المحتوى الرئيسى

« سيناء... أرض البركات» | المصري اليوم

04/19 00:18

يُذكر عن «سيناء» انها حصن طبيعي لمِصر، فهي احد اربعه حصون تحيط بها من الجهات الاربع، وقد يكون هذا هو سبب اطلاق اسم «مِشر» علي «مِصر». فـ«مِشر» تعني «المكنون» او «المُحصَّن»، وذلك بفضل طبيعتها وكَونها محميه من جميع الجهات: ففي الشَّمال البحر الأبيض المتوسط، ومن جهه الشرق تحميها صحراء سيناء، ومن الغرب تحميها الصحراء الغربيه، وفي الجنوب صخور كبيره تَعوق عن الابحار في النيل.

وتُعد «صحراء سيناء» نقطه التقاء قارتي افريقيا واسيا، كما تعتبر خطًا فاصلًا بين البحر الابيض والبحر الأحمر. ويذكر المؤرخ اللبناني «نعوم شقير»، الذي طاف شبه جزيره سيناء: «وقد امتدت صحراء سيناء نحو ١٥٠ ميلًا شرقًا وغربًا، ونحو ضعفي ذلك شمالًا وجنوبًا»، وتُقدر مساحتها بـ٦١ الف كيلومتر مربع. وقد وُصفت صحراء سيناء في كثير من الاحيان بانها ارض قاحله لا تصلح الا ان تكون بابًا بين القارتين وجسرًا بين البحرين، فيذكر عنها: «فهي تظهر، الوهله الاولي، مُجدِبه، تكسوها الجبال الصخريه القاحله. وارضها غير صالحه للزراعه. وتقل فيها الامطار. وهي شديده: الحر في النهار، والبرد في الليل».

وبحسب طبيعه الارض في سيناء، نجدها وقد انقسمت من القديم الي ثلاثه اجزاء: الاول بلاد «الطُّور» وهي بلاد جبليه في الجنوب، والثاني بلاد «التيه» وهي سهل مرتفع في الوسَط، والثالث بلاد «العريش» في الشَّمال وهي من الرمال. وبحسب ما ذكره المؤرخون، نري «سيناء»، وان كانت صحراء، انها ليست ذات وتيره وطبيعه واحده، فالقسم الشَّمالي منها، الذي يمتد من «العريش» الي «قناه السويس»، هو عباره عن مساحات رمليه واسعه حملت معها تاريخًا سحيقًا يمتد الي الفراعنه، الذين اجتازت جيوشهم هذا الطريق عددًا من المرات الي ارض «سوريا» و«كَنعان»، ومن الجهه الاخري غزا الهكسوس والاشوريُّون والفارسيُّون واليونانيُّون سهول النيل الخصبه.

ومنذ القدم وصحراء «سيناء» تُعد من اهم طرق العالم، اذ بُدئ بها شَق الطرق من عهد الفراعنه في القرن السادس عشَر قبل الميلاد. وهكذا قام في «سيناء» قبل الازمنه القديمه طريقان تِجاريان هما: «طريق الفَرَما» علي ساحل البحر المتوسط فالشام فالعراق ليربِط وادي النيل ببلاد ما بين النهرين، «وطريق البترا» الذي يصل الي الحجاز عابرًا «بلاد الطُّور». لكنّ «الرومان» و«الانباط» استعملوا طريقًا مختلفًا كان يتجه من الشرق الي الغرب في «سيناء» سُمي فيما بعد باسم «درب الحَج» حيث كان يستعمل طريقًا للحجاج من «مِصر» الي «مكه».

ومع ان «سيناء» هي ارض صحراء، الا انها اكتسبت شهره فائقه عبر التاريخ، فقد ذُكرت في الكتاب المقدس، والقران. كما عُرفت قبل القدم، في ايام الاسره الفرعونيه الاولي، بمناجم الفيروز والنُّحاس التي قام المِصريون القدماء باستغلالها.

اختلف المؤرخون في شان معني كلمه «سيناء»، فقد قيل انها تعني «الحجر»، وذلك بسبب كثره جبالها، علي حين ذكر اخرون انها تحمل اسم «توشريت»، في اللغه الهيروغليفيه القديمه، التي تعني «ارض الجَدَْب والعراء». الا ان بعضًا يعتقد ان «سيناء» هي كلمه مشتقه من الكلمه العربيه «سنا» التي تعني «الضَّوء الشديد»، ويُرجِع بعضٌ هذه التسميه الي الضَّوء الشديد المنعكس علي الحجر الجيري الابيض. هذا، اضافه الي اللون الاحمر المنعكس من الصخور الجراتينيه الحمراء علي منحدرات «جبل موسي».

وهناك من يُرجِع اسم «سيناء» الي كلمه «سين» التي تشير الي اسم «اله القمر» عند البابليِّين. ولكنّ بعض العلماء يقولون ان كلمه «سيناء» مشتقه من الكلمه الساميه «سن» التي تعني «سن الانسان» ويُرجَع هذا الي شكل جبالها الشبيهه بالسن في تكوينها.

ايضًا وُلد «موسي النبي» في ارض «مِصر» من والدين عبرانيَّين، لكن امه وضعته في سَفَط او سَلّ من البردي علي حافه النهر خَشيه امر فرعون بقتل اولاد العبرانيِّين. فوجدته ابنه فرعَون، وانتشلته من الماء، ودعت اسمه «موسي» اي «المنتشَل من الماء». وتربي «موسي» في بيت فرعون مِصر، متادبًا بكل حكمه المِصريِّين. الا ان «موسي» عندما كبِر راي مِصريًا يضرِب عبرانيًا، فغضب وقتل المِصري! وعُرف الامر لدي فرعون، فطلب ان يُقتل «موسي»، فهرُب عبر «سيناء» الي ارض «مِديان» المجاوره لها، حيث سكن وتزوج بـ«صَفُّوره» ابنه كاهن «مِديان» التي ولدت له «جَرشوم» و«اليعازر».

وعندما امر الله- جل جلاله- «موسي» بان يقود شعب بني «اسرائيل» الي خارج «مِصر»، خرج الشعب بقيادته متخذًا الطريق الي «فِلَسطين» عبر «سيناء»، حيث ياتي ذكر اسم «سيناء» للمره الاولي في الكتاب المقدس في قصه الخروج: «ثم ارتحلوا من ايليم. واتي كل جماعه بني اسرائيل الي برِّيه سِين التي بين ايليم وسيناء في اليوم الخامس عشَر من الشهر الثاني بعد خروجهم من ارض مِصر». وبريه «سين» هي عباره عن شريط رملي جنوب هضْبه «التيه» التي تقع في الجنوب الغربي من شبه جزيره سيناء، ويُرجِح بعضٌ الي انها منطقه «دبه الرمله» حاليًا.

كذلك تباركت «سيناء» جدًا بعبور العائله المقدسه بها، في اثناء هروبها من وجه «هِيرودُس الملك» الذي كان يريد قتل «السيد المسيح». فرحلت العائله المقدسه من «بيت لحم» بفلسطين كامر الملاك الي «غزه» حتي محميه «الزرانيق» (الفلوسيات) غرب «العريش»، لتدخل ارض «مِصر» عن طريق بوابتها الشرقيه «سيناء» من «الفَرَما» التي تقع بين مدينتي «العريش» و«بورسعيد». وفي طريق العوده، مع ان العائله المقدسه سلكت طريقـًا اخر، لكنها عبرت منه الي «سيناء»، ثم «فلسطين» حيث عادت الي قريه «الناصره» في «الجليل».

وقد ذُكرت سيناء في القران في سوره التين: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْاَمِينِ﴾؛ فالمقصود بـ«طُور سنين» هو طور «سيناء» حيث كلم الله «موسي النبي».

الطريق الحربي الكبير الذي يمر بها ومازالت له اثار باقيه، ومناجم الفيروز والنُّحاس الاثريه وهي من اقدم المناجم في العالم، وقلعه «صلاح الدين الايوبي» المقامه علي «جزيره فرعون» فيها.

ومن اهم معالم سيناء الدينيه: «جبل موسي» الذي يُعد من اشهر جبال سيناء، بل العالم كله اذ يزوره الاف السُّيّاح لايمانهم ان مِن عليه كلم الله «موسي النبي» واعطاه الوصايا العشْر، ويقع قريبًا منه جبل «سانت كاترين» وبه دَير «القديسه كاترين» للروم الارثوذكس الذي بناه الامبراطور «يوستينيانوس» عام 545م تقريبًا، ويضم الدَّير العُلَّيقه المشتعله التي راها «موسي النبي».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل