المحتوى الرئيسى

تباطؤ الاقتصاد الصيني

03/06 14:50

منذ العام 2010، تباطا النمو الاقتصادي للصين الي حد كبير، وقد يستمر التباطؤ، وهو الاحتمال الذي يقض مضاجع المستثمرين والاسواق حتي الي ما وراء حدود الصين.

فبعد ان اصبح العديد من محركات النمو التقليديه في الاقتصاد العالمي، مثل الولايات المتحده، عالقه عند سرعه متدنيه، اكتسب اداء الصين اهميه متزايده.

لكن الان انخفضت معدلات نمو الصادرات الصينيه والمؤشرات المرتبطه بها في التصنيع، ويرجع هذا الي حد كبير الي ضعف الطلب الخارجي، خاصه في اوروبا.

وتعمل السلطات الصينيه علي خفض اعتمادها تدريجيا علي محرك النمو الحالي في البلاد، الا وهو الاستثمار في القطاع العام، لان المشاريع ذات العائد المنخفض تعمل علي زياده الطلب الكلي كما يبدو، لكنها سرعان ما تثبت انها غير قابله للاستمرار.

وتستخدم الحكومه مجموعه متنوعه من الادوات، بما في ذلك الانضباط الائتماني في القطاع المالي، بهدف كبح جماح الطلب علي الاستثمار. وفي الاساس، تسحب الضمانات الحكوميه المرتبطه بتمويل استثمارات القطاع العام، كما ينبغي لها ان تفعل.

لكن بينما يتم التحايل علي القيود في النظام المالي الذي تهيمن عليه الدوله، ينشا نظام الظل المصرفي، الذي يثير مخاطر جديده، التشوهات الاقتصاديه، والاعتماد علي الروافع الماليه (الاستدانه) المفرطه لدفع عجله النمو في قطاعات المستهلك والعقارات والشركات وكذلك القطاعات الحكوميه، والمخاطر المرتبطه بعدم كفايه التنظيمات. ونتيجه لهذا يشعر المستثمرون بالقلق ازاء احتمال انزلاق الصين الي نموذج النمو القائم علي الاستدانه المفرطه، الذي الحق الضرر بالعديد من الاقتصادات المتقدمه.

لقد قيل الكثير عن الاستهلاك المحلي بوصفه محركا للنمو الصيني في المستقبل. ولكن جوستين لين، كبير خبراء البنك الدولي سابقا، زعم بقوه ان الاستثمار سوف يظل، ولا بد ان يظل، محركا اساسيا للنمو، وان الاستهلاك المحلي في نمط النمو الصيني لا ينبغي له ان يُدفَع الي ما يتجاوز حدوده الطبيعيه فيتحول الي نموذج من نماذج الافراط في الاستدانه يقوم علي ارتفاع الديون الاستهلاكيه.

الواقع ان هذه الحجه تبدو سليمه، ومكمن الخطر هنا هو ان يفسر تحذير لين باعتباره حجه للتمسك بنموذج قائم علي الاستثمار، وهو ما من شانه ان يعني ضمنا المزيد من انخفاض عائدات مشاريع القطاع العام والقدره الفائضه في صناعات منتقاه. ان الهدف الصحيح لتوليد النمو يتلخص في زياده الطلب الكلي المحلي استنادا الي ايجاد المزيج الصحيح بين الاستهلاك والاستثمار ذي العوائد المرتفعه.

ولا توجد طريقه حقيقيه لتبديد هذه المخاوف بسرعه. ولن يستقر الامر بطريقه او اخري الا من خلال الوقت، وتنفيذ الاصلاحات السياسيه والنظاميه التي سيكشف عنها في خريف هذا العام والاداء الاقتصادي الفعلي.

ان التحول في نمط النمو، في حال نجاحه، سوف يتحقق علي مدي عده سنوات. لذا يتعين علينا ان نبحث عن التحرك في الاتجاهات الصحيحه، وهو امر واضح الي حد كبير.

ومن بين هذه التحركات التحول في الميزه النسبيه، ان زياده الدخول تتطلب زياده الانتاجيه، وهذا يعني زياده كثافه راس المال وراس المال البشري عبر كل من القطاعات القابله للتداول وغير القابله للتداول في الاقتصاد.

فعلي الجانب القابل للتداول، ينبغي لنا ان نبحث عن التغير البنيوي والتحول في الناتج نحو مكونات القيمه المضافه العليا لسلاسل العرض العالميه. وهنا يلعب الابداع والظروف الداعمه له -بما في ذلك المنافسه والدخول والخروج من السوق بحريه- دورا مهما.

فاذا اختار صناع السياسات نموذجا قائما علي القطاع الضخم الذي تهيمن عليه الدوله والمحمي من المنافسه الداخليه والخارجيه، فمن غير المحتمل ان تتحقق اهداف الابداع والابتكار، وهو ما من شانه ان يؤثر سلبا علي النمو في المستقبل.

وفي الوقت نفسه، لا بد ان ينمو القطاع غير القابل للتداول، فمع اكتساب الصين المزيد من الثراء، فان المواطنين المنتمين الي الطبقه المتوسطه لن يكتفوا بشراء المزيد من السلع القابله للتداول مثل السيارات والاجهزه الالكترونيه والمنزليه فحسب، بل انهم سوف يشترون ايضا المساكن ومجموعه من الخدمات غير القابله للتداول. وتستلزم الاستجابه الفعاله من جانب العرض لهذا المصدر الضخم والمتنامي للطلب الاصلاح التنظيمي للعديد من الخدمات، بما في ذلك التمويل، وسلامه المنتجات، والنقل، والخدمات اللوجستيه.

ولكن الاسر لا تزال تسيطر علي حصه ضئيله للغايه من الدخل وتدخر بمعدلات مرتفعه للغايه. والواقع ان السيطره علي الدخل من خلال قطاعات الشركات والقطاعات العامه المتداخله تيسر من محاولات دفع نموذج النمو القائم علي الاستثمار الي نقطه العائدات المنخفضه (او حتي السلبيه). لذا فان النظام المالي باكمله يشكل بندا حاسما علي اجنده الاصلاح في الصين، خاصه اداره راس المال العام.

وسوف يحدد الاصلاح المالي العديد من الامور، مكونات الدخل والطلب المحلي الكفيله بدفع التغيير البنيوي علي جانب العرض، وتخصيص الدخل والانفاق عبر مستويات الحكومه المختلفه، والحوافز الاصيله التي يمليها هذا التخصيص ضمنا. والواقع ان هذا الجزء من اجنده الاصلاح هو الاقل وضوحا خارج الصين.

ولا بد علاوه علي ذلك من تعزيز الخدمات الاجتماعيه والضمان الاجتماعي من اجل عكس نمط اتساع فجوه التفاوت. ووراء ذلك يعتمد النمو الاكثر شمولا علي اتمام عمليه التوسع الحضري التي تدعم التاسيس لاقتصاد حديث، والتصدي للفساد وعدم المساواه في القدره علي الوصول الي الفرص المتاحه في السوق، وتخفيف المشاكل البيئيه الخطيره والمعروفه جيدا.

ومع مواجهه العناصر المهمه في الاقتصاد العالمي والطلب الخارجي لرياح معاكسه قويه، يشكل قبول الصين (حتي الان) لتباطؤ النمو، في حين تبدا محركات النمو الجديده في العمل، علامه طيبه في اعتقادي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل