المحتوى الرئيسى

صبحي موسى يتقصى متاهة العرب من زمن الفردوس المفقود

04/21 17:39

محاكم التفتيش تنزع هويه الاجداد المسلمين

عميد الموريسكيين من القاهره: العالم اضيق من خرم ابره

المؤلف لمحيط : الاشخاص كما الدول يتعرضون للانتكاس

ثنائيه زمنيه بين الاجداد والاحفاد، بين ثوره المورسيكيين الذين اضطروا للتظاهر بدخول المسيحيه بعد سقوط غرناطه 1492 علي يد ملوك اسبانيا، وبين احفاد انصهروا بميدان التحرير طلبا لرحيل نظام مبارك ومن بعده الاخوان المسلمين عن سده الحكم.. يربط العائله القهر واجواء الفساد والخيانه التي تلف ارجاء الوطن، كما يربطهم بشاره الخلاص والتحرر من الظلم ..

تتقاطع مسارات الروايه الاحدث للمبدع المصري صبحي موسي منذ ثورات الموريسكيين “النصرانيين الجدد” في الاندلس والتي ترتبط باذهان المسلمين بفكره “الفردوس المفقود” واحلام العوده، ويرصد ثورات هؤلاء بعد عشرات الاعوام من سقوط غرناطه لاستعاده دولتهم، وصولا لعميد الموريسكيين واخر من تبقي من سلالتهم “مراد حبيب” الذي يسعي بصحبه ابنه عمه لاسترداد وقف العائله الذي خصصه جدهما الملزم عطيه الله لعائله الموريسكي

الجد محمد بن عبدالله بن جهور يكتب يوميات واحداث ثورة البشرات الكبري التي شارك فيها مع والده وكان سببا فيها ، واحداث الطرد التي شهدها بنفسه حتي مات بالمغرب ثم حكي عن ثوره البيازين عام 1495 اي بعد ثلاث سنوات من سقوط غرناطه .

قام الجد محمد بن عبد الله بن جهور بكتابه يوميات واحداث ثوره البشرات الكبري التي شارك فيها مع والده، كما كتب احداث الطرد التي شهدها بنفسه حتي مات في شفشاون بالمغرب بعد سنوات من الطرد والتعذيب ومحاكم التفتيش المهينه ومسخ كل ما له صله بالاسلام من مظاهر حياه الموريسكيين وحرق كتبهم وقتل كل من يشك باصوله الموريسكيه ضمن حملات صيد الرؤوس وسوف تظهر الروايه ما ساد اجواء الاندلس من خيانات واستعانه ملوك الطوائف بالقشتاليين الاسبان ضد بعضهم البعض، في اسقاط علي ما شهده العالم العربي ايضا من استقواء بالغرب ، وحاله الفوضي بعد ظهور البربر وتولي الخلافه بني جهور ابطال ثوره البشرات العظمي .

الروايه شهدت مناقشه مساء امس بالدار المصريه اللبنانيه، ناشر العمل، وقد كتبها صبحي موسي ضمن منحه افاق للابداع والتي فاز بها عام 2013، وداب للاعداد لها سنوات كثيره للقراءه وزياره مكتبات غرناطه ومسرح احداث روايته .

و شهدت الامسيه حضور سفيري لبنان والمغرب: د.خالد زياده ود.سعد العلمي، وقد شارك بالمناقشه كل من د.شاكر عبدالحميد وزير الثقافه الاسبق، د. عمار علي حسن الروائي والباحث الاجتماعي، صبحي موسي مؤلف العمل، النقاد سيد الوكيل ومحمد السيد اسماعيل ن فيما ادارها الناشر صاحب الدار محمد رشاد

المتاهه مدخل مهم لقراءه الروايه، سواء ما حلت بالمطرودين من اسبانيا او الثوار بمصر، والاندلس ترمز للعوده للفردوس المفقود وترتبط باخيله الموريسكيين وتعبر رموز واسرار حياه تلك العائله المنحدره من اصل اندلسي،والتي قضت باكملها وانتهي الحال بالقطط تتجول ببيتهم القديم، كما تحفل الروايه بالاسطوره التي تجسدها العين الراعيه والتي ظلت تظهر لابطال العمل، هكذا جاء توصيف د. شاكر عبدالحميد للروايه الهامه، ومضيفا ان الروائي حلق بين اطلال واشجان التاريخ الاندلسي القديم والطموحات الكبري بالتاريخ المصري المعاصر بحثا عن الامل وكفاحا لاستعاده ملك ضائع، تماما كما فعل جده الاندلسيون

سوف يكتشف مراد في ظل بحثه عن وقف عائلته المرصود من عهد محمد علي انه تعرض لخيانه كبيره من رجل ادعي انه رئيس دار الكتب وابنه عمته التي ظهرت بحياته باسم “راشيل” وراسلته باعتبارها مراسله انباء لوكالات دوليه، كما تعرض من قبل لخيانه استاذه بكليه الفنون الجميله حين سرق لوحاته وتسبب بخروجه من الجامعه ! ومن هنا ينكا المؤلف جراح عربيه ويضع اسقاطات علي الحاضر من خلال خيانات الماضي ايضا فننظر لوعود الاسبان التي صدقها الموريسكيون فنالوا قسطا وافرا من الطرد والتعذيب ووقعوا بالفخ .

سيشيع مراد جدته في عز التوهه والمتاهه، وعن ذلك نقرا «حين فكر في الصعود خلفها وجد الباب مغلقًا امامه، فالقي بتحيه السلام واستدار للنزول، سمع اصداء صوتها من خلفه تقول: «ولك مني السلام»، حينها اخذت اقدامه تتحسَّس الدرجات وروحه تحلِّق في البعيد، شاعرًا انه نصفان، احدهما يمشي علي الارض والاخر يطير في السماء، راي النجوم مبعثره في الفضاء، والموريسكيين يسعون خلفها علي الارض».

يلفت د.شاكر عبدالحميد لجوانب تاريخيه مؤلمه منذ سقوط غرناطه حيث توالت احداث سميت بـ”صيد الرؤوس” قادها الجنود الاسبان تحت لواء فيليب الثاني ، فسبيت نساء وقتل كل من حصدوه وقد رصد الملك عشرين وقيه لكل راس فكانت الحصيله نحو ستين الف قتيل مسلم ، كان ذلك عام 1590 اي بعد قرن من سقوط غرناطه ومن هنا يكون الزمن الاول للروايه.

ويلفت الناقد ايضا لاستدعاء قصص القران كقصه نبي الله داود والذي كان جريئا في الحق وليس كما تصوره بعض الكتب مستكينا ببيته لا يبدو منه حراك، والراوي يضفر قصته بقصه حبيب الله جد مراد واحد فروع شجره العائله الموريسكيه.

الروائي عمار علي حسن اشار الي ان الروايه التاريخيه تؤدي ادوارا هامه منها سد الفجوات التاريخيه وتحيز المؤرخين للسلاطين واورد امثله معاصره لمثل تلك الروايات كـ”كتيبه سوداء” للمنسي قنديل، و”الزيني بركات” لجمال الغيطاني، واشاد بالملمح الاسطوري الذي يضفيه صبحي موسي علي رواياته التاريخيه الهامه وقد استهلها بـ”صمت الكهنه” عن التاريخ الفرعوني ، كما تعرض لسرديات تنظيم القاعده من خلال روايته الهامه “اساطير رجل الثلاثاء” وها هو ينكا جراحنا في الاندلس ويضفرها بثورات الربيع العربي.

والروايه قدمت تاريخا موازيا لخمسه قرون علي الاقل من حياه شريحه من السكان العرب، وركزت علي ثورات ربما لا يعرفها كثير من المصريين كثوره البشرات والبيازين لاستعاده الاندلس لان البعض يتصور ان الاندلسيون لم يقاوموا الاسبان منذ سقطت غرناطه، وتمتاز الروايه انها كذلك سعت لتفسير تساؤلات اللحظه الراهنه، ولم تفتقد اللغه الشاعريه خاصه وان المؤلف ينتمي لحقل الشعر الابداعي.

ويعرج د.عمار علي قيمه الروايه في وقت تتوالي علي ذاكرتنا اليوميه اخبار المجازر كما جري للطائفه المسلمه ببورما وذكري مذابح العثمانيين للارمن وغيرها.

من جهه اخري يشيد عمار بالمنحي الذي اتخذته الروايه وهي تستعيد “الفردوس المفقود” بعيدا عن الترهات العاطفيه التي وضعها الاسلاميون بكتبهم فاقتقدت للغه العقل والعلم .

والبحث عن الهويه كما يري الكاتب هو المفتاح الاصيل لفهم روايه “الموريسكي الاخير” ، فالاجداد سلبت هويتهم الاسلاميه  عبر محاكم التفتيش الصارمه والاحفاد كذلك تاهت معالمهم بين مدينه لا ترحم احدا .

تُذكر الروايه بسابقتها التي ابدعها اميل حبيبي عن شتات الفلسطينيين وتري امراه تجمع من البيوت المهدمه علي يد الصهيونيه خطابات العشاق ومفاتيح البيوت القديمه والخشب المكسور والتمائم حتي تؤكد حلمها بالعوده .

كما ان الروايه تعكس فكره ضياع الاحلام بين مراد الذي نبغ بكليته فتعرض لاستاذ معدوم الشرف يسرق لوحاته ويبيعها باسمه وبين حاله ضياع الاجداد واحلامهم في استعاده الارض وممارسه شعائرهم والفخر بهويتهم ولغتهم .

روايه صبحي موسي جاءت معرفيه كذلك وقد بذل مؤلفها جهدا حثيثا بين المراجع والوثائق وتامل الاماكن لصوغ ذلك بحرفيه بين متن عمله الادبي، وقد احدث الروائي بين الزمنين الكبيرين زمن وسيط يعود لعصر محمد علي وتوزيعه الاوقاف علي الملتزمين وكان بينهم عطيه الله الذي جاء لا يملك شيء فصار فجاه يملك كل شيء وقد وهب رواق المغاربه بالِازهر وغيره لابناء العائله الموريسكيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل