المحتوى الرئيسى

ماري سومرفيل.. نجمة في سماء القرن التاسع عشر

03/20 13:01

ماري سومرفيل.. هي نجمه العلوم الابرز في تاريخ اسكتلندا، فيزيائيه وفلكيه وعالمه الرياضيات لم تلتحق بالجامعه، ودُرست مؤلفاتها في الجامعات لاكثر من قرن، واول من قدم ورقه علميه عن المغناطيسيه للجمعيه الملكيه، وترجمت كتاب "ميكانيكا الاجرام السماويه"، ونشرت اهم كتاب صدر في اللغه الانجليزيه عن "الجغرافيا الفيزيائيه"، واول كتاب في العلوم البينيه.

 في الرابعه والعشرين من عمرها، اجبرت ماري علي الزواج من ابن عمها، وانتقلت معه للاقامه في لندن، حيث يعمل مستشارا في البحرية الروسية، لم يكن لزوجها اي اهتمام بالرياضيات او بالعلوم، ولم يكن من ذلك النوع الذي يقدر ويحترم ذكاء النساء، انجبت ماري طفلين، ثم مات زوجها وتبعه احد طفليها، لتصبح ارمله في السابعه والعشرين من عمرها.

عادت مع طفلها الاخر الي اسكتلندا، ووفرت لها الظروف الجديده مع معاش زوجها، الوقت والفرصه لان تواصل مسيرتها، وشجعها علي ذلك وليم والاس، البروفيسور في الرياضيات في جامعه ادينبرج، فدرست الرياضيات المتقدمه، كما بدات في دراسه علم الفلك، ودرست كتاب اسحق نيوتن "المباديء الرياضيه للفلسفه الطبيعيه"، وبدات تشارك في حل المسائل والمسابقات التي كانت تنشرها دوريات الرياضيات.

في الثانيه والثلاثين من عمرها، تزوجت ماري من زوجها الثاني وليم سومرفيل، الطبيب والمفتش في المجلس الطبي العسكري، وبعد 4 سنوات من زواجهم، انتخب وليم عضوا في الجمعية الملكية للجراحين فانتقلت الاسره الي لندن.

كان سومرفيل، علي عكس زوجها الاول، محبا للعلم وسندا كبيرا لها، فخورا بزوجته وبانجازاتها، فقدمها الي الجماعه العلميه في لندن، مثل عالم الرياضيات تشارلز بابيج وعالمه الفلك كارولين هيرشيل.

واثمرت هذه المساعي الحثيثه للتعلم عن اول نجاح، عندما حصلت ماري علي الميداليه الفضيه في مسابقه للرياضيات، لكن هذه الروح الدؤوبه والنهمه للمعرفه ابت ان تكتفي، فبدات في دراسه اللغه اليونانيه وعلم النبات.

واتسعت معارفها الفلكيه وبدات في دراسه الارصاد الجويه والجيولوجيا، فجمعت ووصفت بمشاركه زوجها عددا من المعادن التي جمعوها من اماكن شتي في اوروبا خلال رحلاتهم هناك.

في صيف 1825، بدات ماري تجاربها عن التاثير المغناطيسي لضوء الشمس، وفي العام التالي قدمت ورقه بواسطه زوجها للجمعيه الملكيه تحت عنوان "الخواص المغناطيسيه للاشعه البنفسجيه لطيف الشمس"، فلم يكن مسموحا لامراه ان تقدم اوراقا علميه بنفسها.

وبعد مناقشات مستفيضه نشرت الورقه في مجله الجمعيه، ورغم ان الاساس النظري الذي اعتمد عليه بحثها قد تم نقده فيما بعد، الا ان ماري قدمتها باعتبارها كاتبا علميا مؤهلا، وسيكتشف فارادي بعد سنوات، ان الضوء يتكون فعليا من مجال كهربي ومجال مغناطيسي.

في مسعي لنشر العلوم الحديثه، طلبت منها الجمعيه الملكيه ترجمه كتاب العالم الفرنسي الشهير بيير لابلاس "الميكانيكا السماويه"، كان كتابا صعبا ومعقدا بصوره يصعب فهمها حتي علي المتخصصين، وكان ذلك تحديا كبيرا قبلته ماري، ونجحت فيه بعد 4 اعوام من العمل الجاد، وقد نشر الكتاب في 1831.

لم تترجم ماري الكتاب فحسب، بل قدمت مئات الرسوم التوضيحيه، وبسطت المعادلات المعقده، وقدمت تعليقات مهمه ومفيده، كما كتبت مقدمه رائعه له، الامر الذي جعل من ميكانيكا الاجرام السماويه مفهومه علي نطاق اوسع، وكان تقدير مؤلفه لابلاس لعمل ماري، انها واحده من قليلين استطاعوا فهم كتابه، وذاع صيت الكتاب فتم توزيعه في ارجاء اوروبا، واعتبر مرجعا اساسيا يدرس في جامعاتها لقرن كامل.

وتكريما لها من قبل الجمعيه وضعوا صوره لها في الصاله الرئيسيه، واختاروها كعضو شرف، اذ لم تكن العضويه الكامله متاحه للنساء حتي ذلك الحين، وقد كانت ماري سومرفيل مع الفلكيه كارولين هيرشل، اولي النساء اللاتي انتخبن كعضو شرف في الجمعيه الملكيه للفلك، ومنحتها الحكومه معاشا قدره 200 جنيها في العام، زيدت فيما بعد، لتصبح 300 جنيها.

بعد 3 سنوات، كانت ماري علي موعد مع نجاح اخر، فقد نشرت كتابها الثاني "في اتصال العلوم الفيزيائيه"، وهو دفاع وتاسيس لما يسمي الان "العلوم البينيه"، وطبع من هذا الكتاب 10 طبعات في سنوات قليله، ويلخص الكتاب كل المعارف الفيزيائيه التي كانت معروفه انذاك، ويوضح كيف ان الفروع المختلفه للعلوم يمكن ان تتداخل فيما بينها، ومن ضمن ما عرضت له في كتابها، احتمال وجود كوكب "افتراضي" يؤثر في مسار كوكب اورانوس، الامر الذي الهم فيما بعد الفلكي جون كوش ادامز لاكتشاف كوكب نبتون.

بسبب اعتلال صحه زوجها، وبناء علي نصيحه طبيه، انتقلت الاسره الي ايطاليا في 1838، وهناك كان عليها ان ترعاه، وان تواصل مسيرتها العلميه، فعملت لعشر سنوات في اهم كتبها "الجغرافيا الفيزيائيه"، الذي نشر لاول مره في عام 1848، وهو اول كتاب من نوعه باللغة الانجليزية.

كانت كتب الجغرافيا التقليديه تعني فقط بوصف الظواهر الطبيعيه للبلدان، لكن ماري خطت بالجغرافيا خطوات للامام، حيث فسرت اسباب هذه الظواهر وترابطها، وقدمت رؤيه جديده في الجغرافيا البيئيه وجغرافيا الغلاف الجوي، وكيف يمكن للعوامل البشريه ان تغير من البيئه الطبيعيه، وصدر من الكتاب 6 طبعات متتاليه خلال 30 عاما، واعتبر مرجعا اساسيا في الجغرافيا لنحو اكثر من نصف قرن في مدارس وجامعات اوروبا، بعدها كتبت ماري كتابها عن "العلوم الجزيئيه والميكروسكوبيه"، وكتبت سيرتها الذاتيه.

اشتهرت ماري سومرفيل بكتبها، وبقدرتها الفائقه علي نقل وتبسيط العلوم، مع عدم الاخلال بالدقه المطلوبه، وجعلت من مفاهيم صعبه ومعقده، امورا قابله للفهم علي نطاق واسع، كما بذلت جهودا من اجل اتاحه وتحسين فرص التعليم للبنات وتوسيع خياراتهن في دراسه العلوم الطبيعية المحرمه عليهن.

وتكريما لها تم اطلاق اسمها علي اولي كليات البنات في جامعة اكسفورد "كليه سومرفيل" في 1879، كما تم اطلاق اسمها علي احد الكويكبات، وعلي احدي فوهات سطح القمر، ورحلت ماري عن عاملنا في اثناء اقامتها في نابولي في 28 نوفمبر 1872.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل