"العرائش" المغربية.. غنى التاريخ وجمال الجغرافيا
يختار ايهاب الحريزي التوقف بصحبه اسرته الصغيره، كلما كان عائدا الي مسقط راسه بالدارالبيضاء (شمال) من مدينه طنجه (اقصي الشمال الغربي)، بمدينه العرائش المطله علي المحيط الاطلسي.
وتجد طفلته ذات الخمس سنوات متعتها في اللعب بين ارجاء الساحه المطله علي مصب وادي اللوكوس، وميناء الصيد البحري بالمدينه.
ويقول الحريزي لوكاله الاناضول: "هذه الساحه هي اهم ما يجعلنا نتوقف كلما مررنا بالعرائش، فالمناظر الطبيعيه الخلابه، وهدوءها، يمنحني انا وزوجتي متعه خاصه، كما نلاحظ ان طفلتنا تستمتع باللعب والجري بها".
والساحه المحاطه باسوار عتيقه، تطل مباشره علي ميناء شيد علي ضفاف وادي اللكوس، وتحتفظ باحد المدافع القديمه التي استخدمت في الحروب بين مستعمري المدينه من برتغال واسبان، وبين الجيش والمجاهدين المغاربه.
ويضيف الحريزي: "صراحه تثير انتباهي البنايات التاريخيه بالساحه، لكني لم اجد بعد الفرصه للتعرف عليها، وما يجذبني اكثر هو جمالها وروعه المناظر التي نشاهد من خلالها".
محمد شكيب الفليلاح، الباحث في تاريخ المواقع العمرانيه، يقول للاناضول ان "ساحه دار المخزن تجمع بين مراحل متعدده من تاريخ المغرب، بدايه من العصر المريني (المرينيون حكموا المغرب من القرن الثالث عشر الي القرن الخامس عشر ميلادي) وانتهاء بالعصر العلوي (تحكم الاسره العلويه المغرب منذ سنه 1666 الي الان)".
وتحاط ساحه "دار المخزن" بعدد من البنايات التاريخيه، كحصن النصر وهو حصن يؤرخ لواقعه انتصار المغرب علي البرتغال في معركة وادي المخازن الشهيره بمعركه "الملوك الثلاث"، والتي وقعت علي مشارف العرائش في 1578م.
ويصف الفليلاح هذه المعركه بانها "كانت فارقه لجعل المدينه محط اهتمام ملوك الدوله المغربيه، حيث قرر السلطان احمد المنصور الذهبي تشييد هذا الحصن الذي تاثر بالعماره العسكريه في اوروبا".
وتطغي علي الحصن العماره الاوروبيه، ويميزه شكله المثلث الذي يضم خندقا يستخدم للحالات الطارئه، ويخضع حاليا للترميم.
بجانب الحصن يوجد قصر "كوماندانسيا" او "قصر الحاكم"، وبني في البدايات الاولي للاحتلال الاسباني للمدينه.
علي بعد خطوات يقع البرج اليهودي، الذي يرجح انه بني في الفتره الاولي للاحتلال الاسباني لمدينه العرائش سنه 1610، بحكم وجود شعار في اعلي البنايه يعود للملك الاسباني فيليب الثاني الذي حكم اسبانيا في بدايه، القرن السادس عشر، بحسب الفليلاح.
كان شكل البرج في الخرائط الاولي دائريا، وفيما بعد تغير شكله بسبب العلميات الكبري التي اجريت لتحصين المدينه ضد الغزوات الاجنبيه، وخلالها نزل السلطان احمد المنصور الذهبي بمدينه العرائش، واستقدم معه طبيبه الخاص الذي كان يدين باليهوديه، هذا الطبيب اتخد من البرج مقرا له فاطلق العامه عليه برج اليهودي.
وتحيط بساحه دار المخزن بقايا اسوار القرن الخامس عشر التي بينت في عهد سلطان الدوله الوطاسيه مولاي الشيخ الوطاسي، وكان هدفها تحصين حي القصبه من غارات الجيوش البرتغاليه، وصدهم اثر محاولتهم في واقعه المالحه التي عرفتها سواحل المدينه، وبفضل هذه الاسوار خاب امل الجيوش البرتغاليه، بحسب الفليلاح، لكنها تعيش حاليا في وضعيه متدهوره وتتطلب تدخلا عاجلا لحمايتها من الاندثار.
علي جنبات بقايا الاسوار التاريخيه يتواجد جامع الانوار الذي بنيت قواعده الاولي في عهد السلطان العلوي مولاي اسماعيل سنه 1689 .
وبعد دخول المستعمر الاسباني تم هدم المسجد بامر من الحاكم العام الذي حوله الي ساحه وضعت فيها نصب الجندي المجهول .
وبمجرد حصول المغرب علي استقلاله سنه 1956 امر الملك محمد الخامس باعاده بناء المسجد من جديد، وقام شخصيا بافتتاحه في زياره رسميه للمدينه .
ويلفت انتباه الزائر ايضا قوس الانوار، الذي يعود بنائه لبدايه الاربعينيات من القرن الماضي، وهو مبني من الطوب الاحمر، ويتخذ شكل الاقواس التي توجد حاليا باشبيليه وقرطبه في بلاد الاندلس.
Comments