المحتوى الرئيسى

إرث أزمة الديون الأوروبية

04/04 13:09

تاخر اوروبا عن بلدان اسيويه

ما زال زعماء منطقة اليورو يناقشون افضل السبل لدفع النمو الاقتصادي، ويري قاده فرنسا وايطاليا ضروره تخفيف قيود "الميثاق المالي" للمنطقه.

في نفس الوقت، يواصل زعماء البلدان الشماليه في منطقه اليورو ممارسه الضغوط المطالبه بتنفيذ الاصلاح البنيوي بطريقه اكثر جديه.

في الظروف المثاليه، قد يكون بوسع كل من الجانبين تنفيذ رؤيته، لكن من الصعب ان نري نهايه مقبوله لا تنطوي علي اعاده هيكله او جدوله للديون بشكل كبير.

والواقع ان عجز ساسه اوروبا عن تصور هذا السيناريو يفرض عِبئاً كبيراً علي البنك المركزي الأوروبي.

ورغم التفسيرات العديده لتاخر تعافي منطقه اليورو، فمن الواضح ان الاعباء المترتبه علي الديون في كل من القطاعين العام والخاص تبدو ثقيله للغايه.

فاليوم اصبح اجمالي ديون الاسر والمؤسسات الماليه اعلي كثيراً كحصه من الدخل القومي مقارنه بما كان عليه قبل الازمه الماليه.

وارتفعت ديون الحكومه بشكل حاد، نظراً لعمليات انقاذ البنوك والهبوط الحاد في عائدات الضرائب نتيجه للركود.

صحيح ان اوروبا تصارع في الوقت نفسه الشيخوخه السكانيه. كما عانت بلدان منطقه اليورو الجنوبيه مثل ايطاليا واسبانيا من المنافسه المتصاعده من قِبَل الصين في مجال المنسوجات والصناعات التحويليه الخفيفه، لكن تماماً كما عملت طفره الائتمان قبل الازمه علي حجب المشاكل البنيويه الاساسيه، فان القيود الائتمانيه بعد الازمه كانت سبباً في تضخيم الجانب السلبي الي حد كبير.

ويري زعماء المانيا، وهناك بعض ما يبرر رؤيتهم هذه، انه اذا تبنت فرنسا وايطاليا اصلاحات مماثله فان التغييرات الناجمه عن هذا كفيله بتحقيق المعجزات بالنسبه للنمو البعيد المدي في هذين البلدين.

لكن ماذا عن البرتغال وايرلندا وخاصه اسبانيا، والتي اتخذت جميعها خطوات مهمه نحو الاصلاح منذ اندلاع الازمه؟

الواقع ان هذه البلدان لا تزال تعاني من معدلات بطاله مرتفعه للغايه في ظل نمو محتضر. وكما اوضح تقرير المراقبه الماليه الاخير الصادر عن صندوق النقد الدولي بما لا يدع مجالاً للشك، فان كل هذه البلدان لا تزال تعاني من مشاكل الديون الكبيره.

ان اعباء الديون المتراكمه تجعل البلدان تدور في حلقه مفرغه، ذلك ان الديون العامه والخاصه المرتفعه الي مستويات غير عاديه تقيد الخيارات المتاحه لاي بلد وترتبط بشكل لا جدال فيه بتباطؤ النمو، والذي بدوره يزيد من صعوبه الافلات من فخ الديون.

ومن الواضح ان حمله الربيع الماضي ضد كل من تجرا علي الاعراب عن قلقه ازاء التاثيرات الطويله الامد المترتبه علي الديون المرتفعه تجاهلت الكتابات الاكاديميه الجوهريه، تماماً كما تجاهلت معارضه حديثه مماثله لبحث توماس بيكيتي بشان التفاوت قدراً ضخماً من الادله.

صحيح انه ليس كل الديون متساويه، وان هناك حجه قويه لصالح اضافه المزيد منها اذا كان الغرض يتمثل في تمويل الاستثمارات العاليه الانتاجيه في مشاريع البنيه الاساسيه.

تاخر اوروبا عن بلدان اسيويه

وقد تاخرت اوروبا كثيراً عن العديد من البلدان الاسيويه في الجهود الراميه الي التوسع في تغطيه الانترنت الفائق السرعه. ولكن خارج بلدان الشمال، تعاني شبكات الكهرباء من التفاوت والانقسام، ولابد من دمجها.

والواقع ان رفع مستويات الديون بغرض تحقيق زياده كبيره في النمو الطويل الامد او ضمانه امر منطقي، وخاصه في بيئه تتسم بانخفاض اسعار الفائده الحقيقيه. وبوسعنا ان نسوق حجه مماثله لصالح الانفاق الذي يستهدف تحسين التعليم، علي سبيل المثال تحسين احوال جامعات اوروبا التي تعاني من نقص التمويل.

ولكن بعيداً عن الاستثمارات المعززه للنمو، تصبح الحجه لصالح المزيد من الحوافز اكثر دقه وتعقيدا.

قد زعم برادفورد ديلونغ ولاري سامرز ان الزيادات القصيره الاجل في الاقتراض من الممكن في اقتصاد مكبوت ان تسدد نفسها بنفسها، حتي ولو لم يعمل الانفاق علي زياده الامكانات الطويله الاجل بشكل مباشر. وفي المقابل يزعم البرتو اليسينا وسيلفيا ارداجان ان تدابير تثبيت استقرار الديون الموجهه نحو خفض حجم الحكومه قد تكون في واقع الامر توسعيه في حاله الاقتصاد الذي يعاني من حكومه ضخمه وغير فعّاله.

واعترف بانني دخيل علي هذه المناقشه. (فلم تظهر كلمه "تقشف" ولو مره واحده في كتابي الصادر عام 2009 الذي اشتركت في تاليفه مع كارمن راينهارت عن تاريخ الازمات الماليه). بيد انني اري في عموم الامر ان كلا الرايين متطرف. فبشكل عام، لا يمكن للتقشف المحض، ولا التحفيز الخام بما يتفق مع نظريات جون ماينارد كينز، ان يساعد البلدان في الافلات من فخ الديون المرتفعه. وعلي مر التاريخ، لعبت تدابير اخري مثل اعاده جدوله الديون والتضخم والعديد من اشكال الضرائب التي قد تفرض علي الثروه (مثل القمع المالي) دوراً كبيرا.

ومن الصعب ان نري كيف قد يتسني للبلدان الاوروبيه ان تتجنب الي ما لا نهايه اللجوء الي مجموعه ادوات الدين الكامل، وخاصه لاصلاح الاقتصادات الهشه الواقعه علي اطراف منطقه اليورو. والواقع ان ضمانه البنك المركزي الاوروبي التوسعيه، التي تمثلت في الوعد ببذل "كل ما يلزم"، ربما تكون كافيه للمساعده في تمويل قدر من الحوافز القصيره الاجل اكبر مما هو مسموح به حاليا، ولكن ضمانه البنك المركزي الاوروبي لن تحل مشاكل الاستدامه في الطويله الامد.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل