المحتوى الرئيسى

فيلم "تشابي" وتجسيد فوضى الآليين

03/13 08:21

يعود مخرج فيلم "الحي 9" ثانيهً بفيلم اخر من افلام الخيإل ألعلمي، وفي هذ ه المره يدور الفيلم حول الذكاء الصناعي. الا ان الفيلم يفتقر الي اي ذكاء، من وجهة نظر الكاتب الفني اوين غليبرمان.

يقدم فيلم "تشابي" واحده من نظريات الذكاء الصناعي، والمفهوم الذي يقوم عليه الفيلم يعد مشوقا فقط من تلك الناحيه. في هذا الفيلم، وهو ثالث افلام المخرج "نيل بلومكامب" (بعد فيلمي "الحي 9"، و "الجنه")، يُفترض بنا ان ننبهر بالفكره المستقبليه التي تدور حول وجود إنسان ألي يتحدث، وقد زرعت فيه رقيقه الكترونيه تتيح له تنميه الوعي بما حوله من اشياء.

لكن كل ما يتعلق بالشخصيه، بدايه من "دماغ" ذلك الروبوت الذي يفكر بسرعه، ومرورا بصوته الذي يجسده بلطف الممثل "تشارلتو كوبلي"، وقلبه الذهبي، يشعرنا كل ذلك وكاننا نسمع اخباراً مكرره.

يُفتتح فيلم "تشابي" بمشهد تقرير اخباري تلفزيوني مفصل حول كيفيه وضع حل لمشكله الجريمه في مدينه جوهانسبرغ عن طريق تجنيد حشد من افراد الشرطه الاليين التابعين لشركه خاصه. ربما تستغرب بشان ما اذا كان "بلومكامب" يقلد الفيلم الكلاسيكي البائس عام 1987 "الشرطي الالي" بلا خجل، كما يبدو لنا ذلك.

والجواب هو: لا شك في ذلك. فهل يظن "بلومكامب" ان مشاهدي اليوم لم يروا ذلك الفيلم للمخرج "بول فيرهيفن"؟

كان "بلومكامب" دوماً فناناً يمزج الكثير ما بين قص ولصق المشاهد والافكار: فحتي "الحي 9"، برغم كل اصالته الواضحه، كان مزيجاً صارخا من افلام "يوم الاستقلال" (في سفينه الفضاء الغريبه التي تحوم حول الارض)، وفيلم "جنود مركبه الفضاء" (في لعبه الفيديو الحماسيه حيث ينتشر الغرباء في الفضاء)، وفيلم "الذبابه" (في تحول "كوبلي" البيروقراطي الفظّ) وبالطبع، اضافه الي فيلم "الشرطي الالي". لكن فيلم "الحي 9" لا يزال نموذجا للاصاله، اذا ما قورن بفيلم "تشابي".

فالفيلم الجديد محشوٌّ بانفجارات ناريه، ومجرمين مكروهين. لكن ما يدعو الي الغرابه هو ان الفيلم يشبه كثيراً فيلم "وصله كهربائيه" عام 1985، وهو فيلم ساخر يقوم اساساً باعاده صياغه شخصيه "اي.تي." كانسان الي محبوب في ذلك الفيلم.

علي نفس الشاكله، يقدم فيلم "تشابي" شخصيته الرئيسيه كشيء الي يعبّر عن البراءه؛ يتوسل الينا "بلومكامب" كي نراه محبوباً في كل مشهد من مشاهد الفيلم تقريباً. لا يعني ذلك عدم امتلاك تلك الشخصيه صفات كثيره محبوبه بالفعل.

كان "تشابي" قد صُمم من حطام واشلاء انسان الي اخر، فنراه باذني ارنب تشبه نسخه مصنعه الياً من خوذه "ميركوري" المجنّحه، وعينان بيضاويتان لامعتان تشبهان العاباً اليه صغيره من فيلم "نوتس اند كروسز".

رغم ذلك، يبدو الالي "تشابي" نوعاً ما بدون شخصيه مستقله– فهو مثل محرك مربوط بخلفيه جهاز تلفاز قديم. اذ يُختطف صاحبه "ديون" (يقوم بدروه الممثل "ديف باتيل") من قبل عصابه تتالف من ثلاثه اشرار ذوي سوابق يريدون ان يقوموا بعمليه سرقه.

وقد شرع هؤلاء الاربعه في عمليه تحويل "تشابي" ليخرج من حاله الخبره الساذجه؛ من خلال تعليمه كيفيه المشي، والتحدث، وكيفيه معانقه "مومي" (التي تقوم بدورها الممثله "يو-لاندي فيسر"، وانتهاءً بكيفيه اختطاف سياره والتصرف بعجرفه واختيال، مثل مشاكسٍ من الاحياء الفقيره المنبوذه.

وبالنسبه للمؤثرات الخاصه في الفيلم، نجح الفيلم "تشابي" في تحقيق انجاز: فنشعر دوماً بان شخصيته الرئيسيه ما هي الا جسم معدني يجري ويقفز باطرافه الاربعه، وليس ممثلاً داخل طقم ملابس او مجسّماً صمم واُعِدّ من خلال حاسوب.

ليست لدي ادني فكره كيف نسّق "بلومكامب" ما بين العديد من مشاهد الفيلم. وفوق ذلك، لم يعد هذا المستوي من السحر الفني يكفي لتُواصل متابعه الفيلم، ولعل البعض لن يفعلوا ابداً.

ان اكثر الامور تخفيا في فيلم "الشرطي الالي"، وربما اكثرها دهاءً ايضاً، كانت طريقه عرضها للشخصيه الرئيسيه المتجسده في اله في صوره رجل من حديد، يتحدث برتابه، ويطبق القانون وما طُلب منه القيام به عبر برمجته – ثم يدعون بصيصاً من انسانيته تتسلل اليك.

في فيلم "بلومكامب"، وعند اللحظه التي تدب الروح في "تشابي"، يتملق ويجثم مرتعداً مثل اي عاجز يائس، وكل حركات جسمه تعبر عن قوله: "احتاج الي عناق". انه جمهور المشاهدين الذين تجري برمجتهم، لكي يرونه - مُكرهين- ليس كشخصيه، بل كدُميه بطل ذي وجدان.

تكمن المشكله في عدم وجود اي شيء اخر علي الشاشه يثير الاهتمام. "باتيل" ممثلٌ جدير بالمحبه، لكنه لا يقوم بما يبين لنا ان اختراعه العبقري يعادل اكثر من منزله شخص قاصر.

يلعب "هيو جاكمان" دور منافس لشخصيه "باتيل" الشرير في المكتب؛ ويتامر لاطلاق شرطيه الالي الخاص به –وهو عملاق الي شبيه بحيوان السرطان البحري، وكانه خرج علينا تماماً من فيلم "الشرطي الالي"، ما يجعلك تستغرب كثيراً.

كلما يظهر "جاكمان" في مشهد، وهو يعرض عضلات ذراعه ويتامر خلف ابتسامه متملقه، يستعيد الفيلم قليلاً من القوه. غير ان المجرمين يبدون ناقصي التطور، وتتعرف عليهم بشكل خاص من خلال الوشم المتوهج علي اجسامهم، وطريقه تصفيف شعرهم المشابهه لتلك الخاصه بشعب "موهوك"، السكان الاصليين في امريكا الشماليه. قد يراودك شعور بالرغبه في ارسالهم الي مدرسه اصلاحيه، وذلك لتصنُّعِهم التمثيل.

فيلم "الحي 9" مشهود بما يرمز اليه من العنصريه، ومن المؤكد ان ذلك هو احد اكثر اوجهه اصالهً. اما فيلم "تشابي"، حيث يتقلد البطل الالي سلاسل ذهبيه شاذه الحجم لمغني موسيقي "الراب"، فان الحكايه التي يرمز اليها مبسّطه الي درجه ينتابك معها احساس بوخزه حَرَج.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل