المحتوى الرئيسى

رحاب ولي الدين تكتب: ساق البامبو: إشكاليات الهوية والعنصرية والتدين المزيف | ساسة بوست

04/25 10:58

منذ 37 دقيقه، 25 ابريل,2015

البامبو او الخيزران هو نوع من الاعشاب العملاقه يستخدم في صناعه الورق وبعض قطع الاثاث البسيطه الاشبه بالخوص فضلًا عن استخدامات اخري مثل صناعه الرماح والة موسيقية جميله تشبه الناي، واخيرًا ويا للعجب يستخدمه البعض في اعداد طبق مختلف من الحساء.

والخيزران سهل الزراعه والاستزراع، فيمكن للزُرّاع قص سوقِه وزراعتها مجددًا في مكان اخر وفق شروط معينه في التربه والبيئه الزراعيه، وهو سريع النمو جدًا اذ تنمو بعض انواعه بمعدل 90 سم في اليوم، بينما يصل نمو بعضها الاخر الي 100 سم في اليوم الواحد. وبرغم قدره الخيزران او البامبو علي النمو في بيئه اخري، لكنه لا يستطيع ذلك ان اختلفت البيئه والظروف المناخيه تمامًا، لكن قد تظل سيقانه محتفظه بشكلها وكانها نبته من نباتات الزينه او قطعه اثاث خشبيه مجوفه.

في روايه ساق البامبو، يُسقِط سعود السنعوسي الروائي الكويتي الشاب كل ما يعرفه من حقائق علميه عن نبات البامبو علي الواقع الاليم لوطننا العربي المسلم في شخصيه هوزيه بطله المغترب علي الدوام. هوزيه او عيسي مغترب في وطن امه حيث نشا وتربي وشعر بالانتماء، لكنه في نظر من حوله كان “arabo” او عربي الملامح بالنسبه لكثير منهم، وهو مغترب ايضًا في وطن ابيه الذي ذهب اليه بعدما اصبح شابًا باحثًا عن وطن واهل واب لم يره فكان في نظرهم غريبًا فلبينيًا شبيهًا بامه.

فازت روايه “ساق البامبو” بالجائزه العالميه للروايه العربيه لعام 2013، وهي تستحق ذلك بصدق، فالروايه – التي تسجل لنا العديد من الاحداث التاريخيه التي مرت بها الكويت قبل دخول العراق لارضها ووصولًا الي ما بعد تحرير الكويت بسنوات طوال، بالاضافه الي تاريخ نضال الفلبين من اجل حريتها وانتهاء الاستعمار وصور من حياه مفكرها الاعظم خوسيه ريزال- تكشف الغطاء عن عوراتنا الفكريه والدينيه والمجتمعيه.

استطاع سعود السنعوسي ان يقدم لقرائه حبكه رائعه البناء والعمق مع الفاظ قويه ومعاني مؤلمه تطرح سؤال الهويه في بلادنا العربيه المسلمه، فيدرك القارئ في النهايه مدي صدق مقوله الامام محمد عبده التي قالها من اكثر من 100 عام وما زالت شديده الصدق “رايت في الغرب اسلامًا بلا مسلمين ورايت في ديار الاسلام مسلمين بلا اسلام.”

في الاجزاء الاولي من الروايه، يتجلي لك صراع هوزيه في البحث عن هويته ونفسه، فهو هوزيه في بلاد امه وعيسي في بلاد ابيه ولا يدري بحق الي من ينتمي الي الكويت ام الفلبين، الي المسيحيه ام البوذيه ام الاسلام. اما في الاجزاء الاخيره من الروايه فيظهر لك جليًّا قبح مجتمعاتنا وبشاعتها وعنصريتها في التعامل مع الاخر، وسط مظاهر دينيه فارغه من جوهرها ومراد الله منها والاسلام منّا براء. يكشف السنعوسي ذلك الزيف الذي نعيش فيه عبر تشريحه لمجتمع الكويت واسره الطاروف الثريه التي تخشي من معرفه المجتمع العاجي الذي يعيشون فيها لحقيقه وجود حفيد من ولدهم المتوفي وزواجه من الخادمه الفلبينيه، ذلك الخوف الذي يستطيع ان يجعلهم يمنعون عيسي حقه الانساني والمادي بلا اي وازع ديني برغم صلاه وصيام وذكر.

ومن جميل دقه السنعوسي اختياره للاسماء، فالطاروف كلمه عاميه كويتيه تعني شباك الصيد، وهو ربما دلاله علي ما سيواجهه هوزيه من شراسه مجتمعيه. نعم هكذا تواطا الجميع بدءًا من الجده القاسيه ورفضها له منذ البدايه، والعمات كلهن سواءً تلك الطيبه التي تعرف انهن يظلمونه، او القاسيه التي تتعمد اهانته علي الدوام، او تلك المنتميه لمنظمات حقوق الانسان والتي ترفع يدها عن مسانده ابن شقيقها والخادمه الفلبينيه لانها لا تريد الفضيحه والعار وتسعي للفوز بالانتخابات. وحدها اخته كانت تدعمه وان كان ضعفها يؤول دون تحقيق شيء يذكر لاخيها، وربما بعض مسانده من صديق والده الذي يشعر به بسبب معاناته هو ايضًا.

والقارئ الذكي يدرك جيدًا اننا العرب جميعًا كذلك، وان الحديث عن المجتمع الكويتي ما هو الا مجرد ذره في غبار يتراكم علي عقولنا وقلوبنا منذ اعوام طويله جاهلين حينًا ومتناسين احيانًا كل ما يامرنا به الدين والانسانيه.

وسط تلك الروايه، يستعرض الكاتب قضايا اخري ليست فرعيه او اقل اهميه مثل حقوق العماله الاجنبيه في الدول العربيه، وعادات المجتمع الكويتي والتي تشبه عادات معظم الدول العربيه، وماساه البدون، والحياه السياسيه ومشاركه المراه فيها، ولكنها تظل قضايا تابعه للقضيه الكبري وهي احترام الاخر وانهاء العنصريه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل