه وغير واقعيه؛ صوره فوتوغرافيه لقبه الصخره في خلفيه المشهد، او صوره للمصلين في باحات المسجد الاقصى دون قبته الخضراء، فلسطينيين بلباس عربي / بدوي، علي ان يكون البطل مصري يسمي احمد، والبطله فلسطينيه تسمي سلمي او مريم، ومحاوله حثيثه للحديث باللكنه الفلسطينيه /البدويه. تلك هي فلسطين في الدراما المصريه والعربيه حديثاً خاصه بعد انتفاضه الاقصي عام 2000.

تزخر الدراما العربية والمصريه علي وجه الخصوص بعده اعمال ونماذج تتناول القضيه الفلسطينيه منذ نشاتها فيما اذا رصدنا تلك الاعمال وما تقدمه سيكون محدودا رغم ما تمثله القضيه الفلسطينيه والقدس من اهميه في تشكيل الوجدان العربي. فكيف نظر الفن المصري/العربي للقضيه الفلسطينيه او تعامل معها، تلك هي الحكايه ... حكايه تخص العرب يتوحدون بها وتمثل ثقافه راسخه في وجدان شعوبها " الارض لاصحابها، عوده اللاجئين والمهاجرين، القدس عاصمه فلسطين، دولة فلسطين الحره ". فهل رسخت السينما او التليفزيون تلك العناوين او تناولتها ام هي كانت مجرد شعارات وتيمات لتعريف بهويه العرض.

تذكر سحر منصور باحثه فلسطينيه ان معظم المحللين ارجاوا عدم تعرض السينما العربية/المصريه للقضيه الفلسطينيه منذ نشاتها عام 1927 حتي الخمسينيات من القرن الفائت الي وقوع معظم الدول العربيه تحت وطاه الاستعمار". مردفه بالقول :- " لم يحتل الفيلم السياسي موقعاً علي الخارطه السينمائيه المصريه، ولا نقصد بالفيلم السياسي، الفيلم الذي يناقش، او ينتقد موقفاً، او اداءً، بل ذلك الفيلم النابع من مبدا "كيف توجد استراتيجيه لحياتك، وبناءً متماسكاً؟ وكيف تناقش هذا البناء؟".

" فتاه من فلسطين " كان باكوره الاعمال التي قدمتها السينما المصرية عن القضيه الفلسطينيه عام 1949 بطوله  سعاد محمد وعزيزه امير  واخراج محمود ذو الفقار ، يحكي الفيلم عن ضابط طيار مصري يستبسل في الدفاع عن الارض الفلسطينيه ضد العدو الصهيوني، ويحدث ذات غاره جويه ان تسقط طائرته في قريه فلسطينيه وتعثر عليه سلمي الفلسطينيه مصابًا في قدمه فتستضيفه في منزلها وتعمل علي تطيب جراحه مما يقرب بين القلبين المصري والفلسطيني. ثم يتعرض الفيلم لقصص الفدائيين الفلسطينيين اللذين يفضلون الموت علي الاحتلال الصهيوني ثم نعرف ان منزل سلمي ما هو الا مركزًا لسلاح الفدائيين، يعجب الطيار المصري بالفتاه سلمي وشجاعتها حتي يتبادلان الحب ويتزوجان في عرس فلسطيني يغزله الفدائيين بالشكل الشعبي الفلسطيني ويعود الطيار المصري لاستكمال رسالته في الدفاع عن فلسطين.

تتنتقد منصور الفيلم قائله " تعرض الفيلم لكثير من النقد ناتج عن الميلودراما التي سيطرت عليه، مع المبالغه في الاغاني، في غير مناسبه، والتي افقدته ايه دلاله ايجابيه، اذ كان يفترض ان ينتهي الفيلم بالتاكيد علي ان مصير مصر وفلسطين هو مصير مشترك، غير ان النتيجه جاءت علي نحو ساذج، بما يخدم اغراض السوق التجاري للسينما المصريه".

كان فيلم " ناديه " هو الفيلم المصري الثاني الذي تم انتاجه عام 1949، من اخراج فطين عبد الوهاب، وبطوله عزيزه امير ومحمود ذو الفقار، وهو اول فيلم قام باخراجه فطين عبد الوهاب. لكنه عرض عام 1953، كانت فلسطين تلعب دور ثانوي في الفيلم حيث استشهد اخو البطله التي تتحمل مسؤوليه اخوتها في حرب فلسطين ويتقدم صديق ذلك الاخ لخطبتها فتقرر استكمال دورها في المسؤوليه العائليه كاشفه له عن حب شقيقتها الصغري له.

ترجع الباحثه سحر منصور فشل الفيلم الي الثغرات الكثيره في الخط الدرامي والتسطيح الفكري قائله " فهو ينتقل من ميلودراما المعاناه والتضحيه الي ميلودراما المغامره، دون الاشاره الي طبيعه الحرب العربيه ـ الاسرائيليه، واسبابها، واغراضها".

في اجواء حرب فلسطين 1948 تنتنج الشاشه المصريه فيلمان ما بين 1953 – 1955، يشيران الي  صفقه الاسلحه الفاسده التي وردت عام 1948 والتي تسببت في خساره الحرب لكنها كانت مفجره لثوره يونيو 1953 والتخلص من النظام الملكي " الفاسد " كان اولهما " ارض الابطال " حيث  يُصدم احد الشباب عندما يعلم ان والده الثري قرر ان يتزوج الفتاه التي يُغرم بها، فيتطوع في الجيش، ويشترك في الحرب. وفي مدينه غزه يلتقي بفتاهٍ فلسطينيه، ويتحابان ويقرران الزواج، فيقوم الاب بتوريد اسلحه فاسده الي الجيش، تكون سببًا في فقدان الابن لبصره في خلال احدي العمليات. اخراج نيازي مصطفي، وبطوله كوكا وعباس فارس عام 1953، والفيلم الثاني “الله معنا” لاحسان عبد القدوس عام 1955 حيث  يذهب الضابط عماد للمشاركه في حرب فلسطين بعد ان يودع خطيبته ابنه عمه التاجر الثري ، يصاب عماد ويتم بتر ذراعه ، يعود مع عدد من الجرحي والمشوهين وهذا يؤدي الي حركه تذمر بين رجال الجيش وان هناك رجالا وراء توريد الاسلحه الفاسده للجيش منهم والد ناديه، يتكون مجموعه من الضابط الاحرار الذين اخذوا علي عاتقهم ان ينتقموا لوطنهم ، يطلب عماد من ناديه البحث في اوراق والدها علي دليل يؤيدهم ، وعند القبض علي والد ناديه يموت اثر انفجار قنبله يدويه فاسده . وتنتهي الاحداث بالاطاحه بملك البلاد وتحرير الوطن. من اخراج علي بدرخان ومن بطوله فاتن حمامه وعماد حمدي وماجده ومحمود المليجي.

جاء اول الافلام التي صورت داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهو “ارض السلام” للمخرج كمال الشيخ عام 1957 ليكون الاول من نوعه يصور داخل الاراضي المحتله لكنه لم يخرج من النمطيه في الصوره الذهنيه عن " فلسطين والقضيه الفلسطينيه" حيث يحكي عن احمد فدائي مصري يختفي داخل قريه فلسطينيه، تتعاون معه سلمي ، وهي احدي فتيات القريه. يصور الفيلم معارك الفدائيين من اجل تحرير فلسطين والصعوبات العديده التي يلاقونها من نسف خزانات الوقود. وبعد انتهاء اي عمليه يعود احمد مع سلمي دون ان يتمكن الاسرائيليون منهما. تنمو علاقه صداقه ثم حب بينهما تنتهي بالزواج، اخذ هذا الفيلم اكثر من ثلاث اسابيع في دور العرض نظرا لابطاله فاتن حمامه وعمر الشريف نجوم ذلك العصر.

تري منصور  " ان المتفحص للنص السينمائي للفيلم سيعي كم السذاجه العاطفيه، وضيق الافق، والتناول، اللتين سيطرتا علي الخط الدرامي، فلم يخلقا شكلاً سينمائياً، يعبر عن مضمون متماسك، او حتي يحلل العلاقات والمواقف بين مصر والقضيه الفلسطينيه، باعتبارها تشكل جزءاً من مصير الوطن العربي كله، وهو ما يظهر، بشكل هامشي، في علاقه زواج البطل من الفتاه، وعودتهما سوياً، الي مصر".

توارت فلسطيني في خلفيه العمل الدرامي فصارت سبب او نتيجه لاحداث الفيلم وشخص مواجهه العدوان والقوي الاستعماريه كمحور رئيسي لافلام النصف الثاني من الخمسينيات وصولا  لعام 1967 عام النكسه. فتلت المجموعه الاولي افلام تعرضت لحروب مصر مع الكيان الصهيوني مرتبطه بضروره مواجهه الجميع للاحتلال الاسرائيلي ومقاومه قوي الاستعمار كفيلم " بورسعيد " عن العدوان الاسرائيلي – البريطاني – الفرنسي علي السويس عام 1956.

فلسطين هم حقيقي في “جماعه السينما الجديده”

" رب ضاره نافعه، فكما كان لهزيمه 1967 جانباً ايجابياً علي السينما المصريه في ظهور جماعه سينمائيه جديده من شباب حاولوا خلق توازن حقيقي بداخلهم بين ان يكونوا جادين في تعاملهم مع واقع مجتمعهم اليومي وبين المتغيرات الحياتيه التي اعقبت النكسه، وبدا ان هناك من يحاول ان يرفض نوع السينما التجاريه السائده" ذلك ما وصفت به سحر منصور تلك الفتره ابان النكسه، كان من اعضاء تلك الجماعه الجديه خيري بشاره، وداود عبد السيد، وغالب شعث، وعلي عبد الخالق، فقدمت هذه الجماعه، وغيرها من التجمعات السينمائيه العربيه، اول رؤيه، وطرح حقيقيين لقضيه الكفاح الوطني الفلسطيني، داخل السينما العربيه عموماً، والمصريه خصوصاً.

كان اهم الافلام التي تناولت قضيه النضال الوطني الفلسطيني محاوله غالب شعث في طرح القضيه الفلسطينيه، دون افتعال، وباسلوب بعيد عن الضجيج والثرثره، من خلال فيلم "ظلال علي الجانب الاخر" (1973)، عبر طالب فلسطيني يدرس في القاهره، ويسكن مع اربعه من الشباب المصريين، داخل عوامه، يدرسون في كليه الفنون الجميله، وكل منهم يروي الاحداث من وجهه نظره. ومع النهايه، يطالعنا الفيلم بصوره قريبه للاوضاع، لواقع مرير ومتخلف وهزيمه اوسع واعمق من هزيمه 1967 العسكريه نفسها.

وخصص فيلمه الثاني عام 1975 " المفتاح " الذي شاركه في كتابه السيناريو  السينمائي ابراهيم ابو ناب ، من انتاج مؤسسه صامد للانتاج السينمائي، كذلك فيلم " الارض " عام 1976الذي  يعتبر من انجح الافلام الوثائقيه انذاك، من حيث البنيه والعمل الفني المتكامل,اضافه لكونه شكل وثيقه فنيه, حيث قدم احداث يوم”الارض” من داخل فلسطين التاريخية في مناطق العام 1948 معتمداً علي طاقم تصوير اجنبي وعليه تعتبر تلك التجربه بدايه التطور الواعي في مسيره السينما الفلسطينية نفسها رغم ان شعث كان يعيش في مصر.

عاد شعث لانتاج واخراج فيلم اخر عام 1983 بعنوان " العروس والمهر " وهو فيلم مدته 28 دقيقه متحدثاً فيه عن نكسه عام 1967 والاحتلال الاسرائيلي للضفه الغربيه بما فيها القدس.

تقول منصور " ان بعد الانتصار العسكري علي اسرائيل عام 1973 وبدء تسويه السلام في كامب ديفيد، شق الرئيس المصري انور السادات طريق الانفكاك عن العرب، وقضاياهم، وسطحت القضيه الفلسطينيه والصراع العربي – الاسرائيلي برمته، وبدا مسلسل التزييف الاعلامي لا يشمل فقط السينما بل تعداه الي الحقوق والحريات والقوميه والتحرر  واحلال قيم اخري مكانها كالعبوديه والتبعيه والنزعه الفرديه والانماط الاستهلاكيه".

مع محاولات الشباب السينمائي في مصر من طرح اسئله جاده حول دورهم واهميه السينما في مناقشه القضايا الجاده والتي استشرت في المجتمع المصري ( كالفساد – والمحسوبيه – واللقضيه الفلسطينيه ) كانت حقبه الثمانينات تسهم اسهاما جادا في ذلك عبر  مخرجين مهتمين بالشان العام/ والخاص الذي لا ينفصل عنه كالمخرج عاطف الطيب الذي اخرج افلاماً عده منها "كتيبه الاعدام" 1989، وفيلم "ناجي العلي"1992 الذي اثار ضجه في مصر ومنع من العرض وقتها.

يعد فيلم " ناجي العلي " الاول من نوعه الذي يتعرض لرمز ثقافي نضالي فلسطيني، هو محور السرد داخل الفيلم، من خلال استعراض احداث وتواريخ تتعلق بفلسطين. وقضيتها الوطنيه، حيث يبدا النص السينمائي للفيلم، قبل بضعه اشهر من تاريخ اغتصاب فلسطين، ويشار الي ذلك بجمله الاشارات الزمنيه/ التاريخيه، وتفجير المساكن، وتشريد اهالي القري الفلسطينيه، ثم انتهاء الانتداب البريطاني، واخيراً اعلان الدوله الصهيونيه، في 15 مايو/ ايار 1948، الي ان ياتي ختام الفيلم، بتوقف قلب ناجي العلي، داخل مستشفي بلندن "عقب اغتياله" صيف عام 1987.

فلسطين/القدس صورة نمطية في سينما الالفيه الثانيه

اختفت القضيه الفلسطينيه والقدس عن السينما المصريه طيله فتره التسعينيات الا في افلام الاستخبارتيه التي قامت بها ناديه الجندي التي كانت من رواد سينما الاكشن الاميريكه عبر دغدغه المشاعر المصريه ببطولات المخابرات المصريه في مواجهه المخابرات الاسرائيليه  كـ فيلمي" 48 ساعه في اسرائيل " و فيلم "مهمه في تل ابيب".

بنهايه حقبه التسعينيات، ظهرت مجموعه من الشباب السينمائي، قدمت شكلا مغايرا لما كان سائداً وقتها، سيدوا نمطاً جديداً بما سمي " السينما النظيفه " الخاليه من الانماط التجاريه في الثمانينات والتسعينيات، كان عليهم استلهام قيم وطنيه لدغدغه مشاعر الجماهير  بعد انتفاضه الاقصي 2000 مستخدمين رموزاً معبره عن القضيه الفلسطينيه دون التوغل في مضمونها كافلام محمد هنيدي " صعيدي في الجامعه الاميريكيه، و فيلم " همام في امستردام " اللذان استخدما رمزيه حرق العلم الاسرائيلي  مع مشاهد من الانتفاضه الثانيه في محاوله للتنفيس دون توعيه حقيقه بالقضيه.

كما هو حال بعض السينمائيين في تناولهم لقضيه الفدائي، جاء فيلم "اصحاب والا بيزنس" عام 2001 اخراج علي ادريس، ليصور الفدائي باعتباره الحل الامثل للقضيه، فبتفجير نفسه تحل القضيه الفلسطينيه، وينتهي الحديث عنها.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل