المحتوى الرئيسى

السمندل الصيني العملاق القادم من عصر الديناصورات

03/31 02:29

لا يحدث كثيرا ان تجد حيوانا يمكن ان يُشار اليه بانه "سيد العرين"، لكن مثل هذا الوصف يبدو منطبقا تماما علي ذكور حيوان السمندل الصيني العملاق.

فلدي كل من هذه الحيوانات عرينٌ للتفريخ تحت الماء، يكون عاده عباره عن تجويف ضخم اسفل الصخور او الشقوق، وتسمح تلك الحيوانات للعديد من اناثها بدخول مثل هذا التجويف لوضع مجموعات كبيره من البيض فيه. ثم يتولي ذكر، يمكن ان يُطلق عليه اسم "سيد العرين"، حراسه البيض والعنايه به الي ما بعد فقسه باكثر من شهر.

ويعد حيوان السمندل الصيني العملاق الحيوان البرمائي الاكبر الذي لا يزال علي قيد الحياه في العالم، اذ يصل طوله الي 1.8 مترا، وهو طول لا يبلغه العديد من بني البشر. كما ان هذه الحيوانات قد تصل الي اوزان ثقيله كذلك، ربما تبلغ نحو 50 كيلوجراما للواحد منها.

لكن وللمفارقه الصارخه، لا يتجاوز طول صغار هذه الحيوانات البرمائيه ثلاثه سنتيمترات.

ويقول اندرو كْننيغام من جمعيه علوم الحيوان في لندن بالمملكه المتحده: "تخيل ان يصل احد حيوانات سمندل الماء تلك التي تعيش في بركه بالحديقه الي ذلك الحجم. انه لامر مثير للاعجاب والخوف؛ ان يري المرء احد هذه الحيوانات حيا وفي طور البلوغ امامه وجها لوجه."

وقد استوحيت العديد من الخرافات والاساطير التي تتضمنها الثقافه الصينيه من تلك الحيوانات البرمائيه. وفي هذا الاطار، يُعتقد ان رمز "ين ويانغ" الشهير، الذي يرمز الي التضاد بين الطاقات المختلفه بالنسبه للصينيين، كان في الاصل عباره عن حيوانيّ سمندل صينييّن عملاقيّن يلتفان علي بعضهما البعض، علي نحو متناغم.

وفي بعض الاحيان، يُطلق علي حيوان السمندل اسم "وا وا يو"، وهو ما يعني "السمك الطفل"، وذلك لان نداء الاستغاثه الذي تطلقه هذه الحيوانات يشبه بكاء الاطفال.

وتنحدر هذه الكائنات كذلك من اصل عريق، فالاسره التي تنتمي اليها، وتحمل اسم "كرايبتوبرانشيدي"، يصل عمرها الي نحو 170 مليون عام.

وفي اغلب الاحيان، يُطلق علي حيوانات السمندل العملاقه التي تعيش في الوقت الحالي اسم "الحفريات الحيه"، نظرا الي انها لا تزال مشابهه للغايه لتلك الحيوانات التي كانت تعيش قديما، وتمت لها بصله قرابه.

ويقول كْننيغام انه لم يطرا تغيير كبير علي حيوانات السمندل هذه، مقارنه بما كانت عليه، خلال الحقبه التي كانت تعيش فيها الديناصورات من فصيله "تيرانوصور ريكس" علي وجه الارض.

لكن هذه الكائنات المذهله اصبحت نادره علي نحو متزايد في البريه، فمنذ خمسينيات القرن الماضي؛ تراجعت اعدادها بشكل كبير. وفي الوقت الراهن، تُدرج حيوانات السمندل الصيني العملاق ضمن الكائنات المهدده بالانقراض بشده علي القائمه الحمراء للكائنات المُهدَدَه، التي يعدها الاتحاد الدولي للحفاظ علي الطبيعه.

وبشكل كبير، يُنحي باللائمه في ما يحدث في هذا الصدد علي عمليات انشاء مزارع تربيه حيوانات السمندل، ذاك النشاط الاخذ في التنامي في الوقت الحالي. ويحمل هذا النشاط المسؤوليه علي الرغم من ان عمره لا يتجاوز عقدا واحدا من الزمن.

فحيوانات السمندل تُعتبر طعاما شهيا، رغم كونها كائنات حيه تحظي بالحمايه من الصيد. اكثر من ذلك، فان الحجم الهائل لهذه الحيوانات يجعلها مصدرا للغذاء والربح.

ونتيجه لذلك، وفي اغلب الاحيان، تصطاد تلك البرمائيات من البريه لزياده اعداد الحيوانات التي تربي في هذه المزارع. ويمكن ان يجني من يمارسون انشطه الصيد غير المشروع تلك ارباحا طائله من وراء ذلك.

ولكن كلما زادت اعداد حيوانات السمندل التي تصطاد من البريه، تباطات وتيره عوده عدد من يعيش منها في البريه الي مستواه الطبيعي، نظرا لان صغار هذه الحيوانات تستغرق العديد من الاعوام حتي تصل الي سن البلوغ الجنسي.

ويقول كْننيغام ان الصيد غير القانوني للسمندل الصيني العملاق كان اكثر يسرا، عندما كانت هذه البرمائيات موجوده بشكل اكبر في الطبيعه. ولكن مع تحول هذا الحيوان الي كائن اكثر ندره، استخدمت وسائل ذات طابع مدمر بشكل اكبر في عمليات صيده.

وتتضمن هذه الوسائل اصابع الديناميت، والصيد باستخدام التيار الكهربائي، فضلا عن استخدام المبيدات الحشريه التي تحتوي علي ماده البيرثرين، التي لا تسمم السمندل فحسب، وانما كذلك غالبيه الكائنات التي تعيش معه في الماء.

ولسوء الحظ، كما يقول كْننيغام، لا تُفرض عقوبات صارمه علي من يُقبض عليه وهو يمارس عمليات الصيد هذه. الاكثر من ذلك، بحسب ما يضيف كْننيغام: "هناك تقارير عن قيام بعض الوكالات المسؤوله عن حمايه السمندل بشرائه من الصيادين ثم بيعه للمزارع" التي تقوم بتربيته.

وفي داخل هذه المزارع، تتفشي الامراض المعديه بسرعه كبيره، مما يشكل خطرا علي السمندل البري. كما ان تهجين النوع البري من هذه الحيوانات مع ذاك الذي يتم تربيته في المزارع، لا يمثل امرا جيدا للنوع الاول، اذ ان سمندل المزارع يميل الي ان يكون اكثر توالدا.

وافاد تحقيق جري مؤخرا بشان الانشطه الخاصه باقامه مزارع تربيه السمندل، ونُشر في مجله "اوريكس"، بان هذه الكائنات قد تنقرض قريبا في البريه، اذا تواصل تراجع عدد من يعيش منها هناك علي المنوال الذي تتقلص به حاليا.

ولكن ثمه انباء جيده في هذا الشان، اذ يقول انصار الحفاظ علي البيئه انهم باتوا في وضع يمكنهم من حمايه السمندل الصيني العملاق، بعدما تمكنوا من تحديد طبيعه التهديدات التي تواجهه.

ويري اندرو كْننيغام ان اغلاق مزارع تربيه السمندل لا يمثل خيارا قابلا للتطبيق. ويوضح رايه في ذلك بالقول ان انشاء هذه المزارع يمثل "نشاطا ضخما للغايه؛ استثمرت الحكومات في الصين، سواء علي المستوي المركزي او الاقليمي او المحلي، الكثير من الاموال فيه."

ويتمثل الحل البديل بنظر كْننيغام في اداره هذه المزارع علي نحو اكثر كفاءه. ما يضمن، علي سبيل المثال، منع عمليات اطلاق سراح اي حيوانات سمندل تعيش بداخل المزارع، للعيش في البريه.

ففي الماضي، كانت الحكومه تشجع علي القيام بمثل هذا الامر بغيه زياده عدد حيوانات السمندل التي ترتع في البريه. لكن خطوه مثل هذه؛ قد تجلب اضرارا اكثر مما تؤدي الي منافع، حسبما يقول كْننيغام.

فالحيوانات التي يُسمح لها بالخروج للعيش في البريه لا تخضع لفحص طبي بهدف التاكد من عدم اصابتها بامراض، ولذا فقد تنشر تلك البرمائيات العوامل المسببه للامراض بين نظيراتها في البريه.

كما انه لا تجري اي اختبارات لتحديد ما اذا كان التركيب الجيني لمثل هذه الكائنات ملائما للبيئات التي يتم اعاده توطينها فيها ام لا. علاوه علي ذلك، فلا يتم اخضاع حيوانات السمندل، التي يتم اطلاقها للعيش في البريه للمراقبه، كما انه لم يتم اجراء تقييم شامل من شانه تحديد ما اذا كانت خطه مثل هذه، تُكلل بالنجاح او تُمني بالفشل.

ولهذا السبب يقترح اندرو كْننيغام وزملاؤه ايضا الابقاء علي الفصل ما بين حيوانات السمندل التي تحيا في البريه وتلك التي تعيش في الاسر، والتفرقه بينها. فعلي سبيل المثال، يمكن لصق رقاقه دقيقه بجسد تلك البرمائيات التي تحيا في الاسر، ليسهل ذلك التعرف علي السمندل البري، نظرا لانه سيكون غير موسوم برقاقات من هذا النوع.

ويضيف كْننيغام: "نقترح ايضا تبني تدابير تحسينيه فيما يتعلق بمكافحه الامراض وضمان الامن الحيوي في المزارع، مثل وضع الحيوانات الوارده حديثا للمزرعه قيد الحجر الصحي، ومعالجه مياه الصرف الصحي، للحيلوله دون تصريف المياه الحامله لمسببات الامراض من داخل المزرعه الي البريه."

وهكذا، فاذا ما تقلص عدد حيوانات السمندل التي تهلك بسبب المرض داخل المزارع، فربما يقلل ذلك من الحاجه الي تعويض النقص الناجم عن ذلك عبر اصطياد حيوانات اخري تعيش في البريه.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل