المحتوى الرئيسى

ريتشارد هاس.. وحروبه (الدينية)

04/04 16:11

اقرا ايضا: الحرائق الصغري اذ تصبح (حريقًا كبيرًا) كي نستطيع تمييز الاصوات من الضجيج الدوله الحديثه وشبكه العلاقات والرجال الاقوياء في انسب اوقات الحسره علي (الخلافه) طارق البشري وحديث من( اقصي المدينه)

عندما يتحدث ريتشارد هاس، فمن المهم جدا ان تسمع له وعندما يتحدث عن الشرق الأوسط فمن الضروري ان تنصت لما يقول.. وعندما يتحدث عن حروب دينيه واين..؟ في الشرق الاوسط.. فمن المحتم ان تهتم.. وتهتم جدا.. وسواء كان هذا الاهتمام سيزيدك هما وغما ام سيزيدك وعيا وعزما.. وانت حر في اختيارك!

من هو ريتشارد هاس؟ وما اهميه ما يقوله؟ ولماذا حرب طويله (ثلاثون عاما)؟

ريتشارد هاس من ابرز واخطر المفكرين السياسيين الامريكيين ويتميز هاس عن غيره بمشاركته في عمليه صنع القرار الامريكي في فترات مختلفه.. الامر الذي يميز افكاره ويطبعها بالواقعيه والقابليه للتطبيق.. وهو يؤمن باهميه قيام الولايات المتحده الامريكيه بدور قوي علي المسرح الدولي..

ولد هاس في بروكلين عام 1951 وحصل علي البكالوريوس في الادب والفلسفه من كليه (اوبرلين) والماجستير والدكتوراه في الفلسفه من جامعه اكسفورد.

شغل العديد من المناصب السياسيه والفكريه.. ولا تتعجبوا فالفكر والسياسه في امريكا توامين.. ويختلف فيها عن توامه السياسه و(الهمبكه) في بعض البلدان وفي بعض الرؤوس ايضا..

عمل في وزاره الدفاع لمده عام 1979 - 1980 وفي الخارجيه الامريكيه 4 اعوام 1981 - 1985.. وشغل منصب المساعد التشريعي في مجلس النواب الأمريكي. وشغل ايضاً مدير برامج الامن القومي وكبير الباحثين في مجلس العلاقات الخارجيه واستاذاً زائراً في الدراسات الدوليه بكليه هاميلتون وباحث اول في مؤسسه كارنيغي ومحاضرا في السياسه العامه بجامعه هارفارد.. وعين مديراً للتخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية 2001 الي 2003.. ويراس حالياً احد اهم مراكز الابحاث الامريكيه وهو مجلس العلاقات الخارجيه الذي تصدر عنه مجله فورين افيرز الشهيره.

الاسبوع الماضي ادلي بحديث هام لقناه سي ان ان عن الشرق الاوسط وقال فيه كلام خطير.. واعود لوصفه (بالواقعيه والتطبيق) قال بصرف النظر عما سيحصل في اليمن.. فالشرق الاوسط كله سيواجه (حربا دينيه) تشبه الحرب الدينية التي شهدتها اوروبا علي مدار 30 سنه ويمكن ان تطول اكثر.

قال ايضا سنشهد عقودا عديده من الصراعات داخل (حدود كل دوله) وخارجها.. الي جانب (حروب بالوكاله) تندلع كلها في ان واحد.. وهذه النيران لديها (الكثير من الحطب) القادر علي تغذيتها ويمكن لها بالتالي ان تستمر طويلا.. ولن نستطيع (يقصد امريكا) ان نقوم بفرض تسويه بقوه السلاح وقد تعلمنا من تجاربنا في العراق وافغانستان ان ملايين الجنود ربما يعجزون عن فرض تسويه.

قال ايضا ان تحرك السعوديه الاخير.. ينظر الي الامور بشكل اكبر اوسع.. وخاصه ما يتعلق بتنظيم داعش الذي يصف نفسه بانه (دوله اسلاميه) ما يعني ان محاولته الهجوم علي السعوديه والسيطره علي الحرمين مساله وقت لانهم يعتقدون انهم هم الدوله الاسلاميه الحقيقيه..

حرب الثلاثين عاما لمن لا يهتم بفهم التاريخ من اجل السياسه!!.. هي سلسله صراعات داميه مزقت اوروبا بين عامي (1618 _1648م) اندلعت في البدايه كصراع ديني بين (الكاثوليك والبروتستانت) وانتهت كصراع سياسي من اجل السيطره والنفوذ..

وانتهت الحرب بصلح (وستفاليا) الشهير عام 1648 م. الذي كان من اهم تداعياته (تحديد علاقه اوروبا بالدين) بالشكل العلماني القح الذي نراه الان من انتهاء العلاقه بين اللاهوت والعقل في اوروبا وترك الطريق الي محاولات العقل واجتهاداته غير معبد.. ولكن يمكن المرور فيه.. سيقوم علي المفكر الاوروبي علي عزت بيجوفيتش بتعبيد (طريق العقل بمفاهيم الاسلام).. سيتاخر العقل الاوروبي في استيعاب ذلك.. لكن مدرسه فرانكفورت (الفيلسوف هابر ماس) تبشر بان هذا الاستيعاب لن يتاخر طويلا.

وصلح وستفاليا لمن لا يهتم بفهم التاريخ من اجل السياسه!! 1648م انهي حرب الثلاثين عاماً في الامبراطوريه الرومانيه المقدسه وهو يعتبر اول اتفاق دبلوماسي في العصور الحديثة وهو تقريبا الذي رسم خريطه اوروبا السياسيه والجغرافيه. ستاتي حربان عالميتان تضيفان اضافات مهمه علي هذه الخريطه سياسيا وفكريا في القرن العشرين.. ابرزها انهيار الايديولوجيا (بالمفهوم الفلسفي الغربي) وقيام الاتحاد الاوروبي.

كلام ريتشارد هاس يقرا جيدا بمقاله هامه كان قد كتبها في يناير 2006 م.. توازت مع محاضره اكثر اهميه القاها برنارد لويس (المفكر العتيد.. شديد الكراهيه للاسلام والعرب) في اسرائيل قال فيها ما يبشرنا به ريتشارد هاس الان.. بعد عشر سنوات من تعاقب الليل والنهار علي المنطقه العربيه..!!

قال ان التيار الوهابي (السني) والايراني (الشيعي) سيتصارعان وسينهي صراعهما ما سماه بـ(الحقبه النابليونيه) وقال نفس الكلام عن التشابه مع حرب الثلاثين عاما في اوروبا بين الكاثوليك والبروتستانت.

الملفت في رؤيه لويس انه يبدا التحليل الاستشرافي من وصول نابوليون الي مصر اي منذ مائتي عام.. حيث صراع الهويات والافكار في العالم كله وحيث والصدام بين الاصاله والحداثه في المنطقه..

 تغيرت التحديات مع تغير الغرب نفسه بعد الحربين العالميتين.. ودخول امريكا قصور (السياسه والثقافه) في المنطقه!!..

وانتقلت افكار وابنيه المنطقه.. (النابوليونيه) الي الدوله الوطنيه.. واستمر الصراع الذي لم تغب عين اوروبا ولا امريكا عنه _ حتي كتابه هذه السطور _ بين التيارات الاصلاحيه الاسلاميه (الشعبيه) وبين التيارات الليبراليه واليساريه واضيفت اليهما الدوله الحديثه باجهزه العنف المقنن.. الذي استخدمته علي اشرس نطاق مؤيده من النخب الثقافيه _ الليبراليه واليساريه _ بعد فشلها المزري في الحركه بين الجماهير والناس العاديين.

ريتشارد هاس في (الفورين افيرز) عام 2006م توقع (نهايه الحقبه الامريكيه_ بالمفهوم الامبراطوري) وان هذه النهايه لن تعني انتهاء نفوذ واشنطن في الشرق الاوسط، كما قال: (ستستمر الولايات المتحده في التمتع بالنفوذ اكثر من اي قوه خارجيه اخري وما سيحصل هو تقليص نفوذها كما كان عليه).

قال ايضا في هذه المقاله ان امريكا ستعجز عن الحاق الهزيمه بـ(الروح الجهاديه العارمه) المتمثله بالتنظيمات الجهاديه.. بنفس درجه العجز والفشل في فرض الافكار السياسيه التي كانت النخبه الفكريه والسياسيه الامريكيه (المحافظون الجدد).. تحلم بتثبيتها في العالم الاسلامي انطلاقا من العراق.

 ثم نكوصها علي اعقابها واضطرارها الي اعاده احياء التحالف مع الديكتاتوريات القديمه الموجوده منذ عقود في المنطقه..)، وقال: ستكتفي امريكا بدور الاشراف واداره الصراعات الداخليه في المنطقه دون التدخل العسكري المباشر فيها الا عند الضروره.. سير الخطط الامريكيه المستقبليه سيتم بالتوافق المصلحي مع ايران.. المدهش انه دعا الي ضروره التفاهم مع الاسلاميين المؤمنين بالديمقراطيه.. هذا ما قاله هاس مما يقرب من عشر سنوات.

سنري الان ان امريكا تعتمد في السياسه علي طريقه ترك التفاعل الداخلي يستمر.. ثم الدخول علي الخط عند اقتراب هذا التفاعل من نهايته وتطويره لصالحها ومصالحها.. وتتولد حاله جديده تنشئ صراعا تتركه حتي اقتراب نهايته وتتدخل لتطويره لمصالحها.. وهكذا.

هل صحيح ان كل الامم والمجتمعات التي عرفت الانقسام السياسي والفكري والاجتماعي.. لم يتم فيها حسم هذا الصراع الا عبر حرب ودماء؟ (هكذا قالت لنا سرديات التاريخ كلها تقريبا)..

وهل ما نراه الان هو تكرار لهذه السرديه؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل