المحتوى الرئيسى

ساندوتش الموت.. وجبة على الرصيف

03/08 09:17

اغذيه «الرصيف» تنتشر في العديد من المدن.. والسؤال الذي يفرض نفسه: اين دور الاجهزه الرقابيه والمحليات في منع تداول تلك السموم التي تصيب الصغار قبل الكبار بالعديد من الامراض، نظراً لما تحتويه من مواد مجهوله في بعض الاحيان او لانتهاء صلاحيه البعض منها.

وتعد قضيه تلوث الغذاء في مصر.. من اهم القضايا الملحه التي يجب ان ينظر اليها المجتمع بعين الاعتبار، مع تكاتف جهود الدوله من اجل وضع حد لهذه الكارثه، خاصه انها سلع متدنيه القيمه الغذائيه ومجهوله المصدر، حيث تباع باسعار رخيصه، ويروج لها الباعه علي الارصفه وفي الطرقات والمواصلات العامة، وبالتالي فهي مضره بصحه المواطنين، وذلك بعد ان ثبت خطورتها في الاصابه بالامراض الخطيره ابرزها السرطان، خاصه عند الاطفال، لانهم الفئه الاكثر اقبالاً علي تناول اطعمه الشوارع، وهو ما يعد امراً خطيراً للغايه، خاصه ان البسطاء يقبلون عليها وفي مقدمتهم العمال، واطفال الشوارع، بل وايضاً التلاميذ لرخص اسعارها.

التقطت عدسه «الوفد» صوراً واقعيه ليست بحاجه الي تعليق، حيث اختفت ارصفه الشوارع وتحولت الي ملكيه خاصه للبائعين الجائلين الذين اعتبروها اسواقاً مفتوحه لنشر بضائعهم مجهوله المصدر، التي تحظي بقبول شديد لدي المواطنين لرخص اسعارها.

فمنطقتا العتبه والموسكي تعتبران من المناطق التي تنتشر فيها اغذيه بئر السلم في الاسواق بتقليد ماركات عالميه، خاصه في مجال السلع الغذائيه كبعض انواع البسكويت والالبان البودره والحلويات واللانشون ومصنعات اللحوم والرنجه وزيوت الطعام، ويحتشد الباعه بالفرش علي الارصفه وعلي السيارات وكل ما تقع عليه اعينهم من اماكن لعرض بضائعهم.

في شارع البارودي الملاصق لشركه الدخان بحي الجيزه، يقوم احد البائعين بعرض معلبات مجهوله المصدر وغير مكتوب عليها تاريخ الصلاحيه من عبوات الجبنه المثلثه واللانشون والبلوبيف والبسكويت والشيكولاته والفينو.. وما شابه ذلك، كما يوجد بالشارع ايضاً اكثر من مقهي عباره عن منضده وعليها موقد كيروسين ومجموعه من الاكواب ويبيعون الشاي للباعه، في ظل غياب تام لاجهزه الرقابه والامن!

وفي شارع الفلكي بباب اللوق نجد عربات للكبده والسجق مشكوك في مصدر ما تقدمه للمواطنين، ما يتسبب حتماً في الاصابه بالاوبئه والامراض.

وامام محل شهير بميدان النعام بحي المطريه رصدنا مشهداً فوضوياً سيئاً لانتشار الباعه الجائلين من باعه المشروبات والسلع الغذائيه والاستهلاكيه المختلفه علي الارصفه.

ذكر حمادي علي، يبلغ من العمر 52 سنه: ان اسعار السلع والمنتجات الغذائيه مرتفعه. وتساءل: «منين هنشتري لحوم او فراخ، وراتبي لا يزيد علي 350 جنيهاً، نحن نعيش بطلوع الروح ودائماً بنقول يا رب افرجها».

فيما نفي ايمن محمد، «36 سنه»، «ارزقي»: جوده اغذيه الشوارع، وذكر ان المشتري يتخوف من نوعيه هذه المنتجات الموجوده علي الرصيف، وانه يفضل شراء نصف كيلو من اللحم من عند الجزاره كل شهر مره افضل من شراء نوعيه لحوم يتشكك في مصدرها.

بات من الضروري انشاء «وزاره سلامه الغذاء» لتنظيم سبل التعامل مع تصنيع، وتخزين الغذاء، والتاكد من تحقق متطلبات سلامه الغذاء وممارسه جميع الصلاحيات والاختصاصات اللازمه التي تقي من الاصابه بالامراض المنتقله عن طريق اغذيه الشوارع الفاسده.. هكذا اكدت الدكتوره سعاد الديب، نائب رئيس الاتحاد العربي للمستهلك ورئيس الجمعيه الاعلاميه للتنميه وحمايه المستهلك.

مؤكده ضروره وضع القواعد الملزمه لسلامه الغذاء وفقاً للمعايير الدوليه المعمول بها، والتعاقد مع المعامل المعتمده، والقادره علي القيام بالفحوصات اللازمه بكفاءه وفاعليه لتنفيذ عمليات التفتيش الرسميه والمهام الرقابيه.

واشارت الي ان مصانع بئر السلم هي التي حولت مصر لسوق مفتوحه لنفايات العالم وبقايا الاطعمه منتهيه الصلاحيه من الدرجه العاشره، فمنعدمو الضمائر يرغبون في تحقيق الارباح الطائله علي حساب صحه ابناء وطنهم، يضاف الي ذلك ضعف الرقابه من المعامل المركزيه لوزارتي الزراعه والصحه، وهو ما ادي الي انتشار غير مسبوق للاغذيه الفاسده والمهربه بكافه اشكالها.

وتوضح الدكتوره «سعاد»: انه لا يمكن ان نلوم علي المواطن والاجهزه المنوط بها حمايته، لان جهاز وجمعيات حمايه المستهلك لا تمتلك حق الضبطيه القضائيه، ودورها يقتصر فقط علي مجرد توعيه المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم، والتاكد من صلاحيه الغذاء من عدمها، ومن ثم فقانون حمايه المستهلك مطلوب تعديله.

وتضيف الدكتوره «سعاد»: نحن نمتلك ترسانه من القوانين تحتاج لتعديلات لكي تكون العداله سريعه وناجزه، لان التباطؤ في ملاحقه المخالفين يشجع علي الفساد.

من جانبه يطالب الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنه الدفاع عن الحق في الصحه، جهات الرقابه ومعامل وزاره الصحه بتكثيف الجولات الرقابيه، للتاكد من سلامه هذه المصانع وجوده منتجاتها الغذائيه وسلامه تاثيرها علي المستهلك.

اما الدكتور هشام عطيه الشخيبي، مدير المركز القومي للسموم بكليه طب قصر العيني، فيري ان التسمم الغذائي ياتي نتيجه تناول اغذيه ملوثه بالبكتيريا او السموم، واعراضه مباشره تبدا بعد مرور بضع ساعات وهي النزلات المعويه الحاده والغثيان والصداع والام البطن والمغص والتقيؤ والاسهال وحمي التيفود والتهاب العظام والمفاصل وضيق التنفس.

واشار الدكتور «الشخيبي» الي ان ظاهره الاغذيه الفاسده ترجع لغياب الضمير، وقد يكون السبب ايضاً ضعف العقوبه الموقعه علي منتجي هذه الاغذيه التي لا ترتقي لحجم الجرم الناجم من تداول اغذيه الموت، مما يستلزم تشديد العقوبه، وطالب بانشاء هيئه او وزاره جديده تكون مهامها التفتيش علي اماكن تداول الغذاء، وعلي العاملين فيها، ومنح شهادات الصلاحيه اللازمه لانتاج الغذاء محلياً، ومنع الغش والتدليس فيه، بالاضافه الي منع تداول الغذاء غير الصالح للاستهلاك الادمي، ووضع الاجراءات والتدابير الضروريه لمواجهه حالات الطوارئ.

اما الدكتور سمير قابيل، استاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي والامراض المعدية، فيقول: ان اغذيه الشوارع لديها القدره علي نقل العديد من الامراض من شخص الي اخر، وهو ما يسمح بنمو البكتيريا المسببه للتسمم الغذائي، وبالتالي يجب سن القوانين، ومراقبه اماكن اعداد الاطعمه، لان عليها القدر الاكبر من المسئوليه تجاه المستهلك، الذي ينبغي بدوره ان يقوم بشراء اللحوم والانواع الاخري من الاطعمه من اماكن معتمده وذات خبره في حفظ الاغذيه، حتي نمنع تكاثر البكتيريا، والتي غالباً ما تحتاج الي درجات حراره معتدله للنمو، وكذلك الاهتمام باماكن التحضير بعيداً عن عوامل التلوث كالصرف الصحي او القمامه، وايضاً تاهيل العاملين من الناحيه التثقيفيه فيما يخص النظافه البدنيه وغسل اليدين جيداً قبل عمليه التحضير، خاصه اولئك الذين يشتكون من نزلات معويه، مع اهميه عدم ترك الاطعمه مكشوفه او معرضه للحشرات او الجو الحار لفترات طويله، واستعمال القفازات عند لمس الاطعمه والتخلص من نفايات الماكولات التي تغير لونها او طعمها او رائحتها بشكل يومي، والاحساس بالمسئوليه تجاه المستهلكين، وعدم التصرف من منطلق مادي بحت.

ويضيف «قابيل»: ان هذه الامراض المنقوله عن طريق الاغذيه قد تسفر عن مشكلات صحيه دائمه او الوفاه في بعض الاحوال، وخاصه في حاله الافراد ذوي معدل خطوره عاليه، منهم الاطفال الرضع والحوامل، وكذلك كبار السن، بالاضافه الي اخرين ممن يعانون ضعفاً في اجهزه مناعتهم.

مشيراً الي انه غالباً ما تنجم الامراض المنقوله عن طريق اغذيه الشوارع من الاعداد والتجهيز المفتقر لشروط السلامه الصحيه، والتخزين الرديء، بالاضافه الي اختلاطها بالمواد السميه.

فيما تؤكد الدكتوره كوكا سعد الدين، استاذ امراض الفيروسات والمناعه بالازهر، ان هناك عوامل مرضيه كامنه في اطعمه الشوارع لا تري بالعين المجرده كالجراثيم والفيروسات والطفيليات الصغيره بانواعها المختلفه، كما تسفر الملوثات الكيميائيه كبقايا المبيدات ومفرزات العوامل الممرضه او الباثوجين، وهو ما يلوث الاطعمه ويتسبب في الاصابه بالامراض الخطيره، التي تؤدي للموت، وبالاخص عند الافراد الضعفاء كالاطفال والمسنين وضعيفي المناعه، اما اكثر اعراض المرض المنقوله بسبب الاطعمه الملوثه شيوعاً فتمثل في المغص والقيء والام الراس او العضلات وارتفاع الحراره، حيث تظهر هذه الاعراض عاده بعد تناول الطعام الملوث بفتره تتراوح من 12 الي 72 ساعه، ومن المحتمل ان تظهر مبكره بعد نصف ساعه او متاخره جداً بعد مرور 4 اسابيع.

ومن جانبه، يقول الدكتور ابراهيم اسماعيل، خبير التغذيه، رئيس الجمعيه المصريه للتوعيه من اجل الصحه والتنميه: من المؤسف انتشار ظاهره بائعي اطعمه الشوارع، وهو ما يعد احد مصادر تلوث الغذاء، لان بائع الشارع لا يكون له موقع ثابت للبيع، وبالتالي لا تخضع بضائعه للرقابه او التفتيش، ويقدم خدمه غذائيه قليله التكاليف.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل