المحتوى الرئيسى

الأهلى والسيسى وتجديد الخطاب الإعلامى | المصري اليوم

03/11 22:11

منذ بدات متابعه الكره قبل اربعين عاما، وانا اسمع مقوله نتوارثها جيلا بعد اخر، ونرددها كقاعده مسلم بها ونظريه يقينيه لا خلاف عليها، وهي ان قوه المنتخب الوطني من قوه الاهلي، فاذا ضعف الاهلي ضعف المنتخب وغابت البطولات، حتي اذا اشتد عوده واكتمل نضجه، عدنا مره اخري، وهي متلازمه اراها صائبه الي حد كبير في كره القدم، ما يدفعني لتوسيع دائره القول ان الاهلي من المؤسسات الكبري العاكسه لحال الوطن، والتي يمكن ان نتخذها مؤشرا، مع مؤسسات كبري اخري، لتوصيف حال البلد، اذا كانت قويه عفيه او هامده خامله او فاسده مترهله، ولا اعلم علي وجه اليقين ما اذا كان من قبيل المصادفه او البرهان اثبات ما اقوله بان الاهلي في السنوات الاخيره لم تختلف حاله عن حال البلد، حيث ترهلت ادارته وفسدت واستدانت وتراجعت قوته وهيبته بين الانديه، وكان بعض رموزه محل مساءله في قضايا فساد حكم «مبارك» ومازالوا حتي الان، وتلازم مع هذه الحاله تمسك القائمين عليه بمقاعدهم، الي درجه انهم ذهبوا لاستعداء المؤسسات الرياضيه الدوليه لمنع الدوله من تطبيق بند الثماني سنوات، الا ان فشلهم فتح الباب واسعاً امام تغير شامل في القياده الاداريه، لم يعهده الاهلي من قبل، وهو ما يمكن ان نصفه بـ«الثوره البيضاء» التي اثمرت مجلساً جديدًا شكلاً وموضوعا.

لكن التغيير علي هذا النحو، وبهذه القوه، لم يات لمجرد تعديل لائحه او استبعاد مخضرمين، لكن باراده قويه من الاعضاء (الشعب) الذين استبعدوا بقوه وعنف كل من يمثل النظام القديم بحلوه ومره (الممثل في حسن حمدي واعوانه)، والذي حاول ان يفرض علي الاهلي من يحكمه (ابراهيم المعلم)، لكن اراده التغيير كانت اكبر واوسع واقوي، لدرجه ان تنجح قائمه محمود طاهر بكاملها وبوجوهها الجديده، وهو ما يشبه ما حدث في البلد مع فارق الاحداث والتدخلات السياسيه والاطراف المتعدده، الداخليه والخارجيه، وتعقيدات كثيره وتفاصيل اكثر، لكن النتيجه تقريباً واحده، وهي ان شعبا قام بثورتين وانتهي الي اختيار قياده جديده (الرئيس السيسي) لم تكن في الحسبان، ولا تنتمي للنظام القديم، ولم تلوثها قواعد الانتهازيه السياسيه، وتملك طموحا كبيرا ونقاء داخليا، دفع الناس لانتخابه باغلبيه ساحقه في انتخابات حره.

ومن اوجه الشبه التي تفرض نفسها علي المشهد (مع الفارق الكبير بين حجم وطن وحجم مؤسسه مهما كانت كبيره) ان كلتا الادارتين الجديدتين للاهلي والبلد تواجهان نفس التحديات والمشاكل:

اولاً: جهاز اداري مترهل وعجوز وفاشل وفاسد يقاوم التغيير ويستعصي علي العمل، ويتمسك بكل حقوقه ومكافاته وامتيازاته القديمه، وفي الوقت نفسه ملتحف بالكسل والانهزاميه والتراخي وغياب الدقه والاحترافيه، ويحارب اي دماء جديده تضخ في عروقه المتصلبه، وهو يضعف انتاج اي قياده جديده، ويقلل من حماس اي اداره طموحه تسعي للتغيير والارتقاء بالعمل وتظل مهما كان جهدها وافكارها وطموحها تدفع فاتوره سنوات طويله من تغييب الوعي وقيمه العمل وتغليب المحسوبيه والفساد.

ثانياً: نظام قديم يريد ان يعود، حتي ولو علي «جثه الاهلي ومصر»، وهؤلاء لهم اياد طولي داخل الاجهزه الاداريه ويعبثون بلا ضمير لتفجير الوضع من الداخل، وتاليب الراي العام علي اختياراتهم وارادتهم وتدمير جسور الثقه الممتده بين الناس والقياده التي تحمست لها لتسيد شعار «يا ريت القديم يرجع تاني»، وهو الشعار الذي يريدون ان يسود ليسربوا الاحباط الي نفوسنا ونسلم لهم الاهلي ومصر.

ثالثاً: بقدر ما تحتاج مصر الي تجديد الخطاب الديني، فانها تحتاج اولاً الي تجديد الخطاب الاعلامي، وهو نقطه مشتركه ثالثه تجمع بين الاهلي كمؤسسه صغيره، لكنها كاشفه، وبين البلد او الوطن الكبير، فاذا كان اعلام حسن حمدي، حتي بعد غيابه عن المشهد، يسيطر بتضخيم السلبيات وتجنب الحديث عن الايجابيات وتصدير ازمات لا تدخل في موضوع التقييم والمراقبه او النقد، لكن للتشهير والافشال، فان اعلام نظام «مبارك» هو الذي يفرض نفسه بصوته العالي وحماقاته علي النظام السياسي، وهذا النوع من الاعلام يرفض ان يستوعب ان الثوره قامت، والوجوه والقلوب تغيرت، وعقارب الساعه لن تعود للخلف، وان مقاومه التغير ستاكلنا جميعاً، وهم في المقدمه، والطريق الذي ينجينا هو تعديل الخطاب الاعلامي من الانتقام والتشهير والتقزيم والتضخيم والتهويل، الي خطاب الانتقاد الايجابي، فنحن جميعاً شركاء في بناء الوطن، لاننا جميعاً مشاركون فيما حدث من انهيار، ولو بالصمت والخضوع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل