المحتوى الرئيسى

«حقناً للدماء» | المصري اليوم

03/14 21:19

تحدثنا في المقاله السابقه عن وصف «عمرو بن العاص» لمِصر ومدينه «الاسكندريه» عند فتحهما، وتولي «عبدالله بن سعد بن ابي سرح» وِلايه مِصر، وقيام ثوره «الاسكندريه» وارسال امبراطور الروم لاسطول عظيم بقياده «مانويل» لاجل استعادتها، وانها فُتحت مره اخري علي يد «عمرو بن العاص» في اكتوبر 645م. ثم تحدثنا عن رعايه البابا «بنيامين الاول» لشعبه بعد عودته وحتي نياحته.

وُلي «عبدالله بن سعد بن ابي سرح» حاكمًا علي مِصر مره اخري بعد السيطره علي مدينه «الاسكندريه» وطرد الروم منها، وذكر المؤرخون انه في السنه العاشره من حكمه حدثت اول معركه بحْريه ضد العرب، وكانت بين سفن الروم والعرب غرب «الاسكندريه»، اُطلق عليها «معركه ذات الصواري»، بسبب كثره تشابك السفن معًا، حيث هُزم امبراطور الروم «قُنسطنُس الثاني»، وكان ذلك عام 654/655م وَفقاً لبعض المؤرخين. وقد شهِد ايضًا عام 654م بدايه ثوره العرب في مِصر ضد حكم الخليفه «عثمان بن عفان».

وفي عام 655م، انتشرت شراره الثوره في «البصره»، و«الكوفه»، ومِصر، حتي وصلت الي «المدينه»، وفي تلك الاثناء، توجه «عبدالله بن ابي سرح» حاكم مِصر للقاء الخليفه «عثمان»، ووضع مكانه «عُقبه بن عامر» لتدبير شؤون البلاد الي حين عودته. وما ان غادر «عبدالله»، حتي قامت ثوره بقياده «محمد بن ابي حُذيفه» اخرجت «عُقبه» من مِصر، الذي دعي الي خلع الخليفه «عثمان». وعندما وصلت اخبار الثوره الي «عبدالله»، قرر العوده الي مِصر، لكنه لم يستطِع دخولها اذ تصدَوا له وقاتلوه ما ادي الي تراجعه نحو «فلسطين».

وشهِد عام 656م مقتل الخليفه «عثمان بن عفان» في السابع عشرَ من يونيو، بعد ان رفض التنازل عن الخلافه، وتولي امور الخلافه من بعده «علي بن أبى طالب» بعد ان بايعه اغلب الصحابه في «المدينه». الا ان «بني أمية» رفضوا مبايعته، وازداد هذا الامر سوءًا، وبدات الفُرقه تدِب بين صفوف العرب عندما امر الخليفه «علي بن ابي طالب» بعزل جميع الوُلاه الذين ولاهم «عثمان». فما كان من «معاوية بن ابي سفيان» الا ان رفض امتثال امر الخليفه بعزله من الشام، وحدث الانقسام. كذلك عاصرت مِصر في ذلك العام محاربات وقتالًا شديدًا بين فريق «محمد بن ابي حُذيفه» المؤيد للخليفه، وفريق «معاويه بن ابي سفيان» الذي اخذ علي عاتقه امر الانتقام لمقتل الخليفه «عثمان»، انتصر فيها فريق «ابن ابي حُذيفه»، حتي حضر «معاويه» الي مِصر واتفق علي ترك الحرب.

وفي عام 657م، ارسل الخليفه «علي بن ابي طالب» حاكمًا علي مِصر يدعي «قيس بن سعد بن عباده» الذي استطاع ان يكسب تدعيم مِصر لخلافه «علي بن ابي طالب»، وهو ما اشعر «معاويه» بهذا الخطر الداهم فنجح في الايقاع بين الخليفه و«قيس» فاستُبعد بعد ان تولي حكم مِصر مده لم تتجاوز بضعه اشهر قليله. ثم حكم مِصر «مُحمد بن ابي بكر»، ثم «الاشتر النخعي» الذي دُس له السم فمات وهو علي ابواب مِصر قبل ان يحكمها. كذلك شهِد هذا العام معركه من اهم المعارك الحربيه: موقعه «صفين»، حيث تقاتلت جيوش العراق بقياده الخليفه «علي بن ابي طالب» وجيوش الشام بقياده «معاويه بن ابي سفيان».

وكادت جيوش «معاويه» تُهزم حتي اشار عليه «عمرو بن العاص» برفع المصاحف والاحتكام الي القران حقنًا للدماء. في بادئ الامر رفض «علي» وقف القتال، مشيرًا الي ان هذا الامر ما هو الا خديعه، وقال: «انما هي كلمه حق اُريد بها باطل»، لكنّ اكثر مناصريه اصروا علي وقف القتال فاستجاب لهم. وفي التحكيم، تمكن «عمرو بن العاص» من خداع «علي بن موسى الاشعري»، فقد اتفقا علي ترك امر اختيار الخليفه للمسلمين بعد خلع كل من «علي» و«معاويه»، وقد نفّذ «الاشعري» اتفاقه في حين ان «عمرًا» خلع «عليًا» وثبّت «معاويه».

وفي عام 658م، عاد «عمرو بن العاص» الي تولي حكم مِصر مره ثانيه من قبل «معاويه»، ثم انتزع حكمها «مُحمد بن ابي بكر الصديق». وفي عام 659م، تُوفي البابا «بنيامين» الثامن والثلاثون في بطاركه «الاسكندريه».

وفي عام 660م، قُتل «علي بن ابي طالب» بعد ان اتفق ثلاثه من الخوارج علي قتله هو و«معاويه» و«عمرو بن العاص»، وقد نجح منهم الذي كان مسؤولاً عن قتل «علي» في حين ان فشِل الاثنان الاخران في مُهمتهما. وقد بُويِع الامام «الحسن بن علي» بعد موت والده. وفي عام 661م، اجتمعت الامه علي ان يكون «معاويه بن ابي سفيان» هو الخليفه، لذلك سُمي ذلك العام بـ«عام الجماعه». ثم تقاتل «الحسن» و«معاويه»، الا ان «الحسن» تنازل عن الخلافه لـ«معاويه» حقنًا للدماء.

وفي مِصر، استمرت وِلايه «عمرو بن العاص» بعد انتقال الخلافه الي البيت الاُموي ثلاث سنوات، ثم تُوفي عام 664م، وكان الجالس علي كرسي كنيسة الإسكندرية انذاك هو البابا «اغاثو» التاسع والثلاثين في بطاركة الإسكندرية.

تولي رئاسه كرسي «الاسكندريه» البابا «اغاثو» من بعد مُعلمه «البابا بنيامين الاول»، وقد عاصر العام الاخير من خلافه «علي بن ابي طالب» ومن بعده خلفاء الدوله الاُمويه. وفي مده رئاسته، تعرض قبط مِصر الي مضايقات من رجل يُدعي «ثيؤدوسيوس» من الروم، ذهب الي الخليفه «يزيد بن معاوية» لياخذ منه بالخداع والمكر امرًا بالتسلط علي شعب «الاسكندريه» و«مريوط». وضايق «ثيؤدوسيوس» البابا «اغاثو» كثيرًا جدًا، وكان يسعي لقتله! حتي انه اوصي اتباعه: «اذا رايتم بابا الاُرثوذكسيِّين خارجًا ليلًا او نهارًا، ارجُموه بالحجاره، واقتُلوه، وانا المجاوب عنه». فقد كان يسعي لان يكون بطريركًا عوضًا منه. فحدث انه بعد موت البابا «اغاثو» في عام 677م، ان اسرع «ثيؤدوسيوس» واغلق ابواب الكاتدرائيه وختمها بالشمع الاحمر. الا ان القبط طلبوا معونه والي «سخا» المسلم الذي ساندهم ورفع الظلم عنهم.

حكم مِصر عدد كبير من الوُلاه التابعين للدوله الاُمويه في المده من 662- 750م. وقد اهتم «معاويه بن ابي سفيان» في عهده بالفتوحات، وبخاصه مع الروم في شَمال افريقيا، والجبهات البحْريه، وفي «سجستان»، و«خراسان»، وبلاد ما وراء النهر. وتمكن من استعاده «ارمينيا» التي فقدها العرب في ايام الفتنه، لكنهم خسَِروها فيما بعد. وقد حاول «معاويه» فتح القسطنطينيه مرتين، الا انه لم يتمكن من ذلك. كذلك نقل العاصمه من «الكوفه» الي «دمشق»، بعد ان نُقلت من «المدينه» الي «الكوفه» في عهد الخليفه «علي بن ابي طالب».

ويصف لنا ا. د. «حسن ابراهيم حسن» تلك الحِقبه فيقول: «وتعاقب علي هذه البلاد كثير من الوُلاه، الي ان دخلت تحت حكم الطولونيِّين سنه 254هـ. وبالرغم من طول هذا العصر الذي يربو علي قرنين، لم تتقدم مِصر فيه كثيرًا، لقِصر عهد الوُلاه، وتزعزُع مركزهم، واشتطاطهم في جمع الضرائب».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل