المحتوى الرئيسى

ياسمين حمدي تكتب: عندما تتخذ من فيتو كورليونى عراب لك | ساسة بوست

04/08 23:12

منذ 6 دقائق، 9 ابريل,2015

بعد اربعين عامًا يظل العراب فيتو كورليوني زعيم المافيا متربعًا علي عرش هوليوود, بل وانه اصبح عرابًا لكثير من نجوم هوليوود الذين دائمًا يجتهدون ليحذوا حذوه ليصنعوا اسطوره كاسطورته The Godfather.

ايّا كان ومهما اختلفت النظرات والرّؤي، لا يمكن ان تذكر افلام هوليوود الاسطوريه والتاريخيه المؤثّره دون ذكر ثلاثيه الفيلم العظيم، “العرّاب The Godfather”.

فلماذا كل هذه العظمه والهيبه التي تحيط الفيلم من اوله الي اخره؟ ولماذا اصبح “العراب” اسطوره هوليوود واحد افضل افلامها علي الاطلاق؟ وما هي الاشياء الفريده حقًّا في هذا الفيلم والتي ميّزته عن غيره وجعلته يفوز بجائزتي اوسكار لافضل فيلم عن جزئيه الاول والثاني ثم يترشّح للثالثه دون نيلها؟..

هي اسئله نحاول الاجابه عليها لفيلم قلّما نجد بمثل اتقانه وتاثيره وقوّته.

“العرّاب” باختصار هو فيلم يتكوّن من ثلاثه اجزاء، مبنيّ علي قصه روايه بنفس الاسم يتحدث عن تاريخ عائله “كورليوني (او اندوليني في الاساس)”، هذه العائله الايطاليه الاصل والتي تبدا رحله الفيلم معها بفرد واحد اسمه “فيتو” يسافر مجبرًا وهو صغير من قريته “كورليون” في ايطاليا الي مدينه “نيويورك” في امريكا بعد مقتل افراد عائلته علي يد الدّون المسيطر علي قريته. ويمضي الزمان شيئًا فشيئًا ليغدو هذا الفتي راس عائله “كورليوني” التي تعتبر احد اقوي العائلات الخمسه المسيطره علي ما يعرف بالمافيا الايطاليّه في امريكا اثناء عقود الاربعينات والخمسينات وما بعدها. ويتناول كلّ جزء من ثلاثيه الفيلم فتره زمنيه معينه من القصّه المليئه بالاحداث والمشاهد والتفاصيل.

لا اودّ ان اسرد احداث الفيلم وخطّه الزمني لاننا نتناول الفيلم تحليلًا عامًّا لا تلخيصًا.

بدايهً، دائمًا ما تترافق صوره “العرّاب” في ذهني مع صوره ممثّليه الرائعين، وهذا هو المحور الاول الذي ساتكلم عنه كسبب في عظمه الفيلم. اغلبيه الممثلين كانوا يستحقّون الاشاده والتقدير، فلم يتميّز فقط الممثّلون الرئيسيّون في اداء ادوارهم، بل برع كامل طاقم الفيلم باجزائه الثلاثه بشكل كبير, ولا ادلَّ علي ذلك من نيلهم 8 ترشيحات للاوسكار عن الجزئين الاوّلين فقط وترشيح عن الثالث (وهو رقم تاريخي كبير) في جائزتي افضل ممثل في دور رئيسي وافضل ممثل في دور مساعد (في اول جزء: مارلون براندو وال باتشينو وربيرت دوفال وجيمس كان.

وفي الثاني: ال باتشينو وروبرت دينيرو ومايكل جاتزو ولي ستراسبيرغ)، وقد فاز منهم عن الجزء الاول مارلون براندو، وعن الجزء الثاني دي نيرو، ممثّلين لشخصيه واحده هي “فيتو كورليوني” (كبيرًا وصغيرًا علي التوالي)، وهي الشخصيه الخياليه الوحيده التي ضمنت جائزتي اوسكار لممثّلين مختلفين في التاريخ. صحيح انّ الجزء الثالث لم يتحصّل علي اي ترشيح لممثل للاوسكار ما عدا اندي غارسيا (لجائزه افضل ممثل بدور مساعد)، لكنّني اعتقد ان الجزء الثالث قد ظلم كثيرًا في سلسله “العرّاب”.

حقيقهً، هناك بعض الافلام التي ياسرك فيها ممثّلوها لدرجه كبيره حتي تطغي احيانًا علي تقييمك لفكره الفيلم نفسها وقصته وتجعلك حيًّا ومنسجمًا معه تمامًا بممثّليه، و”العرّاب” هو احدها, واعلام هوليوود السينمائيه، مارلون براندو وال باتشينو وروبرت دي نيرو. هذه اسماء لا يمكن باي صوره ان تمرّ دون وقفه متمعّنه متفحّصه لما قدّموه من اداء خرافيّ ممتع اخّاذ.

الان ربما قائمه اشدّ الشخصيات تاثيرًا وسحرًا وكاريزما في تاريخ شخصيات افلام هوليوود. انّ المشاهد يعرف حين يري مشاهد براندو في الجزء الاول للفيلم انّه امام قطع فنّيه جميله صنعها فنّان يعتبره الكثير من النقّاد السينمائيين اعظم ممثل مرّ في تاريخ السينما. ويكفيك ان تشاهد الجزء الاول من الفيلم لتعرف انّ هكذا تمثيل بكاريزما وقوه شخصيه واتقان يستحقّ جائزه الاوسكار عن كل جداره واستحقاق.

وامام كل هذا الاتقان والمهاره من قبل مارلون براندو في تمثيل شخصيه “فيتو كورليوني”، كان لدي روبرت دي نيرو مهمه صعبه جدًا اظنّ انّ المعظم لم يتوقّع تمكّنه من تحقيقها، وهي مضاهاه تمثيل العملاق براندو حين يتقمّص دور “فيتو كورليوني” وهو صغير، لكنّه نجح رغم كل شيء.

ولقد وجدت انّ هذا الامر غير مقدّر ولا يذكر بالشكل الكافي من قبل الاوساط السينمائيه النّقديه، فصحيح ان معظمهم يسلّمون باحقّيته بالاوسكار وتمثيله الرائع، الا انّهم لا يذكرون صعوبه المهمّه التي كانت امامه وانه انجز شيئًا كان يعتبر شبه مستحيل بعد سنتين من تمثيل تاريخي لبراندو في الجزء الاول. لقد فعل دي نيرو شيئًا عظيمًا حين قاربَ (وان لم يصل تمامًا) مستوي براندو في تمثيل شخصيه “فيتو” الشابّ ومحاكاه عمق الشخصيه وتركيبها المعقّد من خلال الاحداث المتعاقبه التي مرّت عليها.

ال باتشينو، وهو الذي تُعتبر الشخصيه التي يمثّلها محور الفيلم الرئيسي وقضيته الاساسيه، فقد كان عظيمًا برايي هو الاخر، ومن المعروف ان “العرّاب” كان نقطه تحول رئيسيه في تاريخ ال باتشينو كممثّل، فقد اصبح ممثلًا اخر بعد هذه التجربه المميزه. ال باتيشنو ترشّح للاوسكار عن الجزئين الاول والثاني دون الثالث (وان كنت اري انّه استحق الترشح في الثلاثه والفوز في احداها علي الاقل)، وعمل عملًا جبّارًا في محاوله تقمّص الدور الرئيسي الثقيل جدًّا بصوره مثاليه، وقد اضفي بكل تاكيد طابعًا خاصًّا من خلال وجوده بكاريزما غير عاديّه مطلوبه حتي وهو صامت دون كلام، ومظهره الموحي بالذكاء والحكمه والدهاء، وهو ما احتاجته شخصيه “الدّون كورليوني” وبالذات “الدون مايكل”، لانّ كل حركه تحسب للشخصيه الرئيسيه في اي فيلم.

بنظري، كان اختيارًا موفقًا جدًّا من قبل المخرج كوبولا، وما زلت للان لا اتخيل اي شخص مكان ال باتشينو في هذا الدور (كما افعل مع براندو في دوره ايضًا).

براندو ودينيرو وباتشينو كانوا عظماء في تمثيل ادوارهم واي عظمه, ولكنّني لن انسي هنا ذكر بعض الممثلين الاخرين الذين ابدعوا واستحقوا الاشاده والتقدير بكل تاكيد.

من هؤلاء اذكر (روبرت دوفال) ذا التمثيل الهادئ الرزين صاحب دور محامي العائله وابنها المتبنّي والمخلص لها، وقد كان لروبرت مساهمه فعّاله في روعه الجزئين الاول والثاني بالتاكيد (وكان ينتظر له دور مهم جدًّا في الثالث لولا اختلافه مع شركه الانتاج).

اذكر كذلك (جيمس كان) بتمثيله لدور الابن الطائش العصبيّ المخلص المحبّ لعائلته حبًّا اعمي. مايكل جاتزو ايضًا كان ممثّلا عظيمًا في الجزء الثاني من السلسله (وربّ ضاره نافعه! فقد جاءت الحاجه لمايكل فقط بعد عدم الاتفاق مع الممثل ريتشارد كاستيلانو لمتابعه اداء دور “كليمينزا”)، فقد ضاهي مايكل برايي حتي تمثيل براندو ودينيرو وباتشينو في ظهوره المهمّ والمميز في الجزء الثاني، وتمثيله الذي اتقن الدور دون تصنّع. وكذلك لي ستراسبيرغ صاحب شخصيه “هايمن روث” عدو الدّون “مايكل” وتاليا شاير (بدور “كوني”) وديانا كيتون (بدور “كاي”) وريتشارد كاستيلانو (“كليمينزا”) واندي غارسيا (بدور “فينسينت”).

كلهم كانوا رائعين في هذا الفيلم، وهم العنصر الاول والاساسي في جعله اسطوره وكلاسيكيه محفوظه ومحفوره عبر الازمان.

المحور الثاني في صنع عظمه “العرّاب” وتصنيفه كاسطوره، هو القصّه. وينقسم هذا المحور الي ثلاثه اجزاء فرعيه هي: سيناريو القصه واحداثها، وعمق وتطوّر شخصياتها، وربط المشاهد بها عاطفيًّا ونفسيًّا. فمن المعروف ان فيلمًا بممثّلين ولو كانوا اساطير لن ينجح بدون قصّه بحبكه جيّده وحدّ ادني من عمق الشخصيات وتطورها مع تطور الاحداث، فما بالك حين يكون لديك فيلم بهكذا ممثّلين وبقصه وحبكه مثيره وعمق شخوص مصمّم بطريقه جميله جدًّا يتعلّق بها المشاهد؟!

القصه كانت بالاساس من كتابه الروائي ماريو بوتزو ثم جاء كوبولا المخرج واعاد مع ماريو تكييفها لتصبح سيناريو للجزء الاول ونصف الثاني، وتمت كتابه نصف الثاني الاخر والجزء الثالث للفيلم خصّيصًا لاحقًا (تمّ اقتباس بعض احداث الجزء الثالث من روايات اخري لاحقه لروايات اخري لاحقه لكاتب مختلف مثل “العرّاب يعود” لمارك وينجاردنر)، وقد نال الفيلم بجزئيه الاول والثاني جائزتي اوسكار لافضل سيناريو فيلم لعامين مختلفين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل