المحتوى الرئيسى

حاكموهم فهمي هويدي

03/26 10:54

احد امرين: اما ان ُتَحاكم المنظمات الحقوقيه المصريه بتهمه البلاغ الكاذب. او ان يُحَاكم الذين يقومون بالتعذيب في السجون بتهمه انتهاك القانون والدستور. اما ان تظل نداءات المنظمات الحقوقيه، واستغاثات المسجونين واهاليهم تطلق في الفضاء دون ان يحرك ذلك شيئا في المجتمع المصري. فذلك مما لا يليق اخلاقيا ووطنيا. وحين تتجاهل وسائل الاعلام ونخبه المثقفين والسياسيين تلك الاصوات، بحيث لا تجد لها منفذا سوي مواقع التواصل الاجتماعي الخارجه عن السيطره، فان ذلك يشين هؤلاء جميعا. اذ يجعلهم متهمين بالتستر علي تلك الانتهاكات، ولا يصنفهم فقط ضمن «الشياطين الخرس» كما ورد في الاثر.

لست ادعو الي التسليم بكل ما يبث من بيانات او استغاثات، لكنني ادعو اولا الي عدم تجاهلها بالكليه. وادعو ثانيا الي الكف عن التعامل معها بحسبانها شائعات مغرضه تستهدف الاساءه الي الشرطه وتشويه صوره النظام القائم. وغايه ما ادعو اليه ــ ثالثا ــ ان يخضع الامر للتحقيق والتحري، للتثبت من صحه تلك الشكايا، خصوصا اذا تواترت وتعددت مصادرها وتبنتها منظمات حقوقيه معترف بها قانونا. واذا ما ثبت ان الادعاءات ليست صحيحه فذلك سوف يسرنا لا ريب. لانه غايه ما نتمناه. ليس ذلك فحسب وانما ينبغي ان يحاسب من اطلقها وروجها لانها ستكون حينئذ من قبيل الادعاءات الكاذبه. اما اذا ثبتت صحتها، كلها او بعضها، فمساءله ومحاكمه المسئولين عنها تصبح واجبه، ليس فقط اعمالا للقانون والدستور (الماده ٥٢ منه تقرر ان التعذيب بكل صوره واشكاله جريمه لا تسقط بالتقادم)، وانما ايضا لتطهير صفحه النظام وتعزيز الثقه فيه. وغني عن البيان انه ما لم تتم محاسبه المسئولين عن الانتهاكات فان التهمه ستظل وصمه تلاحق النظام في الداخل والخارج.

خذ مثلا هذا البيان الذي وقعته في ٢٤ مارس الحالي عشر منظمات حقوقيه وذكرت فيه ما يلي: تدين المنظمات الموقعه عمليات التعذيب والتكدير الجماعي التي تتم في السجون المصريه، والتي حدثت في الاسبوع الماضي في ليمان ٢ عنبر ب بمجمع سجون ابوزعبل. وهو ليس الاول من نوعه لان بعض المنظمات الموقعه تلقت تقارير افادت بوقوع حالات تعذيب في الاسابيع الاخيره شملت سجون برج العرب وطره. اضاف البيان ان عددا من المنظمات الموقعه تلقت افادات بوجود حالات تعذيب ومعامله مهينه للكرامه بحق محتجزين علي خلفيه قضايا سياسيه بسجن ابوزعبل. وبحسب الافادات فان تشكيلات ملثمه من عناصر الامن المركزي اقتحمت الزنازين يوم ١٩ مارس ٢٠١٥، واعتدت علي المحتجزين بالعصي واطلقوا عليهم الكلاب البوليسيه، كما استخدموا الغاز المسيل للدموع. مما اوقع اصابات بين المحتجزين وحدوث حالات اغماء بينهم. كما قامت قوات السجن باخراج ١٥ محتجزا من زنازينهم، وقامت بتعذيبهم طوال ثلاث ساعات متصله، بعد تجريدهم من ملابسهم واجبارهم علي سب انفسهم بكلمات بذيئه. وبعذ ذلك قاموا بنقلهم الي زنازين التاديب الانفراديه. وبين اسماء المحتجزين حاليا في الحبس الانفرادي كل من: عبدالرحمن طارق ــ مصطفي شحاته ــ بلال المعداوي (مصاب) ــ محمود احمد سيد (مصاب) ــ عمر محمد موسي (مصاب) ــ محمود عاطف (مصاب). كما ذكر البيان ايضا ان الصحفي احمد جمال زياده بدا اضرابا كاملا عن الطعام احتجاجا علي استمرار حبسه انفراديا لفتره تجاوزت ٤٥٠ يوما، وسوء معاملته في محبسه، حيث يتعرض بشكل مستمر للمعامله المهينه والتعذيب.

في ختام البيان وجهت المنظمات الحقوقيه العشر ثلاثه طلبات هي: التحقيق الفوري في احداث التعذيب بسجن ابوزعبل ــ دعوه نقابه الاطباء والمجلس القومي لحقوق الانسان لزياره المحتجزين الذين تعرضوا للاعتداء، وفحصهم وتقديم الرعايه الطبيه للمصابين منهم ــ تمكين منظمات المجتمع المدني الحقوقيه من زياره المحتجزين للتعرف علي اوضاعهم، خاصه انه قدمت في السابق عده طلبات بهذا الخصوص قوبلت بالرفض.

هذا البيان ينبغي ان يؤخذ علي محمل الجد. وقد اخترته من بين عشرات الرسائل والبيانات التي صدرت عن افراد وامهات شكت كلها مما يتعرض له المحتجزون من تعذيب وانتهاكات، الامر الذي جرَّمه الدستور بنصه الصريح في الماده ٥٢ منه. كان اختياري للبيان راجعا الي انه يتحدث عن حاله تواترت بشانها الشكايات، فضلا عن انه صادر عن عشر منظمات حقوقيه لها وضعها القانوني وتضم عددا غير قليل من القانونيين والخبراء الغيورين علي كرامه الانسان المصري، بصرف النظر عن هويته او معتقده.

ربما لاحظت ان سقف طموحاتنا اخذ في التراجع، فما عدنا نتحدث عن انصاف مظلومين، ولا محاكمه المدنيين امام قاضيهم الطبيعي، كما اننا فقدنا الامل في اطلاق سراح ضحايا الاعتقالات العشوائيه الذين سمعنا اكثر من مره ان قوائمهم تحت الاعداد. ذلك كله سكتنا عليه، ولم ننسه او نغفره، لكننا صرنا نتحدث عن مجرد الحفاظ علي كرامه وانسانيه المحتجزين وهم في السجن، خصوصا ان الانتهاكات تزايدت بعد تعيين وزير الداخليه الجديد. وهو ما يصدمنا مرتين. مره لوقوع التعذيب ومره ثانيه لاتجاه مؤشراته الي التصعيد.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل