المحتوى الرئيسى

«شهر زمان»: عن أزمة تشبهنا

03/31 10:18

تبقي شخصيات مسلسل «شهر زمان»، كتابه واخراج زهير قنوع، ضحايا علي مدي الحلقات الاولي من العمل، غير انها لا تلبث، باقتراب الحلقات من العشرين، ان تصبح جريئه، عنيده بصوره متزايده. شخصيّاتٌ تقاتل من اجل الحياه برغم كمّ القهر والبشاعه، لتكون ازمه السوريين في صلب الحدث. عَرضُ العمل الذي انتجته «المؤسسه العامه للانتاج» بالتعاون مع «قبنض»، علي قناه «ام بي سي دراما» المشفّره قلّل من فرص المشاهده، علي امل ان يلاقي تسويقاً علي قنوات مفتوحه في الاشهر المقبله.

تدور الاحداث ضمن مجتمع مديني، وسط عائله رفيق (نجاح سفكوني) المهجَّره من منزلها والتي تقيم في بيت اخيه المسافر وزوجته محاسن (سمر سامي)، مع ابنتها جوري (ديمة قندلفت)، بجانب طبيب الاطفال يوسف (عباس النوري). تتطوّر الحكايه اثر سفر جوري بتاريخ يحدّده العمل في 22 تمّوز/ يوليو 2014، وعلي امتداد شهر من الزمن. تقول جوري: «ما بعرف اذا طالعه علي الرحله المزبوطه.. او هي موضه الحلول اللي صاروا السوريين اشطر ناس فيها».

يضعنا حوار المسلسل المؤلف من ثلاثين حلقه امام شاشه هادئه تزخر بتفاصيل همومنا، وكانّ به لا يريدنا ان نعير انتباهاً لاصوات القذائف، او لقهر المخطوفين، او لمن يتربّص بلقمه عيشنا في الحرب. لا تتقدّم الكاميرا نحو الشخصيّات، بل تستعير لقطتها من دواخلهم، الي جانب صور من ماتوا معلّقه علي الجدار.

تعيش الصحافيه جوري تجربه حياتيّه تبدا باكتشافها بشاعه شخصيّه زوجها فوّاز (وائل رمضان)، في ليله العرس. تقع يدها بالخطا علي الكومبيوتر المحمول الخاص به، لتتكشّف من خلاله رسائل العمل حول تجار الحرب والفساد والحب وعلاقات المصلحه والانهزام والياس. تحمل شخصيّه جوري توجهاً انسانياً يريد تصحيح خراب الضمير والاخلاق، لكنه غير كاف لمواجهه احداث اكتفت بشهر واحد للتعبير عنها. تهرب ولا تكشف الحقيقه لاهلها، فيطلقون رحله البحث عنها. تلتقي الطبيب يوسف، تنشا لاحقاً علاقه حبّ بينهما. ايضاً نشاهد في العمل شباباً يصورون افلامهم، اناس ينتظرون انتهاء الحرب، احلام مهدوره، ثمّه من سافر وثمّه من يرغب بالسفر، ثمّه من قرّر البقاء واستمرار الحياه برغم الموت والالم.

لا يحقّق قنوع، كاتب العمل ومخرجه، صوره بديله عن فكره او العكس، انه يوائم بينهما. الاب المتوفي صوره معلقه، الام حمايه، البيوت امكنه للتصوير، الاصدقاء والاخوه، والرسائل تاتي علي لسان الشخصيات واضحه المعالم غير مزيفه، ونسال امام بساطتها: هل فعلاً هي حكايانا؟ نشاهد من هُجِّر من منزله ومن يبحث عن عمل ايضاً. تمضي حلقات النصّ اما بشخصيات مباشره دالّه علي الحدث، او اخري اخذت علي عاتقها مونولوجات داخليه تحمل رسائلها معها، ما عدا محاسن (سمر سامي). تتمكّن هذه الاخيره من اثاره المشاهد بفعل مقولات شديده الواقعيه والبساطه، تتعاطف مع الجميع وتشاركهم مشاكلهم.

لكن ثمّه تناقض يمكن التقاطه بين ما اُريد منه ان يكون معلناً وبين ما اُريد منه ان يكون رساله. في مشهد يصوّر شباباً ينجزون فيلماً، «شو بتحب تقول للسوريين بنهايه الفيلم؟»، هنا تُطرح اسئله كثيره حول الغرض من مشاهد خرج بها النص عن مساره المعلن، بذهابه نحو قليل من التنظير. كما انّ زمن البحث عن جوري ياتي طويلاً، وكان كل شيء يجري بغيابها، لتكتفي هذه الشخصيه بتقديم اسئله حول الفساد من دون اجابات، وهذا يمكن ان يكون نتيجه انحياز مبطّن باتّجاه جوري بوصفها صاحبه الدور الرئيسي في الحدث. ليصبح شهر من عمر الازمه شبيهاً باشهر عده سبقته او اتت بعده.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل