المحتوى الرئيسى

"ساق البامبو"..مكانان وحكاية اغتراب

03/10 16:04

في لمحه اولي يوهم السنعوسي القارئ ان الروايه مترجمه عن الفلبينيه، ويضع في مقدمتها استهلال المترجم وتوضيحاته بانه ينقل العمل كما جاء من كاتبه، ويخاتل قارئه ايضا ان صاحب العمل هو هوسيه ميندوزا، لكنها ليست اكثر من حيله لتوريط القارئ، وربما لمارب اخري في نفس السنعوسي الذي يقترب من مناطق خطره مثل "البدون" في الكويت وجدل الاديان التي يحار بطلها ذو الاب الكويتي (المسلم) والام الفلبينيه (المسيحيه) ايهما يختار.

يعالج صاحب "سجين المرايا" اشكاليه الهويه ويمر علي تاريخ قريب للكويت، وماسي حرب الخليج الثانية، وما خلفته علي البلد بعد احتلال عراقي، ويعرج علي الواقع الاجتماعي، بيد انه اذ يفعل ذلك يلتقط حكايه عن مثقف موسوعي ومناضل وروائي كويتي يتزوج خادمه العائله العريقه(الطاروف)، ولانه انساني فقد شاء للعلاقه ان تكون زواجا يوثقه ويدفع ثمنه اقصاء العائله وتنكرها له، لكنه يرضخ تحت ثقل العرف الاجتماعي ويرحل جوزفين وابنها الي الفلبين.

وهناك حيث بيوت الصفيح والجد ميندوزا -الذي ينتسب عيسي ابن الزواج الشرعي اليه- ينشا الطفل ويفتح عينيه علي فقر مدقع وامل ام بان ابنها كويتي سيعود في النهايه الي "الجنه الموعوده"، يُعمّد الفتي هوزيه مع انه مسلم بحكم الزواج والوثيقه التي تحملها امه وعليها توقيع الشهود.

تبدو الاديان التي يتعرف عليها (الكويتي-الفلبيني)، المسيحيه القادمه من احتلال اوروبي والبوذيه ديانه الفلبين الاصليه والاسلام الوثيقه، مازق هويه حقيقيه، لكن الفتي يجمعها اليه كما فسيفساء يتصالح معها ويرتاد الكنيسه والمعبد، بانتظار عوده تؤمله امه فيها لارتياد المسجد هناك حيث بلد الوالد.

وبينما يكبر الولد، يقضي الوالد (راشد الطاروف) في الشطر الاخر من مكان الحكايه في الكويت، علي يد "المحتل العراقي" تاركا لصديقه غسان "البدون" وصيه لاعاده عيسي-هوزيه الي الكويت، ليعود الفتي محملا بالاماني عن الجنه الموعوده.

في اوبته لا ينال الابن رضي العائله، فملامحه الفلبينيه "فضيحه" لا تحتملها العائله العريقه، فيعود في نهايه الحكايه الي بلد جده، ويتزوج من "ميرلا" ابنه خالته وينجب منها راشد اسم الوالد الذي قضي مدافعا عن بلاده. ذلك ملخص الحكايه الذي يضيع منه تفاصيل واشراقات هي مرتكز العمل وجوهر ابداعه.

يعرض السنعوسي للفلبين ويوجز تاريخها ويصف جغرافيتها وكان الوهم الذي اراده عن ان الروايه مترجمه يكاد ينطلي علي القارئ، مستفيدا علي ما يبدو من اقامه طويله للروائي الكويتي اسماعيل فهد اسماعيل هناك، والكاتب وان كان معنيا ببلاده فانه يحفر عميقا في ثقافه الفلبين المصابه هي ايضا بهويتها، جنوب مسلم وشمال مسيحي وبوذا له ارثه هناك ولغه احلاليه يفرضها المستعمر الاسباني.

وما دام الحديث عن استعمار للفلبين يظهر (خوسيه ريزال) بطل الفلبين القومي في مقاومه الاستعمار وتظل مقولاته خلفيه تضيء بطل العمل من جهه ومفاتيح لنصوص الروايه، ولا حرج لدي السنعوسي، فالبطل مقاوم انساني تصح مقولاته هاديا لكل المقموعين.

ولدي ريزال "لا يوجد مستبدون حيث لا يوجد عبيد"، كما "ان الذي لا يستطيع النظر وراءه الي المكان الذي جاء منه لن يصل الي وجهته ابدا". ولا يخطئ ريزال في نبوءته، فالفتي يعود لكن سؤالا مشرعا يظل عن المكان الذي جاء منه هل هو الكويت (ظهر الوالد) ام (رحم الام) الفلبين وفي مالات الحكايه فان الرحم هو المكان الذي يصله هوزيه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل