جولة عبر التاريخ مع "مرايا" إدواردو جاليانو

توفي امس الاثنين، الباحث والروائي والصحفي الاوروجواياني، ادواردو جاليانو، الذي ترجمت اعماله الي اكثر من عشرين لغه. ومن اشهر اعماله: كتاب العناق، والشرايين المفتوحه لامريكا اللاتينيه، وافواه الزمن، وابناء الايام.

ولعل ابرز اعماله كتاب "مرايا: مايشبه تاريخا للعالم"، الصادر عن دار رفوف، دمشق 2011، ترجمه صالح علماني.

ياخذك "جاليانو" في الكتاب، بجوله حول العالم ساردا قصص وحكايات حقيقيه تعد من الحقائق التاريخيه، حيث صنف البعض هذا الكتاب كمرجع تاريخي.

يزيد الكتاب عن 300 صفحه، ويضم اكثر من 600 عنوان في رحله عبر ماضي البشريه المنسي، ليتوقف بنا في محطات قد يغفلها التاريخ العالمي، يتحدث عن من تعرضوا للاساءه والاهانه والاباده علي مر العصور، فهي دعوه للتامل لرؤيه التاريخ من زاويه مختلفه.

"كانت الحياه وحيده دون اسم ولا ذاكره، كانت لها ايادي ولكن لا احد لتلمسه، وكان لها لسان لكن لا احد لتتحدث معه، كانت الحياه واحد، وكان الواحد لا احد، ثم ظهرت الرغبه وسرت في ظهر الحياه. قسم سهم الرغبه الحياه في وسطها فانشطرت الي نصفين لما ابصر كل نصف الاخر، ضحكا معا ولما تلامسا ضحكا معا مجددا".

"انهم هناك مرسومون علي جدران الكهوف وسقوفها، جواميس، ايول، دببه، خيول، نسور، نساء، رجال، هذه الرسوم ضاربه في القدم لدرجه ان لا عمر لها، لقد نشات منذ الاف السنين علي الاف السنين، لكنها تولد من جديد في كل مره ينظر اليها شخص".

"كيف امكن لاجدادنا في تلك الازمنه الغابره ان يرسموا بتلك الرقه؟ كيف تمكن اجلاف كانوا يصارعون الوحوش الكاسره بايديهم دون سلاح ان يبتكروا تلك الصوره المليئه بالحسن؟ كيف فعلوا لرسم تلك الخطوط الهوائيه التي تتحرر من الصخور وتنبثق نحو الفضاء الرحب؟ كيف امكن له ذلك؟"

"عندما لم يكن العراق قد صار عراقا بعد، ولدت هناك اولي الكلمات المكتوبه، تبدو مثل اثار طيور رسمتها ايد بارعه ، بقصبات مدببه علي الطين، النار التي شوت الطين حفظتها النار التي تقتل وتنقذ، تقتل وتمنح الحياه مثل الالهه، مثلنا بفضل النار مازالت الواح الطين تروي لنا حتي الان، ما روي قبل الاف السنين في تلك الاراضي التي بين نهرين".

"في ازمنتنا اطلق جورج دبليو بوش، بصفاقه سعيده ربما لقناعته بان الكتابه قد اخترعت في تكساس، حرب اباده ضد العراق وكان هناك الاف والاف الضحايا، ولم يكونوا اناسا من لحم وعظم فقط، بل جري اغتيال الكثير من الذاكره ايضا".