المحتوى الرئيسى

ثورة الشك | المصري اليوم

04/24 22:10

«اوسكار وايلد» الكاتب والفيلسوف البريطاني الشهير كتب «الماوي او الملجا الوحيد لضعيف الخيال والمعرفه اثناء جلسه عشاء يكون عن احوال الجو»!!... مقوله يعرفها معظمنا او يلجا اليها بعضنا عندما لا نفتقر فقط الي المعرفه بل احياناً عندما نجد انفسنا غرباء نعجز عن الكلام بين ثرثره المدعين او خائبي الفكر.. وما اكثرهم هذه الايام..!! ولا مانع ان اعترف اني اصبحت واحده منهم اتحدث عن احوال الجو كثيراً بل ربما استطرد عن المناخ العام وكاني محلله او- يجوز- موظفه أرصاد جوية!!... ينفع؟.. لاني في الواقع لا اجد ما استطيع قوله او جزمه وانا تحيطني الشكوك من كل جانب.. ولذا افضل ان اتحدث عن «الجو»عن ان اصبح مع قطيع مدعي المعرفه!!

ويصبح الهوس الحزين لهذه الحياه المليئه بالتشكيك والشكوك مرهقاً... فكل شيء اشك فيه!!.. حتي شكوكي اصبحت اشك فيها هي الاخري !!

وارجوك اعذرني.. فانا لست بهذه السلبيه.. ولا تعتقد اني احاول ان احبط ايجابياتك.. ولكن كل شيء حولنا اصبح تفسيره معقداً، وكاننا نبتلع كل يوم حبوبا او عقارا يجعلنا نشك في كل شيء.. فها هي عقيدتنا تاخذ منعطفاً جديداً للتفسير بعد عقود من الثبات.. وها هي رموزنا السياسيه تتساقط وتعلو في ان واحد.. وها هي مبادئنا وقيمنا نتنازل عنها واحده تلو الاخري شكاً في صحتها المواكبه مع هذا الزمن!!

التغيير.. ثوره.. انقلاب.. ام انتفاضه.. الزعيم عسكري.. مدني... ديكتاتور.. ام ديمقراطي.. داعش من عمل الشيطان ام من عمل الاسلام.. امريكا حليفه لايران ام اسرائيل.. ايهما افضل السنه ام الشيعه.. الازهري ام بحيري.. الاحزاب للشعب ام للنفس.. نحارب للمجامله ام للمصلحه.. اقتصادنا تحت السيطره ام في مهب الريح.. هويتنا مصريه.. خليجيه.. ام غربيه.. بوكو حرام.. ولا حلال.. عسكريون ام مدنيون.. نحن بشر ام كائنات بخصائص جديده؟!!

عرض من الشكوك.. وليست اسئله تبحث عن اجابه.. انما هي اضطرابات لنفوس غير هادئه فقدت الصواب وهي تتارجح بين معلومات ضاعت شفافيتها وبين اخري ارتدت قناعاً زائفاً، او اخري لها دوافع واغراض غير معلومه ابعادها..!! انها الثوره الجديده.. يمكن ان نطلق عليها ثوره الشك!!

فهل نحن بالفعل امام عالم قبيح يحركنا ويلعب برؤوسنا وفقاً لاجندته المستتره الغامضه التي تفتقر الي الشفافيه وحقنا في المعرفه؟.. ام اننا نواجه حتماً نوعاً جديداً من الثورات تعمل علي زرع الشك في القلوب وقلب اليقين الي مؤامره والمنطق الي لا منطق والايديولوجيات الي كوميديات، لتصبح الرؤوس في حاله مستمره من الدوران لا تعرف اولها من اخرها او كما يقولون «راسها من رجليها» لنري عقولاً وكانها «علب» تزدحم فيها معلومات متشاجره لا تهدا ولا تعرف للراحه سبيلاً، ويصبح الشك عبئاً يذكرنا بمقوله الفيلسوف العبقري برتراند رسل «ان الاغبياء هم الواثقون دائماً، اما الاذكياء فتملؤهم دائماً الشكوك».. فهل اصبحنا كلنا اذكياء؟!!

لذا كيف نعيش في عالم معبا بالتشكيك والفساد والعنف.. وكيف لنا ان نتعايش مع مستقبل نامل ان يكون مثالياً؟

بالعربي كيف نسير بادمغه يملؤها الشك مع طرق تملؤها الوعود؟.. هذه التناقضات المستمره في الحياه تحتاج الي طمانه وحسم وايضاح لما يجري حولنا.. لا يصح او يصلح ان نتركها هائمه تستقبلها عقول متواضعه او مغرضه.. علينا ان نتحرك سريعاً وقبل فوات الاوان وقبل ان تتمكن هذه الشكوك من قلوبنا او تتخذ اقصي الاشكال السلبيه ونجد مدافعين عنها يرفعون شعار «المعرفه مستحيله» ليطبق ذلك ليس فقط علي المبادئ السياسيه بل سوف يمس ذلك ايضاً جميع النظريات العلميه والفلسفيه والاخلاقيه، الامر الذي يسد طريق الامل في الحياه والاستمرار او اتخاذ القرار في جميع اوجه الحياه.. واعتقد اننا كلنا علي علم بما يجري علي صفحات التواصل الاجتماعي من هذه «اللخبطه» المخلوطه بثلاثيه «عدم المعرفه واليقين والشك» متروكه لمن هب ودب «ينقطنا» بمعلوماته، وهناك امثله عديده لا تعد ولا تحصي كلها علي سبيل المثال لا الحصر ملفات عن الالحاد والشذوذ والجنس والذات الالهيه والسلفيين والاخوان، وغيرها من مئات قضايا الساعه فهل هذه هي معاني الديمقراطيه التي نبغاها؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل