المحتوى الرئيسى

مترجم: حرية التعبير بين الإسلام والغرب - ساسة بوست

03/26 18:06

منذ 2 دقيقتين، 26 مارس,2015

سيل الغضب الاوروبي المنصب حاليًا علي التطرف الاسلامي اعاد اشعال النقد المعتاد للاسلام في اوروبا والاتهامات المعتاده الموجهه له بانه دين غير متسامح، وان اتباعه متخلفون فكريًّا وغير قادرين او ربما غير راغبين في التكيف والتعايش مع القيم الغربيه وقبولها.

للاسف، لم يتغير هذا النقد الغربي طيله 26 عامًا ربما كانت بدايتها قضيه سلمان رشدي وكتابه “ايات شيطانيه” الذي تم اتهامه فيه بتشويه صوره النبي محمد، عندها وقفت الحكومات الغربيه والملايين من انصار الكاتب مؤكدين الحق المطلق للكاتب في تشويه صوره النبي محمد كنوع من حريه التعبير، غير مبالين بمشاعر 1.6 مليار مسلم في هذا العالم.

والان بعد مضي اكثر من ثلاثه عقود، الخلافات بين المسلمين وغير المسلمين حول مفهوم حريه التعبير يبدو انها وصلت لطريق مسدوده لا يمكن حلها، ولكن يجدر بنا طرح هذا السؤال الان “هل التزام الغرب بحريه التعبير هو امر مطلق بغض النظر اكان الموضوع مضادًا للاسلام ام لا؟ ام انها حمله غربيه مضاده للاسلام مرتديه حُله الحق في التعبير؟”.

في نظره سريعه علي القانون الاوروبي نجد انه يصب في مصلحه النصف الاخير من سؤالنا السابق، حيث ان نصوص القوانين والمحاكم الاوروبيه تؤكد لنا ان اهانه اي دين يعارض الحق في ممارسه الشعائر بحريه وحريه الاعتناق.

في دول بعينها مثل المانيا وفرنسا والنمسا تنص القوانين علي معاقبه غير المعترفين بالهولوكوست، وفي حين تمنع الكثير من الدول في العالم بث فيديوهات تحرض علي العنف، ودول اخري تمنع الصراخ وادعاء ان هناك حريقًا اثناء التواجد في السينما، كل هذه امثله من القوانين الاوروبيه تدل علي تقييد حريه التعبير او الراي عندما يصل الامر الي ايذاء مشاعر الاخرين، لذلك لم تكن حادثه شارلي ايبدو او حادثه الرسوم الدنماركيه المسيئه مثالًا نظيفًا لحريه التعبير، بل حملت في طياتها ادله واضحه علي معاداة الإسلام.

العالم الاسلامي يدرك بكل تاكيد حدود حريه التعبير الغربيه، والان هم يتساءلون كيف يمكن ان يصبح تشويه النبي محمد وهو الشخص الاكثر قداسه وحبًّا بالنسبه للمسلمين ضمن حدود حريه التعبير وحرية الصحافة، وان يصبح قبول هذا الامر هو مقياس التحضر، في حين تتوقف حريه التعبير امام ما يهتم به الاوروبيون والغربيون مثل الهولوكوست، حيث يعتبر عدم الاعتراف به جريمه والتحدث فيه لا يعتبر من ضمن حريه التعبير.

ليس فقط المسلمون المتطرفون وفق الوصف الغربي هم من يؤمنون ان هناك حربًا متعمده ضد دينهم، حيث بعد واقعه الرسوم الدنماركيه المسيئه للنبي التي نشرتها احدي الصحف، دخل الكثير من علماء الدين المسلمين والقاده العرب في حوار جاد مع نظارائهم في الغرب حول حدود حريه التعبير، في محاوله لنقل الصوره التي يراها المسلمون وفقًا للشريعه الاسلاميه.

وفي اعقاب حادثه شارلي ايبدو في فرنسا وما تبعها من عنف ادي الي مقتل ثمانيه من العاملين بالصحيفه، دعا وزيرالخارجيه الاردني ناصر جوده الي منع نشر ايه رسوم تسيء الي الاديان والمعتقدات قائلًا: “ما يحدث الان هو خلط بين حريه التعبير، وبين التشهير والسب؛ لذا يجب علي المسؤولين في اوروبا منع التشهير والسب تحت مسمي حريه التعبير وابداء الراي”.

القران الكريم والذي يمثل المرجع بالنسبه للمسلمين في امور دينهم ودنياهم يمنع حريه التعبير اذا كانت تؤدي لايذاء الاخرين، حيث لا يقبل النقد اذا كان يتعلق بالعقيده او مهاجمه القران والسنه، وهذا جزء اصيل من الشريعة الإسلامية ومن تعاليم النبي محمد.

حرص علماء المسلمين خلال السنوات الماضيه توضيح مفهوم حريه التعبير في الاسلام وفق الشريعه، الي ان جاء ابريل من عام 2009 حين انعقد مجلس الفقة الاسلامي العالمي بدعوه من منظمة المؤتمر الإسلامي لتوضيح القيود الشرعيه لحريه التعبير وحدودها بالنسبه للمسلمين وتشمل الاتي:

– يجب الا تؤدي حريه التعبير الي احداث فتنه بين المسلمين.

– لا يمكن استخدام حريه التعبير في الهجوم علي الدين ورموزه ومقدساته.

– يجب الا يؤدي ابداء الراي الي ايقاف مصالح العامه والخاصه من الناس.

– ضمان حمايه حريه التعبير بما يتفق مع الشريعه الاسلاميه من خلال اصدار قوانين لحمايتها، وضمان وجود نظام قضائي عادل.

– صياغه وثيقه دوليه بين الدول الإسلامية لحمايه الشعائر الدينيه والمقدسات من اي تعديات، او النقد، او التشويه تحت ستار الفن او حريه التعبير او اي عذر اخر.

وبالمثل ايضًا اصدرت مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية التي تصدر باللغه العربيه مقالًا قارنت فيه الاختلاف بين حريه التعبير في الاسلام، والمجتمعات الغربية، شملت عده نقاط ابرزها:

– في الاسلام الحريه تنبع من القران الكريم والسنه النبويه، بينما في المجتمعات الليبراليه الحريه تنبع من كونها حقًا طبيعيًّا للانسان.

– في الاسلام التعبير وابداء الراي ينقسم الي عده انواع وفق ما يبدي فيه الراي، اي ان هناك درجات متفاوته (بعض الموضوعات يكون فيها حريه التعبير واجب علي الفرد، وبعضها مستحسن فيه ابداء الراي والتعبير، وبضعها ممنوع مثل ما يتعلق بالاديان او اهانه الاخرين)، اما في المجتمعات الليبراليه حريه التعبير هي حق، يمكن تغييره او التفاوض بشانه في بعض الحالات، وربما التخلي عنه وفق حريه الشخص.

– يوجد فروق في ما يمكن التعبير عنه نظرًا لوجود مقدسات في الاسلام يجب احترامها.

ومع تزايد اعداد المسلمين في اوروبا وانتشار العولمه والانفتاح الثقافي، ومع انتشار التكنولوجيا في عصرنا الحالي، فقد اصبح من الضروري علي الاوروبيين غير المسلمين فهم عادات وتقاليد هذا العدد الغفير من المسلمين، وفهم كيف يفكرون ويتصرفون كشرط اساسي للتعايش معهم. حيث اصبح امرًا واقعًا لهذه الاعداد من المسلمين ان تندمج في المجتمعات الغربيه، بل وتصبح جزءًا اساسيًّا من نسيجها، بل والاعتراف ايضًا بحقهم في الدفاع عن معتقداتهم وارائهم وقيمهم، خاصه وانهم لا يملكون ظهيرًا سياسيًّا او اقتصاديًّا قويًّا في البلاد الاوروبيه، فتكون طريقه دفاعهم عن معتقداتهم كارثيه ولا يحمد عقباها كما راينا في الاونه الاخيره في اكثر من حادثه عنف بهدف الدفاع عن معتقدهم وشعائرهم الدينيه.

يجدر بنا ايضًا الاشاره الي ان مفهوم حريه التعبير يختلف من شخص لاخر، حيث يميل البعض الي وضع بعض القيود علي حرية الرأي من اجل التعايش السلمي مع المختلفين معه في نفس المجتمع، بينما يؤمن اخرون ان حريه التعبير لا حدود لها، حتي وان وصل الامر للهجوم علي اصحاب الاراء الاخرين. وبناءً علي وجهتي النظر السابقتين يمكننا بالطبع استنتاج ان المسلمين يميلون الي وجهه النظر الاولي، في حين ان الغربيين يتبنون وجهه النظر الثانيه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل