المحتوى الرئيسى

سد النهضة الإثيوبي

03/23 13:19

يسعي هذا العرض الي تقديم نبذه مختصره عن كتاب هام عنوانه "سد النهضة الاثيوبي وحتميه توفر المياه والطاقه لدول المصب السودان ومصر". والكتاب صدر حديثا عن دار روافد للنشر والتوزيع في العاصمه المصريه القاهره للكاتب السوداني اسماعيل شمس الدين.

وتنبع اهميه الكتاب من موضوعه وهو "سد النهضه" او "سد الالفيه الكبير" او "هداسي جاديب" باللغة الأمهرية وهي اللغة الرسمية في اثيوبيا، اذ يعتبر من الكتب القليله جدا التي تناولت الموضوع بشكل مفصل ومن جميع جوانبه تقريبا، وربما الوحيد حتي الان.

يحاول شمس الدين وعبر فصول الكتاب المختلفه، تقديم تفسيرات للجدل الذي اثير حول سد النهضه، خاصه تلك الامور المتصله باثاره السلبيه علي دولتي المصب السودان ومصر.

- العنوان: سد النهضه الاثيوبي وحتميه توفر المياه والطاقه لدول المصب: السودان ومصر

- المؤلف: اسماعيل شمس الدين

- الناشر: دار روافد للنشر والتوزيع، القاهره

تعتبر السدود التي تقام علي الانهار ركيزه هامه من ركائز التنميه، وبينما يشكل الصالح العام والسعي لرفاهيه السكان اهم الاسباب التي تدفع المخططين لبنائها، الا انه دائما ما يصحبها جدل بين من يركز بشكل اساسي علي اثارها السلبيه، وبين الذين يرون ان الفوائد المرتجاه من السدود كمشاريع تنمويه تبرر هذه السلبيات، بل تجعلها غير ذات اهميه.

ولا يقتصر الجدل الذي اشرنا اليه اعلاه علي الداخل فحسب، بل يمتد في احيان كثيره الي الخارج، خاصه حينما يكون لمثل هذه السدود تاثير علي الخارج، ينعكس علي دول الجوار، او الدول التي تشترك في منابع او مصبات الانهار التي تقام عليها السدود.

وتكتنز ذاكره المهتمين بموضوعات السدود وغيرهم من المتابعين لاخبارها بامثله عديده لجدل وصراعات كان منطلقها السدود، فالسودانيون عامه واهل النوبه خاصه لا يزالون يذكرون بالم بيّن ما فعله السد العالي بحضارتهم العريقه حين اغرق اراضيهم الزراعيه وقضي علي قراهم ومدنهم التي كانوا يتباهون بها مثل مدينه وادي حلفا شمال السودان.

وسد النهضه هو سد اثيوبي قيد البناء ويقع علي النيل الازرق في ولايه بين شنقول القريبه من الحدود مع السودان (علي مسافه تتراوح بين 20 و40 كيلومترا). وهو واحد من ثلاثه سدود تشيدها اثيوبيا بغرض توليد الطاقه الكهربائيه وتبلغ تكلفه انشائه حوالي 5 مليارات دولار اميركي، ويتوقع عند اكتماله في عام 2017 ان يكون من اكبر السدود الكهرومائيه في افريقيا، والعاشر علي مستوي العالم بالنسبه للسدود التي تولد الطاقه الكهربائيه.

ومن ابرز ما يثار حول بناء اثيوبيا لهذا السد، وجهه النظر المصريه التي تري ان مستويات التخزين فيه ستحرم القاهره من كميات هائله من المياه اكتسبتها بموجب اتفاقيات سابقه مع بريطانيا اعطت مصر علي الدوام نصيب الاسد من مياه النيل.

ومن القاهره ذاتها تنطلق التحذيرات من الاثار السلبيه للسد، خاصه ما يتصل بامكانيه انهياره وبالتالي اغراق اجزاء كبيره من الاراضي السودانيه، وهي تحذيرات رات فيها اثيوبيا ما سمتها بالمبالغه الزائده التي تهدف الي تخويف السودانيين وبالتالي الحصول منهم علي مواقف مؤيده للموقف المصري الرافض لبناء السد من الاساس، خاصه في ظل وجود ما يشبه التاييد السوداني الكامل، وعلي كل المستويات، لوجهه النظر الاثيوبيه.

يبدا الكتاب بمقدمه ومدخل يعرف فيه الكاتب بالجوانب التي يغطيها الكتاب، ثم ندلف مباشره الي الفصل الاول الذي يخصصه الكاتب للحديث عن اثيوبيا التي سميت قديما الحبشه، صاحبه المشروع المثير للجدل.

ويتطرق فيه المؤلف الي التعريف بجغرافيتها وتاريخها وسكانها الذين يفوق عددهم 80 مليونا.

اما الفصل الثاني من الكتاب فيخصصه المؤلف للحديث عن منابع الانهار المختلفه المكونه للنيل الكبير، واشهرها النيل الازرق (يسمي في اثيوبيا اباباي) الذي ينبع من بحيره تانا في الهضبه الاثيوبيه، وتحديدا في الشمال الغربي للهضبه الاثيوبيه التي تشكل اكثر من نصف مساحه اثيوبيا، وتنحدر من الشرق الي الغرب نحو الاراضي المنخفضه في السودان.

ويشير المؤلف في هذا الفصل الي ان النيل الازرق رغم انه ينبع من اثيوبيا، فان الطبيعه الجغرافيه للمنطقه ذات الانحدار الشديد ساهمت في ان يمر بالناس هناك مرور الكرام، اي دون ان يستفيدوا من مياهه باي شكل من اشكال التنميه كما هو الحال في مصر والسودان.

ويورد المؤلف قصيدتين لشاعرين سوداني واثيوبي للمقارنه بين اثر النيل الازرق علي الناس في البلدين الجارين، ففي السودان هو جالب خير ونماء كما جاء في قصيده "سليل الفراديس" للشاعر التيجاني يوسف بشير:

اَنتَ يا نَيل يا سَليل الفَراديس .... نَبيل مُوَفق في مَسابك

ملء اَوفاضك الجَلال فَمَرحي ..... بِالجَلال المفيض مِن اَنسابك

فتحدرت في الزمان .... وافرغت علي الشرق جنه من رضابك

اما في اثيوبيا فتابي الجغرافيا وتضاريسها العجيبه الا ان تجعله يمر مهرولا دون ان يلتفت لبؤس اهل المنطقه وفقرهم، وفق رؤيه الشاعر الاثيوبي هايلو يوهانس:

لو ان لديك عيونا تري يا نهر ابباي يا ايها الخامل

لكنت رايت ولو للحظه ذلك الرجل يكاد يحترق من العطش

لكنك هجرته وذهبت الي اماكن اخري.

ياتي الفصل الثالث في الكتاب وعنوانه "الدوله الاثيوبيه وبناء سد النهضه" وكانه يمثل قمه الوعي والاستجابه لما طرحه الشاعر الاثيوبي يوهانس في قصيدته السابقه، حيث يورد فيه المؤلف وجهه نظر الاثيوبيين وتصميمهم علي بناء السد الذي يسعون فيه الي الافاده الكبري من مياه النيل الازرق المندفعه، وصولا الي تحقيق نهضه تنمويه كبري تنتشل مواطني المنطقه خاصه وكل الاثيوبيين من الفقر والحاجه.

ونقرا في هذا الفصل: "مشروع بهذا الحجم وحسب توقعات العلماء الاثيوبيين سوف ينتشل الدوله الاثيوبيه من التخلف لمرحله متقدمه من التطور، وسوف يكون دافعا لوحده الشعب الاثيوبي، ويدر عطاءه علي دول الجوار خاصه في توفير الطاقه الكهربائيه..".

لكن ورغم وجهه النظر الاثيوبيه يبقي صراع المصالح حاضرا، فالسد المخصص لتوفير الطاقه الكهربائيه توضح دراساته انه سينتج منها ما يمكن ان يصدر لدولتي المصب السودان ومصر، لكن الاخيره تظل مهتمه فقط بنصيبها المكتسب تاريخيا من المياه عبر اتفاقيات غاب عنها اصحاب الشان، والذي سيتاثر لا محاله. وهذا ما يناقشه المؤلف في الفصل الرابع من الكتاب الذي يحمل عنوان "صراع المصالح والحقوق في بناء سد النهضه الاثيوبي".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل