المحتوى الرئيسى

حوار- الأثري الإيطالي فرانشيسكو تيرادريتى: لوحتكم الفرعونية العظيمة مزيّفة..وهذه هي الأدلة

04/07 04:14

زحمه – حوار خاص مع الاثري الايطالي الذي اعلن ان احدي اهم اللوحات الفرعونيه المصريه  ”اوزّات ميدوم” هي  لوحه مزيفه رسمت في القرن التاسع عشر علي يد الرسام والاثري  الايطالي لويجي فاسالي.

في الاول من ابريل  الجاري اعلن الاثري الايطالي فرانشيسكو تيرادريتي  ان احدي  اروع القطع الاثريه المصريه “اوزّات ميدوم”  ليست اصليه وليست فرعونيه،  بل رسمها احد الفنانين في القرن التاسع عشر،  هو  لويجي فاسالي الذي يفترض انه “اكتشف” اللوحه   في مقبره زوجه  نفر ماعت في منطقه ميدوم “بني سويف الحاليه” عام 1871م. ولكن فرانشيسكو يقول ان فاسالي رسم اللوحه ولم يكتشفها. مما اثار  ردود  افعال واسعه  ومصدومه  في مصر والعالم. فاللوحه   التي اعتبرت لسنوات طوال رمزا للفن المصري القديم قد  اصبحت محل شك بين الاوساط العلميه.

لوحه “اوزات ميدوم” المعروضه  في المتحف المصري تظهر 6 اوزات  من 3 انواع تتجه الي زوايا مختلفه  وتتميز بالوانها الزاهيه وتعد احدي اهم لوحات الفن المصري القديم

زحمه دوت كوم” اجرت حوارا عبر البريد الالكتروني  مع فرانشيسكو تيرادريتي، الاثري الايطالي الذي اُثار كل هذا الجدل، وهو ايضا  رئيس البعثه الاستكشافيه الايطاليه في الاقصر والاستاذ المساعد لعلم المصريات في جامعه “كور” الايطاليه، في محاوله لفهم الادله التي طرحها وفتح باب للنقاش حول الموضوع.

اجري الحوار   –  محمد علي الدين

زحمه:  متي ثارت لديك الشكوك حول صحه واصاله لوحه ” اوزّات ميدوم”؟ ومتي  شعرت انك  متاكد ان اللوحه مزيفه؟

تيرادريتي: بدات اتشكك في اصاله اللوحه عندما اجريت بعض الابحاث علي فصائل الطيور المرسومه في اللوحه. ووجدت ان اربعه من سته طيور متطابقه تماما مع اوزات “تايجا” و”توندارا” التي تصل فقط الي شمال اوروبا وسواحل بحر ايجه في تركيا. تاكدت من ان اللوحه ليست اصليه مؤخرا عندما زرت المتحف المصري في القاهره خلال يناير الماضي.

زحمه: لماذا قررت ان تكشف عن هذا الامر الان؟

تيرادريتي: توصلت الي دليل متماسك فقط خلال الشهرين الماضيين. والسبب الذي دفعني للاعلان عن الاكتشاف في صحيفه “جرنال دي ارت” الايطاليه انني شعرت بضروره ان نبدا نقاشا مع الزملاء حول الموضوع. ظهور شكوك حول اصاله واحده من روائع الفن المصري يعد فرصه مناسبه كي ننظر بشكل افضل وبطريقه مختلفه لما تراه اعيننا من قطع اثريه.

زحمه: طرح شكوك حول اصاله لوحه اعتبرت لسنوات طويله عملا فريدا ورائعا  هو امر غايه في الصعوبه.. كيف شعرت حيال ذلك؟

تيرادريتي : لقد كان امرا مؤلما. ورغم ان المقال المنشور في صحيفه “جرنال دي ارت” كان قصيرا الا انني قضيت اسابيع لكتابته ومراجعته. طرح شكوك حول اصاله لوحه “ميدوم” كان بالنسبه لي اعلان نهايه خرافه. كنت دائما اعتبر تلك اللوحه “اروع” اعمال الفن المصري، وكنت اشعر بالاعجاب والحب تجاهها.

في كل مره تسمح لي الظروف بزياره المتحف المصري كنت امر من امام لوحه “ميدوم” لاعبر عن اعجابي بتلك الاوزات. طرح الشكوك  حول تلك اللوحه يعني بالنسبه لي انني كنت ايضا مخطئا. لقد استخدمت اللوحه ضمن الكثير من اعمالي، كما انني طلبت استخدامها كـ”شعار” لمعرض “كيمت” لاثار ما قبل التاريخ والتاريخ المصري المبكر  الذي نظمته في مدينه رافينا الايطاليه عام 1998.

زحمه:  ما الادله التي جمعتها لتقرر ان لوحه “ميدوم” ليست اصليه؟ وكم من الوقت احتاج الامر لاثبات ذلك؟

تيرادريتي: اكتشفت في الماضي بعض العيوب في لوحه “ميدوم” لكنني كنت دائما ارجع ذلك الي حقيقه انني امام اروع عمل فني في التاريخ المصري، ولهذا السبب قبلت فكره ان يكون مختلفا عن باقي الانتاج الفني المصري. لكن بعد شهور عديده من البحث استطعت ان اجمع خلالها عشرات المناقشات حول اصاله لوحه “ميدوم”. يمكنني ان اشير الي تقنيه رسم اللوحه، والالوان، والابعاد الكبيره لاثنين من الاوزات علي اطراف اللوحه مقارنه ببقيه الاوزات.

زحمه: هل هناك اي ادله اخري تشير الي ان لوحه “ميدوم” غير اصليه؟

تيرادريتي: يمكننا جمع باقي الادله من خلال قصه اكتشاف لوحه “ميدوم”. وسنجد ان عالم المصريات الفرنسي اوجوست مارييت اشار في كتابه “المصطبه” الي لوحه “اوزات ميدوم”، كما ان اللوحه ظهرت في نسخه عام 1874 من “دليل زوار متحف بولاق”. وقد وصفت مطبوعه اخري التقنيه المستخدمه في رسم اللوحه بـ”الغواش” او الرسم بالالوان المائيه، وهي تقنيه لم تستخدم الا في القرن التاسع عشر.

الحاله الجيده التي تظهر بها اللوحه لا تتناسب مع كونها لوحه نزعت من احد الجدران. كما انها تبدو مختلفه بشكل ملاحظ عن بقايا اللوحات الاخري التي اخذت من معبد “اتيت” (زوجه الامير نفر ماعت) ومعروضه الان في المتحف المصري بالقاهره وفي جميع انحاء العالم.

زحمه:  هل قام “ لويجي فاسالي ” المفترض انه المسئول عن ازاله اللوحه من مقبره الامير نفر ماعت، باعاده رسم لوحه كانت موجوده اصلا ام انه رسم لوحه جديده تماما؟

تيرادريتي: هذا السؤال لن يجيب عليه الا التحليل العلمي للوحه. ااثار الرسومات والاشكال التي تظهر اسفل خلفيه لوحه “ميدوم” – والتي يمكن رؤيتها حتي الان – تقودنا الي الاعتقاد ان فاسالي استخدم الجزء السفلي من لوحه تصور منطقه زراعيه وعليها كتابات هيروغليفيه كقاعده للوحته التي رسمها.

زحمه: لماذا اقدم فاسالي علي هذا الامر؟

تيرادريتي: يمكنني فقط ان اخمن. لدينا الان مفهوم واضح للتزوير، وهو ما كان مختلفا تماما خلال القرن الماضي.  وعلي سبيل المثال تغيرت مواقفنا هذه الايام تجاه “ايملي جيليرون” واعماله في قصر “كنسوس” في كريت (اثري وفنان سويسري اكتشف العديد من الاثار القيمه بجزيره كريت لكن ثارت شكوك حول تزييفه لبعض الاعمال).

لا اعتقد ان فاسيلي رسم لوحه “ميدوم” ليخدع الناس، لكني اميل الي انه اراد ان يصنع عملا فنيا لعرضه في متحف بولاق حيث لم تكن هناك اعمال مشابهه.

زحمه: قدمت عددا من الادله تؤكد ان اللوحه غير اصليه.. اذا ما خطوتك القادمه؟

تيرادريتي: لقد خطوت تلك الخطوه اما الخطوه القادمه فليست لي. امل فقط ان يتبع زملائي هذا المسار وان يضعوا في اعتبارهم ان طرح الشكوك حول اصاله احد القطع الاثريه المصريه امر وارد وممكن.

زحمه: هل تلقيت اي تعليقات او ردود من وزاره الاثار المصريه؟

تيرادريتي: في 3 ابريل نشر موقع صحيفه “الاهرام” ان المتحف المصري وعلماء الاثار المصريين رفضوا نظريتي. توقعت ذلك، وهو امر جيد ان يكون هناك مناقشات مثاره حول الموضوع. طريقه الردود كانت تبدو غاضبه بعض الشيء، وانا اعتذر اذا شعر اي زميل مصري بالاهانه. انا لم اقصد ذلك واعتذر عن اي ازعاح سببته لهم.

تلقيت ايضا تعليقات من زملاء اخرين طرحوا علي المزيد من الاسئله وطلبوا توضيحات اكثر، وبعضهم طرح شكوكا حول نظريتي. بشكل عام الردود كاننت ايجابيه. الزملاء احبوا ما فعلته واتفقوا معي علي انه قد جاء وقت احداث تغييرات في مجال دراستنا. بدات ايضا في تلقي دعوات لالقاء محاضرات حول الموضوع.

قلت في مقابله مع صحيفه “جرنال دي ارت”: “في رايي اذا اردنا لعلم المصريات ان يصبح علما حقيقيا، فعلينا ان نمر بعمليه توثيق وتدقيق (للاثار)”. هل هذا يعني ان لدي المتاحف المصريه الكثير من القطع غير الاصليه؟ وكيف يمكن ان نبدا عمليات التدقيق؟

تيرادريتي: انا مقتنع بشده اننا في حاجه الي عمليه تدقيق للانتقال بعلم المصريات الي مجال الدراسه العلميه. والغرض من الاعلان عن عدم اصاله لوحه “ميدوم” هو التحذير والتنبيه من الوضع الحالي. واعتقد انه لابد من طرح الشكوك حول القطع المعروضه في المتاحف دون مصدر. وهذا لا يعني انها لابد ان تكون مزيفه. بالنسبه لي هي دعوه للتفكير بشكل افضل في القطع الموجوده امام اعيننا. وحلمي ان يلعب المصريون دورا بارزا في هذه المرحله الجديده. واتمني ان يحملوا في ايديهم تاريخ بلادهم ويجددوا طريقه دراسته.

مازال علماء المصريات يعتقدون ان “حاروا” كان شخصيه غامضه في التاريخ المصري القديم. الان بعد 20 سنه من عملك كرئيس للبعثه الاثريه الايطاليه في الاقصر.. ما الذي نعرفه عن هذا الرجل ودوره في التاريخ المصري؟

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل