المحتوى الرئيسى

40 ألف مزارع حشيش مطلوبون للعدالة في المغرب وأحزاب تطالب بتشريع هذه الزراعة

04/25 10:49

خلال الاشهر الاخيره، ارتفعت في المغرب الدعوات لتقنين زراعه نبته الكيف المخدره (القنب الهندي) واستخدامها لاغراض طبيه وصناعيه. ولكن رغم ان النقاش العام حول الموضوع وصل الي البرلمان عبر طرحه من طرف أحزاب سياسية كحزب الأصالة والمعاصرة، في ديسمبر 2013، فان الملف لا يزال يراوح مكانه بسبب تردد الدوله.

وتدافع جمعيات مدنيه واحزاب سياسيه بقوه عن هذا الخيار لجمله اعتبارات اهمها ان زراعه النبته المخدره تعتبر النشاط الاساسي لغالبيه سكان الشمال المغربي، وتالياً فان تجريمها يجعل الاهالي عرضه لمعاقبه القانون. هذا فضلاً عن الايجابيات التي يمكن ان يجنيها الاقتصاد المغربي من تقنينها عبر اطلاق اقتصاد بديل يضخ مبالغ ماليه مهمه في خرينه الدوله عوض فقدانها لمصلحه كبار المهربين.

وتقدر دراسه رسميه اعدتها وكاله تنميه وانعاش الشمال التابعه لرئاسه الحكومة المغربية عدد العائلات المغربيه التي تعمل في زراعه هذه النبته المخدره بحوالي 89900 في شمال البلاد. ويبلغ مردود كلٌّ من هذه العائلات حوالي 3600 يورو سنوياً. وتقول الدراسه ان الانتاج السنوي الخام للقنب الهندي يقدر بحوالي 53300 طن، ويستخدم جزء منه لانتاج 1066 طناً من العجينه المخدره. كذلك تبلغ المداخيل السنويه للقنب الهندي الخام حوالي 325 مليون يورو، في حين يمكن تقدير رقم المعاملات الدوليه بـ5 ملايين يورو.

في عدد من بلدان العالم التي تعرف وضعاً مماثلاً، وتُزرع فيها نباتات تستخلص منها بعض انواع المخدرات المحظوره علي المستوي الدولي كالافيون ونبته الكيف، تم فتح نقاش عام حول تقنين هذه الزراعات. وتوّجت بعض هذه النقاشات بقرارات دفعت باتجاه التشريع بل ذهبت احياناً ابعد من ذلك كما هو حال ولايتي كولورادو وواشنطن الامريكيتين اللتين شرّعتا استهلاك الماريجوانا.

اما في المغرب، فقد عمدت الدوله الي التغاضي عن زراعه الكيف في نطاق ضيق في منطقه كتامه بينما حاربتها في مناطق اخري تمهيداً للقضاء النهائي عليها بشكل تدريجي تطبيقاً لتوجيهات الامم المتحده. وهكذا انخرط المغرب منذ سنه 2003 في مرحله جديده  في تدبيره ملف مكافحه الاتجار غير المشروع بالقنب الهندي من خلال شراكه جمعته بالمكتب الاممي لمكافحه الجريمه والمخدرات، كان من ابرز معالمها صدور تقرير مشترك حول وضع زراعه الكيف بالمغرب في سنوات 2003 و2004 و2005. 

يري شكيب الخياري، الناشط الحقوقي في "الائتلاف المغربي من اجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف"، ان الدوله لم تنجح في تدبير الملف كما يجب، ويلفت الي ان "الاتحاد الاوروبي والامم المتحده لم يفلحا عبر العالم في تدبير ملف القنب الهندي وفق تصورهما الرسمي المبني اساساً علي اعلان الحرب علي المخدرات بدون تمييز، وهي السياسه التي لم تزد الوضع في المغرب الا سوءاً، اذ تغص السجون بالمزارعين البؤساء، وهذا ما يعني زياده الفقر بدل محاربته، في تناقض صارخ مع التزامات المغرب والهيئات المذكوره انفاً في مجال محاربه الفقر والهشاشه".

ويري الخياري ان معالجه الدولة المغربية وشركائها الخارجيين لملف زراعه القنب غير منصفه علي الاطلاق، ويبرر رايه بانه "لم يتم تقديم ايه بدائل تكفل حداً ادني من العيش الكريم للسكان المحليين علي نحو يحميهم من استغلال اباطره تجاره المخدرات لاوضاعهم الماسويه والاحتفاظ بهم كرهائن".

واكد حقوقيون مغاربه ينشطون في شمال البلاد لرصيف22 ان المزارعين المغاربه الذين يعتمدون في اعاله اسرهم علي هذا النشاط الزراعي يعيشون في حاله خوف ورهبه دائمه بسبب ملاحقتهم من قِبل الجهات الامنيه. وقال احدهم: "هناك من لا يستطيع حتي الذهاب الي مخفر شرطه للحصول علي بطاقته الوطنيه". ويعتقد النشطاء المحليون ان الدوله تكيل بمكيالين في تعاملها مع هذا الملف الشائك، فهي تسمح بهذه الزراعه التي تتم بشكل علني في النهار، وفي المقابل تلاحق صغار الفلاحين الذين لا يستطيعون استبدال هذا النشاط باخر. وتقدر مصادر عدد المزارعين المطلوبين بحوالي 40 الفاً.

وينطلق المطالبون بتغيير سياسه الدوله حيال هذا الملف من فشل تجارب الزراعات البديله سواء علي المستوي الوطني في ريف شمال المغرب او علي المستوي الدولي كما هو الحال بالنسبه الي منطقه البقاع في لبنان، اضافه الي استرشادهم بتقارير عدد من الجمعيات الاجنبيه التي عملت ميدانياً في المغرب علي ملف الزراعات البديله، واكدت فشل السياسات الرسميه. لذلك فانهم يقترحون العمل علي "اقتصاد بديل" لزراعه القنب الهندي يعتمد علي الاستعمالات البديله للنبته.

ياتي حزبا "الاصاله والمعاصره" و"الاستقلال" (معارضه برلمانيه) في طليعه الأحزاب السياسية المدافعه عن اقتراح تقنين زراعه النبته المخدره. ويخشي خصوم الحزبين السياسيين من ان يكون تحركهما مدفوعاً بدوافع انتخابيه مع اقتراب موعد الانتخابات البلديه في المغرب، وهو ما تنفيه هذه الاحزاب وخصوصاً حزب الاصاله والمعاصره المعني اساساً بهذه الانتقادات.

فقد سبق ان عبّر عدد من نواب حزب العداله والتنميه الاسلامي الذي يتراس الحكومه عن مخاوفهم من استثمار الملف للبحث عن اصوات انتخابيه باستغلال اشكاليات قضائيه يعاني منها مواطنون بسطاء. ولكن قاده حزب الاصاله والمعاصره ينفون هذا الاتهام ويشيرون الي ان ما يحركهم هو الهاجس الانساني ومصلحه الدوله وقطع الطريق امام تجار المخدرات، ويذكّرون بان تحركهم بدا منذ سنوات عده وليس وليد اللحظه.

وسبق ان تقدّم نواب حزب الاستقلال باقتراح قانون يتعلق بزراعه وتصنيع وتسويق نبته الكيف، مطالبين بتشريع زراعتها في مجالات انتشار زراعتها التاريخيه، وهي: الحسيمه، ووزان، والشاون، وتطوان، وتاونات. ويُناقش حالياً هذا الاقتراح في الغرفه الاولي للبرلمان المغربي وفق ما اكدته مصادر لرصيف22. ولكن لم يبدا البرلمان بمناقشه مشروع اخر قدمه حزب الاستقلال ايضاً ويسعي الي اصدار قانون يقضي بالعفو عن المزارعين.

الناشط المدني شكيب الخياري الذي خبر جيداً تفاصيل اللعبه لا يري ايّه مشكله في ان تكون للمدافعين عن طرح التقنين اجندات انتخابيه باعتبار ذلك امراً طبيعياً. ما يهم بالنسبه اليه هو الا تكون هذه الوعود والشعارات كاذبه.

يكرّر الاقتصادي المغربي نجيب اقصبي في مداخلاته ان الاقتصاد المغربي يمكنه كسب بعض النقاط اذا ما اتخذت خطوه تقنين زراعه الكيف. فقيمه منتوج "مقنن" ليست هي ذاتها قيمته وهو "ممنوع"، لذلك يعتقد ان التقنين سيوفر مستوي مقبولاً من العيش للفلاحين وسيسمح بتوسيع المساحات وايجاد اخري جديده لزراعه غنيه ورابحه، فهو ينظر للامر علي انه "صفقه رابحه" لان الكيف يدر ربحاً اكثر باربع مرات من ايّه زراعه اخري.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل