المحتوى الرئيسى

حسام عيتاني يكتب: من صدّام وإليه

03/06 14:45

يحاصرنا صدّام حسين. اذا قيل ان التمدد الايراني بات خطراً جدياً علي الدول العربية ومصالحها، ظهر من يرد ان الحل الوحيد الناجع في مواجهه الاطماع الايرانيه هو ذاك الذي اتبعه ديكتاتور العراق السابق ودليله ان النفوذ الايراني ظل ملجوماً الي ان اطاح الغزو الامريكي بصدام.

وعند الحديث عن مواجهه اسرائيل، يحضر صدام بصفته الرئيس العربي الوحيد الذي تجرا علي اطلاق صواريخه البعيده المدي علي قلب «الكيان الصهيوني». اما الاكراد المتهمون بحرق القري العربيه في الحسكه هذه الايام فصدّام مدرسه في التعامل معهم، من اداره العمليه السياسيه التي افضت الي معاهده 1970 واعلان الحكم الذاتي في 1972، ثم ابادتهم في عمليه «الانفال» التي دشنت استخدام الأسلحة الكيماوية في الصراعات الداخليه، بعد ان تمردوا عليه.

التنميه والتعليم والخدمات الصحيه كلها شهدت انجازات في عراق صدام حسين ناهيك عن بناء جيش ضخم مسلح بعتاد حديث علي ما يقال. بل ان اعدامه برهان علي نجاحه بعدما اثار غضب المتامرين. عليه، لا يكون امامنا من حلول لمشكلاتنا المستعصيه غير احياء صدام حسين، كنهج في الحكم علي الصعيدين الداخلي والخارجي.

هذه المواقف التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الحواريه، تتجاهل جمله من الحقائق التي ترقي الي مستوي الدروس في التعامل مع الانظمه الشبيهه بنظام صدام حسين والظروف التي انتجته. من الحقائق تلك ان نظام صدام واشباهه يشكل نهايه مسار سلكته المجتمعات العربيه بين الخمسينات والسبعينات، وان المسار هذا ساهم مساهمه حاسمه في وصول منطقتنا الي ما هي عليه اليوم.

انسداد افاق التطور في العلاقات الداخليه ونبذ التداول السلمي للسلطه وسياده العقليه الانقلابيه ومنطق القوه والعنف الذي وسم السلوك السياسي علي مدي عقود طويله، انتج لنا صدام حسين في العراق وحافظ وبشار الاسد في سوريه ومعمر القذافي في ليبيا وغيرهم، وارتدّ استطراداً علي شكل الفراغ الرهيب في المجتمع والخواء والفقر والتهميش الذي باتت الاكثريات تشكو منه قبل الاقليات.

وليس من حاجه الي اعاده التاكيد علي هول الكوارث التي جرّ صدام حسين واصحابه واشباههم البلاد العربية اليها، فها هي تشهد علي نفسها بنفسها. بيد ان المهم في السياق هذا هو محاولات تبييض صفحات هذا النوع من الانظمه ورفعها الي مصاف العلاجات الناجعه لازماتنا السياسيه والاجتماعيه.

يعلم العرب منذ ابن خلدون، ان الدوله كيان منفصل عن المجتمع متعالٍ عليه وان ازدياد قوتها مرادف لتصاعد بطشها بمواطنيها اولاً. ولا تصدر الدعوات الي احياء النهج الصدامي سواء في مواجهه ايران او كترياق لمرض الانقسامات العرقيه والطائفيه الا من يائس لا يستطيع النظر الي الامام الا بالاستداره الي الخلف.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل