المحتوى الرئيسى

مآسي الهجرة غير الشرعية.. مسؤولية مشتركة بين ضفتي المتوسط

04/28 19:39

"سنظل نطالب بحق ابنائنا ما دمنا احياء"، بهذه العبارات تؤكد لـ DW ام احد المهاجرين التونسيين غير الشرعيين الذي غرق في رحله سريه الي اوربا، اصرارها علي كشف مصير ابنها وملابسات ماساتها وماساه غيرها من الامهات التونسيات

تقطن مريم النفزي في حي التضامن، وهو اكبر حي شعبي بتونس. وعلي الرغم من تواجده بضواحي العاصمه الا انه يعاني من الفقر والاهمال وتفشي البطاله. وكان قد ساهم بشكل فعال في الاطاحه بالنظام السابق عندما وصلت شراره الاحتجاجات الشعبيه الي العاصمه في الاسبوع الاخير من الثوره في يناير/كانون الثاني عام 2011.

ما تزال مريم النفزي والده محمد الحبوبي (22 سنه) تذكر اليوم الاخير الذي شاهدت فيه ابنها قبل ان يختفي من الوجود وتنقطع اخباره. وفي حديثها مع DW عربيه قالت "رايت شابين مرا علي محمد في مثل سنه في ّاخر النهار، بينما كانت الشمس تميل الي الغروب، حينها كان يشتغل في محل للحلاقه.. وعند الساعه الحاديه عشر كلمني عبر الهاتف واعلمني ان رحلته الي ايطاليا ستنطلق من ميناء سيدي منصور بصفاقس. طلب ان ادعو له قبل ان يجهش بالبكاء ويغلق السماعه".

بعدها بيومين انتشرت الانباء عبر وسائل الاعلام ووكالات الانباء عن غرق المركب الذي كان يقل محمد واخرين، يفوق عددهم المائه، ولم ينجو منهم الا 56 شخصا وصلوا الي جزيره لامبيدوزا، وظل العشرات مفقودين دون ان تتمكن البحريه الايطاليه من العثور علي جثثهم.

وبعد ان تقبلت خبر الفاجعه دابت السيده مريم والكثير من اهالي الضحايا والمفقودين علي التردد علي وزاره الخارجيه ووزاره الشؤون الاجتماعيه والداخليه ومنظمات المجتمع المدني علها تعثر علي الخبر اليقين. ثم عكفت مريم علي الذهاب الي وزاره الخارجيه كل يوم دون ان تظفر باي جواب او اي دليل يؤكد ما اذا كان ابنها علي قيد الحياه او ميتا.

امهات تونسيات تبحثن عن الحقيقه وكشف مصير ابنائهن

ولا تختلف قصه مريم عن الاخريات. وتقول سالمه النفزي، وهي من نفس المنطقه لـDW عربيه "ابني صابر الجلاصي (25 عاما) اختفي بين عشيه وضحاها ولا املك اي معلومه بشانه... نريد ابناءنا احياء او اموات... نريد الحقيقه".

وتشكك عائلات الضحايا في روايات الحكومه التونسيه والسلطه الايطاليه وتعتقد ان هناك لغزاً يجب تفكيكه بشان فقدان ابنائهم.

ناجيه العوني والده انيس الاخضر (27 عاما)، هاجر الي ايطاليا في رحله سريه في شهر مارس / اذار 2011 انطلاقا من ميناء الهواريه باتجاه جزيره لامبيدوزا الايطاليه ومنذ ذلك الحين لم يتصل بعائلته ولا يعرف مصيره.

قالت ناجيه لـ DW عربيه "لدينا معلومات بان القارب وصل سالما الي السواحل الايطاليه لان والده احد المهاجرين شاهدت ابنها في تقرير صحفي مصور بث علي احد القنوات الايطاليه وتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يتضارب مع ما تعلنه السلطات الايطاليه من انها لم تستقبل ابناءنا، وبالتالي ترجيح فرضيه موتهم". وتضيف العوني "قابلنا رئيس الجمهوريه المنصف المرزوقي وقال لنا ان هناك ايادٍ خفيه تقف خلف هذا اللغز".

زهير اليحياوي من الرابطه التونسيه للدفاع عن حقوق الانسان

وبعيدا عن الغموض الذي يحيط بحقيقه المفقودين من المهاجرين ان كانوا احياء ام اموات، فان فاجعه غرق المركب اثارت الصدمه في الشارع التونسي وكشفت عن حجم الياس لدي الشباب، فيما اطلق المعارضون سهامهم تجاه الحكومه بسبب فشل الخطه التنمويه.

وقال زهير اليحياوي عضو الرابطه التونسيه للدفاع عن حقوق الانسان في حديثه مع DW عربيه "المسؤوليات تتقاسمها اطراف عده، اولا اسلوب التنميه المتبع في السابق ما زال مستمرا الي حد الان لا يؤسس لمجتمع يتوفر فيه توزيع عادل للثروه بما يوفر لكل فرد حداً ادني من رصيد يسمح له بتحسين وضعه المادي. وثانيا تلقي المسؤوليه علي عصابات التهريب ومنظمي رحلات الهجرة السرية علي "قوارب الموت" الذين يقبضون اموالا دون ضمان الوصول الي الضفه المقابله. كما تتحمل الدول المضيفه جانبا من المسؤوليه كونها لم تساعد دول المصدر علي ايجاد خطط تنمويه فعاله تعتمد علي المزيد من الاستثمار وخلق فرص التشغيل التي يبحث عنها الشباب". ويضيف اليحياوي "الامر اصبح اكثر ماساويه حينما تشمل الظاهره فتاه حامل وطفل في الخامسه من عمره. ويمكن ان نفهم درجه الخطوره التي وصلت اليها حاله الياس لدي الشباب التونسي بوضوح مع استمرار الرحلات وبنفس الوتيره في نفس الاسبوع الذي حدثت فيه الكارثه. كما ان التونسيين الذين وصلوا الي لامبيدوزا رفضوا العوده الي تونس رغم التسهيلات التي قدمتها السلطات".

الباحث الايطالي لورانزو بيتساني يعمل من الكشف عن حقيقه انتهاك حقوق المهاجرين

التنميه الفعاله للحد من الهجره

ومنذ الاطاحه بنظام بن علي شق الالاف طريقهم عبر البحر باتجاه سواحل الضفه الشماليه هربا من الفقر والبطاله حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل اكثر من 691 الفاً، فيما ترتفع نسبه البطاله الي 17,6 بالمائه. وقد قدر المنتدي التونسي للحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه عدد المهاجرين السريين عبر البحر بنحو اربعين الف.

واثارت حوادث الغرق المتكرره جدلا في دول الضفه الشماليه للمتوسط بشان مدي الالتزام باحترام حقوق المهاجرين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل