المحتوى الرئيسى

الحكومة الإلكترونية خارج الخدمة

04/27 10:56

عندما اطلقت «الوفد» يوم الخميس الماضي حملتها ضد فساد وتخلف وروتين «المصالح الحكوميه» و«دوخه» المواطنين امام ابوابها «كعب

داير»، كنا نهدف الي اطلاق صافرات الانذار والضوء الاحمر علي بعض هذه المصالح علي سبيل المثال، لان حصر هذه المصالح لا ينتهي، فهناك «دوخه» المصريين في كل مكان، في وزاره التعليم والادارات التعليميه لنقل اولادهم من مدرسه لاخري، وفي وزارة الصحة، في كل جهد يتعلق بالجمهور وما يحتاجه من خدمات، وهي صفحات طويله، لن تنتهي الا بصحوه تصحيح لتصويب مسارات العمل والخدمه بهذه المصالح، وبصوره تصحيح لاوضاع الموظفين اولاً حتي نهيئ لهم مناخ عمل ملائماً ليخدموا الجمهور.. ونختم اليوم هذه الحمله بكارثه «الحكومة الإلكترونية»، تلك التي انطلقت قبل 14 عاماً، وحتي الان هي «ساقطه شبكه» او «خارج الخدمه»، وقليل من المصريين سمعوا عنها، رغم انه لو تم تشغيل وتفعيل الخدمات الإلكترونية من مصالح الحكومه لانهت اغلب معاناه المصريين مع هذه الجهات.. ولا نعرف متي يمكن ان تدخل مصر مرحله التطوير والتقدم التقني من تقديم الخدمه للجمهور.

منذ اعلان مصر انشاء حكومة الكترونية عام 2001 وحتي العمل بها في عام 2004 اثناء وزاره احمد نظيف لا تزال هذه الحكومه المزعومه «محلك سر» عاجزه عن حل الكثير من المشكلات التي تواجه الجمهور، وما زالت حكومه «فوت علينا بكره» تعطل مصالح الجماهير وما يتم الاعلان عنه من استخراج للبطاقات التموينيه شهادات التوثيق عبر الانترنت ورخص القياده مجرد اوهام، فلم تحرك الحكومه ساكناً بعد حصول مصر علي المركز الـ 80 في تصنيف الحكومات الالكترونيه او الرقميه حول العالم، متاخره عن الكثير من الدول العربيه كالسعوديه والامارات، ويبدو ان هذه النتيجه التي هي بمثابه جرس انذار لم تحرك ساكناً لدي اي مسئول، فبينما دول العالم تتسابق لتقديم الخدمات لمواطنيها بشكل يتناسب وروح العصر ما زالت الحكومات المتعاقبه في مصر تعتمد معايير شديده التخلف في تقديم خدماتها، مما ينجم عنه وقوف المواطنين بالساعات في طوابير طويله لانهاء اجراءات لا تتكلف سوي دقائق معدوده.

ومن المؤسف ان الحكومة المصرية ما زالت عاجزه عن تقديم مواقع ذات تكنولوجيه عاليه وقواعد الكترونيه حديثه، هذا خلاف انها لم تحظ بشعبيه كبيره لتواصل المواطنين معها، لتقليل تكدس المواطنين داخل مكاتب استخراج شهادات الميلاد والبطاقات الشخصيه ورخص القياده، والمسئولون لا يكفون عن ترديد شعارات حول الحكومه الالكترونيه دون ان يشعر المواطن باي شواهد علي الارض تعزز من تلك المزاعم، حيث ما زال استخراج اي مستند لا يتم بدون اللجوء الي الموظف، الذي يعمل وفق اليات تنتمي لعصر بدايه النهضه.

ويزيد من حجم تلك الاميه الكبيره الموجوده في المجتمع التي تصل نسبتها الي 30 % من السكان.

«الوفد» تجولت داخل بوابه الحكومه الالكترونيه لتقف علي اهم نقاط العجز بها، وكانت اولي المفاجات، ارتفاع اسعار الخدمات علي البوابه الحكوميه عن المكاتب الخدميه، لاستخراج رخص القياده عبر الانترنت وبطاقات التموين، اما الاكثر غرابه فانه لا توجد اي خدمات بالفعل يقدمها ذلك الكيان الوهمي منذ بدايه افتتاحه منذ قرابه عقدين لتكون في نهايه الامر مجرد وهم ينضم لمجموعه الاوهام التي تصدرها لنا الحكومات منذ زمن مبارك.

تهدف البوابات الحكوميه الالكترونيه في الاساس الي تقديم الخدمات المباشره للجمهور مثل استلام طلبات الرخص والشهادات ودفع الضرائب وتسجيل العقارات، دفع المخالفات المروريه والغرامات والفواتير البريديه والكهرباء، تسهيل عمليات الدفع وتنفيذ المشتريات بالقطاع العام، توفير النماذج الالكترونيه واستطلاع الراي العام بشكل الي، معلومات الوظائف الشاغره، توفير البيانات الاحصائيه، كما تهدف لدعم تقنيه المعلومات والاتصالات للاعمال التطوعيه ومراكز الامن والمحاكم، وخلق حكومه منفتحه بشكل افضل مثل نشر القوانين واللوائح التنفيذيه علي الشبكه المعلوماتيه، في مصر يبلغ عدد العاملين في القطاع الحكومي 6.5 مليون موظف، اكثرهم من غير الحاصلين علي مؤهلات عليا وبحكم عمل تلك المؤسسات فانها خاضعه لنظم قديمه واجراءات بيروقراطيه معقده، جعلت المواطن يفقد الثقه في التعامل مع الخدمات الحكوميه، ففي وقت الحاجه دائماً ما يظهر فشلها في وقت الحاجه، فما حدث ببوابه وزارة التربية والتعليم عند الاعلان عن نتائج مسابقه الـ 30 الف معلم، اكبر مثال لفشل التعامل الالكتروني بين الدوله والمواطن فلم تُرفع البيانات علي الموقع في الموعد المحدد، ودائماً ما كان الموقع معطلاً اثناء البحث عن النتيجه، اما خدمه التوثيق عبر البوابه التي اعلن عنها وزير العدل الاسبق المستشار احمد مكي باضافه 5 مكاتب توثيق ومكتب شهر عقاري، ما هي الا مجرد اوهام، فالموقع دائماً في حاله صيانه علي مدار الساعه، اما خطوط سكك حديد مصر فان كنت من مرضي ضغط الدم المرتفع فلا تعتمد علي صفحتها الالكترونيه، لانك ببساطه ان اعتمدت في سفرك علي حجز تذكره من الصفحه الرسميه، فعند ذهابك ستجد انها لم تحجز او تم بيعها.

دول العالم العربي والغربي اتجهت الي الحكومه الالكترونيه لتوفير الوقت، فضلاً عن عبء المصروفات المدفوعه لاستخراج الاوراق الرسميه علي المواطنين، غير ان الامر في مصر مختلف، فبدلاً من انخفاض التكلفه كما يحدث في كل الدول، فانها مرتفعه عن استخراج الاوراق من الشبابيك التقليديه، فاستخراج بطاقه بدل فاقد او تالف قيمتها 15 جنيهاً، والتسليم بعد 15 يوماً، اما علي بوابه الحكومه المصريه التكلفه 56 جنيهاً.

د. صلاح الدين الدسوقي، رئيس المركز العربي للاداره والتنميه يتحدث قائلاً: «الحاله التعليميه في مصر يرثي لها 40% اميين، ونسبه من المواطنين لا يجيدون التعامل مع الانترنت، ومن يلجاون لانجاز مصالحهم الكترونياً يواجهون مشاكل عديده، لذا فالحكومه يجب عليها التغلب علي تلك المشاكل الخاصه بالخدمات الالكترونيه، لانها مهمه للغايه لانجاز المصالح، خاصه في مجال حجز تذاكر القطارات الذي يعد مثالاً صارخاً علي الفشل، فعندما تقوم بالحجز عن طريق موقع سكك حديد مصر عند الذهاب لشباك التذاكر تفاجا بان التذكره غير موجوده، وهذا مشهد يتكرر كثيراً، مما افقد المواطن الثقه في الخدمة الإلكترونية، لذلك فالدوله تحتاج لمزيد من تحسين الاوضاع، وعلي سبيل المثال في الخارج قراءه عداد الكهرباء يتم عن طريق الربط علي الشبكه، فلا هناك حاجه للقراءه عن طريق المواطن او مندوب الشركه، فكل عدادات الكهرباء والماء مربوطه علي شبكه الانترنت».

ويكمل «الدسوقي» حديثه حول اسعار الخدمه، قائلاً: «ان الزياده في اسعار الخدمه غير مبرر، فالنظام الالكتروني يوفر للدوله الجهد والمال، فكيف يتحمل المواطن اعباء اضافيه، ومن المهم خفض التكلفه لتشجيع المواطن علي انهاء مصالحه عبر الانترنت بديلاً عن التكدس في المكاتب الخدميه».

ويتحدث «الدسوقي» عن اسباب فشل مشروع الحكومه الالكترونيه، قائلاً: «النظم التقليديه في ظل دوله الفساد القديمه دربت اجيالاً من العاملين الذين يرفضون التطور والعمل بالنظم الحديثه، خلاف ان هناك قاعده داخل الجهاز الحكومي وهي الاستفاده من تعطيل مصالح الجمهور، وهو ما خلق بيئه اداريه معاديه للتطوير، فالنظام الالكتروني سيمنع الرشاوي، وهناك موظفون يعتقدون ان استخدام التكنولوجيا يعني الاستغناء عنهم، فهو لا يعرف ان الخدمه تقدم بنظامين، ولابد للدوله ابتكار انشطه جديده، فلا يعقل ان يكون الموظف الاداري الذي يتعامل مع الجمهور هو نفس الموظف الذي يتعامل مع المواطن الكترونياً».

فيما اكد مصدر، عضو بمجلس النظم والمعلومات - رفض ذكر اسمه - ان الحكومه الالكترونيه ليست واجهه لتقديم الطلبات، وانما ميكنه لكل ما يدور داخل اروقه الحكومه وكل ما يقدم من طلبات الكترونياً يتم العمل عليه يدوياً.. مضيفاً: لدينا حوالي 6.5 مليون موظف اغلبهم يحصل علي راتبه يدوياً وعدد قليل يحصل علي راتبه الكترونياً عن طريق الفيزا وياخذ وقت تسليم الشيكات 21 يوماً، خلاف انه يتم تامين النقود عن طريق الجهات الامنيه، وهي تكلفه تحسب علي ميزانيه الدوله، فضلاً عن اننا نمتلك 22 الف مخزن حكومي غير مميكن، وهو ما يفتح باباً كبيراً للفساد، اما تطبيق نظام الحكومه الالكترونيه سيوفر الكثير من الوقت والمبالغ التي تنفق في التامين.

وحول اهميه الحكومه الالكترونيه، اشار الي نجاح المغرب التي فعلت منذ اكثر من 3 اعوام الدفع الكترونياً في كل المرافق ولا يوجد شيكات حكوميه والتجربه ناجحه، كذلك في ايطاليا، فالشراء من السوبر ماركت عبر ماكينه التحصيل متصله بالشبكه لتحسب الضرائب علي البائع في البيع والشراء.. ويري اننا لو افترضنا ان الحكومه الالكترونيه ستوفر 1% من ميزانيه الدوله، فان هذه النسبه ستسهم في بناء مستشفيات او مدارس.

ويكمل قائلاً: «هناك معوقات اخري، فهناك جهات حكوميه بالاقاليم والنجوع لا يوجد بها كهرباء، خلاف ان هناك عدم وضوح في الاجراءات وهو ما يخلق طبقه تدعي علمها ببواطن الامور وخوفهم من تطبيق النظام الالكتروني، معتقدين انه ليس هناك امكانيه لتعديل البيانات في حاله الخطا او المراجعه».

اما د. حاتم قابيل، امين نقابه تجاريي القاهره، فتحدث عن تهاون اراده الحكومه في التنفيذ، قائلاً: «منذ ان قامت مصر بتنفيذ الحكومه الالكترونيه عام 2004 الجهود التي تبذل غير كافيه وتفتقر الرؤيه الشامله، ولا ينبغي القاء العبء كاملاً علي وزاره التنميه الاداريه ووزاره الاتصالات».. مطالباً بخطه واضحه تنفذها كل الجهات، والاهم توفير البنيه التحتيه، فما يحدث اثناء اعلان ظهور نتيجه الطلاب اخر العام علي المواقع من سقوط للمواقع او بطء التصفح بها نتيجه الضغط هو قصور في التنفيذ، فالدوله تعتمد علي انها صممت الموقع وليس هناك متابعه باستمرار للتحديث والصيانه.

ويشدد د. حاتم، علي اهميه الحكومه الالكترونيه، قائلاً: «ان تفعيلها بشكل اوسع في مصر سيقلل الاتصال البشري وغلق باب الرشاوي، كفكره صرف الرواتب فهو بشكل او باخر خدمة إلكترونية والكثير من المواطنين يعتمد عليها ويجب تفعيلها في فواتير الكهرباء والمياه باقامه منافذ الكترونيه للسداد، مع الاخذ في الاعتبار ان تتم الخدمه بمهاره.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل