المحتوى الرئيسى

فيديو| تحلية مياه البحر.. مال سايب ومية ما تتشربش

04/23 14:55

بعد رحله تستمر اكثر من 10 ساعات، تصل الي مدينه السلوم علي حدود مصر الغربيه، منهك الجسد تتلهف الي المياها، فتفتح الصنبور لتفاجا بلونها الاصفر القاتم، فتتراجع، وتبدا في سيل من التساؤلات، يجيبك عنها اهالي المدينه بجمله موحده: "ميه مكثف الميه متتشربش .. احنا بنشرب ميه سما".

ولان كلمه "مكثف الميه" تتكرر، تجد نفسك مضطرا للسؤال عن كنه هذا الـ"مكثف"، لتجدهم يخبروك بانه محطه لتحلية مياه البحر، تتواجد في مصر في اغلب المناطق البعيده عن نهر النيل، والقريبه من ساحل البحر، نظرًا لتكلفتها الكبيره.

"دوت مصر" خاضت تجربه البحث عن الماء، ثم البحث عن اسباب ازمته في السلوم، وبدات البحث بزياره "مكثف الميه"، الذي يبتعد بضع دقائق عن الشارع الرئيسي بالمدينه الصغيره، ويقع علي ساحل البحر المتوسط.

لم يختلف الهدوء الصحراوي في اوقات العمل الرسميه بمحطه تحليه مياه السلوم، عن بقيه المدينه، الا انه يخترقه من حين لاخر  اصوات امواج البحر، واصوات الماكينات الثقيله من وحده التحليه، التي وقف امامها مواطن بسياره نصف نقل، تعلوها براميل فارغه، يملاها بالمياه المحلاه بواسطه خرطوم طويل متصل بالمحطه.

التفت الينا قبل ان يغادر ليجاوب علي سؤال "دوت مصر" عن رايه في المياه التي تنتجها المحطه، فاجاب "باجي اخدها لعساكر البحريه اللي في الجبل كل اسبوعين، مبيشربوش منها، بيغسلوا بيها هدومهم"، وحينما سالناه عن السبب، اردف "هي ميه مش حلوه اصلًا، فيها طعم وريحه الكلور، نشربها ازاي؟!".

وهو الامر الذي جعلنا نرافق مدير محطه تحليه مياه السلوم المهندس احمد حمدي، لمعرفه كيفيه تحليه مياه البحر في المحطه، واصل  شكوي المواطنين من المياه المنتجه.

" احنا مش بنعتمد بشكل اساسي علي الميه المالحه، لان ملوحتها بتكون عاليه جدًا" هكذا بدا حمدي حديثه، اثناء اصطحابنا نحو ابار مياه في محيط صحراء المحطه، التي تسحب اليها مياه البحر علي عمق من 50 لـ 150 مترا في باطن الارض، ذلك لان مسام الارض تقلل نسبه الملوحه وتحد من الشوائب، ووفقًا لحمدي يوجد بالمحطه 12 بئرا.

عن طريق مواسير فضيه اللون، تبدا الابار بتفريغ المياه في خزانين استراتيجيًا للتغذيه، سعه الواحد منهم 200 متر مكعب، ومن ثم تسحب المياه المراد تحليتها من الخزان عن طريق مواسير ضخمه ترتفع عن الارض حوالي 50 سم، حتي لا تسحب اي شوائب.

من هنا اصطحبنا الشاب العشريني النحيل الذي اصطبغ لونه بلون الصحراء، نحو عنبر التحليه، الذي يغلب علي مكوناته اللون الازرق، ويغلب عليه ضجيج الماكينات، لنشاهد علي يمين مدخله 3 مواسير بلاستيكيه ضخمه، تستقبل المياه المراد تحليتها، التي تسمي بـ"طرمبات التغذيه".

تسحب الطرمبات المياه وترفعها بضغط 4 بار نحو مواسير اخري اسفل ارضيه المحطه، لتنتقل المياه من مرحله التخزين الي المرحله التاليه.

اشار حمدي الي 4 خزانات زرقاء ضخمه قائلًا: "انها فلاتر رمليه ضخمه، يطلق عليها فلاتر متعدده الطبقات"، وهي عباره عن طبقات رمليه متعدده الاحجام متدرجه من الاكبر للاصغر من اسفل الي اعلي الفلتر، الذي يمنع مرور اي شوائب مع المياه.

يصحبنا مدير المحطه الي الجهه الاخري، نحو خزان اصغر حجما، يحتوي علي شمعات من الفلاتر القطنيه، التي تنقي المياه من اي شوائب اقل من 5 مايكرون، والتي لا تري بالعين المجرده، في نفس درجه الضغط.

مفصل صغير، وعداد يقيس درجه الضغط الذي ارتفع من 4 لـ 40 بار، يسمي طرمبه الضغط الغالي، لتدفع االمياه في مواسير معدنيه  - حتي تتحمل الضغط العالي - نحو ثماني وحدات تحليه - كل وحده منهم تحتوي علي 7 "ممبرين" وهي عباه عن اغشيه نباتيه ملفوفه حول بعضها تفصل المياه المالحه عن المياه الحلوه بواسطه الضغط العالي، وهو ما يسمي في علم الكيمياء بنظريه الضغط الاسموزي، وهو ما يعتمد عليه النباتات بعمليه البناء الضوئي، واوضح حمدي لـ دوت مصر" ان سعر الممبرين الواحد 3000 دولار.

"فيه نوعين من المواسير، نوع بتخرج منه الميه المالحه ونوع بتخرج منه الميه الحلوه".. هكذا قال  حمدي عن نهايه ممر التحليه، عندما اشار نحو ماسوره سوداء بوسط الوحدات تخرج منها المياه المحلاه، واخري جانبيه فضيه تخرج منها مياه البحر بملوحه مضاعفه.

في اقصي جوانب محطه التحليه، توجد خزانات بلاستيكيه بيضاء، تجاور مخارج المياه المحلاه نحو خزانات التخزين، التي اشار اليها المهندس العشريني: "هي خزانات الاحماض، التي تقوم بمعالجه نهائيه للمياه باضافه نسبه معينه من الكلور، ومعادله نسبه الهيدروجين في المياه بـ "الصودا اش"، ومواد اخري تساعد في جزيئات المياه المالحه عن المياه الحلوه، عن طريق ما يسمي بطرمبه الحقن، اثناء مرور المياه العذبة الي خزانات التخزين، التي تقدر بثلاثه خزانات خارج وحده التحليه.

بداخل غرفه التحكم، التي يفصل لوح زجاجي بينها وبين عنبر التحليه، اوضح مدير المحطه لـ"دوت مصر"  ان المحطه تنتج يوميًا 3500 متر مكعب، عن طريق التحليه وليس الترشيح، كما يحدث في معظم المحافظات بالقرب من مياه النيل، فتكلفه ترشيح متر مكعب من مياه النيل لا يتجاوز الجنيه الواحد، بينما تكلفه تحليه المتر المكعب من مياه البحر، تتراوح بين 3 و6 جنيهات.

ووقفًا لراي حمدي، محطات الترشيح تعمل علي تنقية مياه عذبه من الاساس، والتي ليس بها مشكلات سوي تنقيه بعض البكتيريا، والقضاء عليها عن طريق الكلور او الشبه، ومن ثم ضخها الي المواسير، اما اذا قارنا جوده مياه البحر بمياه النيل، فالمياه المحلاه من وجهه نظره افضل، وليس بها اي مشكله، سوي درجه الملوحه، ولا تحتوي علي نسبه التلوث التي تحويها مياه النيل.

مسؤولو وعواقل مدينه السلوم كان لديهم راي اخر، فجميعهم جزموا بان مياه التحليه غير صالحه للشرب، كما قال رئيس مجلس مدينه السلوم حسين الصاوي، مؤكدًا ان اهالي السلوم يعتمدون علي مياه السماء او الامطار التي تخزن داخل ابار علي بعد كيلو مترات في الصحراء، ولا تتوفر سوي في الشتاء.

وعزز نفس وجهه النظر عمده المدينه سعيد ابو زريبه قائلًا "حسب علمي، مياه محطه التحليه بالفعل غير صالحه للاستخدام الادمي"، مطالبًا المسؤولين بمتابعه تقارير المحطه اولا باول، لان هذا امر متعلق بحياه البشر، وادي هذا الي انتشار امراض الفشل الكلوي وغيرها.

وسط باحه كبري ملحقه بالمحطه، تراصت مقطورات نقل المياه الكبري، وتخرج اخري تاركه خلفها مياه متساقطه بطول الطريق، ليقول لنا احد السائقين "بعمل من 10 لـ15 نقله في اليوم، والناس بتستخدم الميه في الغسيل، ايصال الميه بـ 12 جنيه، بنوصل للمواطنين 10 طن في الشهر لحد البيت".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل