المحتوى الرئيسى

مش وردى ولا الدنيا ربيع

03/31 23:17

زماااان.. ايام التوهان الجميل في الخيال واحلام البنات، كنت احب اسمع اغنيتين لما يهل شهر مارس، واشوف الزهور بالوانها الزاهيه بتتفتح وتملا المكان، والشجر الناشف يخضر ويزقزق الطير علي الاغصان، الاغنيه الاولي «الدنيا ربيع والجو بديع قفلي علي كل المواضيع»، لما يكون البال رايق مع كبايه شاي بالنعناع الاخضر في بلكونه بيتنا مع حبات ترمس عملاه امي لزوم الموسم، والتانيه اغنيه «ادي الربيع عاد من تاني» لفريد الاطرش مع باقي الاغنيه الشجيه، لما اكون زعلانه، بس ايامها كانت احزانا قليله وتنتهي بسرعه، اصل كان فيه لمه وعيله، وبيت جيران نزورهم، واصحاب طيبين نحكي معاهم ونفضفض بكل اللي في قلوبنا، من غير من نخاف انهم هيفضحوا اسرارنا لو يوم معاهم زعلنا.

زمااان كنا بنلعب في الشارع ونجري ولاد وبنات، اخوات.. اخوات، من غير ما نبص لنفسنا اننا وصلنا لباب الانوثه ولا «خرطنا خراط» البنات، عمرنا ما خفنا حد يعاكسنا ولا يشاكسنا، ولاعرفنا يعني ايه تحرش، ويعني ايه زنا محارم واغتصاب اطفال في المدارس والخرابات ولا رميهم من فوق البنايات، مع ان لبسنا كان قصير ومن غير اكمام، كان لو ولد غريب حاول يبلطج بكلمه بس طايره «انت ياواد يا حلو يا اسمر» كان ياخد له علقه تمام من ولاد الحته، ويحرم، وبعدها يبقي صاحبهم، ويبقي هو كمان حامي حمي البنات.. الاخوات.

زمااان، كنا ناخد المصروف قرشين، ولا خمسه ابيض، وكنا نشتري بيهم حاجات حلوه تفرحنا وتشبعنا، ويوم العيد كانت فرحتنا بالمرجيحه اللي علي شكل مركبه ملونه، ولا فرحه ابن غني زار «ديزني لاند» اكبر ملاهي في العالم.

زمااان كنت احب المدرسه، واحترم قوي مدرسيني، استخبي منهم في الشارع لو شافوني، لتاني يوم يعاقبوني، ويقولوا اني كنت بالعب ومش بذاكر، وهم كمان كانوا ماشاء الله عارفين واجبهم ومراعين ضميرهم، لا دورس خصوصيه ولا تزويغ، ولا يوم فقعوا عين تلميذ، ولا ضربوه علي راسه موتوه بنزيف، ولا مدرس اتحرش بطالبه حلوه، المدرسه والله كانت بيتنا التاني، اهالينا بيرتاحوا واحنا فيها، حتي ان امي كان ممكن تشتكيني لمعلمتي لو في البيت انا واخواتي اتشاقيت، وساعتها كان ياويلنا، نتعاقب بالحرمان من الفسحه، او من حصه الموسيقي، ولا نرفع علي السبوره ايدينا، وبعدها ناخد درس تمام في الاخلاق عن رضا الوالدين وعقاب الابن العاق عند ربنا.

زمااان لما كنت اشتري حاجه من البقال، كان يتوصي بيا في الجبنه والحلاوه، ويديني لبانه او بنبونايه، عشان احب بقالته واشتري منه علي طول، عمره ما غش في ميزان، ولا باع لنا حاجه وحشه، ولا كتب علي حاجه سعر وباعهالنا بسعر اعلي، وكانت البركه كبيره قوي في الحاجه القليله، اصل كنا ناكلها واحنا بنقول بسم الله، وبعدما نشبع نقول الحمد لله، كان فيه رضا وقناعه.

زمااان كنت احب اروح مع والدي وهو بيقضي اي طلب من مصلحه حكوميه، كانت المباني نظيفه، الموظفين شكلهم يشرح القلب ومحترم، ومش هتصدقوا، والله كانوا يعزموا علينا بالشاي اللي في ايديهم، بس احنا عمرنا ما شربنا، وكنا بنخلص طلبنا بسرعه، كنت باحس اني في عالم مثير، وانا شايفاهم زي خليه النحل شغالين ومبسوطين، عمر ما حد منهم طلب اكرميه.. ولا «شاي» ولا طلب نفتح مخنا، اصل الرشوه كانت عيب بالنسبه لهم قبل ما تكون حرام، والناس كانت عارفه بعضها، والموظف كرامته من كرامه الدوله، كنا بعد ما نقضي طلبنا، يسلم علينا الموظف ويقول لابويا «خلينا نشوفك تاني يا عم احمد».

زمااان، مش هتصدقوا، كانت الجيران عارفه بعض، وكان الجار للجار اقرب من الاخ في المرض والكرب، يصبحوا ويمسوا علي بعض، ووشهم ما يعرفش التكشيره، يعزموا علي بعض بالاكل، يتهادوا بطبق ترمس، ولا عاشورا، او كحك وصينيه فته في الاعياد، بعد صلاه العيد، كان جارنا الحاج حمدي «رحمه الله» ييجي يعيد علينا، وياخد معاه والدي، ويزور جار تالت، وياخدوا معاهم الجار الثالث ويزوروا الرابع، وتستمر الحكايه، وساعه الظهر، يكون رجال الحي في فوج ولا الحج، بيزوروا اخر جار في الشارع، ونفس الحكايه بين سيدات الحي، واحنا والولاد بين دول ودول، هايصين فرحانين بالعيديات اللي بنلمها، والحاجات الكتير الحلوه الي بندوقها عند كل جار.

زمااان، ماكانش فيه شاب عاطل، كان اللي يتخرج من الدبلوم ولا المعهد او الكليه، يقدم ورقه علي طول للحكومه، وهي مسئوله تشغله، ماكانش فيه واسطه ولا محسوبيه، كل واحد كان عارف حقه، وكمان واخد حقه، وكان اللي يتاخر عليه جواب التعيين من الحكومه، يروح يتطوع في الجيش، كان دخول الجيش ده فرحه وحكايه، تلاقي الجندي منهم يلبس البدله، ولا حسين فهمي في السيما، ماكانش فيه خاين ولا ارهابي بيكره جنودنا ولا يهدد حياتهم، عمرنا ما سمعنا بشهيد، الا علي الجبهه في حرب ضد اعدائنا الصهاينه.

زمااان كانت الشوارع نضيفه وهاديه وواسعه، التاكسيات سواقينها لابسه نضيف ومحترمه، بتحترم الزبون كانه ملك، لا حد يحكي لك حكايه اخرها ماساه عشان يبتز عطفك واموالك ولا حد يشتمك لوماسبتش كام جنيه فوق العداد اكراميه، وماكانش فيه شحاتين في الشارع بالملايين، لا اولاد شوارع ضحايا ومجرمين، الاتوبيسات ما كانتش زباله ولاخنقه، القطارات رغم بساطتها نضيفه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل