القضاء على السوق السوداء للعملة في مصر يخلق تحديات جديدة

كتب: ستيفن كالين وناديه الجويلي

نجح البنك المركزي المصري في الاجهاز علي السوق السوداء للعمله التي سببت طوال اعوام صداعا للحكومات المتعاقبه في البلاد.

وتامل السلطات ان يبعث ذلك برساله الي المستثمرين الاجانب بان الاقتصاد يعود الي وضعه الطبيعي بعد اربع سنوات من الاضطرابات.

لكن النجاح الذي تحقق بفضل اجراءات صارمه اخذها البنك المركزي لم يخل من تداعيات سلبيه علي قطاع الاعمال.

فالمستوردون والمصدرون علي وجه الخصوص يقولون ان فرض سقف علي الايداع بالدولار في البنوك يقلص السيوله في سوق الصرف الاجنبي ويخنق نشاط الشركات دون ان يحقق الاستقرار طويل المدي المنشود في سوق العمله.

كانت السوق السوداء في العمله قد ازدهرت عقب انتفاضه يناير كانون الثاني 2011 التي اطاحت بحسني مبارك وما تبعها من تراجع تدفقات العمله الصعبه بسبب تدهور السياحه والاستثمارات الاجنبيه.

وبعد شهور من التلويح باجراءات للقضاء علي السوق السوداء فاجا هشام رامز محافظ البنك المركزي السوق في فبراير شباط بفرض حد اقصي علي الايداع النقدي بالدولار في البنوك عند عشره الاف دولار يوميا للافراد والشركات وباجمالي 50 الف دولار شهريا.

وجاء ذلك بعد سلسله تخفيضات للسعر الرسمي للجنيه وتوسيع هامش بيع وشراء الدولار في البنوك مما دفع الجنيه للنزول خمسه بالمئه في غضون بضعه اسابيع.

وسرعان ما تلاشي الفارق بين السعر الرسمي للعمله والسعر في السوق السوداء بعد ان كان اكثر من عشره بالمئه قبل عامين. ومنذ ذلك الحين يجري تداول الجنيه رسميا بين البنوك بسعر 7.53 جنيه للدولار.

ويقول متعاملون في السوق السوداء ان احجام التداول هبطت بشده منذ فرض حد علي الايداع بالدولار في البنوك وهو ما يحرم من يريد شراء الدولارات خارج القنوات الرسميه من فرصه ايداعها في البنوك.

وقال مدير احدي شركات الصرافه لرويترز "اجراءات رامز ذبحت شركات الصرافه. نعاني من ركود جامد جدا.. مفيش طلب ونبيع باقل من سعر البنك."

واضاف قائلا بنبره اسي "السوق الموازيه انتهت وشركات الصرافه تعاني من ركود شديد مثل حال باقي البلد. حد الايداع خانق شركات الصرافه. انا باشتغل 10 ايام فقط في الشهر."

واشار الي ان قطاع الاستيراد تاثر ايضا "لكن اكثر المستوردين تضررا هم مستوردو السلع الهامشيه خاصه من الصين يليهم مستوردو قطع غيار السيارات لان البنك المركزي لا يغطي احتياجاتهم."

ورحب صندوق النقد الدولي باجراءات البنك المركزي بوصفها خطوه ستجعل مصر اكثر جاذبيه للمستثمرين الاجانب. لكن كثيرا من اصحاب الاعمال المحليين يجدون صعوبه في تدبير احتياجاتهم ومواصله النشاط.

يقول محمد ابو باشا الاقتصادي في المجموعه الماليه - هيرميس ان فرض سقف علي الايداع بالدولار في البنوك زاد من صعوبه فتح خطابات ائتمان للشركات.

كما ان الطلب علي شراء الدولار من البنوك تجاوز المعروض وهو ما يقول اصحاب الشركات انه يضغط علي السوق.

وقال ابو باشا "نظرا لان الشركات لا يمكنها فعليا الان اللجوء للسوق الموازيه اصبح موقع كل منها علي قائمه البنك المركزي للقطاعات ذات الاولويه امرا مهما فعليا."

ويركز البنك المركزي -الذي امتنع عن التعليق- في عطاءات الدولار الاسبوعيه علي تلبيه الاحتياجات الاستراتيجيه مثل الغذاء والطاقه.

وتتراجع اولويه توفير العمله الصعبه لمنتجات اخري مثل السيارات والاجهزه الالكترونيه.

وقال مدحت خليل الرئيس التنفيذي لمجموعه رايه القابضه التي تعمل في استيراد اجهزه الكمبيوتر ومعدات الاتصالات ان عدم توفير البنك المركزي للعمله الصعبه للمستوردين من امثاله ادي الي تباطؤ النشاط.

واشار الي حد الايداع بالدولار قائلا لرويترز "نحن نستورد فلا احد سيتوقف عن العمل. (لكني) انفق معظم وقتي في البحث عن وسائل للالتفاف علي القواعد واللوائح بدلا من التركيز علي عملي."

وقال مسعود احمد مدير الشرق الاوسط واسيا الوسطي في صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي ان اجراءات البنك المركزي للقضاء علي السوق السوداء "ستساعد في ارساء الاساس لمزيد من الاستثمارات وتحسين عمل اسواق الصرف."

يقول احمد شيحه رئيس شعبه المستوردين في اتحاد الغرف التجاريه الذي يضم نحو 800 الف مستورد ان المستوردين في كل القطاعات تاثروا سلبا بفرض سقف علي الايداع الدولاري في البنوك.

ويضيف قائلا "هناك سلع اختفت من السوق مثل السماد وغيره بسبب عدم وجود سيوله. حجم الضرر كبير جدا علي السوق وعلي الاسعار وعلي المستهلك.. بعض الشركات رفعت اسعارها بالفعل."

واشار الي ان خطوط الانتاج متوقفه في بعض المصانع بسبب نقص العمله.

وابلغ شيحه رويترز انه تقدم بطلب للبنك المركزي لالغاء الحد الاقصي للايداع بالدولار الي ان يصبح المركزي لديه القدره علي توفير الدولار للمستوردين.

يلخص طارق ابو النور وهو صاحب شركه شحن وتخليص جمركي حال القطاع قائلا "المستوردين النهارده بيلطموا... وهناك شلل في السوق."

ويضيف ابو النور متسائلا "المركزي عمل كل ده علشان يقضي علي السوق السوداء وفعلا ضربها في مقتل. طيب الناس اللي شغاله وعاوزه عملة صعبة لماذا لا يوفر لها المركزي احتياجاتها من العمله (خاصه ان) حصيله الدولار زادت في البنوك؟"