المحتوى الرئيسى

هل يؤمن اعلان المبادئ الثلاثي مصالح مصر المائية؟

03/27 16:44

اقرا ايضا: كيف تحولت الجيوش العربية من الصراع مع اسرائيل الي الصراع مع الارهاب؟ اشكاليه العلاقه بين الاستبداد والوطنيه داعش في نظر القانون الدولي ثقافه الرصيف: معيار التقدم والتخلف الحقائق الساطعه وسط الحمي العالميه ضد الارهاب

هل يحقق الاعلان ويؤمن مصالح مصر المائيه في نهر النيل وهل ازال المخاوف من اثار سد النهضة عمليا وهل كان الافضل عدم توقيعه وكيف نفهمه؟.

من الواضح ان السودان يوافق مع اثيوبيا علي السد وان مصر هي الوحيده المتضرره فماذا قدم الاعلان لمصر من الناحيه العمليه لا الدعائيه؟ لاشك ان التقارب مع اثيوبيا امر مطلوب ولكن ثمره التقارب يجب ان تسهم في تامين حقوق مصر  المائيه وهي استمرار حصولها علي 55.500 مليار متر مكعب المقرره في الاتفاقيه المصريه السودانيه لعام 1959 والتي لاتعترف بها اثيوبيا ودول الحوض مع ملاحظه ان مصر كانت تحصل علي ما يسمي سلفه مائيه قدرها ثمانيه ملايين متر مكعب احتاج اليها  السودان بعد توتر العلاقات 1995 وانفصال جنوب السودان.والثابت انه مع هذه الحصه وتزايد الاحتياجات المائيه تحتاج مصر الي ضعف حصتها المائيه.فاذا صح ان سد النهضه وحده، دون سدود اخري مرتقبه ، يحتاج الي خمسه وسبعين مليار منر مكعب طوال ملئه خلال خمس سنوات ، وهذه المياه لن تطلق في النهر مره اخري، لانها تستخدم حسب نص الاعلان في توليد الكهرباء والتنميه المستدامه يكون احتمال حجب كميات متجدده واردا. وتحدث الاعلان عن الملء الاول مما يشي بان هناك عددا من مرات الملء . هذا يعني ان مصر سوف تحصل علي نصف حصتها تقريبا من المياه خاصه وان الاعلان خلا من اي مرجعيات قانونيه لحقوقها وسند لدعمها في احوال التنازع ،بل واضاف الاعلان ضمانتين لصالح اثيوبيا الي المعايير الخمسه التي تضمنتها الماده الخامسه من معاهده الامم المتحده الخاصه بالاستخدامات غير الملاحيه للانهار الدوليه لعام 1997 .

 ونسجل تحليلنا للموقف من الاعلان في الملاحظات العشر التاليه مع ملاحظه ان النيل هو حياه المصريين جميعا وان واجب الحكومه دراسه الملاحظات باهتمام للاستفاده في تحسين الموقف المصري وليس  للكيد السياسي واخراس المتابعين.

فهل عالج هذا الاعلان حتي من الناحيه النظريه هذه الثغره اي حقق لمصر ضمانا بان هذه الكميه لن تتاثر؟

الملاحظه الاولي هي ان الاعلان  مجرد ترديد للمبادئ  المنقوله بالحرف من معاهده 1997 دون حتي الاشاره اليها. صحيح ان مصر واثيوبيا لم تنضما اليها وقد بدا سريانها منذ 17 اغسطس 2014، ولكنها صارت عرفا ملزما.

 الملاحظه الثانيه : اقتصرالاعلان علي مصر والسودان واثيوبيا وعلي النيل الازرق وحده، دون النيل الابيض وجنوب السودان. فالنيل الازرق يبدا من بحيره تانا في اثيوبيا ويحمل معظم المياه لمصر (85%) اما النيل الابيض فيبدا من بوروندي ويمر بجميع دول الحوض حتي يلتقي مع الازرق في الخرطوم.

الملاحظه الثالثه هي ان اعلان المبادئ هو مجرد مبادئ تستر شد بها الدول دون الزام، في مفاوضاتها التفصيليه حول المشكله التي خلفها سد النهضه عندما تحجب المياه لملئه، فماذا افاد اعلان مبادئ اوسلو في فلسطين؟. نذكر هنا بقرار سليمان ديميريل الرئيس التركي عام 1991 الذي استغل محنه العراق ، فاغلق نهر الفرات لكي يملا سد أتاتورك بالمياه لمده 33 يوما ، ترتب عليها شح قاتل لسوريا والعراق وتدمير المحاصيل ونفوق الحيوانات خاصه وان الانهار الصغيره البديله في سوريا تحت الهيمنه الصهيونيه في الجولان.

 وكان حجب مياه الفرات لازما لري منطقه الاناضول وليس عقابا لاحد، ولكن اضرار الحجب عند الاخرين فاقت بكثير منافعه عند تركيا، حتي اعلنت يومها ان النهر وموارده  كالبترول، ثروه طبيعيه، وهذه نظريه خطيره، لان الماء جزء من الطبيعه والحياه قبل ان تعرف البشريه سائر المعادن ومنها البترول.

الملاحظه الرابعه هي ان مصر وحدها هي المتضرره من السد باعتبارها دوله المصب الوحيده، ولكن الاعلان تجاهل ذلك تماما واعتبر السودان هي الاخري دوله مصب، وهذا غير صحيح لان النهر من نوع الانهار التتابعيه ، فيكون السودان دوله وسطيMiddle stream State تستطيع ان تمنع المياه عن مصر، كما انها تقتسم مع جنوب السودان مازاد علي حصه مصر، ثم ان هذه الحصه مضمونه فقط في اتفاقيه ثنائيه كما ذكرنا. وقد عامل الاعلان الدول الثلاث علي قدم المساواه بدءا من الديباجه دون نظر الي مشكله مصر واحتياجها الحاسم للنيل بخلاف السودان واثيوبيا. .

الملاحظه الخامسه: اذا كان الاعلان قد ظل نظريا خالصا، فانه لم يشر الي اي معاهده دوليه تسند حق مصر وموقفها واهمها معاهده 1997 التي اكدت محكمه العدل الدوليه في اكثر من مناسبه انها ملزمه بقدر ما تتضمنه من عرف دولي مستقر في مجال الاستخدام المشترك لمجاري الانهار الدوليه، وكذلك معاهده 1929 بين مصر وبريطانيا بصفتها مستعمره لاوغندا حينذاك ومصر المستقله ولو اسميا.

واذا كانت اثيوبيا ودول الحوض لا تعترف بالاتفاقيه المصريه السودانيه لعام 1959 حول الاستخدام الثنائي المشترك لمياه النيل، فكان الاولي ان يتم التركيز علي المعاهده الدوليه الشامله لعام 1997 والاتفاقات الملزمه لاثيوبيا ومنها بروتوكول روما لعام 1892 بين بريطانيا المحتله لمصر حينذاك واثيوبيا المستقله .

كما ان اثيوبيا ملتزمه بالاتفاق الثنائي مع مصر عام 1993، والمعلوم ان جميع الاتفاقات الضامنه لحق مصر في مياه النيل كانت معاهدات حدود وبعضها بين دول استعماريه، ولذلك اكد نيريري رئيس تنزانيا عام 1964 نظريه الصحيفه البيضاء  Tabula Rasaاي ان الدوله لا تلزم الا بما تقر من معاهدات يكون المستعمر طرفا فيها ونيابه عنها. وقد اخذت اتفاقيه فيينا بشان التوارث في مسائل المعاهدات لعام 1978 بهذه النظريه انتصارا لاراده الدول المستقله عن الاستعمار لكنها تحفظت في المادتين 11 ، 12 بان التوارث لا يمس الاوضاع الاقليميه والحدود ومنها الانهار بالطبع.

ولا يجدي في اغفال المعاهدات السابقه ما صرح به المتحدث باسم الرئاسه المصريه من ان الاعلان يخص سد النهضه وحده ولا يخص مجمل مياه النيل، وهذه قراءه خاصه ليس لها دليل في نصوص الاعلان، فلا هو عالج مشكله السد بشكل مباشر مرضي لمصر، ولا هو اورد المعاهدات كخلفيه اساسيه في اي اعلان او اتفاق، حتي لا يسبح هذا الاعلان  في الفضاء وحده وفي خيال من ابرموه.

الملاحظه السادسه: بالنسبه للسودان، هل حل اعلان المبادئ محل الاتفاق المصري السوداني لعام 1959، وهل يقضي الاعلان بالتفاوض بين مصر وكل من السودان واثيوبيا علي حده؟ قد لا يكون الاعلان مكان الرد علي هذا التساؤل، ولذلك يجب علي مصر ان تؤكد مع السودان اهميه استمرار اتفاق 1959 الذي لا يخدم سوي مصر، وكان الحاح مصر عليه لحاجتها الي تامين حصه محدده تعتمد عليها بعد الاتفاق علي بناء السد العالي لتفادي فيضان النيل، والذي يسميه السودان " سد النوبه".

الملاحظه السابعه: اذا كان نهر النيل هو مصدر الحياه الوحيد بلا امطار علي الاقل منذ العصر الجليدي حوالي 3400 ق.م تقريبا ونشات علي ضفافه حضاره الفراعنه ، فان لدي اثيوبيا الامطار الغزيره والانهار  العديده حيث يعد النيل هو النهر الخامس الاكبر في اثيوبيا الذي يمر في هضبتها الاستوائيه. وكان المصريون يعبدون النهر كما كان التقويم النيلي يقوم علي ثلاثه دورات للنيل. هي  Akhet  و تعني الفيضان . وPeret هي موسم الزروع وShemu موسم الحصاد.

الملاحظه الثامنه هي ان الاعلان اشار الي السد بعبارات غامضه تعطي انطباعا بموافقه مصر مع السودان عليه باعتباره اداه للتكامل الاقليمي. يقول المبدا الثاني من الاعلان ان لسد النهضه غرضين الي جانب الكهرباء وهما المساهمه في التنميه الاقتصاديه (لمن) والترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الاقليمي من خلال توليد طاقه نظيفه مستدامه. يفهم من هذا ان كهرباء سد النهضه يتم بيعها في المنطقه ويكون لمصر والسودان الاولويه في الشراء دون مزايا تفضيليه. اما المبدا الثالث، فهو يرتب التزاما علي الدول الثلاث بالتساوي بالا تحدث ضررا في استخدام النيل الازرق والمعلوم ان دوله المنبع هي التي تسبب الضرر خاصه لدوله المصب واذا احدثت اي من الدول الثلاث "ضررا ذا شان"فتكتفي الدوله المسببه له بالاعتراف به. اما المبدا الخامس فهو يسرب مفهوما وهميا بان الملء الاول وتشغيل  السدعمل مشترك بين الدول الثلاث ولكن القرار لمالك السد.

الملاحظه التاسعه هي ان الاعلان قد اعتمد بشكل مطلق علي حسن النيه فماذا لو لم  تكن النوايا سليمه وما قيمه حسن النيه اذا اغفلت دوله المصب الاحتياجات القاتله لدوله المنبع ، خاصه وان الاعلان تعاطف تماما مع اثيوبيا علي عكس اتفاقيه 1997 التي مالت لدول المصب ، فابتدع الاعلان معيارين اضافه الي معايير الماده الخامسه من المعاهده وهما (ح)مدي مساهمه كل دوله في محصول النهر وهو ما يعطي اثيوبيا في توزيع المياه حصه توازي ما تسهم به  في مياه النهر. اما المعيار (ط) المضاف فهو المساحه من النهر التي تقع في الدوله ومساحته في مصر اقل من الف كيلو بينما يمر منه الاف الكيلوات في اثيوبيا وهذان اغرب معيارين لم تعرفهما52 من احواض الانهار الدوليه ، فهي معايير لاعلاقه لها بتوزيع المياه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل