المحتوى الرئيسى

خرافة الفحص

03/16 17:40

لقد كان ينظر لفحص سرطان الثدي لفتره طويله من الزمان علي انه احد اكثر الادوات اهميه من اجل تخفيض معدل الوفاه بهذا المرض، ولهذا السبب فان الشكوك التي ظهرت مؤخرا والمتعلقه بفعاليته وتعززت في فبراير/شباط الماضي بنشر المتابعه التي دامت 25 عاما لدراسه المعهد الكندي لفحص الثدي جاءت كصدمه، فكيف يمكن لفحص سرطان الثدي والذي يسهل الكشف المبكر عن المرض الا يمنع الوفيات من المرض؟

ان فهم محددات الفحص يتطلب اولا واخيرا فهما للعمليه نفسها فالماموغرام (صوره الاشعه الخاصه بالثدي) يتم تطبيقها علي اناس اصحاء ظاهريا من اجل اكتشاف المرض غير الظاهر، ولو تم اكتشاف ايه اشياء غير طبيعيه يتم اجراء فحص تشخيصي من اجل التاكيد علي وجود المرض ولو كانت النتائج ايجابيه يبدا العلاج.

ان اول ما يحد من فعاليه فحص سرطان الثدي واضح للعيان ويتمثل في انه اذا لم يتوفر التشخيص والعلاج الفعالان فان الفحص لن يكون له تاثير يذكر ولكن هناك ما هو اهم من ذلك وهو علي وجه التحديد ما اذا كان الفحص في نهايه المطاف يحقق الهدف المرجو منه وهو تخفيض معدلات الوفاه بسبب سرطان الثدي.

لقد كانت هناك عده محاولات من خلال دراسات تعتمد علي المراقبه والملاحظه من اجل تقييم تاثير الفحص في عامه الناس ولكن هذه الدراسات والمبنيه علي اساس مقارنات بين مجموعات لا يمكن التحكم بها عاده ما تاتي بنتائج منحازه، فاي من تلك الدراسات لم تاخذ بعين الاعتبار الاختلافات في العلاج والاهم من ذلك لم يجد اي منها انخفاضا في سرطان الثدي الذي يصل لمرحله متاخره في المجموعات التي تم فحصها وهو متطلب من اجل اعتبار الفحص فعالا.

نظرا لان الدراسات التي تعتمد علي الملاحظه والمراقبه تاتي بنتائج غير كافيه فلقد لجا العلماء الي اجراء تم تطويره قبل اعوام من اجل تقييم ادويه السل الجديده، وهو اختبارات فحص عشوائيه. علما ان مثل هذه الاختبارات بدات مع اختيار النساء اللواتي يمكن ان يتعرضن لسرطان الثدي واختيار بعضهن للفحص.

وايه امراه في ايه مجموعه والتي تعاني من مرض سرطان الثدي يتم علاجها باقصي حد ممكن وذلك بتطبيق اقرب خطه علاج ممكنه للمشاركين الاخرين في الاختبار (اخذين بعين الاعتبار مرحله المرض عند التشخيص) ويتابع الباحثون تقدم حاله المراه علي مر السنوات مع الهدف بمقارنه معدلات الوفاه بين المجموعتين.

في اميركا الشماليه والذي تتطلب العشوائيه لاسباب اخلاقيه الموافقه المسبقه فلقد تم اجراء تجربتين فقط. التجربه الاولي كانت في نيويورك في الستينيات باستخدام فحص اشعه سنوي وفحوصات للثدي للمجموعه التي تم فحصها.

التجربه الثانيه والمتمثله في الدراسه الكنديه لفحص الثدي والتي بدات بالثمانينيات تم كذلك استخدام صوره الاشعه السنويه والفحص الخاص بالثدي للمجموعه التي تم فحصها، ولكن في المجموعه الاخري التي لم تتلق نفس الفحوصات التي تلقتها المجموعه الاولي فلقد تلقت النساء من 50-59 عاما كذلك فحوصات ثدي سريريه سنويه، والنساء من 40-49 سنه تلقين فحص ثدي واحدا.

اما في اوروبا فلقد بدات تجربه واحده في المملكه المتحده في السبعينيات والتي استخدمت ايضا اختبارات الثدي وصور الاشعه للمجموعه التي تم فحصها. وهناك تجربه بريطانيه اكثر حداثه والتي تم تطبيقها علي النساء من 39 الي 41 سنه استخدمت فقط صوره الاشعه وهو نفس الاسلوب الذي استخدمته اكبر تجربه علي الاطلاق وهي التجربه السويديه والتي تم اجراؤها في مقاطعتين، وبالرغم من ان نتائج التجارب جاءت غير متجانسه فان الخلاصه كانت واضحه وهي ان فحص سرطان الثدي لا يقلل من معدلات الوفاه.

ان التجارب التي اظهرت انخفاضا كبيرا في معدلات الوفاه هي عاده ما تكون اقدم وتكون هناك عوامل اخري اثرت علي مصداقيه النتائج، فعلي سبيل المثل فان تجربه المقاطعتين في السويد كانت عشوائيه علي اساس تجمعات تتكون من مجموعات سكانيه ولم يتم التاكيد علي المقارنه بين النساء في المجموعات التي تم فحصها والمجموعات الاخري، كما ان التجربه تم اجراؤها قبل ان تتوفر العلاجات الحاليه الخاصه بسرطان الثدي علي نطاق واسع.

ان المزيد من التجارب التي تم اجراؤها مؤخرا وخاصه تلك التي تم اجراؤها في المملكه المتحده تظهر انه في الغالب لا توجد فائده مهمه للفحص، فنتائج تجربه المتابعه الكنديه لخمسه وعشرين عاما -والتي يمكن اعتبارها الاكثر دقه نظرا لانه قد تم تصنيف النساء بعنايه طبقا لعوامل المخاطره مع حريه الوصول لاكثر العلاجات تقدما- تعتبر اكثر سلبيه.

بالاضافه الي اظهار ان فحص الماموغرام "صوره الاشعه الخاصه بالثدي" لا ينطوي علي ايه فائده، فان التجربه الكنديه اظهرت ان احد مساوئ هذا الاجراء هو التشخيص الزائد عن الحد، فما نسبته 22% من المجموعه التي تم فحصها تعرضن لتشخيص زائد عن الحد، اي ان السرطانات التي تم اكتشافها لم يكن ليتم اكتشافها سريريا خلال حياه المراه. اذا اضفنا الي ذلك السرطانات الموضعيه -السرطانات في مرحله مبكره والتي لم تنتشر الي الانسجه المجاوره- فان الرقم يرتفع الي 50%.

ان من الواضح ان التشخيص الزائد عن الحد هو امر حتمي عندما تكون هناك اختبارات فحص جيده. ان المشكله الحقيقيه هي العلاج الزائد عن الحد الذي يتبع ذلك نظرا للنقص في الفحوصات التي يمكن التعويل عليها من اجل التفريق بين المناطق المصابه والتي يمكن ملاحظتها وبين تلك التي تحتاج لتدخل طبي.

ان العديد من النساء واللواتي يعتقدن ان فحوصات الماموغرام قد انقذت حياتهن كن يعانين من سرطانات خامله (مناطق مصابه خامله في الانسجه) والتي لم تكن لتتطور قبل وفاتهن لاسباب اخري، علما ان السرطانات العدوانيه جدا والتي من المرجح ان تكون قاتله عاده ما تكون سرطانات فاصله، اي سرطانات تظهر بين الفحوصات. وفي الحالات المميته فان الفحوصات الاعتياديه لن تحدث الكثير من الفرق.

أهم أخبار صحة وطب

Comments

عاجل