المحتوى الرئيسى

مبدعو السرايا الصفراء يسخرون من مرسى.. نزلاء مستشفى العباسية "مطربون" و"فنانون تشكيليون" و"نجوم مسرح".. ومريضة ترسم لوحة لثورة 30 يونيو وتطالب بإعدام المعزول.. و"ياسر" عندليب العباسية

04/18 12:05

للوهله الاولي وانتري الاعمال الفنيه واللوحات والتحف التي يبدعونها وكذلك المسرحيات التي يقدمونها، ستعتقد ان من قام بذلك فنانون محترفون، ورسامون قديرون، ولكنك في النهايه تعرف ان هذه الاعمال من ابداع نزلاء مستشفي العباسيه للصحه النفسيه، او كما يطلق عليها المصريون «المورستان».

هذه الاعمال الفنيه الراقيه قدمها مرضي قرروا تحدي مرضهم ونظره المجتمع المقيته لهم، فسخروا كل طاقاتهم وانفعالاتهم لتخرج لنا لوحات فنيه تمتاز بالجوده، بل ربما يكون الاستعداد الخاص لمن نطلق عليهم لقب «المجانين»، اعلي من اقرانهم، حيث تكون لهم رؤيه فنيه مختلفه وثاقبه ووجه نظر خاصه تميزهم عن البشر العاديين.

اثناء عرض مسرحيه عفريت لكل مواطن

في العباسيه ستجد مريضه ترسم لوحه لتنشيط السياحه في مصر، وتجد مريضه اخري – رفضت التسجيل معها لظروف عائلتها – ترسم لوحه تعبيريه عن تظاهرات ثوره 30 يونيو التي نادت بعزل الرئيس السابق محمد مرسي وكتبت فيها «الشعب يريد» وتطالب باعدام الرئيس الاسبق، وتتعجب من روعه الاعمال اليدويه من سجاد واركت صممها مريض اخر من نزلاء «السرايا الصفراء»، في السطور الاتيه نتعرف علي فنانين ومبدعين من نوع خاص، دفعت بعضهم الظروف للاصابه بامراض نفسيه، ولكنهم ابَوا الا ان يمتازوا عن اقرانهم.

«عفريت لكل مواطن».. حين يبدع المرضي النفسيون علي خشبه المسرح

للمسرح وجود خاص داخل المستشفي، حيث يشارك عدد من المرضي في تقديم عروض مسرحيه، بعضها عرض في مسارح الدوله وفي اماكن ثقافيه مهمه، مثل دار الاوبرا ومعرض الكتاب، واخرها مسرحيه «عفريت لكل مواطن» التي قدمها المرضي النفسيون بمشاركه عدد اخر من الفنانين، وتناقش النظره السلبيه للمجتمع تجاه المريض النفسي، وتعرض مشاكلهم.

ويوجد داخل المستشفي، مسرحان، يستغلهما المرضي في عمل البروفات، وتقديم مواهبهم الغنائيه والتمثيليه، التي تخفف من شعورهم بالابتعاد عن المجتمع، والشعور بانهم «منبوذون»، حتي وصل الامر ببعضهم لرفض الخروج من المستشفي.

مريضه ترسم لوحه تطالب باعدام مرسي

«جمال» عشق ابنه الجيران وتزوجها فاصابته بالاكتئاب وتوجه للمسرح والغناء

يفخر «جمال» بكونه مريضا نفسيا، ويحتفظ بممارسه هواياته المفضله داخل المستشفي، حيث يعشق الفنون التشكيلية ويحب الغناء، ويظل المسرح مجال تميزه.

فبعدما دفعه شبابه وتطلعه لحياه كريمه له ولاسرته، للسفر خارج الوطن، بحثا عن فرصه عمل توفر له شكل المعيشه التي طالما يحلم بها في مقتبل العمر، حيث انه فتره الثمانينيات، ولي قبلته نحو السعوديه بعد اشهر قليله من زواجه ابنه الجيران التي احبها لدرجه الجنون، ومضي يسعي في بلاد الله الحرام، يجني ريالات ويبعث بها لزوجته، ظنا منه ان التي احبها وعشقها وتزوجها لتصبح شريكه حياته، ستصون كده وتعبه الي ان يعود اليها ثانيه.

ولم يك يدرِ «جمال.ا» (57 سنه)، مبيض المحاره، ان زوجته التي عشقها وتزوجها وانجب منها طفلته، واغترب عن الوطن لاجلها، ستخون امانته وتهين والدته في غيابه، فبعد 8 سنوات غربه، اشتري لوالدته حلقا، فغارت منها زوجته وتشاجرت معها، وحدثت مشاكل بينهم، وطلبت الطلاق، وبالفعل طلقتها، وتزوج من اخري تعيش معه الي الان وانجبت منه ابنين.

ومنذ ان طلق زوجته الاولي، بدا جمال يصاب بنوبات اكتئاب، بعدما شعر انها نصبت عليه، واستولت علي «تعبه وشقاه»، قائلا «منها لله هي السبب في اللي حصلي، حتي اهلها عملت لديهم في شقه «نقاشه»، نصبوا عليا ولم يعطوني اجرتي»، ومن يومها اصبح «جمال» نزيل مستشفي العباسيه للصحه النفسيه، ثم خرج وبدا يتردد عليها كل عام مده قصيره، خاصه بعد ان تضاعف لديه المرض، واصيب بانهيار عصبي، ويخشي العمل مع الاخرين خوفا الا يعطوه حقه واجره.

احمد يشير الي جداريه رسمها امام مبني التاهيل

«احمد» فنان تشكيلي اصبح مريضا نفسيا بسبب ماده «الاحياء» في الثانويه العامه

يعشق النزيل «احمد.م» الفن التشكيلي، خاصه الرسم، الذي برع فيه بعدما ورثه عن خاله منذ صغره، وهو ما تجلي في مشاركته في رسم جداريه «الكتاب» المعروضه امام مركز التاهيل بمستشفي العباسيه، التي انجزها- علي حد قوله - في ثلاثه ايام بمساعده المشرف الخاص به.

وعن اسباب مرضه يقول «احمد» انه اصيب بالاكتئاب في فتره المراهقه بعد الثانويه العامه، لافتا الي انه التحق بتخصص «علمي علوم» في الثانويه، فوجد ان ماده الاحياء صعبه فحول لـ«علمي رياضه»، ثم تبين له ان الكليات التي يؤهل اليها العلمي رياضه لا يحبها، فحاول العوده مره اخري لـ«علمي علوم»، لكن مدير المدرسه رفض واستمر في «علمي رياضه»، فحصل علي مجموع 51%، لانه كان يكره الرياضيات، و«كان مثله الاعلي العالم احمد زويل لذلك كان يرغب في الالتحاق بكليه العلوم ليكون مثله»، وبعد تخرجه من الثانويه العامه التحق بمعهد فني صناعي ولم يستوعب المواد، فترك المعهد، ودخل في مرحله الاكتئاب، وتزوج في عام 2009 وانفصل عن زوجته بعد عام من الزواج، بعد ان علمت بمرضه ولم تستطع التعايش معه.

وبعدما اشتد المرض علي «احمد»، ادخله والده لمستشفي العباسيه، وبعد بدء تحسنه سمحت له المستشفي باجازات لمده يومين في الاسبوع يزور فيها والده، ويمارس هوايته المفضله «الرسم»، متمنيا ان يتعامل معه المجتمع كانسان طبيعي، خاصه بعد ان اقر الاطباء بتماثله للشفاء، واكدوا له امكانيه خروجه خلال ايام، غير انه يرفض الخروج قائلاً: «انا مبسوط في المستشفي وامارس هوايتي فيها وهنا زي بره».

"هاله" و"امل".. الشفاء من المرض النفسي بـ«ابره التريكو»

تحولت هوايه «هاله.ا» في اعمال التطريز والتريكو، ونسيج السجاد اليدوي، منذ كانت تشارك في اعمال التدبير المنزلي خلال فترتي دراستها بالثانويه العامه، الي «حرفه» تتكسب منها مبلغا بسيطا، بعدما تعاقدت معها مستشفي العباسيه للصحه النفسيه، لتعمل خلال فتره تلقيها العلاج، مقابل اجر شهري 120 جنيها تستغله في شراء بعض احتياجاتها مثل «شاي وسكر».

لوحه لبابا نويل بمناسبه راس السنه

وتؤكد «هاله»، ان حبها للفن جعلها لا تتمني شيئا، الا ان تكمل دراستها بمعهد الخدمه الاجتماعيه بعد شفائها. وعن سبب مرضها، قالت انها اصيبت بانفصام ذهاني قبيل الزواج، وبعد زواجها انجبت طفله، لكنها مرضت وتوفيت فزادت حالتها النفسيه، سوءا، ودخلت للمستشفي، ولم يزرها زوجها نهائيا، وعلمت بعد ذلك من اخوتها انه طلقها، قائله: «عنده حق فانا مريضه واخفيت عنه مرضي قبل الزواج واتمني له حياه سعيده».

ينطبق نفس الامر علي «امل.ا»، المريضه داخل قسم العلاج بالعمل، حيث تهوي اعمال التطريز والسجاد اليدوي، والمفارش، مؤكده انها نزيله في المستشفي منذ 3 سنوات، واهلها احضروها بعد ان مرضت نفسيا، وتعلمت داخل المستشفي، ويتم عرض اعمالها الفنيه داخل معارض المستشفي، وهي سعيده بذلك.

«محمد».. فنان اركت «محترف» لا يريد الخروج من المستشفي

فضل «محمد.خ» (37 سنه) ان يمارس هوايه فن الاركت، الذي درسه في مدرسه الزخرفيه الثانويه، حيث يستمتع بممارسته باشراف القائمين علي ورشه الاركت داخل مستشفي العباسيه.

يقول «محمد»، انه كان يعمل في الاساس نقاشا، وارتبط باكثر من فتاه وكان ينفصل عنهن، بعد مده قصيره من فتره الخطوبه، وبعد وفاه والديه اصبت بحاله نفسيه، لحزنه الشديد عليهما، فذهب لاكثر من مستشفي منذ عام 2005، ثم اتي منذ عام واستقر في مستشفي العباسيه ووجد راحته فيها، حتي ان الاعمال الفنيه التي ينتجها تعرضها الاداره في معارض كتشجيع له.

«نفسي اخرج من هنا علي المدافن ثم الي الجنه علشان ارتاح»، هذا ما اجاب به «محمد» عن سؤاله عن امنيته حال تماثله للشفاء والخروج من المستشفي، قال «محمد» انه لا يرغب في شيء، ولا يرغب في خروجه من المستشفي بالاساس، لانه كلما خرج «تنتكس» حالته، وتتحول للاسوا لان المجتمع المحيط به بمنطقه سكنه خارج المستشفي، ينظر اليه كانسان غريب عنه، لذلك يفضل عدم الاختلاط بالناس.

في هذا يؤكد «سعيد عبده»، موظف في قسم العلاج بالعمل بمستشفي العباسيه للصحه النفسيه والمسؤول عن ورشه الاركت، انه يراعي في تعامله مع المرضي النفسيين حالتهم الصحيه، قائلاً: «انه يجب التعامل معهم كاطفال صغار ونحتاج الي مزيد من الصبر معهم، وانه يسعي دائما الي تشجيع المرضي حتي لو لم ينتجوا شيئا في البدايه».

واشار سعيد عبده الي ان كل المرضي يمكن ان يتعلموا مهنه وفنا من الفنون، حسب درجه مرضهم، وحينما ياتي مريض لقسم العلاج بالعمل نري مؤهلاته ودراساته ومهنته السابقه، وبناء علي كل ذلك نحدد له افضل عمل يمكن ان يقوم به.

«ياسر» عاشق عبدالحليم حافظ ادخله «الحب» مستشفي العباسيه

يقول «ياسر. ص» 47 سنه، مريض نفسي ويتردد علي المستشفي علي فترات، بعد ان تعافي من المرض الي حد ما، انه يحب الغناء ويشارك في العروض والمسابقات الفنيه علي مستوي المستشفيات، كما ان لديه موهبه اخري وهي لعب المصارعه وحصل علي بطولات كثيره.

وعن سبب مرضه يقول «ياسر»، انه كان يحب ابنه الجيران حبا كثيرًا، لكن اهلها رفضوا تزويجها له، وبعد محاولات كثيره منه، تقدموا ببلاغ ضده في قسم الشرطه وحكم عليه بشهر مع ايقاف التنفيذ لانهم ادعوا محاولته الاعتداء علي ابنتهم، ثم اتفق اهله واهلها علي ادخاله مستشفي العباسيه للصحه النفسيه في التسعينيات.

يضيف «ياسر» انه كونه عاملا في شركه مياه، لا يخالط الناس في الشارع، ويفضل الذهاب الي المستشفي لممارسه هوايته الغناء، قائلاً انه يعشق العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ والفنان حسن الاسمر وهاني شاكر.

طبيب نفسي: الفنون تعالج المرضي النفسيين والسينما «تشوه» صورتهم

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل