المحتوى الرئيسى

مسلمون يشاركون يهود بلجيكا إحياء عيد "الميمونة" المغربي

04/29 13:17

جنديان من قوات البحريه البلجيكيه مدججان باسلحه ثقيله يرابطان بحزم امام مدخل بنايه قديمه، وسط العاصمه بروكسل، يطوف حولها جنديان اخران بشكل متواصل. المكان مراقب بكاميرات كثيره، وامام المدخل الجنوبي تربض سياره عسكريه من نوع "جيب". المكان ليس مقر الحكومه البلجيكيه او قاعدة عسكرية. كلا، انه كنيس بروكسل الكبير، احد اكبر المعابد اليهوديه في اوروبا.

في الداخل، وسط بهو الاستقبال، يتبادل جنديان اطراف الحديث، يبدو عليهما شيء من الملل. شُددت الحراسه الامنيه علي الكنيس منذ نحو سنه، وبالتحديد منذ ان قُتل اربعه يهود في هجوم مسلح علي المتحف اليهودي، علي بعد مائتي متر من الكنيس. وفي يناير الماضي جري مضاعفه الاجراءات الامنيه بعد هجمات باريس الارهابيه.

الخوف يهدد بقاء اليهود في اوروبا

البرت قيقي هو حاخام المعبد واحد اهم الحاخامات في اوروبا. يجلس البرت خلف شمعدان مذهب في بيت الكنيس. الكيباه السوداء تغطي راسه، فيما كان منكبا -بتركيز تام- علي تصفح كتاب للصلاه بالعبريه. نقطع عليه مطالعته، بناء علي موعد مسبق، ونبدا حوارنا معه. "منذ الهجوم علي المتحف اليهودي العام الماضي وبعد هجمات باريس الداميه، لاحظت شعورا متناميا بالقلق وسط جاليتي هنا في بروكسل"، يخبرنا الحاخام قيقي، مضيفا: "نحن منشغلون فعلا بما الت اليه الاوضاع هنا، فالارهاب ومعاداه الساميه في اوروبا تضاعفت. انهم (اي الارهابيين) يريدون بث الخوف في الجاليه حتي يجبروا اليهود علي الرحيل. انه نوع من الارهاب النفسي لزلزله حياه اليهود هنا".

مسلمون ويهود يلتقون تحت سقف واحد للاحتفال بالميمونه

مباشره بعد الهجوم علي المجله الساخره وعلي محل كوشير اليهودي في باريس، الذي اودي بحياه اربعه يهود، تعالت اصوات عديده طالبت يهود اوروبا بالهجره الي اسرائيل، رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو كان في مقدمتهم. لكن الحاخام قيقي لا يري ان مواجهه هذا الخوف تتم عبر مغادره الجاليه اليهوديه اوروبا الي مكان يمكن الشعور فيه بالطمانينه، اذ يقول في حديثه لـDWعربيه: "الرحيل يعني الوقوع في الفخ الذي نصبه لنا الارهابيون، علي اليهود ان يتحلوا بالصبر وان يصروا علي متابعه حياتهم المعتاده دون خوف".

ولد كبير حاخامات بلجيكا في المغرب، وقضي جزءا من حياته في مكناس، قبل ان يحط الرحال في بلجيكا. وهنا في الكنيس يقضي كثيرا من وقته. وبرفق يفتح الحاخام قيقي باب خزانه خشبيه قديمه مزركشه بصفائح معدنيه مذهبه خلف الشمعدان، لتظهر نسخ قديمه من التوراه ملفوفه بقطع من الحرير، منقوش عليها عبارات عبريه بلون ذهبي. يواصل حديثه بالقول: "البشر ميالون بطبعهم الي الخوف من كل ما هو مجهول او غريب عنهم. اذن فعدونا اليوم هو الخوف من الاخر". ويري الحاخام، الذي تربطه علاقات متينه مع الجاليه المسلمه في بلجيكا، ان انتشار الاحكام المسبقه عن الاخرين، سواء ا كانوا مسلمين او يهود، سببه الجهل. ويواصل حديثه بالقول: "يجب ان نمد جسور التواصل مع الاخر، وان نتعرف عليه عن كثب. هكذا يمكن ان نحترمه ونثري معارفنا بثقافته".

وباستمرار يبادر الحاخام الي استقبال شباب من الجاليه المسلمه في كنيسه. فابواب الكنيس ستكون دوما مفتوحه امام الجميع، كما يقول. ويري بانه علي حكومات اوروبا ان تبادر الي جمع شباب من كل الديانات تحت مظله واحده عبر اطلاق مشاريع مشتركه. العمل المشترك من اجل تحقيق نجاح واحد هو الذي سيوحد الشباب رغم اختلافاتهم. هذا ما سينقذ مستقبل اوروبا والتعايش السلمي فيها".

"لا علاقه للمسلمين بمعاداه الساميه"

محمد زعتراوي: "اليهود اخوتنا ومن الخطا اتهام المسلمين بمعاداه الساميه".

استفحلت ظاهره معاداه الساميه في اوروبا، خاصه بعد الحرب في غزه صيف العام الفائت. وكل مره يتعرض فيها معبد او مقبرة يهودية في اوروبا للاعتداء، تتجه اصابع الاتهام علي الفور الي احدي الجهتين: اما الي مسلمين متطرفين في اوروبا، او الي النازيين الجدد. DWعربيه قابلت ممثل الجاليه المسلمه في بروكسل محمد زعتراوي في مسجد الكرم في ضواحي بروكسل. المسلمون ليسوا مطالبين بالدفاع عن انفسهم، كما يقول زعتراوي: "القران يدعونا للحديث مع اهل الكتاب، اي اليهود والمسيحيين، بالتي هي احسن".

ويواصل حديثه بالقول: "في المغرب، وهو بلد ذو غالبيه مسلمه، لم نسمع ابدا بحالات لمعاده الساميه. اليهود هم اخوتنا ومن الخطا الاقرار باننا نحن المسلمون معادون للساميه او نحن من نحمل ضغينه ضدهم". في المقابل يقر زعتراوي بوجود شيء من الكراهيه في المجتمع البلجيكي تجاه الاقليات عموما، اليهوديه منها وكذلك المسلمه. ويري ان الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجه مشكله معاداه الساميه ونبذ الاحكام المسبقه حول الاقليات.

مسلمون ويهود يجمعهم "عيد الميمونه"

بيتي: "تزايد الاعتداءات علي اليهود امر مقلق".

وهذا ما يعمل عليه زعتراوي، سويه مع بعض افراد الجاليه المسلمه في اوروبا، منذ سنوات. عيد الميمونه اليهودي كان فرصه لتبادل الزيارات وتقويه "علاقات الاخوه" مع اليهود والمسيحيين، كما يقول. منذ ثلاثه قرون يحتفل اليهود المغاربه بعيد الميمونه، وجرت العاده ان يزور المسلمون في المغرب جيرانهم اليهود، حاملين معهم الخبز والعسل والحليب.

بحسب التقاليد اليهوديه يصوم اليهود عن اكل الخبز قبل ايام من عيد الفصح. DWعربيه رافقت الحاخام قيقي ومحمد زعتراوي الي بيت السيد موريس، وهو يهودي من اصل مغربي، داب علي تنظيم حفل عيد الميمونه في منزله الخاص وذلك منذ قدومه الي بلجيكا. يفتح سنويا ابواب البيت لاستقبال المسلمين والمسيحيين، وذلك لاحياء العادات القديمه لليهود المغاربه.

العيد له رمزيه خاصه للجاليه اليهوديه المغاربيه المقيمه في بروكسل، فموسيقي المالوف الاندلسيه والشاي الاخضر بنكهه اوراق النعناع الطازج والحلويات المغربيه تعيد اليهم الحنين الي تلك الطقوس القديمه، عندما كانوا في المغرب. ذلك البلد الاستثنائي في تسامحه الديني وانفتاح مجتمعه، كما يقول ضيوف من الجاليه اليهوديه تحدثت DWعربيه اليهم.

لم تخفِ السيده بيتي، وهي يهوديه فرنسيه، صدمتها من تنامي معاداه الساميه والاعتداءات المتكرره ضد اليهود في اوروبا. "انا منزعجه جدا لما يحصل اليوم، لقد ولدت في المغرب ولازال المسلمون والمسيحيون واليهود يعيشون هناك في محبه وسلام الي اليوم. صحيح، لا يجب ان نهول الامور، ففي كل مكان هناك طيبون وشريرون. علينا ان نواجه هذه الظاهره سويا".

ينظم موريس حفل عيد الميمونه في منزله في بروكسل منذ 18 سنه

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل