المحتوى الرئيسى

رغيد الصلح يكتب:القوات العربية المشتركة خطوة في الاتجاه الصحيح

03/06 14:45

تمر الذكري الستون لولاده جامعه الدول العربيه وسط اجواء ماساويه قلّ ان شهدت المنطقه نظيراً لها في تاريخها الحديث . وحيث ان الجامعه هي مراه لاحوال المنطقه، فانه من المفروض ان تكون هي ايضاً تعاني حالاً ماساوياً .

وحتي وقت قريب، كانت مناخات العمل المحيطه بالجامعه قاتمه الي درجه ان امينها العام، الدكتور نبيل العربي كان يفكر جدياً في الاستقاله من منصبه، كما يقول متابعون عن كثب لاوضاع الامانه العامه . ولكن هذا المناخ تغير بصوره ملحوظه، بحيث ان الجامعه باتت تتهيا لاستقبال عيد ملادها الستين وسط اجواء التفاؤل والنشاط والامال الواسعه .

يرجع الفضل في هذا الانقلاب الي المشروع المصري حول تشكيل قوات عربيه مشتركه . ان هذا المشروع قد يكون افضل هديه يقدمها مسؤول عربي الي الجامعه في ذكري ميلادها . انه ينقلها من حال "الموت السريري"، كما وصفه احد المعلقين، الي حال الفاعل الاقليمي القادر علي المساهمه -ولو المتواضعه - في " . . . صيانه استقلال البلاد العربية وسيادتها من كل اعتداء"، كما حدد ميثاق الجامعه الاهداف المتوخاه من تاسيسها . ولكن هل ينجح المشروع؟ هل تتمكن مصر من اقناع الدول العربيه الاخري بتبنيه؟ ان نجاح المشروع مرهون بحجم واهميه مسوغاته وفي مقدمتها ما يلي:

* الاخطار التي يمثلها الارهاب المنتشر في المنطقة العربية ومنها الي مناطق اخري في العالم . وما يميز هذه الاخطار انها وحدت العالم وقواه الكبري كلها ضد هدف واحد، هو الرغبه في التخلص منها . فلا ريب في ان دول الاطلسي ودول منظمه شنغهاي ودول مجموعه الستين، اي ما تبقي من حركه عدم الانحياز والدول الناميه، كلها تجمع علي مناهضه هذه الاخطار، وترغب في الخلاص منها، ولكنها لا تنخرط في تحالف واحد، ولا تتبني استراتيجيه واحده للقضاء علي هذه الاخطار . هذا الواقع يوفر خلفيه دوليه مناسبه لتحقيق المبادره المصريه ولتقديم الدعم لها .

* ان القوي الكبري التي تتحمل مسؤوليه الامن العالمي، وترغب في التخلص من الارهاب الدولي، تبدو عاجزه عن تعبئه الامكانات الضروريه لتحقيق هذه الغايه . ويظهر هذا العجز بصوره خاصه في قصورها عن الزج بقوات بريه كافيه ضد المنظمات الارهابيه . وفيما تبتعد القوي عن هذا المسار خوفاً من مضاعفاته السياسيه في الداخل، فانها تحاول التعويض عن هذا النقص بتكثيف استخدامها لسلاح الطيران في محاربه المنظمات الارهابيه . وباستثناء الحرب في كوسوفو ولاسباب استثنائيه، فان القصف الجوي لم ينجح، كما جاء في صحيفه "الانديبندنت" البريطانيه (3-3-2015)، في القضاء علي قوي الارهاب الدولي . وهكذا وخلافاً للنظريات النيو- ليبراليه التي كانت تقول "بترشيق" القوات المسلحه خاصه البريه، وتخفيض عديدها، وزياده الاعتماد علي التقنيات الحديثه مع التقليل من الاعتماد علي العنصر البشري في الحروب، فان النظره الغالبه اليوم، هي ان حجم القوات، خاصه البريه منها، هو عنصر مهم من عناصر الحرب ضد الارهاب .

من هذه الناحيه فان تكوين القوات العربيه المشتركه واضطلاع الجيش المصري بدور رئيسي فيها يوفران الحجم الملائم للقوات التي تدخل الصراع ضد الارهاب الدولي . فالجيش المصري هو الاكبر في المنطقه العربيه وافريقيا ومن اكبر الجيوش في العالم . ان عدد المجندين المصريين يصل الي نصف مليون، اضافه الي نصف مليون ايضاً من الاحتياط . وهو يملك ما لا يقل عن 5 الاف دبابه و1100 طائره حربيه . وخاض الجيش المصري عدداً كبيراً من الحروب وتمرس في مهمات خارج الاراضي المصريه، ما يجعله مهيئاً للاضطلاع بدور رئيسي في تكوين القوات العربيه المشتركه .

* ان انتماء هذه القوات الي الاقليم نفسه الذي تنتمي اليه الجماعات الارهابيه يلعب دوراً مهماً في الحرب ضد هذه الجماعات . فهذه القوات تبقي اكثر درايه ومعرفه بحال البلاد التي تتحرك فيها، واقرب الي شعوب المنطقه واكثر قدره علي العمل بينها ومعها من الجيوش التي تاتي مما وراء البحار . وهكذا فان الدول التي عولت علي القوي الكبري، او علي الولايات المتحده، لتخليصها من الارهاب الدولي ادركت بعد سنوات انها اختارت الطريق الخاطئ من اجل ايجاد حل لهذه المعضله الكبري، في حين ان بلداً مثل الجزائر سلك طريقاً مغايراً عندما حارب الارهاب اعتماداً علي امكاناته الذاتيه بالدرجه الاولي، تمكن من القضاء علي المنظمات الارهابيه، وعلي اعاده الحياه السياسيه الي حلبه التنافس بين الاحزاب والجماعات غير المسلحه .

وفي السنوات الاخيره، وادراكاً لاهميه القوات الاقليميه في محاربه المنظمات الارهابيه والجماعات المنخرطه في الجريمه المنظمه، فلقد ازداد التعاون بين المنظمات الدوليه وعلي وجه التحديد هيئه الامم المتحده والمنظمات الاقليميه، خاصه في القاره الافريقيه، في هذا المضمار . ومن المؤكد ان تشكيل القوات العربيه المشتركه سوف يساعد علي اعاده الاستقرار الي ليبيا والي غيرها من المناطق والدول التي تعاني الانهيار الامني الخطر .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل