المحتوى الرئيسى

تلسكوب وفيزياء وفلسفة وصحراء وصوت منير.. تعرف على "خلطة شنودة"

03/12 13:49

"تلسكوب..صحراء.. خيمه علي الطراز العربي علي شاطئ البحر الاحمر.. فناجين من القهوه العربي نضجت لتوها علي الفحم.. كتب كثيره متراصه عن الفيزياء ونظرياتها.. وكتب اخري تتحدث عن الفضاء والكون والمجرات..وفي الخلفيه اغاني محمد منير لا تهدا ولا تتوقف ابدا." ربما لا يوجد اي رابط بين الكلمات السابقه، مهما اجهدت نفسك في وضعهم علي استقامه واحده سواء بالطول او بالعرض، وحاولت ربطهم في سياق واحد او الخروج منهم بمعني مفهوم، فالرابط الوحيد الذي يجمعهم ويصنع منهم معني هو ان تكون قد تعرفت علي "شنوده".

شنوده روماني زخاري.. هذا هو اسمه..شاب ليس بفارع الطول ولا عريض المنكبين، هزيل البنيه، يراقب الصحراء والسماء من وراء نظارته الطبيه،، هذا تحديدا هو "شنوده"، هنا جنوب الجنوب، حيث جنوب محافظه اسوان، وتحديدا علي شاطئ احدي القري السياحيه بمرسي علم، هاهنا القت "الريح" بشنوده، اقام خيمه علي الطراز العربي تصنع القهوه ومشروبات اخري علي الفحم لنزلاء القريه ومرتادي الشاطئ، البحر عن شمالك.. السماء فوقك.. حولك صحراء.. ولا شيء اخر، هنا يعيش شنوده واصلا ليله بنهاره، مقيما اقامه كامله، "انت ما بتخافش من العفاريت يا شنوده لما بتبات هنا لوحدك؟" هكذا يمزح معه احد افراد امن القريه المكلف بحمايه الشاطئ، سنوات شنوده الثماني والعشرين كانت كفيله ان تعلمه ببساطه ان "ما عفريت الا البني ادم.. والرب حارس" هكذا يرد علي من حوله.

في الحياه.. يُمكنك طوال الوقت ان تجد لنفسك "معني" يدفعك للاستمرار، حتي لو كانت يد الواقع تطمس حولك كل بارقه امل وتطفئ بقسوه كل نقطه بيضاء تلوح لك علي مسافه، حتي لو كانت كل معطيات حياتك تقول ان الاسوا علي الاطلاق قد كان من نصيبك وحدك، يمكنك ان تتخلي عن الحلم والطموح، عن الامس والغد علي حد سواء، وتختار ان يكون المعني هو ان يسير "اليوم" فقط كما ينبغي، وتقوم ببذل كل طاقتك واقصي جهدك لكي تكون "انسانا" جيدا لمده "يوم" اخر فحسب، هكذا اختار "شنوده".

درس شنوده الفلسفه في كليه الاداب جامعه جنوب الوادي، ظل لمده اربعه اعوام يقطع طريقا طويلا بين مكان سكنه باحدي قري محافظه قنا ومقر جامعته "تقريبا كان سفر.. وماحبيتش ادخل مدينه جامعيه ولا استقر في سكن جماعي."، صعوبه المشوار وعناء الطريق طوال اربعه سنوات لم يمنعه من تكرار التجربه مره اخري، ولمده اربع سنوات اخري، حيث التحق بكليه التربيه قسم الفيزياء في الجامعه ذاتها، "انا دماغي في الفيزياء والفلسفه من وانا صغير، ربنا ساعدني ادرس الفلسفه في تعليمي الاساسي، ودرست الفيزياء بعدها برغبتي، ازاي ما نفهمش فيزياء؟؟ والكون كله حوالينا فيزياء، والهوا اللي بنتنفسه والمياه اللي بنشربها فيزياء، ازاي نقضي عمرنا مش فاهمين؟؟" تلمع عيني شنوده وهو يتحدث عن الفيزياء كانها معشوقته التي قضي معها سنوات طويله حتي صارت جزءا منه وصار جزءا منها، هو يعرف دقائقها، يعرف كيف يتحدث عنها ويصفها، يعرف كيف ينقل حبها لمن يحدثه عنها، وفي الركن الخلفي من خيمته تجد اكوام الكتب المتراصه التي تتحدث عن الفيزياء والفضاء والكون، واسطوانات اغاني محمد منير لا تكف ليلا ولا نهارا "هو اللي يسمع الكينج ويحبه ممكن يسمع غيره؟!" هكذا يؤنس شنوده لياليه الطويله البارده.

ليست الفيزياء هي فتنه شنوده الوحيده، بل ظل لفتره طويله مفتون ايضا بحركه الكواكب والاجرام السماويه من حولنا "ينفع تختار حاجه بتحبها وتعيش عشانها وليها..وتعرف ازاي تستمتع بتعلقك بيها.. محدش فاهم اننا موجودين عشان نعرف ونحب ونتعلق بحاجات..مش مهم امبارح حصل ايه، ولا مهم بكره هيحصل ايه." هكذا يقول شنوده معللا شرائه تلسكوبا يصل ثمنه الي نحو 17 الف جنيها رغم قله دخله "حوشت ثمنه في 3 سنين، كنت بشيل من فلوس اكلي ومرواحي لاهلي في قنا عشان اجيبه، ولما جبته ماقدرتش استمتع بيه في المكان اللي قاعد فيه، عشان قريب مننا منطقه عسكريه، وممكن يفتكروني بعمل مصيبه."

اقنع شنوده اسرته ان التلسكوب ثمنه قليل جدا "لو عرفوا ثمنه الحقيقي كانوا قتلوني!" لكنه لم يكن امامه مفر من ان يحفظ كنزه العزيز في بيت عائلته "واديني بستخدمه علي سطح بيت العائله لما بنزل اجازه، المهم انه ملكي وبس."

الخطوط العريضه التي ترسم واقع حياه شنوده كانت خطوطا بائسه اكثر مما ينبغي، فكان يعمل موظفا في شركه يمتلك راس مالها ابوه واخوه باجر شهري 400 جنيها، كان علي شنوده ان يختار ان يذهب ليعمل بعيدا عنهما ف"الشجار مع الغريب علي الاجر اهون من الشجار مع القريب" هكذا كان منطقه، ذهب ليشق طريقه في مجال السياحه، الي ان وصل به المطاف لهذه الخيمه بمرسي علم، "طلبت من اداره القريه تاجر لي قطعه ارض علي الشاطئ اعمل عليها الخيمه، وفعلا اجروها لي ب 3000 جنيها، وبدفع مياه وكهرباء حوالي 2500 جنيها، يعني مصروفات الخيمه دي بتوصل ل 6000 في الشهر غير المشروبات اللي بجيبها، صافي ربحي في الشهر ممكن يبقي الفين ولا ثلاثه، وفي شهور بتبقي الدنيا هاديه بضطر احط فلوس من جيبي، هذا بخلاف شجارات العمل الدائمه مع اداره القريه." هكذا يروي شنوده ظروف عمله وما يحتمله.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل