المحتوى الرئيسى

"الوطن" تكشف كواليس "تعطيش مصر" برعاية تركية - الإسرائيلية

04/24 11:36

عندما استغلت اثيوبيا ثوره 25 يناير لتعلن عن مفاجاتها لمصر والسودان بوضع حجر اساس لاضخم سد في القارة الأفريقية استغلالاً للوضع السائد في مصر وقامت في 2 ابريل 2011 بوضع حجر الاساس، اي بعد نحو 50 يوماً فقط من رحيل مبارك وعمر سليمان، واخذت تكيل الاساءه للرجلين بعد رحيلهما، ولم تكن لتستطيع ذلك ابداً اثناء وجودهما في السلطه، في موقف من اثيوبيا لمحاوله اغتيال فارسين بعد ان ترجلا عن جوادهما وسلما سلاحهما «هذا هو الاول». بعد الفزع المصري والهروله الي اثيوبيا بسبب غياب استراتيجيه التعامل مع الازمات، التي من اهمها ازمات المياه وطلب مصر والسودان تشكيل لجنه دوليه للحكم علي تداعيات السد علي مصر والسودان اشترطت اثيوبيا (استغلالاً للوضع الواهن في مصر) ان تقر مصر والسودان بان اللجنه لتقييم «سد تحت الانشاء» وليس لمشروع انشاء سد، ولم يكن هناك وقتها اي سد سوي حجر اساس وتكليف من رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل لمالك الشركه الايطالي بانشاء اكبر سد في القاره الافريقيه وبكلمتين فقط «كبير وضخم Huge and Great»، وليس تكليفاً واقعياً بان يكون سداً لتوليد اكبر كم من الكهرباء مثلاً او ان يكون سداً لتخزين المياه او سداً للري ولكن فقط «كبير وضخم» وعدواني الي اخر مدي، وهو ما ذكره ممثل الشركه الايطاليه عند سؤاله من اللجنه الفنيه عن الغرض من انشاء السد واسباب غياب التصميمات والدراسات الخاصه بالسد، وعندما طالبت مصر اثيوبيا بان تمدها برسومات وتصميمات السد والدراسات التي قامت بها رفضت اثيوبيا الامر تماماً واشترطت علي مصر ان تنضم اولاً الي اتفاقيه عنتيبي وان تقر بحصص مائيه لجميع دول المنابع خصماً من حصه مصر، وان تقر ايضاً بمبدا سياده اثيوبيا المطلقه علي الانهار المشتركه التي تخرج من اثيوبيا الي نهر النيل وهو ما رفضته مصر «وهذا هو الثاني».

عندما تشكلت اللجنه الدوليه لمعاينه سد النهضة الاثيوبي وتكونت من اربعه خبراء دوليين تضم اكبر خبير للسدود في المانيا وخبيرين في الموارد المائيه من انجلترا وفرنسا ثم خبيراً في البيئه من جنوب افريقيا، وينضم اليهم خبيران من كل من مصر والسودان واثيوبيا، وحدد لها مده سته اشهر للنظر في امر السد ومدي استيفائه للمتطلبات الدوليه لانشاء سد علي نهر مشترك، سوفت اثيوبيا اللجنه في تسليم الرسومات الانشائيه للسد وما ادعت القيام به من دراسات بيئيه واجتماعيه - اقتصاديه ومائيه عن التداعيات المحتمله للسد علي دوله المصب، ومر عام كامل دون ان تقدم اثيوبيا شيئاً يذكر للجنه بما اضطر اللجنه الي ان تعلن للعالم عن التسويف الاثيوبي وبما كان له الاثر علي بدايه رضوخ اثيوبيا وقيامها مضطره بتسليم تصميمات ودراسات لا حول لها ولا قوه، وكانت تشترط علي اعضاء اللجنه الاطلاع عليها فقط وعدم تصويرها او الاحتفاظ بنسخه منها او نقل محتوياتها باي وسيله، حتي انها كانت «تخطفها» من يد الخبراء قبل ان يستكملوا الاطلاع عليها!! وهنا ثار الخبير الالماني المعروف بانضباطه وصرامته بان هذا الامر ليس له مثيل في العالم!! لانه لا يدرك ان العقليه الاثيوبيه ليس لها مثيل في العالم، وانها تظن نفسها قادره علي ان تخدع الالمان وباقي الخبراء الاوروبيين بينما هم يتهكمون من هذه العقليات وطريقتهم في التفكير العقيمه والمفضوحه، بعد ان تبين للجنه، علي وجه اليقين، ان هذا السد بني علي عجل ودون دراسات ولا حتي تصميمات ولا هدف تنموي واضح. وقال الخبير البيئي الجنوب افريقي ان اقل تداعيات هذا السد ستكون متمثله في اختفاء الاسماك النيليه من النهر لمده خمس سنوات علي الاقل، بسبب حجز الطمي واوراق وغصون الاشجار والمواد العضويه التي تاتي مع تيار النهر لتتغذي وتعيش عليها الاسماك، وان احتجاز هذه المواد خلف السد الاثيوبي يعني اولاً موت الاسماك جوعاً وثانياً موته مختنقاً نتيجه لنقص الاكسجين الذائب في الماء، الذي ستنزفه الميكروبات تماماً لتحليل هذا الكم الهائل من المواد العضويه المحجوزه خلف السد، بما يؤدي الي نضوب الاكسجين الذائب في مياه النهر وموت الاسماك، وبالتالي فان اضراره الاجتماعيه ستنتقل الي الصيادين الذين ينبغي لهم البحث عن عمل جديد بعد القضاء علي مهنه الصيد من النيل، يضاف الي ذلك انبعاثات غازيه ونتروجينيه وكبريتيه هائله، بسبب تحلل المواد العضويه وايضاً بسبب ركود المياه في البحيره الضخمه بمحتوياتها القابله للتحلل. وبالمثل ايضاً اكد خبيرا الموارد المائيه ان هناك نقصاً حاداً سيحدث في التدفقات المائيه التي تصل الي مصر، وان امتلاء السد الاثيوبي في ثلاث الي خمس سنوات يعني حتميه جفاف بحيره سد ناصر في مصر ثم حدوث نقص دائم في حصه مصر من المياه ليس باقل من 12 مليار متر مكعب سنوياً بعد ذلك، بالاضافه الي استئثار اثيوبيا بمياه الفيضان كامله وحرمان مصر والسودان منها، اما في السنوات العجاف لشح الفيضان فستجني مصر وحدها تداعيات هذا الجفاف وتنعم اثيوبيا بوفره مائيه، تمكنها من مساومه مصر علي بيع المياه اليها في طريقه غريبه ليس لها مثيل من قبل في بناء السدود علي الانهار، ليس بغرض افاده دوله بقدر ماهي الاضرار بدوله اخري. هنا شعرت اثيوبيا بانها مدانه لا محاله وان التقرير يدينها ويصف السد بانه «سد بني علي عجل وبلا دراسات»، فاصرت علي امرين غايه في الغرابه ولا ادري لماذا وافقت عليهما مصر في تبعيه غير مبرره، الطلب الاول ان يبدا التقرير بعباره ان السد الاثيوبي بني علي اسس انشائيه سليمه ومتفق مع القواعد العالميه لبناء السدود!!» وهنا ثار العالم الالماني المنضبط وقال كيف يكون هذا والتصميمات كارثيه وناقصه وامان السد مفقود مع اي فيضان جارف؟! وكان رد الجانب الاثيوبي بان هذا الامر يخص الدول الثلاث فقط وانها ستقنع مصر بقبول هذه الفقره كشرط لموافقتها علي التقرير والتوقيع عليه، وهو للاسف ما وافقت عليه مصر والسودان ورفضه الخبراء الدوليون ولكنهم في النهايه دار في عقولهم بانه امر يخص الدول الثلاث فقط ونحن نؤدي مهمه ونعود الي عملنا!! الامر الثاني هو ان يبقي التقرير سرياً ولا يتم تداوله او نشره او حتي مناقشته بين العلميين او المجتمع المدني حتي لا يفتضح امر اثيوبيا بانها تقيم سداً ثم تقوم بعمل الدراسات لاحقاً في سابقه عجيبه ليس لها مثيل، وللاسف وافق وللمره الثانيه الجانب المصري ولم ينشر التقرير او تم تدويله واعتبره سراً علي العامه، ولكن ناقشناه في لجان علميه برعايه الامن القومي.

تجمدت المفاوضات فتره كبيره بعد ذلك، بسبب محاوله مصر اقناع الجانب الاثيوبي باستبدال سدها الضخم وغير المبرر بسدين صغيرين بسعه 14.5 مليار متر مكعب من المياه لكل سد، ويعطيان كميه من الكهرباء اكبر مما يعطيها السد الضخم الحالي بسعه 74.5 مليار متر مكعب، واثيوبيا ترفض بعدوانيه، لان الغرض ليس توليد الكهرباء ولا بيعها ولا محاربه الفقر ولكن الغرض تخزين المياه والاتجار فيها، والاهم من المياه هو اضعاف مصر والتحكم في مقدراتها عن طريق اقامه سدود هي في حقيقتها صنابير للمياه تفتح وتغلق باراده الفئه الحاكمه في اثيوبيا وليس باذن الله واهب المياه وخالق مصر واثيوبيا، وتعديل لخلق الله في طبيعه تدفقات النهر وتعديل لاسم النيل الازرق الذي اطلقوا عليه في لغتهم «نهر الاباي» اي النهر الخائن، لانه ياخذ مياه اثيوبيا ويذهب الي مصر في الشمال، وهم بهذا لا يقرون بان الله خلقها للدول الثلاث معاً لتعيش عليها في سلام!

استمر هذا التجمد في المفاوضات حتي بعد الانتخابات الرئاسيه وتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مسئوليه البلاد بخلفيته العسكريه القويه المشابهه لخلفيه مبارك والسادات وناصر وهو ما تعمل اثيوبيا حسابه تماماً، وتقابل «السيسي» مع رئيس الوزراء الاثيوبي في اجتماع القمه الافريقيه في ملابو واتفقا علي سرعه استئناف المفاوضات المجمده بفكر جديد، تعم فيه المنفعه المتبادله علي الجميع، وابلغ «السيسي» رئيس الوزراء الاثيوبي ان مصر مع التنميه في اثيوبيا ولكن علي اثيوبيا ان تدرك انه اذا كانت مياه النيل الازرق تمثل مورداً للتنميه في اثيوبيا فهي تمثل شريان الحياه للشعب المصري، وانها لن تكون مجالاً للغدر بمصر ابداً!

استؤنفت المفاوضات في الشهر التالي مباشره بدعوه من القاهره، الا ان اثيوبيا رفضتها وطلبت ان يتم نقل الاجتماع الي الخرطوم كدوله محايده!! وهي تعلم ان السودان لم يعد بلداً محايداً بعد ان اعلن الرئيس السوداني عمر البشير تاييد السودان المطلق لسد النهضه واستقباله لرئيس الوزراء الاثيوبي في الخرطوم عده مرات وتصريحاته للشعب السوداني بان مصلحه السودان اصبحت مع اثيوبيا وليست مع مصر، ولا شك ان للسودان مصلحه اكيده في اضعاف مصر لا تقل عن الرغبه الاثيوبيه والاحساس بتساوي المكانه بينها وبين مصر!! المهم ان مصر رضخت او «كبّرت دماغها» ووافقت علي نقل الاجتماع الي الخرطوم حتي لا تعطي فرصه للجانب الاثيوبي لاستمرار توقف المفاوضات بينما العمل في السد يجري علي قدم وساق، وان تركيا وقطر وايران تدعم في السر او في العلن تقدم البناء في سد النهضه لاضعاف مصر وتعطيل مسيرتها التنمويه لكي يحتفظوا بمكانتهم كقوه اقليميه اولي في الشرق الاوسط وافريقيا.

في شهر اغسطس 2014 وقعت البلدان الثلاثه اتفاقاً باللجوء الي مكتب استشاري دولي يقوم بفحص ما قامت به اثيوبيا من دراسات ادانتها فيها اللجنه الدوليه السابقه فيما يخص التداعيات البيئيه والاجتماعيه والاقتصاديه والمائيه لسدها علي دولتي المصب واشترطت بالاعلان عن كونه ليس مكتباً تحكيمياً او ملزماً ولكن ينبغي فقط يتم التعامل مع توصياته باحترام!!! بشان ما اذا كانت الدراسات الاثيوبيه كافيه او منقوصه او خاطئه لانه من الوارد طبعاً ان تكون الدراسات التي اجرتها اثيوبيا متحيزه لصالحها القومي وتحتوي علي العديد من المغالطات او تتجاهل اسساً علميه او لم تقم بدراسات معينه مفترض ان تتمها اولاً قبل بناء السد، ولكن بالنسبه لاثيوبيا فلا باس بهذا الامر فاذا ما اشار المكتب الاستشاري بان الدراسات ناقصه وغير مكتمله فانها ستطلب وقتاً اضافياً لاستكمال ملاحظات المكتب الاستشاري قد تستغرق عاماً او عامين وتكون بعدها هذه الدراسات بلا جدوي طالما ان مصر مستسلمه للتسويف الاثيوبي ولم تكشر عن انيابها مره واحده بل دوماً ما تستسلم لشروط الجانب الاثيوبي، بالاضافه الي ان التوصيات استشاريه وليست ملزمه، وبالتالي فلا شيء يلزم اثيوبيا بالاخذ بها، واذا ما لجات مصر الي تدويل القضيه بعد ذلك فسيكون الوقت متاخراً جداً وسيستغرق عاماً او اكثر يكون السد اصبح امراً واقعاً، ويكون التفاوض بعد ذلك علي باقي سلسله السدود المزمع اقامتها بعد سد النهضه لتخفيف حجم الاطماء الكبير والبالغ 136.5 مليون طن سنوياً علي سد النهضه لكي يحتجز كل سد من السدود الاربعه التاليه كماً من هذا الطمي فيطيل عمر السد الي 200 سنه بدلاً من خمسين سنه فقط بالمعدلات الحاليه بدون السدود الاجباريه.

لم يمضِ شهران علي هذا الاتفاق واذا بالجانب الاثيوبي يجمد المفاوضات بعد ثلاث جلسات فقط (اغسطس وسبتمبر واكتوبر) كان اخرها في شهر اكتوبر في القاهره والتي قرر فيها وزير الري الاثيوبي ان يهاجمنا في عقر دارنا فيعلن في المؤتمر الصحفي في نهايه اجتماعات الوفود الثلاثه بان علي الشعب المصري ان يعلم ان المكتب الاستشاري ليس مكتباً تحكيمياً ولا دولياً وان رايه استشاري فقط كاسمه وان عمل هذا المكتب لن يتطرق الي مواصفات السد الاثيوبي ولا ارتفاعه ولا سعه تخزينه للمياه لان مثل هذه الامور يحددها الشعب الاثيوبي فقط ودون غيره، وان المكتب سيفحص فقط الدراسات التي قامت بها اثيوبيا لطمانه الشعب المصري بانه لن يتعرض لاضرار بالغه (وكرر كلمه بالغه). اشترطت اثيوبيا لاستئناف المفاوضات مع مصر بعد تجميدها لثلاثه اشهر ان تقبل مصر اولاً بان يمتد عمل المكتب الاستشاري الي 15 شهراً كاملاً بدلاً مما سبق التوقيع عليه في الخرطوم بخمسه اشهر فقط في مؤشر مهم يوضح ان اثيوبيا لم ولن تحترم ابداً حتي ما وقعت عليه من اتفاقيات او عهود طالما شعرت بانها في موقف اقوي وانها روضت تماماً التلويح بالقوه من مصر بعد ان بالغت كثيراً ومعها عدد من الخبراء المصريين في احداث اجتماع قصر الاتحاديه وقت حكم الاخوان، بينما نحن نتناسي ان هذا الامر لا يهم المجتمع الدولي في كثير او قليل، فاسرائيل تهدد كل يوم جميع الدول المحيطه وسبق ان وجهت ضربات عسكريه دون مبرر في تونس والسودان والعراق وغزه واوغندا ولبنان وسوريا وهددت باكستان وايران بحجه الامن القومي، وهو ما ينطبق علي مصر التي تعتبر المياه امنها القومي الاول لانها دوله تعيش علي 5% فقط من مساحه اراضيها تاركه باقي مساحتها دوناً عن ارادتها نهباً لنقص المياه والجفاف، كما انه ومع الزياده السكانيه ومحدوديه مياهها الجوفيه وندره امطارها لا تستطيع ان تعيش علي اقل من هذه المساحه والتي تتطلب زياده مواردها المائيه وليس نقصانها. للمره الرابعه رضخت مصر ووافق وزير الري المصري علي تمديد فتره عمل المكتب الاستشاري الي 15 شهراً وهو امر غريب للغايه ان تعطي اثيوبيا لنفسها الحق في تحديد فتره عمل المكتب الاستشاري وليس المكتب الاستشاري نفسه!! اضافه الي انه اذا ما اختارت مصر والسودان المكتب الهولندي مثلاً تختار اثيوبيا المكتب الفرنسي الاقل خبره!! حتي يمكنها خداعه بدراسات صوريه او لمجرد الاختلاف مع مصر ولتعطي فرصه للمناقشات والتسويفات واستهلاك الوقت بشكل تفاوضي، فالوقت في صالحها والعمل يجري في السد والتمويل سيعود لاحقاً وسريعاً والتخطيط التركي لاثيوبيا في سياسات التفاوض يسير علي ما يرام كما سياتي لاحقاً.

بمجرد استئناف المفاوضات لجلسه واحده في فبراير 2015، تلاها في اوائل شهر مارس اجتماع لوزراء الخارجيه والري في دول المنابع الشرقيه لنهر النيل والتي تضم مصر والسودان واثيوبيا ومعها اريتريا كمراقب اذا طلبت الحضور، فوجئ الخبراء بالاشاره الي انه بعد اجتماعات دامت لثلاثه ايام للوفود الفنيه للري بان هناك اعلاناً مرتقباً للمبادئ والتوافق حول سد النهضه سيتم رفعه للقيادات السياسيه للدول الثلاث للنظر فيه علي ان يظل هذا الاعلان سرياً حتي يمكن التوقيع عليه في احتفاليه خاصه تتم في الخرطوم يوم 23 مارس 2015 وانه غير مسموح بطرحه للمناقشات المجتمعيه او علي مستوي الخبراء رغم انه يمس الامن القومي لشعب مصر كله وليس للقيادات السياسيه فقط، وان زمن ان القيادات تعرف اكثر قد ولّي كما ولّي معه زمن «قياده الشعوب الي الجنه بالعصا»، ولعل طرح الامر علي مستوي الخبراء كان سيكون اكثر افاده من السريه والكتمان التي سرت حتي تم توقيع اعلان المبادئ الذي اختلف عليه الخبراء بين اغلبيه علميه معارضه وقله اعلاميه غير متخصصه مؤيده. المعارضون يرون انه لا وجه للعجله وللنفس القصير وان مصر ما زال امامها الكثير في تدويل القضيه (وهو ما تخشاه اثيوبيا بشده)، ثم خلق حشد دولي مؤيد لعداله الموقف المصري ضد عشوائيه بناء السدود في دول منابع الانهار وفرضها بسياسه الامر الواقع علي دول المصب مخالفين قوانين الامم المتحده للمياه في مبدا الاخطار المسبق الذي يضم ثمانيه بنود تدين اثيوبيا ادانه تامه، فهي لم تتبع اي بند منها وبنت سداً علي نهر مشترك بقرار فردي بعيداً عن شركائها في النهر، متغافله عن موافقه الدوله الاهم وهي دوله المصب والتي يعطيها القانون الدولي حصانه خاصه، لان اعلان المبادئ الخاص بسد النهضه والمشتق من مبادئ منتقاه من القانون الدولي للمياه قد استبعد تماماً من اعلان المبادئ مبدا الاخطار المسبق ثم وجوب اعتراف اثيوبيا واعتذارها عن عدم اتباعها لمبادئ هذا البند بل وارغامها لمصر علي تقديم الشكر اليها علي انها خالفت هذا الشرط واقامت سداً بقرار منفرد وبلا دراسات ثم استكملت الدراسات الخاصه بالسد بعد اربع سنوات من وضع حجر بنائه والاستمرار في بنائه وبالتالي وجب علي مصر ان تشكرها علي ذلك وبذلك تكون اثيوبيا قد قلبت الادانه في عدم اتباع اصول بناء السدود الي اشاده وشكر من مصر والسودان بل واثيوبيا نفسها التي شكرت نفسها ولعلها المره الاولي التي تتضمن فيه اتفاقيه اعلان مبادئ بنداً خاصاً لشكر دوله بعينها بعيداً عن كونها مخطئه ومدانه ومتبعه لسياسه فرض الامر الواقع وتهديد الامن القومي لدوله المصب.

واذا انتقلنا للحديث عن حوضي دجله والفرات فان تركيا وسوريا والعراق، قد بدات مشاكل المياه بينهم مبكراً عندما شرعت تركيا في بناء سد كيبان عام 1964، حيث استطاع وفد تركي اقناع كل من سوريا والعراق بعدم مساس هذا السد بحقوق اي منهما، وبدات مفاوضات ولقاءات رسميه ولجان استغرقت وقتاً طويلاً، ولم تسفر عن نتائج مرجوه؛ لان تركيا لا تعترف بشراكه العراق وسوريا لها في هذه المياه، وانما تعتبرها مياهاً محليه عابره للحدود فقط (وليست مياه انهار دوليه وهو ما فرضته اثيوبيا علينا في اعلان المبادئ)، ولا شيء يفرض عليها اي التزام في تحديد كميه المياه للدولتين.

تصاعدت حده الازمه عام 1985، عندما شرعت تركيا بتنفيذ مشروع الجاب، وهو مشروع تستفيد منه ست مقاطعات تركيه تقع في الجزء الشرقي من البلاد، علي الحدود السوريه الجنوبيه وتحد العراق من الجنوب الشرقي، وتغطي هذه المقاطعات نحو 9.5% من اجمالي مساحه تركيا، ويبلغ عدد سكانها 8.5% من عدد سكان تركيا، ويضم مشروع الجاب 24 سداً اكبرها سد أتاتورك العظيم (لاحظ تشابهه العظيم مع اسم سد النهضه العظيم ايضاً)، وان الاراضي المزمع ريها من المشروع تعتبر مناطق اضطرابات، حيث يسكنها الاكراد والارمن وعرب لواء اسكندرونه، وتنظر تركيا لهذا المشروع كاداه لتحقيق الاستقرار السياسي لهذه المنطقه عبر تنميتها، وتعمل تركيا علي بناء بنيه تحتيه (زراعيه - صناعيه) من شانها ان تدعم وجود تركيا بقوه علي المستوي الاقليمي، وقدرت تكلفه المشروع انذاك بنحو 31 مليار دولار، واظهرت تركيا جديه تامه في استكمال هذا المشروع رغم اعتراض الجانبين السوري والعراقي، وانتهت تركيا من بناء سد اتاتورك اكبر سدود مشروع الجاب والذي تسبب في نقص حصه العراق بمقدار 25 مليار متر مكعب سنويا بشكل دائم ادي الي زياده بوار وتصحر وتملح الاراضي الزراعيه في العراق ونقص انتاج الحبوب والغذاء من الاراضي الزراعيه العراقيه والسوريه وتحولت سوريا من دوله مصدره للقمح الي دوله مستورده له.

وبالاضافه الي مشروع الجاب فتركيا لديها مشروع مستقبلي وهو مشروع انابيب السلام، ولا يزال هذا المشروع يشهد اعتراضات عربيه دون تنفيذه، حيث اشترطت سوريا ولبنان انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها عام 1967، ويهدف المشروع الي نقل المياه من تركيا عبر خطين احدهما غربي، يتجه من تركيا الي سوريا ثم الي الاردن واسرائيل وينتهي في الاراضي السعوديه، ويبلغ طوله 2700 كم وينقل حوالي 3.5 مليون متر مكعب من المياه يومياً (1.3 مليار متر مكعب/سنوياً). والخط الثاني الشرقي يتجه من تركيا الي الاراضي العراقيه ثم الي الكويت فالسعوديه وبقيه دول الخليج العربي وينتهي في سلطنه عمان، ويبلغ طوله 3900 كم وينقل حوالي 2.5 مليون متر مكعب من المياه يومياً (مليار متر مكعب/سنوياً). ونظراً لطول هذا الخط فقد اقترح ان يكون له بديل، حيث يتفرع من الخط الاول خط يتجه الي السعوديه وينتهي في سلطنه عمان كبديل له، وذلك بهدف خفض تكلفه المشروع الاقتصاديه.

وقد رات تركيا في هذا المشروع بدايه عهد جديد لدولتها، لذلك اولته اهتماماً اكبر من بقيه المشاريع التي انشاتها او فكرت بانشائها. لقد سعت تركيا من خلال مشروع انابيب السلام الي تعزيز دورها الاقليمي في منطقه الشرق الاوسط، فقد كانت تركيا تعتقد في تلك الفتره ان اسرائيل تسعي للتوسع علي حساب جيرانها العرب من اجل تامين موارد مائيه جديده، حيث كان يقول الرئيس التركي الاسبق «اوزال»: (ان اسرائيل ستتوقف حتماً عن احتلال المزيد من الاراضي العربيه اذا ما توافرت لها المياه اللازمه لتلبيه احتياجاتها المختلفه، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال انابيب السلام)، كما ان بيع المياه التركيه لاسرائيل ثم للملكه العربيه السعوديه والكويت وعُمان سيخلق جواً من التاييد العربي وعدم المعارضه للمشروع، خاصه اذا كان المشروع باسم انابيب السلام، وهو نفس النهج الذي ستسلكه اثيوبيا في توصيل خط انابيب الي جميع دول الخليج قبل وصوله الي اسرائيل لتضمن السكوت العربي وعدم المعارضه وعزل مصر عن الدول العربيه الخليجيه الغنيه وربطهم باثيوبيا بدلاً من مصر!!!.

وقد فشل مشروع انابيب السلام حتي هذه اللحظه بسبب الاختلاف الكبير بين الدول بشانه.

من الواضح تماماً تاثر الفكر الاثيوبي بالفكر التركي وسلوكه نفس خطوات تركيا مع سوريا والعراق وهو ما وضح من اصرار اثيوبيا في اعلان مبادئ سد النهضه علي استخدام عباره النهر العابر للحدود وموافقه المفاوض المصري بسذاجه علي الامر، كما كان الاصرار واضحاً بان المفاوضات خاصه بالسد الاثيوبي واقراره فقط وليس له اي شان بتقسيم المياه او الحديث عن حصص مصر والسودان من المياه، ثم سينتهي الامر بانابيب السلام لبيع المياه لعُمان والمملكه العربيه السعوديه والكويت واسرائيل وغيرها وقد بدا الامر فعلاً بالتعاقد مع الكويت علي بيع ما يقرب من 300 مليون متر مكعب سنوياً من المياه وفضح الامر مكتب الوسيط السويسري سواء كان منفرداً او بالاتفاق مع الاثيوبيين لتسريب النبا والاعلان عند دخول عصر بيع المياه والاتجار فيها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل