المحتوى الرئيسى

السماع والمديح بالمغرب فن بمرجعية صوفية

04/27 01:21

بانقضاء شهر رمضان يودع المغاربه موعدهم مع مسالك روحيه وطقوس عريقه توثق علاقتهم بهذا الشهر الكريم، ومن جملتها امسيات السماع الصوفي والمديح النبوي التي يتم احياؤها عبر ربوع البلاد في اطار مهرجانات وحفلات برعايه مؤسسات دينيه ومدنيه، رسميه وشعبيه.

ويشكل السماع والمديح جانبا هاما من التراث الموسيقي والغنائي الزاخر الذي تميز المغاربه بالمحافظه عليه وتوارثه عبر الاجيال المتعاقبه منذ قرون خلت، وهو ما يرجع لقوه وتجذر المؤسسات الحاضنه للعمل الديني في المجتمع المغربي، من زوايا ومساجد وجمعيات، فضلا عن التشجيع الذي لقيه هذا النشاط الفني من قبل السلطات الرسميه منذ القدم.

كما يعكس صمود هذا الفن التراثي امام تدفق الموجات الموسيقيه الشرقيه والغربيه وانفتاح الشباب المغربي الواسع علي صنوف الابداع الجديد ثقل المرجعيه الصوفيه في بلاد طالما وصفت بانها ارض الزوايا والاولياء، وصدرت نخبه من ابرزهم الي الشرق العربي  -وخصوصا مصر- من امثال الشيخ احمد البدوي والمرسي ابو العباس والحسن الشاذلي وغيرهم.

وتتخذ فنون السماع والمديح طابعا شعبيا في الفضاءات القرويه والهامشيه التي تنبع من متون شعريه عاميه بسيطه وايقاعات موسيقيه غير مركبه، بينما تكتسي طابعا فنيا نخبويا لا سيما في احضان الجمعيات المختصه والفرق المنظمه التي تشتغل علي عيون التراث الشعري الصوفي المحلي والعربي والكوني.

كما وظف قوالب وايقاعات موسيقيه حديثه، علي غرار التجارب التي تنتشر باهم المدن المغربيه ذات الثقل التاريخي والاشعاع الروحي من قبيل مدن فاس وطنجه وتطوان وسلا ومكناس.

ورغم انحدارهما من شجره روحيه واحده، فانه يجدر التمييز بين السماع الذي ينهل من الشعر الصوفي المناجي للخالق المتلمس لسبل التواصل مع الملكوت الاعلي والمديح الذي يعد جزءا من السماع، لكنه يختص حصرا باستحضار ماثر الرسول صلي الله عليه وسلم والتعبير عن الشوق اليه وتخليد محاسنه وصفاته.

وترجع بدايات ظهور فنون السماع بالمغرب الي منتصف القرن السابع للهجره لتشهد تطورا كبيرا في عهد الدوله المرينيه ثم الوطاسيه والسعديه وصولا الي الاسره العلويه. وارتبط هذا التطور بترسيخ تقليد الاحتفال بذكري عيد المولد النبوي، التي داب ملوك المغرب علي رعايه احياء امسياتها بحضور مجموعات للمنشدين، قبل ان يتسع نطاقه الي الفضاءات العائليه والزوايا.

وان كان التقليد السماعي الاصيل يعتمد نغميا علي الطبوع الاندلسيه المغربيه اعتمادا كليا دون مصاحبه آلات موسيقية، فان بعض المجموعات العصريه نحت الي ادخال الات عصريه في مرافقه الانشاد الصوتي. وقد برع المغاربه في اداء امهات القصائد الصوفيه من قبيل البرده والهمزيه للبوصيري، والالفيه لابن رشد البغدادي، والمنفرجه لابن النحوي وغيرها.

ويتوقف الكثير من المختصين في تاريخ الفنون العريقه بالمغرب عند الدور الذي اضطلعت به فنون السماع والمديح النبوي في الحفاظ علي الموسيقى الأندلسية، التي يمتد عمرها قرونا طويله، خصوصا خلال الفترات التاريخيه التي عرفت نوعا من التشدد الديني ضد الممارسه الموسيقيه، حيث ظل الباب مفتوحا امام الإنشاد الديني في الزوايا، وهو ما ساهم في حفظ الطبوع والايقاعات التي عبرت من الاندلس الي جنوب الضفه المتوسطيه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل