المحتوى الرئيسى

البيت اليمني يوثق ذاكرة الموسيقى اليمنية

04/27 01:21

بين ادهاشات السلّم الموسيقي وتحديات سلّم النجاح، وجد الموسيقار اليمني فؤاد الشرجبي نفسه مسكونا بذاكره فنيه تخلقت في احضان مجالس الانشاد الصوفي ومواويل الفلاحين، ونمت في مقاعد الدرس حتي استوت علي سوقها طموحا يسعي لانجاز نوعي، يقيه مرارات الواقع المحبط من جهه، ويضعه في مساقات الفعل الخلاق من جهه اخري.

فما ان عاد الفنان الشاب من دمشق يحمل شهاده عليا في الموسيقي حتي كان تاسيس البيت اليمني للموسيقي عام 2006 خيارا اجباريا الزم نفسه به، في واقع يموج بالاميه الموسيقيه ويحنّط مبدعيه ارقاما عاطله في مجالس القات، وظلالا ميته في طوابير المحبطين.

كان هذا البيت اذن دوحه غنّاء هربَ من لوافح الضجر اليومي اليها، ليعيشَ مع النغم نشوه صوفيه تلبّي ذلك الشجن المستعاد، او هكذا كان يامل. لكن واجبات اللحظه وضعته امام تحد كبير، فمنذ ان ولج الي رحاب بيته الموسيقي، وضع نصب عينيه ضروره نشر الوعي الموسيقي من خلال اقامه دورات تعليميه في مختلف متعلقات هذا الفن، ورصد وتوثيق الاغنيه اليمنيه توثيقا يليق بتاريخها وحضورها.

يؤكد الشرجبي للجزيره نت ان توثيق الاغنيه هوايه قديمه عاشت معه مختلف مراحل عمره، لكنها اليوم تتخذ طابعا مؤسسيا، يحتمه عشقه الباذخ للموسيقي، وضروره حمايه الاغنيه اليمنيه من الضياع، ومن الايادي التي تمتد اليها بصوره لا تتفق وقوانين التبادل المعرفي الانساني.

واشار الي انه وفريق العمل في بيته الموسيقي وثقوا لما يقارب من 46 الف اغنيه شملت اغاني التراث التقليدي، والاغاني الحديثه، واغاني الثوره، واغاني الزراعه، واغاني الانشاد الصوفي، واغاني البحر والصيادين، واغاني الامهات، واغاني العمل، واغاني الافراح، واغاني البدو الرحل، مع مراعاه التنويعات اللحنيه بين مختلف المناطق اليمنيه.

وقد شمل التوثيق -بحسب الشرجبي- اسم المؤلف والملحن والمغني والمقام الموسيقى (بيات، صبا.. الخ)، ونوع الايقاع (سريع او وسط او بطيء)، ثم زمن الايقاع علميا، ثم اللون والمنطقه التي يعود اليها هذا اللون (صنعاني، حضرمي، تعزي..).

كما تمَّ توثيق الآلات الموسيقية المستخدمه في الاغنيه، وتاريخ تسجيل الاغنيه ومكانه، ومصدر الحصول عليها، والفنانون الذين تتابعوا في ادائها، حيث تجاوز عدد الاغاني التي تكررت تحت هذا البند خمسه الاف اغنيه، ثمّ الاغاني التي بقيت الحانها، وتغيرت كلماتها، والاسبقيه في كل ذلك للاقدم.

وينفي الشرجبي اي مبالغه في عدد الاغاني الموثقه، مؤكدا ان للمشروع بقيه ربما تمتد لسنوات  واغان اكثر، نظرا لالتصاق الغناء بالانسان اليمني في مختلف ظروفه واحواله، مشيرا الي ان فتره الحراك الثوري عام 2011 كانت من اخصب المراحل، حيث رشح عنها ما يزيد علي خمسه الاف اغنيه في مختلف الساحات الثوريه، وكلها شُملتْ توثيقا وتدوينا.

ويؤكد الشرجبي ان الجهات الرسميه وقفت بعيدا عن هذا المشروع، وكان الامر لا يعنيها، داعيا الي الغاء وزاره الثقافه التي هادنت الحاله المترديه للمشهد الثقافي بكافه تفاصيله، واصبحت عبئا علي المثقف نفسه، بل عامل احباط بامتياز لكل المشاريع الطموحه.

ويري الشرجبي ان الخطوه القادمه لهذا العمل الجبار ستكون تقديمه في ملف متكامل للمنظمه العالميه لحمايه حقوق الملكيه الفكريه (الويبو)، وذلك بعد استكمال النواقص، وتدوين الاغاني نصوصا ونوتات موسيقيه.

غير ان المشروع في اتساع مخيف، يفوق امكانات البيت وقدراته، فالتنوع الثقافي والشعبي في عموم الخارطه اليمنيه انعكس تنوعا في هذا التراث غير المدون بشكل يفوق التوقعات، وجعلنا نشعر وكاننا في محيط زاخر، لا نقوي مفردين علي الالمام به.. لكننا ايضا لا ولن نقوي علي التراجع عنه.

ويختتم الشرجبي حديثه للجزيره بالقول: ان نتائج هذا الجمع والتوثيق "ستعود بنفع علي الاغنيه اليمنيه، حيث سنقدم من خلاله مرجعيه تفصيليه لها، وسياجا يقيها شبح الاختطاف، مؤمنين حد اليقين ان الفن مشترك انساني".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل