المحتوى الرئيسى

الانقلاب السعودى.. وخطايا الأمير بندر | المصري اليوم

04/05 23:41

القياده السعوديه الجديده ادركت انها تواجه من الازمات ما لم تواجهه المملكه في تاريخها. الملك كان شريكاً في صنع القرار لقرابه خمسين عاماً، ويدرك مدي الحاجه لتبنّي استراتيجيه للردع الامني والدفاعي، وربما التكشير عن الانياب، قبل تحول تحديات الاقليم الي حصارٍ للمملكه، هيكلته للسلطه عكست ذلك.. محمد بن نايف، وزير الداخلية، ولي ولي العهد، نائب ثان لرئيس الوزراء، رئيس للمجلس السياسي والامني. محمد بن سلمان وزير الدفاع، رئيس للديوان، مستشار للملك، رئيس للمجلس الاقتصادي. واثنان من قيادات الداخليه «خالد الحمدان» رئيس للمخابرات، و«سعد الجابري» وزير دولة وعضو بمجلسي الوزراء والشؤون السياسيه.. عمليه تجميع للسلطه.. تُغَلِب روح الشباب، والبعدين الامني والدفاعي، ولو علي حساب الخبره، ما بشر بتغيرات محوريه علي السياسة الخارجية والياتها.

«داعش» و«القاعده» علي الحدود الشماليه، والهجمات علي المراكز الحدوديه ومحاولات التسلل- تعكس قدر الاستهداف. مد المنطقه العازله لـ20 كيلومترا، وتعزيزها بسياج امني وتقنيات متطوره، تسمح بالرصد، والانذار المبكر، لكنها لا تُبعِد المخاطر.. الولايات المتحده تماطل، لترسيخ تواجدها بالمنطقه، وتخطط لثلاث سنوات من المواجهه، تتخللها عمليات امداد لـ«داعش» بالاسلحه والمؤن، بدعوي «اخطاء لوجيستيه!!».. الحدود الشماليه تتعرض لتهديدات جديه.

وعلي الحدود الجنوبيه تمدد الحوثيون.. نموذج مثالي لانعدام البصيره، وسوء التعامل، فمنذ 2001 حتي مغادرته السلطه 2011، شن عليهم الرئيس صالح ست حروب، ثم تحالف معهم مؤخراً املاً في العوده!! نوفمبر 2009 هاجموا قريه الخوبه السعوديه، وكبدوا الجيش 500 شهيد وجريح، بعدها باربع سنوات كشف ديفيد هيرست في الجارديان عن استقبال الامير بندر لصالح هبره، رئيس المجلس السياسي الحوثي بالرياض، سعياً لتوظيف الحوثيين في مواجهه الاخوان، وحرس الحدود غض البصر عن تهريب الاسلحه لهم.. الحوثيون اجتاحوا المقر التاريخي لعبدالله الاحمر، زعيم حاشد الراحل بعمران فبراير 2014.. ما دعا مشايخ القبائل لاجتماع فوري بقاعه ابوللو بصنعاء لبحث تشكيل جيش شعبي لمواجهتهم.. لكنهم اجتاحوا صنعاء 21 سبتمبر، وفرضوا اتفاق السلم والشراكه.. باركته المملكه!! والتقي سعود الفيصل في اليوم التالي بنظيره الايراني بنيويورك، بعدها هاجموا مقر الرئاسه، فاستقال الرئيس. اصدروا الاعلان الدستوري، وحلوا البرلمان، ومكنوا لجنتهم «الثوريه» من قياده البلاد، السعوديه شددت علي سرعه الانتهاء من الجدار الحدودي الخرساني المكهرب بطول 2000 كيلومتر وارتفاع ثلاثه امتار المزود بانظمه رصد الكترونيه!!.. استراتيجيه «ماجينو» بنتائجها الكارثيه.

الحوثيون مشروع ايراني، وظفتهم لتؤكد للغرب انها القوه الاقليميه المتحكمه في مضيقي هرمز وباب المندب، دعما لموقفها في مفاوضات لوزان، زودتهم بالسلاح، وعدتهم بتوفير المواد البتروليه، واوفدت الخبراء والفنيين لدعم المرافق والخدمات، وحثتهم علي سرعه دخول عدن لحسم صراع السلطه، الحوثيون بداوا مناورات عسكريه بمنطقه كتاف بمحافظه صعده 12 مارس الماضي. محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي، وصفها بانها (رساله ساخنه للسعوديه وللحكام العرب)، ولاول مره منذ 1979 انتظمت رحلتان للطيران الايراني يومياً لصنعاء لنقل الامدادات والاسلحه والخبراء، لاحكام السيطره علي اليمن.. ما فرض الانقلاب السعودي علي السياسات والجنوح للخيار العسكري!

السعوديه لم تبلغ واشنطن بعمليه «عَاصِفَه الحَزْمِ» الا بعد قيام الطائرات بشن غارتها الاولي. الجنرال لويد اوستين، قائد القياده المركزيه للجيش الامريكي، اكد ذلك بمراره امام مجلس الشيوخ، لكن البيت الابيض ابتلع الاجراء، واعتبره هديه تدعم موقفه، وتقوض موقف ايران، في مفاوضات لوزان.. واشنطن دعمت التحرك السعودي، وشكلت خليه تنسيق مع التحالف السعودي من ١٢ عسكرياً، وتعليمات بتقديم مساعدات لوجيستيه ومخابراتيه، ودراسه تزويدها بطائرات «اواكس» للانذار المبكر، وتزود بالوقود، اي اجراء امريكي مخالف كان يعني تفكك التحالف ضد «داعش»، وفشل التصدي للقاعده في اليمن والجزيره العربيه، والايحاء بتاييد وصول الميليشيات المسلحه للسلطه، بما له من انعكاسات علي الجماعات المسلحه بالمنطقه.

التصرف السعودي لم ينطلق من ادراكها طبيعه التامر الامريكي لاسقاط الانظمه التقليديه 2011، واثاره الفوضي والمشكلات والحروب الطائفيه لتفتيت المنطقه، واشاعه الكراهيه بين شعوبها، وانما لرصدها التسهيلات غير المسبوقه التي قدمها الرئيس هادي لامريكا لمحاربه «القاعده»، وبمجرد استيلاء الحوثيين علي صنعاء تواصلت معهم.. مايكل فيجرز، وكيل وزارة الدفاع لشؤون المخابرات، اكد وجود «تعاون مخابراتي مع الحوثيين ضد القاعده».. جوش ارنست، المتحدث باسم البيت الابيض، كشف «ان جماعه الحوثي سهلت نقل المعلومات عن القاعده، بعد احجام المسؤولين السابقين عن تزويد المخابرات الامريكيه بالمعلومات الضروريه لنجاح عمليات الطائرات بدون طيار في اليمن!!»، واوباما اكد صراحه: «تربطنا علاقه قويه بجماعه الحوثي، وابرمنا اتفاقا امنيا لمكافحه الارهاب، وعلي ضوئه قدمنا دعما سخيا للجماعه، وزودناهم بـ12طائره دون طيار».. جون ماكين، رئيس لجنه الدفاع بمجلس الشيوخ، وصف شن «عاصفه الحزم» دون تنسيق مع واشنطن بانه يعكس فقدان السعوديه ودول التحالف الثقه باداره اوباما.

الحرب الجويه لا تحسم مواجهات.. مهما بلغت قوه القصف ودقته.. السعوديه تدرك ذلك، وتتحسب له.. اعتمادها الرئيسي علي القبائل اليمنيه التي تلعب دوراً سياسياً مهماً، يتراجع مع قوه الدوله، ويتصاعد مع ضعفها.. تصدرت الصفوف ابان ثوره فبراير 2011، رغم تحالفها مع صالح، شاركت بفاعليه في الحوار الوطني، وعادت لدورها في دعم السلطه ضدّ التمرّد الحوثي.. منذ سيطر الحوثيون علي صنعاء، والسعوديه تعكف علي ترتيب تحالفاتها القبليه، المخابرات السعوديه زودتهم بالتمويل ووسائل الاتصالات، وحرس الحدود بالتعاون مع قيادات عسكريه يمنيه مواليه ادخل كميات كبيره من رشاشات الكلاشينكوف الروسيه، وصواريخ «سام7» المضاده للطائرات، تم تسليمها لقبائل مارب المعارضه للحركه.. المعارك التي اندلعت اخيراً بمناطق القبائل اكدت حصولها علي ترسانات اسلحه لم تكن لديها من قبل، ما يشكل تطورا نوعياً في قدراتها.. قبائل بني هلال اعلنت الحرب، قبائل العوالق اعدت 3 الاف مقاتل لحمايه شبوه، وقبائل يافع اعلنت استعدادها للمواجهه، قبائل الصبيحه استعادت مناطق كرش ومثلث جول مدرم بلحج، والشيخ عبدالله ناصر بلعيد يقود 15 الف مقاتل من قبائل شبوه وابين وحضرموت للدفاع عن الجنوب، في اطار تعهد وجهاء قبائل تعز ومارب والجوف وعدن والبيضا بدعم نظام هادي بعد سحب استقالته.

المؤسف.. ان زعماء القبائل يسعون لاستقطاب «القاعده» او تحييدها، استناداً لقناعتهم بان الكثير من عناصرها انضم للتنظيم بدوافع ماليه اكثر منها عقائديه، لذلك يضغطون بحرمانها من البيئه الحاضنه احياناً، وبالمواجهه احيانا اخري، وعمليه التفاوض لا تتوقف، اطلاق سراح عبدالله الخالدي القنصل السعودي في عدن المحتجز لديهم منذ مارس 2012، تدخل في هذا الاطار، وتؤكد ان «القاعده» اصبحت رقماً في المواجهه الشامله للحوثيين، باعتبارها جزءاً مما يسمي «السد الشافعي» الذي تسعي قبائل حضرموت لاقامته بتمويل من رجال اعمال باليمن والسعوديه.. خطيئه كبيره ستدفع المنطقه ثمنها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل