المحتوى الرئيسى

«هيئة التنسيق» السورية أمام مفترق طرقاجتماع قيادات مع «ائتلافيين» و«إخوان» تفجر الخلاف

03/07 02:32

«هيئه التنسيق الوطنيه» السوريه في كمين الانشقاق. الهيئه التي شكلت محور المعارضه الداخليه السوريه، وقطبها الاساسي، خلال الاعوام الاربعه، قد تكون في طريقها الي تضييع رصيدها، اذا لم تتمكن من حسم خلافاتها الداخليه، والتفاهم علي رؤيه مشتركه بين تياراتها.

ليس دقيقاً القول ان في تاسيس هيثم مناع، نائب المنسق العام للهيئه، لحركه «قمح» دلالات الي حسم الجميع مواقفهم، والذهاب نحو طلاق لا مناص منه بين تيارين رئيسين، يتجاذبهما رهانان: القاهره او اسطنبول، المحور العربي القرار، او الركوب مع «الائتلافيين» وجماعه «الأخوان المسلمين» مركب الوصايه التركيه، علما ان الهيئه باكملها تؤيد اجتماع القاهره.

لكن التيار، الذي يقوده «حزب الاتحاد الاشتراكي» و «حزب العمل الشيوعي»، ينفرد بالدعوه الي المزاوجه بين الاستراتيجيتين، والجمع بطريقه غير واقعيه بين التعامل مع مصر، التي تدعو الي عزل «الاخوان»، وبين تركيا «الاخوانيه» التي تدعم نفوذهم في كل الاطر السياسيه.

وكانت الازمه اندلعت بعد ان قام مسؤولون «تنسيقيون» كاحمد العسراوي، وخلف الداهود، وصفوان عكاش، وزكي الهويدي، بلقاء نظرائهم «الائتلافيين» احمد رمضان، وهشام مروه، وعبد الاحد اصطيفو، وهادي البحره، في ضاحيه باريسيه وبرعايه فرنسيه.

ويعتبر تيار مهم داخل الهيئه اجتماع باريس بمثابه طعنه للقاء القاهره، فـ «الائتلافيون» الذين حضروا، ينتمي اثنان منهم الي «الاخوان»، وهي الجهه التي عملت منذ بدايه الأزمة السورية، علي وضع يدها علي الكتل السياسيه للمعارضه في الخارج، وعملت علي عزل المعارضه الداخليه، متهمه شخصياتها بالعماله للنظام، ونقضت اكثر من اتفاق معها، ومنعت اشراكها في اي وفد تفاوضي ابان جنيف واحد واثنين. كما عملت علي اسلمه المعارضه وعسكره الحراك وتطييفه، ورفعت شعار التدخل الخارجي. وكلها شعارات تتناقض مع الخط المعلن لـ «هيئه التنسيق».

وكان لقاء القاهره، في كانون الثاني الماضي، قد منح زخماً سياسياً نسبياً الي «هيئه التنسيق». ونجح الاجتماع، الذي عقدته شخصيات مستقله و «تنسيقيون»، قادهم هيثم مناع وحسن عبد العظيم، بالتوصل الي ورقه مشتركه من 10 نقاط، تشكل اساساً صالحاً للتفاوض مع النظام السوري.

وكان هدف «التنسيقيين» والخارجيه المصريه، التي رعته في الظل عبر ديبلوماسي مصري يعمل مع الوسيط الاممي ستيفان دي ميستورا واخر من مسؤولي الشؤون العربيه، هو الاستفاده من فشل «الائتلاف» وترنحه المتواصل بين اجنحته، القطريه والسعوديه والتركيه وغيرها. ونجح اجتماع القاهره في تبيان الصدع الذي يعاني منه «الائتلاف»، في اجتذابه احمد الجربا، وفايز ساره، الجناح الاقرب الي السعوديه.

واتاحت مبادره موسكو ايضاً، ومؤتمرها في ٢٦ كانون الثاني الماضي، نافذه لاعاده الاعتبار الي المعارضه الداخليه، كطرف رئيس في اي عمليه سياسيه. وكان اجتماع القاهره ايضا يستجيب لحاجه مصريه لاستعاده المبادره وتجميع المعارضه الداخليه، التي لم تولها، لا تركيا ولا «اصدقاء سوريا»، الاهتمام الكافي، وراهنت علي «الائتلافيين» وحدهم، قبل ان تعيد حساباتها، لا سيما الاتحاد الاوروبي الذي لم يعد، منذ تقرير سياسته الجديده تجاه سوريا قبل شهرين، يري «الائتلاف» ممثلا حصرياً للمعارضه السوريه. لكن الورقه الاخيره التي تحفظ لـ «الائتلاف» بعض القوه، هي ما يردده «الائتلافيون» من اعتراف اكثر من مئه دوله بهم، وهو ما لم تحصل عليه اي كتله معارضه سواهم.

ويبحث المصريون عبر منح المعارضين في الداخل ساحه عربيه، ومظله سنيه عربيه كبيره، الي التمهيد لتفعيل سياستهم في سوريا، وايجاد نقاط ارتكاز تنافس الاتراك في الداخل السوري، في اطار المواقف التي اطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تختلف عن المحور الخليجي - التركي، في اعتبارها الحل سياسياً اولاً، متضمنا مشاركه الرئيس بشار الاسد في التوصل اليه. ويعد العمل علي استعاده المعارضة السورية جزءا مكملاً من جهود المصريين لعزل «الاخوان المسلمين»، في كل الساحات التي يمكن لهم القيام بذلك، في غزه، وفي سوريا.

وتلتقي تلك الرغبه مع قراءه داخل بعض اجنحه «التنسيق» التي تعتبر انه لا بد من اضعاف «الاخوان»، والاتيان بهم طرفاً من بين اطراف اخري، وليس كطرف مقرر ومهيمن، كما هي الحال اليوم. كما ان الذهاب للاجتماع في باريس بممثلين عن «الاخوان»، في لحظه تراجع لنفوذهم، يعد هديه مجانيه لاعاده تاهيلهم، ومدهم باسباب القوه. وفضلا عن الحاجه لاضعافهم، فان اللقاء بهم يتجاوز النقاط العشر التي تم تبنيها في القاهره، ويتجاهل وجود خلاف جوهري مع «الائتلاف» و «الاخوان» في طبيعه المرحله الانتقاليه. فبينما يدعو «الاخوان» الي هيئه حكم انتقاليه تحرم الرئيس السوري من صلاحياته، تتبني الهيئه وجهه اكثر مرونه، وحكومه انتقاليه تقاسم الاسد صلاحياته، وهي شروط في اساس انجاح اي عمليه سياسيه في سوريا.

ان اختيار القاهره كمركز لاجتماع يبحث في توحيد رؤيه المعارضه، يستبعد تلقائيا مشاركه «الاخوان»، الذين رفضت مصر منحهم سمات الدخول، وابعدت هشام مروه من مطار القاهره.

ويمكن القول ايضا، ان المصريين يطمحون الي اقتسام المعارضه السوريه، ونقل كتله مؤثره منها الي القاهره، بديلاً عن اسطنبول. وجلي ان المصريين قد راوا في لقاء باريس صفعه من معارضه الداخل لجهودهم. وليس مؤكدا باي حال ان يكون المصريون قادرين علي تقديم الدعم السياسي المطلوب، ولا منافسه التسهيلات اللوجستيه او الماليه التي تقدمها اسطنبول للجماعات المعارضه التي تؤويها. والاغلب ان المصريين لا يملكون القدره علي تحقيق طموحاتهم في سوريا، وهم يعولون علي اراده المعارضه الداخليه نفسها، بالتملص من هيمنه الائتلاف «التركي - الاخواني»، لبناء محور سوري معارض، يسهم في بناء مبادرتهم المستقبليه تجاه سوريا.

وواضح ان اجتماع باريس، الذي عقد بدعم فرنسي، وتنسيق تركي، يستهدف قبل كل شيء، منع انصار «القاهره» من التقدم. وتجاهل بيانهم، الذي لم يات بجديد اكثر من استعاده بيان جنيف كاساس لاي حل، اي اشاره لنقاط القاهره العشر. بل انه اعتبر نفسه استكمالا لحوار القاهره، الذي جري بين «الائتلاف» و «التنسيق».

وعمل فرانك جيليه، السفير الفرنسي المشرف علي ملف المعارضه السوريه، علي اقناع «هيئه التنسيق»، بوجهه النظر التركيه نفسها. ويشارك الفرنسيون الاتراك الاعتقاد انه ينبغي الابقاء علي «الاخوان المسلمين» كافضل قوه منظمه نواه للمعارضه السوريه الخارجيه. وحاول جيليه اقناع مسؤولين من «التنسيق»، بعد اعوام من مقاطعتهم لاتهامهم بالتعامل مع النظام، بعدم عقد الاجتماع التشاوري للمعارضه في القاهره، وانما في باريس. واقترح الاميركيون عليهم من جهتهم، ضم بسمه قضماني الي لائحه المدعوين الي اجتماع تشاوري للمعارضه، فقوبلوا بالرفض.

واستيقظ المسؤول الاميركي عن الملف السوري دانيال روبنشتاين، بعد اعوام من تجاهل الهيئه، فارسل كتابا الي منسقها العام حسن عبد العظيم قال فيه انه سعيد «لسماع المناقشات والاتصالات بين هيئه التنسيق والائتلاف ومعارضين سوريين اخرين في الاشهر والاسابيع والايام الاخيره، وان المناقشات الاخيره اعتبرت مثمره وايجابيه من قبل المشاركين. ونحن نعتقد ان هذه التطورات السياسيه بين السوريين من خلفيات متنوعه جوهريه، في اعداد الارضيه للتوصل الي حل سياسي ينهي معاناه الشعب السوري».

وعكس موقف المكتب التنفيذي لـ «هيئه التنسيق» في تبنيه اجتماع باريس والقاهره معا، محاوله غير ناجحه للتوفيق بين انصار العاصمتين. لكن ذلك لم يمنع خروج الخلاف الي العلن. وطالب اعضاء في الهيئه، في بيان، برفض الاجتماع الفرنسي ونتائجه. وبات مؤكدا ان جزءا كبيراً من تيار يلتف حول هيثم مناع، سيقرر قريبا مغادره الهيئه، التي قدم الي مكتبها التنفيذي ثلاثه استقالات متواليه بعد كل ازمه.

ومن المحتمل ان يكون تشكيل اطار «قمح»، الذي جري البحث به، قبل اشهر من اندلاع الازمه، عنصراً مساعداً في تسريع الطلاق بين المجموعتين. والراجح الا تشهد الهيئه ذلك قبل انعقاد مؤتمر القاهره التشاوري للمعارضه في 24 نيسان المقبل، ليتقرر علي ضوء نتائجه الوجهه السياسيه والتحالفيه للمشاركين، وقدرتهم علي تجاوز التشكيلات القائمه، وهذا رهان هيثم مناع الاول.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل