المحتوى الرئيسى

إشكالية المفاضلة بين إسرائيل وإيران | المصري اليوم

04/20 22:26

اعتقد انني اترك لدي القارئ بشكل مطرد احساسا بانني غير مستعد للمفاضله بين اطماع التوسع الاسرائيلي في ارض وطننا العربي، تحت شعارات الايديولوجيه الصهيونيه من ناحيه، وبين اطماع التوسع الايراني في اراضينا، تحت شعارات الثوره الاسلاميه من ناحيه ثانيه.

انا، ببساطه، اتصور انني اذا اخترت ان اغض الطرف عن الاطماع الاسرائيليه علي اساس ان اسرائيل تقاوم المشروع النووي العسكري الايراني الذي يهددنا ايضا، فانني ساكون كمن يختار ان يسلم نفسه لانياب الذئب هروبا من فك الضبع. من الناحيه الاخري، لو انني اخترت ان اغمض العين عن الاطماع الايرانيه‘ علي اساس ان ايران ترفع شعار تحرير القدس من اسرائيل، فانني ساكون كمن يضع جسده بين قواطع الضبع هروبا من الذئب.

المساله في ذهني بسيطه وواضحه، وخلاصتها انني ساقاوم كل من يحاول انتهاك الارض العربيه، سواء جاء يمتطي حصان الصهيونيه، او يعتلي فرس الثورة الإسلامية الأيرانية، او يمتشق حسام الخلافه العثمانيه، او يرفع رايه الاستسلام لاطماع الغرب، تحت شعارات الديمقراطيه.

هكذا اتصور ان يكون موقف المواطن العربي غير المحمل بانحيازات منحرفه للنفوذ الخارجي ايا كان مصدره. لقد قلت في مقالي المنشور بـ«المصري اليوم» يوم الثلاثاء 31 مارس تمشيا مع هذا الموقف بالنص ان علي المواطن العربي ان يدرك انه محاصر بين فكي كماشه، الاول هو الفك الاسرائيلي، والثاني هو الفك الايراني، وان واجبنا هو تعزيز قوه امتنا العربيه اقتصاديا وحضاريا وتكنولوجيا وعسكريا واجتماعيا لخوض حرب طويله المدي مع فكي هذه الكماشه.

اذن ليس لاشكاليه المفاضله بين اسرائيل وايران وجود عندي في كتاباتي ولا في ذهني. اذن لماذا اتحدث عنها؟ ان ما يدفعني الي هذا هو ان بعض طلابي في الجامعه اخبروني ان هناك نقاشا بين الشباب العربي علي الفيس بوك، موضوعه من افضل لامتنا: اسرائيل ام ايران؟ وطلب هؤلاء الطلاب رايي في الموضوع.

انني اعتقد ان صديقي استاذ علم الاجتماع السياسي د. خالد الدخيل، علي حق عندما ذكر في مقاله بصحيفه الحياه يوم الاحد 5 ابريل ان هذه مساله يروج لها انصار ايران في لبنان والصحف اللبنانيه، ويضعونها في صيغه سؤال يقول: «هل ايران هي العدو ام اسرائيل؟». يلاحظ الدخيل ايضا ان البعض ذهب الي ابعد من ذلك عندما تبني نغمه ان هناك من يريد استبدال اسرائيل كعدو بايران المسلمه. ويري ان هناك كتابا وسياسيين وخطباء وقوميين وليبراليين ورجال دين في سوريا ولبنان اكثر من غيرهما، يشتركون في هذا التناول.

اذن مصدر صياغه الاشكاليه اصبح واضحا امامنا، ثم تم ترويج الصياغه علي الفيس بوك لتنتقل الي شبابنا. يقول دكتور خالد بالنص «حلفاء ايران في الشام هم الذين فرضوا السؤال. يريدون منه القول انه يجب التغاضي عما تفعله ايران لانها ترفع شعار المقاومه والممانعه. لكن ما علاقه المقاومه بزرع وتشجيع الطائفيه المدمره في العراق وسوريا، هل سيؤدي هذا الي تحرير فلسطين؟ ثم ما هي مصلحه ايران وفلسطين والعالم العربي من تفجير الطائفيه وتغذيتها؟».

لقد احسن الصديق د. الدخيل في بلوره الموضوع بهذه الدرجه العاليه من الوضوح. انني اذ اوجه له التحيه، فانني اضع امام شبابنا العربي سؤالا يساعدهم في حسم الاشكاليه المصطنعه. السؤال يقول: هل ايران مستعده لتغيير موقفها الطائفي والامتناع عن تحريض اخواننا الشيعه في الاقطار العربيه علي التمرد علي النسيج الوطني للدوله الوطنيه العربيه؟ ان علينا ان نلح علي هذا السؤال، وهو ليس سؤالا للاحراج والتعجيز، بل هو سؤال استفهامي بحق.

اؤكد لشبابنا انه لو جاءنا من ايران موقف صادر عن القياده الروحيه والسياسيه العليا يرفض النزعه الطائفيه الشيعيه في الدول العربيه، فاننا سنكون جاهزين كعرب للتعامل معها بحسن النيه وعلاقات الجوار والاخوه اللازمه.

ساعطيكم مثلا علي ما يثير عندي شخصيا القلق من هذه النزعه الطائفيه. انه مثل تحرير تكريت من قوات داعش. لقد تابعنا عمليه التحرير التي شارك فيها الجيش العراقي والميليشيات الشيعيه والمستشارون العسكريون الايرانيون الذين يدربون هذه الميليشيات، ويشرفون عليها. بعد تحرير المدينه بدات الاخبار المؤكده ترد ان هذه الميليشيات راحت تحرق بيوت السنه، وتقتلهم، وتختطف بعضهم تماما، كما كانت تفعل قوات داعش. بالتالي تصاعدت اصوات قاده القبائل السنيه في الانبار والموصل تطالب بعدم اشراك هذه الميليشيات المسماه ميليشيات الحشد الشعبي في تحرير الانبار والموصل، خوفا من تكرار فظائعها في تكريت.

هذا مثال طازج، عمره لا يزيد علي ايام، ويؤكد سياسه التحريض الطائفي، الايرانيه، وهي سياسه يسجل المراقبون انها موجوده في العراق وسوريا والبحرين والسعوديه واليمن. لقد كنا نشكو من ان مخطط تفتيت الدوله الوطنيه العربيه الذي نشا في اسرائيل كفكره علي يد الدبلوماسي (يانون) وتبنته الدول الغربيه يستخدم المتطرفين السنه، مثلما نري في ليبيا الان لتمزيق الدوله الوطنيه. غير اننا نري اليوم ان هذا المخطط تتم تغذيته ايضا بواسطه سياسه التحريض الطائفي التي تزرعها، وتمارسها ايران.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل