المحتوى الرئيسى

تجارب شركات استغنت عن البريد الإلكتروني في العمل

03/31 22:31

كانت كلير بيرغ تعتقد انها تحسن التعامل مع بريدها الالكتروني، الي ان عادت من رحله استغرقت 10 ايام الي المغرب عام 2001 لتجد ان صندوق الوارد في بريدها الالكتروني يضم 10 الاف رساله.

لقد تلاشت الراحه التي شعرت بها بعد هذه الاجازه، وبدات تلوم نفسها بسبب اخذها هذه الاجازه اصلاً. ثم وفي لحظه حزن، كما تسميها بيرغ، قررت ان توقف استخدام البريد الإلكتروني لمده سنه كامله.

وقد وضعت ردا تلقائيا يستقبله كل من يرسل اي رسائل الكترونيه لبريدها الالكتروني، سواء الشخصي او الخاص بالعمل. وتضمن ذلك الرد طلباً ممن يراسلونها بان يتصلوا بها هاتفياً بدلا من ارسال رسائل الكترونيه. لقد كانت تلك لحظه تغير هائله في حياه بيرغ.

تقول بيرغ: "البريد الالكتروني اداه انانيه جداً، حيث يرسل الناس رساله محمله بالمهام دون ترو، والنتيجه انك تصبح عبداً لصندوق الوارد في بريدك الالكتروني، فتبدا يومك بفتحه، ولا تغلقه حتي تذهب الي فراشك للنوم."

كل العاملين علي المكاتب يعيشون تجربه بيرغ واحباطها مع تدفق الرسائل الالكترونيه (الايميل) الي حساباتهم ليل نهار. ومن الممكن ان يؤثر الايميل علي اداء الشركه عن طريق تشتيت تركيز الموظفين عن القيام بالادوار المنوطه بهم، وذلك بمتابعه رسائل غير مهمه.

احد الباحثين قدر الوقت الذي يستغرقه الموظف للعوده الي عمله بعد ان يفتح رساله جديده وصلت علي ايميله ب 64 ثانيه. واظهرت دراسات اخري ان ذلك الوقت يزيد من مجمل الوقت الضائع سدي في الشركه كل يوم.

ونظراً لعلاقته بفاعليه الموظفين وملاءمه ظروف العمل، حظي الايميل باهتمام الشركات حول العالم. في ذات العام الذي حققت فيه بيرغ ذلك النجاح بوقف استخدام الايميل، اعلن المدير التنفيذي لشركه "اتوس" الفرنسيه للاتصالات عن حظر البريد الالكتروني الداخلي لنحو 80 الف موظف في الشركه.

منذ ذلك الوقت، بات حظر الايميل وسيله شائعه لدي الشركات لمساعده الموظفين علي المحافظه علي التوازن في حياتهم العمليه وزياده انتاجيتهم. بيد ان الحظر الشامل للايميل يمكن ان ياتي بنتائج عكسيه، كما يحذر جيم هارتر، كبير الباحثين في مجال (اداره اماكن العمل) في مؤسسه غالوب للابحاث.

ويضيف هارتر: "تبدو للوهله الاولي انها خطوه صحيحه، لكن يتعين علي الشركات ان تنظر الي جذر المشكله التي تسبب الاجهاد للموظفين." ويشرح هارتر ذلك بقوله ان منع الشركات لتداول البريد الاكتروني بعد الدوام من شانه ان ينفر الموظفين الذين يفضلون العمل وفق ساعات عمل مرنه.

البريد الالكتروني في مرمي النيران

بينما يبدو ان حظر البريد الاكتروني امرا شائعاً في نوع معين من الشركات، الا انه يمتد الان ليشمل نطاقاً اوسع. فقد اعلنت مصانع السيارات في المانيا عن سياسات للحد من استعمال الايميل.

وكتب احد صحفيي نيويورك تايمز مقالاً عن الوسائل التي يتبعها للتواصل مع رؤساء التحرير بديلاً عن الايميل الالكتروني.

كما قررت شركه "هالتون هاوسينغ ترست" البريطانيه غير الربحيه، والتي تدير الاف البيوت، الحد من استعمال الايميل. ويعرف نك ايتكن، المدير التنفيذي للشركه، بانتقاده للبريد الالكتروني، رغم تصريحه بان الجهود المبذوله للحد من استخدامه لم تصادف نجاحاً كبيراً.

وقد كتب في مدونه خاصه بالشركه ان الصعوبات التي تواجهه في حمل موظفي شركته البالغ عددهم 280 موظف علي التوقف عن تصفح بريدهم الالكتروني باستمرار، تثبت ان الناس باتوا بالفعل مدمنين علي استخدام الايميل، ولهذا كان تجاوبهم غير عقلاني مع محاولات منعهم من استخدامه اثناء العمل.

في شركه "فان ميتر" لتوزيع المعدات الكهربيه بولايه ايوا الامريكيه، تعد معالجه موضوع ارسال البريد الالكتروني بعد ساعات الدوام من المواضيع التي تحتل مكاناً بارزاً في سياسه الشركه. فمنذ عشر سنوات، بدات الشركه في قياس مدي تفاعل الموظفين، وطبقت سياسات لتحسين التوازن بين العمل والحياه الشخصيه لموظفيها.

تقول لورا مكبرايد، المدير التشغيلي لشركه تضم 400 موظف، انه بامكانك ان تقول للناس انك تريدهم ان يقيموا هذا التوازن بين الحياه والعمل، لكن بدون ان تبدا في تطبيق سياسات سريعه وصارمه لتنفيذ ذلك بالفعل، فان ما تقوله يبقي مجرد اقوال بلا قيمه.

بالنسبه لمكبرايد، كانت لحظه التغيير الحقيقيه عندما ادركت انها اعتادت علي ان تغلق ابواب سيارتها علي نفسها عندما تعود الي منزلها بعد انتهاء الدوام، لاستكمال عملها، غير ابهه باطفالها الاربعه الذين يطرقون شبابيك السياره من الخارج.

ومما قالته: "لا ادري ان كنت اعتبر ذلك امراً شخصياً لا علاقه للعائله به، ونحن نضحي من اجل العمل والعائله معاً، ولكن بالتاكيد تاتي العائله في المقدمه."

تواصلت مكبرايد مع المسؤولين في شركه "فان نيتر"، واقترحت عليهم ان يتوقفوا عن ارسال البريد الالكتروني الداخلي، وان يقوموا بدلا من ذلك بالاتصال الهاتفي خلال عطله نهايه الاسبوع، وبعد الساعه الخامسه مساء، وقبل السابعه صباحاً خلال ايام الاسبوع.

وبررت مكبرايد ذلك بانه لا بد من اتباع سياسات تحترم وقت الاخرين، اكثر من الايميل الذي ياتيهم في اوقات مختلفه قد تكون غير مناسبه. رغم ذلك، كلما يسمع الواحد منا نغمه بريده الالكتروني تخطره بوصول رساله جديده، فانه يشعر بانه ملزم بفتح بريده ليري اذا ما كانت تلك الرساله مهمه ام لا.

تقول مكبرايد: "في المكان الذي عملت فيه سابقاً، اعتبر بعض الناس انه امر في غايه الاحترام للاخرين ان يرسلوا لهم ايميل في منتصف الليل، لكنني عندما استرجع ذلك اجده امراً محرجاً." مع مرور الوقت، باتت هذه السياسه جزءاً اصيلاً من خطط النهوض بمستوي الموظفين. والان، تغلق الشركه حسابات البريد الالكتروني للموظفين خلال العطلات.

وتقول مكبرايد انها وعدد غيرها من الموظفين مازالوا يعملون في ساعات المساء، لكن ان تعين عليها او علي غيرها كتابه رساله بريد ألكتروني، فلا يرسلونها الا في اليوم التالي، الا اذا كان رداً ضروريا علي احد الزبائن، او اذا اقتضي الامر ذلك نظرا لضيق الوقت.

وعندما تتلقي مكبرايد ايميلاً لا يحتاج رداً عاجلاً، تقوم بفتحه في اليوم التالي. وتعلق علي ذلك قائله: "لا يتسبب ذلك في مشكله لاحد، لقد بات ذلك جزءاً اصيلاً من ثقافه العمل في شركتنا."

الذي تعلمته بيرغ علي مدار عام من تجربتها هو انه يتعين علي الشركات ان تجد بدائل للتواصل مع موظفيها وفيما بينهم اذا ارادت ان تتخلص من الايميل بنجاح.

وعندما قررت في البدايه ان توقف بريدها الالكتروني عام 2012، لم تستطع ذلك، لانه لم يكن يوجد وقتها وسائل تواصل بديله مثل تطبيق الرسائل المكتبيه الذي يعرف باسم (office messaging app).

تقول بيرغ: "وقتها لم يخطر ببالي انه يمكن ان نعيش في عالم خال من البريد الالكتروني، لكن وسائل التواصل اليوم تطورت لتكون بديلاً افضل احياناً من الايميل."

حظر الايميل كخطوه اولي كان امرا سهلاً، حسب قول لي مالون، مؤسس شركه الاستشارات الالكترونيه البريطانيه (Rarely Impossible) الذي حظر البريد الالكتروني في شركته بعد ان سمع بيرغ تتحدث عن الموضوع العام الماضي.

يقول مالون: "وجدت نفسي افحص هاتفي لرؤيه الايميل 150 مره في اليوم، لقد بات الايميل مصدر ازعاج وتشتيت مستمر للذهن."

ويقول انه عندما جاء ذات يوم في اواخر عام 2014 ليعلن حظر البريد الالكتروني بلا سابق انذار، شعر موظفوه بالارتياح. واخبر مالون موظفيه ان اي موظف ينتهك الحظر فسوف يعاقب بالعمل في مكان ليس فيه جهاز كمبيوتر، ويطلق علي ذلك المكان اسم "المقعد الشرير".

وكان هو الوحيد الذي تعين عليه الجلوس في ذلك المقعد لانه قام باعاده ارسال البريد الالكتروني الوارد من الزبائن الي موظفي الشركه. ويضيف مالون ان التحدي الاكبر في حظر الايميل يكمن في ايجاد اساليب بديله للتواصل يمكن عن طريقها تبادل الوثائق وتوزيع المهام.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل