المحتوى الرئيسى

"العشق على طريقتي".. ما بين المكاشفة والغموض

04/01 03:46

العشق على طريقتي.. حالة خاصة جداً من الكتابة تجعلك تقف فى حالة من الانتباه الفكري, تسلبك من صخب الحياة ومشقاتها لترمى بك إلى عالم روحي ونوراني.

للوهلة الأولى تتصور أن الكاتب قد أنتقل بك إلى حضرته الخاصة وأحواله الإيمانية التي لا تنتهي فى جو يشبه روحانيات المتصوفة وأحوالهم.. يخيل إليك أنك قد صعدت إلى رحاب السماوات العلا مخاطباً الحبيب العظيم الجليل , فى نشوة صوفية لا تنتهي ولكن بشيء من التدقيق والتركيز تكتشف أنك فى قلب الواقع الأليم, فالكاتب أختار أن يرمي بنفسه في معترك الأحداث الآنية ويواجه بشجاعة بالغة أحوال الأمة المصرية في الفترة الحالية .

وأختار أن يصرخ قلمه الرصين فى وجه الدين المبدل الذي أبعدنا كثيراً عن الدين المنزل, وما بين المبدل والمنزل كانت معركته الضروس, وما بين العشق والمعشوق كان المقال, وما بينه وبينه كان الحب والانتقال من حال إلى حال, ويبقى ما بيننا وبينه لأنه يحتاج منا لعقل متفتح ونفس حرة طليقة من القيود , ووجدان مؤمن عن حق , يحتاج لقارئ إنسان فقط إنسان أى كانت ديانته أو جنسيته أو موطنه فمحمد هزاع يكتب للإنسان على وجه البسيطة أينما كان موضعه .

يقولون أن الكاتب الصادق هو ابن بيئته أي يظل الكاتب متشبعا ببيئته الأولى فتشكل وجدانه وتفكيره معاً  وهزاع أثبت أنه ابن بيئته  (فى العشق على طريقتي ) فهو يصف لنا محمد ابن الطبقة الوسطى ابن مرحلة السبعينات تلك الحقبة التاريخية التي اختلف فيها وعليها .

فهو محب للمرحلة   الناصرية متشبع بأفكارها كاره إلى حد كبير للمرحلة الساداتي معللاً سبب بغضه لها , يبدأ معنا فى لقطة ذكية وهى لحظة هروبه من المظاهرة كي يدخل إلى ضريح سيدنا الحسين ليقابل الأخر الذي هو فى الأعم الأغلب الأنا لا يختلف عنه فى شيء ليبدأ ألحكي وما أروع ألحكي بسلاسة وسرعة خاطفة تجعلك تلهث وراء الأحداث المشوقة الغريبة فى بعض الأحيان ليبدأ محمد الثاني الذي هو محمد الأول فى سرد حكايته مع شيخه ( بقية الخير )وإن دل الاسم على شيء فإنما يدل على وعى من الكاتب بأن ما يأتي فى السرد على لسان هذا الشيخ هو بقية الخير الذي بقى للإنسانية جميعها .

لم ينفصل محمد هزاع عن جذوره سواء جذوره الاجتماعية أو السياسية أو حتى الإيمانية --- نعم --- فقد ظهر للجميع مدى حب الكاتب لأل بيت المصطفى – صلى الله عليه وسلم –وعشقه للحضرة والذكر وتعايشه الكامل معهما , فكل ما ورد من وصف صريح لأحوال المحبين فى حالات ذكرهم وأحوالهم ينم أن الكاتب استقى ما يكتب من جذوره الإيمانية السامقة والمتأصلة داخل وجدانه الثرى .

فهو يصف لنا ويتعمق فى الوصف لينقل لنا جذور الموضوعات مرات عن قصد ومرات أخرى يأتي الوصف مطابقاً للواقع     نتيجة صدق العبير .

غلبت السمة الإيمانية على مفردات الكاتب فى كثير من المواضع ونقاط الحوار كما أننا قد نقف أمام النص بدهشة بالغة فلا هو / رواية طويلة, ولا هو قصة قصيرة, بل هو صنف جديد من الأدب أطلق عليه الكاتب نفسه مسمى (سردية بلا تعريف )فى الصفحة رقم / 17 /

ولا أدرى هل أراد هذا المسمى حقاً أم أنه ترك لنا حرية الاختيار كي يصنف القارئ النص كل حسب فهمه ودرجة تقبله له (وهنا إشكالية جديرة بالبحث فى أدب محمد هزاع وطرحه) أيضاً اتسمت معظم شخصياته بالوضوح ورسم تفاصيلها ببراعة كاملة كي ينقلنا إلى بواطن الشخصية بسرعة فائقة وإن اتسمت بعض الشخصيات بالوضوح الشكلي الوصفي إلا أن بواطن هذه الشخصيات ظل فيه جزءا كبيرا من الأسرار والغموض فرضتها عليها طبيعة   التناول من قبل الكاتب فهناك السائل الدائم بوضوح تام الذي لا يكل ولا يمل من الاستفسار والنقاش والأخذ والرد وهو لسان حال الكاتب , وهناك المجيب الذي يرد ويتميز بسعة العلم والإلمام بكثير من ظواهر وبواطن الأمور , المختفي وراء عبارات تشبه إلى حد كبير عبارات المتصوفة التي تحمل أكثر من وجه فى التأويل ربما لطبيعة حال العاشق السابح فى ملكوت الله , كما هو الحال فى حواراته مع الشيخ بقية الخير .

كما اتسمت الكتابة بتوصيف الواقع السياسي المصري ففي سرعة ذكية يتنقل بنا الكاتب من حال العاشق إلى حال المواطن المهموم بقضايا الوطن الجريح وقد ظهر المضمون السياسي من الحوار فى صفحة / 25 / من الكتاب حينما أشار إلى خطاب الرئيس السادات عن (انتفاضة الحرامية) ليقص علينا خدمته فى الجيش المصري فى واحة سيوه ثم التحاقه وعمله كمراسل صحفي لعدد من كبريات الصحف العربية .

وأعتقد أن سمات الكتابة عند محمد هزاع الأديب البارع , الحكاء بدرجة امتياز والراوي أيضا بدرجة امتياز نظراً لسرعته الرائعة فى الحكى والتوصيف والانتقال من موضع إلى أخر ومن شخصية إلى أخرى ومن موضوع إلى الذي يليه بصورة تتحمل أكثر من وجه ومعنى ولا أجد توصيفاً للعشق على طريقتي أفضل مما جاء على لسان الشيخ والراوي عن موضوع الكتابة, ولا سيما الكتابة فى الدين حيث قال له الشيخ: (إن من يكتب فى الدين عموماً يفتح على نفسه أبواب جهنم , والعبرة ليست بكم كتاب تكتب ولكن العبرة بماذا تكتب, وكيف تكتب, ومتى تكتب ولمن تكتب , ولربما يكون كتاب واحد أهم وأكثر بركة من مكتبة بها ألف كتاب – ص 30) .

إن العبارات السابقة ما هي إلا منهاج حياة للكاتب والشاهد من القول أن محمد هزا الصحفي الذي صال وجال بقلمه لم يخرج لنا كتابه القيم هذا إلا بعد فترة كبيرة بحسابات الزمن وكبيرة أيضاً بحجم المخزون الإنساني والاجتماعي والسياسي الذي عاشه الكاتب، ولا أخفيكم سراً أنني قد احترت كثيراً فى توصيف هذا العمل الابداعى , هل هو شكل جديد لأدب السيرة الذاتية ولم يصرح الكاتب بذلك أم هو جنس أدبي فيه من أصول القصص مكتوب بروح شاعر طوافة للخلاص من كل مأسى ومشكلات الحياة فأتى العمل على هذا المنوال باستخدام لغة تشبه إلى حد كبير لغة الشعر الرومانسية حيناً والصادمة فى أحيان أخرى ؟

ولماذا وصفها الكاتب نفسه بأنها ( سردية بلا تعريف).

الحديث عن (الدين المنزل والدين المبدل – اللاسلكي الرباني – درس في الحضور – عالم الروح – الخلوة – عصا موسى... ألخ)

كلها عناوين تدل على حالة مختلفة وراقية ومباغتة من الكتابة يسيطر بها الكاتب على قارئه وكأنه يشده إليه شداً للاطلاع على مضمون الفقرات الشارحة لهذه العناوين التي نادراً ما نجدها عند القاص من ممتهني مهنة الكتابة ولاسيما أنه الكاتب الصحفي الذي له باع طويل مع الكلمة والحوار فالعناوين توحي بأننا أمام شيخ صاحب حال لا صحفي يكتب القصة والمقال وكأن لغة السرد فى القصة والمقال طوعت بشكل كامل لتخفى لنا شخصية الصحفي وتظهر لنا شخصية المحب صاحب الأحوال .

كما اتسمت الجمل القصيرة بالإضافة للبلاغة اللغوية بحكمة واضحة مثل مقولة (لا عقدة إلا بذنب ولا فقه إلا بتوبة).

كان الظهور الأول للمرأة فى ص 78 حيث ظهرت فاطمة المغربية ولقاءهما الأول في مسجد نفيسة العلوم رضي الله عنها وأرضاها, حيث أخذت فاطمة حيزا من الفكر والانشغال لديه, أما المرأة الثانية أو (المشاءة) حسب وصفه لها, فقد كان ظهورها الأول ص 82 والتي طرحت عليه سؤالاً بصيغة غريبة ألا وهو ---- كيف الوصول إلى سيدنا الحسين؟

والسؤال الأخر المباغت بعد عدة دقائق من الحوارات العادية.. هو حضرتك بتحب الستات؟

والإجابة الذكية من السيدة المشاءة بأنها تشم رائحتين للحب وهذا دليل على حبه لامرأتين لا واحدة , وعندما يجاوبها بالنفي تقذف المرأة مقذوفها الثالث فى وجهه (هل المكاشفة حكر على الرجال ؟) ليدخلا فى سجال عقلي وروحي يصبح للمرأة هنا فيه اليد العليا لأنها تقرر له ما يدور في دواخله من تعلقه بفاطمة المغربية, وتعترف المشاءة أن الشيخة فاطمة هي توأمها الروحي وتعترف له أيضاً بمعرفتها الكاملة بانشغاله بها رغم التحذيرات

ولكن السؤال الذي يضع القارئ في مواجهه صريحة مع الكاتب هو:

ما مدى اعتقاده فى العلاقات الروحية بين شخصين ؟ وهل مثل هذه العلاقات موجودة بالفعل.. إلا مع خاصة الخاصة؟

وهل يؤمن إيماناً كاملاً بصدقها ويقر بوجودها فى الواقع وهو الكاتب المطلع القارئ الذي سبر أغوار الحياة؟

هل هو على يقين كامل بصدق معرفة وارتباط المشاءة بما يدور فى نفسه؟

هو يضعنا فى حيرة.. هل هذا عالم حقيقي أم عالم افتراضي؟

هل هذا العمل الابداعي الذي بين أيدينا (العشق على طريقتي) كتب للعامة أم للمثقفين أم للخاصة من ذوى الأرواح الحرة الشفافة الطليقة فى ملكوت الله؟

وإن كنت أرى أنها جرأة كبيرة ومغامرة بكل المقاييس أن يقبل الكاتب عليها فى أول عمل ابداعي له وهو لا يدرى كيف سيتقبله الأخر .

هل يستطيع القارىء العادي أن يتحمل تلك الجرعة الإيمانية التي قد يفسرها البعض بوصف "الدروشة الكتابية"؟

نعم : فشخصيات العمل قد مسها قدر كبير من الأحوال الصوفية والتباديل المعرفية بدليل كيف لامرأة تسير فى الطريق لا يعلم عنها شيئاً تصبح فى لحظة عالمة بكل ما يدور فى نفسه تجاه حقيقة تعلقه بامرأة أخرى، أي عالم هذا الذي يضعنا فيه الكاتب، وهنا أستطيع القول أن محمد هزاع استطاع وببراعة أن ينقلنا إلى عالمه الخاص رغماً عنا ودونما اختيار عقلي منا فنحن لا نملك أن نرفض الولوج إلى عالمه رغماً عنا "نحن أبناء الحداثة – والعالم الإلكتروني الرقمي – والسموات المفتوحة" نحن "عصر العلم – والصعود إلى الفضاء" نحن "عصر الحروب والدمار الشامل – عصر الدواعش الذين يقتلون البشر كما تقتل الطيور بدم بارد" نحن اليوم والغد .

يسحبنا هزاع سحباً إلى عالمه هو وهنا المفارقة الغريبة

هل عالم الكاتب هو العالم المرتقب المنتظر ؟

هل عالم هزاع الزمانى هو الافتراضى فى اللازمان بالرغم من تحديده له محددات ومواصفات الزمان والمكان ؟

يا الله ----- ما كل هذا التشابك والغزل الذي غزل بعصارة فكر ووجدان يخيل إلى فى بعض المواضع من النص الإبداعي ان الكاتب قد أنهكته الحياة لدرجة أنه أصبح غارقاً حتى النخاع فى مشكلات العصر زماناً ومكاناً وفى مواضع أخرى يخيل إلى أن محمد هزاع قد أنفصل عن الواقع ونسج لنفسه وللقارئ عالم روحي شديد الخصوصية والبهاء والنورانية , يرسل لنا من خلاله رسالات الخلاص من كل الأوجاع وشرور البشر .

عن طريق هذا الاختراع العجيب ( اللاسلكي الرباني ) كما أطلق عليه الكاتب نفسه الذي يختصر المسافات , ويطلق العنان للبشر للسباحة عبر الفضاءات, ويؤنس وحشة البعض فى الجمع بين المحبين من أصحاب الأحوال والابتلاءات .

أعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أختص بعض البشر بهذه الوسيلة الإيمانية السريعة التواصل الروحي أو الإحساس بحدوث بعض الأشياء قبل حدوثها وقد أطلق الكاتب على هذه الوسيلة مسمى ( اللاسلكي الرباني ) وهو اسم جميل ومعبر وموظف فى إطار عمله الابداعى شديد الخصوصية هذا .

ليوضح لنا هذا اللاسلكي الرباني ويقرر بأنه لا توجد علاقة حب أخص من علاقة الحب فى الله , ويسترسل الكاتب فى الحوار بينه وبين المشاءة ليصف لنا المرأة والحالات التي يجب  ان تكون عليها بعبارات هي أشبه بالرسائل المشفرة الخاطفة السريعة الحاملة لعدة وجوه من المعاني وعلى الأخص فى صفحتي ( 86 – 87 ) من الكتاب .

وهنا لي وقفة فى حوار الكاتب مع المشاءة بذكاء شديد يبدأ الحديث على لسان المشاءة بالسؤال والاستفسار عن الحب , والمرأة , وعلاقة المحبين ليدخلنا الكاتب فى سرعة خاطفة لعدد من الأحكام وطبائع البشر , وكيفية الحكم , ويضعنا أمام حقيقة دامغة يقر بها ألا وهى [ الأمة مسئولة مسئولية كاملة عن الحاكم الذي تختار ]  بمعنى أن البشر بحسب قدراتهم واستعداداتهم هم من يقررون شكل الحكم وطبيعة الحاكم ( كيفما تكونوا يولى عليكم ) وهنا ينتقل بنا الكاتب من جو المشاعر الحالمة المشتاقة فى فضاءات الحب والمحبين  ليدخلنا إلى طبيعة واقعنا المرير والدور الذى يلعبه كل من الحكام والمحكومين فى تسيير أمور البشر ولكن النتيجة المؤكدة التى يقر بها أن طبيعة الحاكم من طبائع شعبه .

ثم يقرر لنا حقيقة أخرى فى عذابات الأخيار جريرة ما يصفه الاغيار من الأشرار داخل الأمة الواحدة موضحاً أن الابتلاء إذا وقع بلا ذنب فهو ترقية للعبد وإذا وقع بذنب فهو تنقية للعبد وبهذا التحليل البسيط اعتقد أن الكاتب نجح فى إعطاءنا مفتاح الاطمئنان الدنيوي تجاه   الابتلاءات والمصاعب والمصائب بشكل بسيط وميسر

فإذا تم الابتلاء بدون ذنب فهذا نوع من الترقية للعبد فى المنزلة عند الله سبحانه وتعالى وإذا  وقع بذنب فهذا نوع من التنقية من الذنوب والمعاصي وبهذا تتحقق معادلة ( الرضا ) النفسي والروحي للإنسان فى كل زمان ومكان .

فى نهاية مشوار المشاءة وقبل أن ينتهي يختتمه الكاتب ببعض العبارات التى تصيبني بحالة من الفضول وترجع بى إلى دائرة التفكر والتدبر من جديد وتضع أمامي عدة رسائل مشفرة وشديدة الخصوصية  ,حيث تقر المشاءة له بأن فاطمة هي توأم أخراه فى الصفحة رقم 92 ---- فهل هذا القول تحقيقاً لمقولة ( المرء على دين خليله ) ؟

وكيف علم فى اجتماع حضرته بشيخه أن فاطمة هي أخراه؟

ياله من نص ابداعي محير كثير الرسائل , عاصف للذهن فى بعض المواضع --- مريح للنفس والروح فى كثير من المواضع الأخرى .

(الاسم الكبير) مرة أخرى يدخلنا الكاتب إلى حال جديد من أحواله فى ساحة المعركة مع كائنات وأقوام سفلية حسب تعبيره ليستعين عليهم بمدد من الله ومن السادة شيوخ طريقته وبالأخص الشيخ سيد ولي الله ساكن الصعيد الذي يساعده بفضل الله لينتصر في معركته الضروس ويذيل كلامه له بمقولة هي بمثابة الحكمة البالغة : "العاشقون لا يحزنون ولا يغضبون أبداً لاستغراقهم فى بحار العشق التي تشغلهم عن كل – سوى- بل يفرحون ويرضون بكل شيء منه حتى الموت أو القتل فى سبيل الله  أو فى الله"، وهنا تدلل العبارة على مدى الرضا الإيماني للقضاء الله وقدره سواء موتاً فى سبيله أو موتاً في حبه .

{ وأسر إلى كثيراً من الأسرار , وأرانى كثيراً من الحقائق , وأستودعنى الله ومضى إلى سبيل حاله } نهاية الصفحة رقم 94 .

هل البوح بعدة أسرار من الشيخ كان على سبيل الحقيقة وتلك الأسرار لاتزال رهينة نفس الكاتب وروحه أم  أن الكاتب كتب على سبيل المجاز لربط القارىء به وإن كنت أميل إلى التصور الأول نظراً لطبيعة العمل الأدبى ذاته .

فنحن أمام حالة جديدة من الكتابة أختلط فيها    الواقع بالخيال ولنتفق أننا سنستبدل كلمة ( الخيال ) فى هذا النص بكلمة ( الحال )    فالحال أصبح واضحاً لي وجلياً كبديل عن الخيال بالمفهوم العام لدى بعض الروائيين , ولكن نظراً لاختلاف هذا العمل  من حيث التصنيف عن كل الأجناس الأدبية المتعارف عليها من قصة أو رواية أو حتى ملحمة شعبية .

أصبحت كلمة حال بالنسبة لي هى بديل كلمة   خيال عند كثير من الكتاب فى الأعمال العادية .

ويعود بنا الكاتب بسرعة خاطفة فى الصفحة رقم 95 ليضعنا من جديد على أعتاب الحقيقة ويعترف أنه بعد عامين من حضرته أصيب بالسكر والقلب, ويرى كما يرى النائم موت الشيخ سيد التي تتحقق بالفعل ويعترف الكاتب بأن موت الشيخ  أولى العلامات لتغيرات جذرية على المستوى الشخصي والإقليمي  بل والعالمي .

أو حال التصفير على حد قوله فى عام ( 98 ) ليضعنا أمام سؤال أخر أكثر تعقيداً : لماذا عام 98 عام التصفير ؟وإن كان قد وصفه فى شطر الصفحة الأول ص 96 ولكننا نحتاج لمزيد من الإيضاح .

ثم ينتقل بنا من إبهام حال التصفير والجمع إلى واقع الثورة فى ميدان التحرير ويزداد عمقاً فى الواقعية ليحدد لنا تاريخ الفترة من 25 الى 11 فبراير فى أحد أيامها عصراً يرى ( العلامة الثالثة ) ويبرهن لنا ويؤكد صدق رؤاه برحيل من برك وتاه فى السكك ( إشارة إلى رحيل مبارك عن الحكم ) ويعود  ليقرر لنا أنه قد جاء زمن انكسار يزيد واستبدال من هو أدنى بالذي هو خير ( الدين المبدل بالدين المنزل ) وهنا وتحديداً فى الفقرة الأولى من الصفحة رقم 97 تظهر لأول مرة عبارة    الدين المبدل بالدين المنزل التي هي محور وجوهر الفكرة العميقة فى هذا العمل    ( العشق على طريقتي )  وفى هذه الصفحة تحديداً من الكتاب وهى ص 97 تبدأ تتكشف لي بعض طلاسم قد سبقت فى الصفحات الفائتة ففي الخيال السابق أو الأحوال السابقة لا فرق عندي فى المعنى وفى حضرات الكاتب مع شيوخه قد أفهموه بعض الأسرار عن وقوع مصر فى فخ الثورة التي سماها بين قوسين ( الثورة المؤامرة ) فر براثن أصحاب الدين المبدل بعد تخلى أو تنحى من برك إشارة إلى رحيل مبارك عن عرش مصر وتولى (الستر المهترىء الأحول ) حسب توصيفه عرش مصر ,ومحاولتهم التخلص من الروائع معصوبة العيون وأظنها إشارة إلى القضاء بمفهومنا نحن فى العصر الحديث لا بمفهوم أصحاب الحال , هنا تزداد حبكة العمل الابداعى فى الإيضاح فأحوال الرجل إذاً كانت رؤية شاملة سابقة لأحوال مصر المحروسة وما جرى فيها من مجريات الأمور ولكن السؤال الذى يجب علىٍٍ طرحه على الكاتب بمنتهى الشفافية والوضوح  : 

هل قراءاتك للأحداث ومجرياتها كان يحتاج لكل هذه الحضرات والطلاسم التي قد ترهق القارئ إلى حد كبير وأوقعته فى مرحلة من الشك وأنا معه؟

هل هذا العمل  كان بمثابة نبوءة برحيل من برك وتولى أصحاب الدين المبدل وصولاً لرسو حال السفينة إلى بر الأمان ؟----- ألم يكن فى مقدورك ومقدور كتاب كثر من السياسيين والمبدعين بالوصول فى التفكير إلى هذه النتيجة الكارثية بعد اهمال وتجويع وفقر وجهل لمدة قاربت على الثلاثين عاماً .

فمن أعمل عقله يستطيع الوصول إلى  هذه النتيجة فى سقوط من برك وتاهت به السكك لا محالة ---

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل