المحتوى الرئيسى

تحليل : "الترحال السياسي" .. علامة سنغالية مسجّلة

04/06 14:43

"الترحال السياسي"، او التنقل من حزب الي حزب بحسب ما تمليه الظروف والاحوال  واتجاه هبوب رياح المصالح،  ظاهره قديمه جديده تطغي علي المشهد السياسي السنغالي حتي باتت سمه ملتصقه به تكاد لا تفارق طورا من اطواره، وتسهم في خلق حاله ضبابيه لدي الناخبين، يراها البعض طريقه لتعزيز صفوف الحزب بعناصر جديده، فيما يعتبرها البعض الاخر، محض

"اطلب منكم ، انتم الصحفيون الاحتفاظ جيدا بهذه التسجيلات (...)، افضّل ان اضع حدا لمسيرتي السياسيه علي مواصله العمل مع ماكي سال" الرئيس الحالي.. بهذه الكلمات تحدث سيتور ندور اثناء برنامج إذاعي يعود تاريخه الي عام 2011، حين تخلي عن ماكي سال للالتحاق بصف عبد الله واد، رئيس البلاد حينذاك.

 اليوم، اتّخذ هذا التسجيل ابعادا اخري، وذلك بعد التحاق ندور بالتحالف من اجل الجمهوريه، الحزب الحاكم بقياده ماكي سال بتاريخ 27 مارس/اذار الماضي، في حركه تحيل الي حد بعيد علي الظاهره التي تميز الاوساط السياسيه السنغاليه، والمتمثله في انتقال السياسيين من حزب الي اخر، دون ابداء اي حرج في ذلك.

مودي نيانغ خبير سياسي سنغالي يقول بشان هذا الموضوع للاناضول: "في السنغال، حين ينتقل الحكم الي شق دون اخر، يقوم رجال و نساء السلطه المهزومين بتغيير مبادئهم ويلتحقون دون ورع الي صف الفائزين"، مشيرا الي انّ هذه الظاهره ادّت الي بروز السنغال في قاموس اللغه الفرنسيه "لاروس" نسخه 2012، بعد ان وردت في صفحاته صفه "المرتحل"، وهي عباره سنغاليه، تعني، من يغادره حزبه الاصلي ليلتحق بحزب اخر".

  من جهته، راي المؤرخ عثمان ديون انّ ظاهره الترحال السياسي ليس امرا مستجدّا في المشهد السياسي السنغالي، اذ تعود اول حادثه من هذا الصنف الي عام 1982، وذلك اثر التحاق 8 نوّاب من الحزب الديمقراطي السنغالي، بالحزب الاشتراكي لعبدو ضيوف.

وزادت زاويه هذا التوجه حده اثر وصول عبد الله واد الي السلطه في عام 2000 ، حين غادر "اكثر من 50 من كبار الشخصيات في النظام الحاكم، ومن ضمنهم وزراء مثل اندري سونكو و الحسين ديالي نداي و عبد الرحمان سوو، الي الحزب الاشتراكي، والتحقوا بواد الذي ساهم بشكل كبير في تسطيح مساله الترحال السياسي".

وخلال الحمله الانتخابيه لـ 2012، ندّد الرئيس السنغالي الحالي بظاهره الترحال السياسي، والتي اعتبرها: "مرضا ينخر النظام السياسي". امّا اليوم، وبعد ان وصل الي اعلي هرم في السلطه، لم يتوان سال عن فتح ابواب حزبه امام العديد من "المرتحلين"، بينهم وزراء سابقون وعلي راسهم اوا ندياي.

ويلجا بعض رجال السياسه ممّن يرغبون في "التلطيف" من اثر انتقالهم من شقّ لاخر، والتصدّي لسيل الانتقادات الذي من المحتمل ان يتعرضوا له بسبب ذلك، الي انشاء حزب ظرفي عقب استقالتهم من حزبهم الكبير، ومن ثم الذوبان في الحزب الذي ينتمي اليه حاكم البلاد الجديد، وهي طريقه لجا اليها كلّ من سيتور ندور وعبدو فال. سيناريو اصبح متداولا ومعروفا في السنغال، من ذلك اعلان رئيس حكومة عبد الله واد، سليمان نديني نداي، قرب انشائه لحزبه الخاص الذي لن يمثل سوي "سرداب" للدخول الي الحزب الحاكم، التحالف من اجل الجمهوريه بحسب عده مراقبين، علي الرغم من تطمينات نداي بانّه سيقدم ترشحه للانتخابات الرئاسيه القادمه.

ولا ينظر المواطن العادي في السنغال بعين الرضا الي ظاهره الترحال السياسي، حيث استنكر سامابا ندوي، وهو طالب شاب، هذه الظاهره التي تحدّث عن ممارسيها بطريقه كاريكاتوريه مشبّها اياهم بـ "الماشيه التي تهيم بحسب مصالحها".

موقف الطالب الشاب، علي حدّته، تتقاسمه معه اطياف واسعه من الشعب السنغالي، الذين يشعرون بالاحباط حيال الظاهره، ومن بين هؤلاء راماتا سوو، الموظّفه  بقطاع التربيه،  حيث تقول، في تصريح للاناضول، انّ "المصالح الشخصيه اخذت مكان الايديولوجيا التي تشكل اساس النضال، حتي لم يعد للسياسيين اي ذره من  الكرامه"، لافته الي انّ الحافز الوحيد الذي يدفع بهؤلاء الساسه للقيام بذلك، لا يتجاوز الافلات من التتبّعات القضائيه او الحصول علي منصب كبير صلب الدوله.

ومن جانبه، يعتبر عبدو فال، عضو سابق بالحزب الديمقراطي السنغالي الذي اصبح من مناصري "ماكي سال" ان تسميه هذه الظاهره بـ "الترحال السياسي" لا تستقيم، مهما كان الاحساس الذي تولده لدينا ومقاربتنا لها"، مشيرا الي انّ تحالفه مع الشقّ الرئاسي لا تحرّكه "ايّ مصلحه سوي تلك المرتبطه بمشروع التنميه الذي اطلقه ماكي سال لفائده السنغال".

اما المحلّل السياسي السنغالي، سايدو فال، فيذهب في الاتجاه نفسه قائلا انّ ظاهره الترحال السياسي تتميز بالتعقيد، وانّه "لا يمكن لحزب سياسي ان يغلق ابوابه امام منخرطين جدد، لانّ تعزيز الصفوف يشكّل رغبه اي حزب طموح يتهيا لخوض الانتخابات"، مؤكدا ان "لكل فرد الحق في تغيير موقفه".

في المقابل، يحذر فال من ان "الترحال السياسي لكبار المسؤولين لا يمثل ضمانا للفوز بالانتخابات الرئاسيه"، وهو راي يشاركه فيه باباكار غاي، الناطق باسم الحزب الديمقراطي السنغالي، الحزب الذي مر بتجربه الترحال السياسي في مناسبتين، حيث قال للاناضول: "اذا لم يتكفل القاده السياسيون بمقاومه الترحال السياسي باثناء من يسعون الي المس من سمعه السياسه، فان المواطنين هم من سيقومون بذلك بانفسهم بمعاقبه من يشجع علي هذه الظاهره ومن يستفيد منها".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل