.. وتحرك المارد الأصفر!

بعد اقل من قرنين تحققت مقوله نابليون بونابرت: ويل للعالم.. لو تحرك المارد الاصفر.. فهل المارد الاصفر هذا يعني كل الشعوب الصفراء في شرق وجنوب شرق آسيا.. ام هو اليابان.. ام هو الصين؟!

علي اي حال نحن نتحدث من 30 عاماً عن النمور الآسيوية: هونج كونج، سنغافوره، تايوان، ثم انضم اليها: تايلاند، واندونيسيا، كوريا، فيتنام.. وربما كل ما كنا نطلق عليها من ايام الحرب العالمية الثانية: الهند الصينيه.. وحولها: منشوريا، وسيام، وكمبوديا.. وكلها تحولت الي اكبر مراكز صناعيه وتجاريه، وبالتالي قوي سياسيه.

<< واذا كان الشعب الياباني هو اول الشعوب الصفراء بروزاً.. فهل ننسي انها كانت اقوي من اشعل الحربين العالميتين الاولي والثانيه، وقبلهما عندما احتلت كوريا ومنشوريا بحثاً عن المعادن.. بل نزلت جيوشها في الصين، في اوائل وقبيل منتصف القرن العشرين وشبهها العالم وقال عنها انها هي المانيا الشرق.. اي اليابان.

واذا كانت اليابان هي التي شدت العالم الي الجنس الاصفر والي قدرته علي صنع المعجزات.. رغم انها بدات بالتقليد.. حتي تفوقت علي من قلدته: اوروبا وامريكا.. فان الصين الان هي هذا المارد الاصفر الذي تنبه الي خطورته وقدراته نابليون بونابرت.. والبدايه كانت من تايوان.

<< وتايوان هي فورموزا.. وهي جزيره في بحر الصين الجنوبي، مساحتها 36 الف كيلو متر مربع، سكانها الان حوالي 30 مليوناً وعاصمتها تايبيه.. هرب اليها الجنرال شيانج كاي شيك رئيس الصين، عندما انهزم امام الشيوعيين بقياده ماوتسي تونج عام 1949 ليتخذها قاعده للعوده الي الصين الام.. ولكنه بمعاونه امريكا حول فورموزا- تايوان بعد ذلك الي واحده من اكبر القوي الصناعيه.. واصبحت بذلك اول مثل لبدايات النمور الاسيويه.. واصبحت تنتج وتصدر كل شيء.. من الابره الي الصاروخ، فعلاً وليس مجرد اقوال.. وسيطرت تايوان علي الاسواق العالميه بفضل هذه السلع رخيصه الثمن مبهره الشكل بل المضمون، وكانت هي القدوه والمثل لكل من جاء بعدها، واذا كان النمر الاسيوي الاكبر وهو اليابان وقتها قد سيطر علي المنتجات كبيره الحجم، فان النمر الاسيوي التالي وهو تايوان فرض سيطرته علي سوق المنتجات صغيره الحجم من الترانزستور- هذا الراديو المعجزه- الي كل لعب الاطفال.. الي الملابس وكل ما يشد  عيون الكبار قبل الصغار، وللاسف تهكم البعض منا علي منتجات تايوان ربما بسبب تقليدها للمنتجات الكبري في العالم، وبالذات في اليابان.

<< وكان نجاح تايوان هو بدايه سطوه وظهور الكثير من النمور ومن ابرزها هونج كونج، (وهي ايضاً صينيه).. وحتي ظهر النمر الاكثر شهره الان ونقصد به سنغافوره (ومعظم سكانها من اصول صينيه ايضاً.. بل ان صانع معجزتها لي كوان يو.. من اصول صينيه ايضاً)!

واذا تتبعنا غيرها من النمور نجد معظمها من نتاج الجنس الاصفر.. وها هي نمور فرضت سيطرتها علي اسواق العالم.. حتي ما كان يعجز عن اطعام نفسه من كوريا بقسميها.. وفيتنام ايضاً بقسميها، قبل توحيدها علي يد الشيوعيين، وحتي بنجلاديش التي وصلت ملابسها الي كل البقاع هي واسندونيسيا وتايلاند والفلبين.

<< حقيقه تفوقت اليابان بمنتجاتها الثقيله واختراعاتها التي اعتمدت علي براعه العقليه اليابانيه التي تعتمد علي العمل الجمعي فصنعت ثالث اقوي اقتصاد في العالم بعد امريكا والمانيا.. ولكن باقي نمور الجنس الاصفر وان بدات بدايات صغيره مثل كوريا الجنوبية.. سرعان ما قفزت الي المنتجات الضخمه حتي صناعات الحديد والصلب وصناعات السفن.. ولكنها انطلقت اكثر نحو الصناعات العصريه، وبالذات الصناعات البتروكيماويه والالكترونيات.. وقفزت بها حتي سيطرت علي صناعات الكمبيوتر- وتوابعه- والتليفون المحمول وتوابعه بل ازاحت اكبر شركه للمحمول وهي نوكيا وتربعت هي علي العرش وبالذات سامسونج ومشتقاتها.. وها هي كوريا الجنوبيه- مثلاً تصبح ثاني اقوي دخل للمواطن في العالم.. بثاني اكبر اقتصاد فيه.

<< كل ذلك شيء.. ولكن التنين الاكبر- زعيم الجنس الاصفر نفسه- اي الصين كلام اخر.. واعتقد ان «نابليون» كان يقصد الصين عندما قال قولته التي صارت مذهباً: ويل للعالم.. ان تحرك المارد الاصفر.. او التنين الاصفر.. لانه اذا كانت هذه النمور الاسيويه قد حركت العالم وهي مجرد «نمور صغيره» اي جزر صغيره مثل تايوان وسنغافوره وهونج كونج.. فماذا يحدث للعالم لو تحرك التنين الاكبر نفسه.. اي الصين.