المحتوى الرئيسى

الانتحار في تونس.. ظاهرة يغذيها الفقر وغياب الحوار المجتمعي

03/05 13:22

ضيق ذات اليد، وفقر سياسات التنميه، وغياب الحافز والتواصل الانساني بين مكونات المجتمع الذي قد يسميه البعض حوارا؛ عوامل يراها خبراء، بمثابه "دوافع" للانتحار في تونس التي شهدت مؤخرا تزايد لعمليات قتل النفس دفع كثيرين لاسباغ وصف "الظاهره" عليها، وقاد اخرين للبحث في حلول ناجعه لها، تتضمن سياسة اجتماعية شامله، والحث علي تبني نمط للعيش السليم.

ووفق دراسه اعدها "المنتدي التونسي للحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه (غير حكومي)، نشرت قبل اسبوع، تصدرت محافظه القيروان، وسط تونس، نسب الانتحار بتونس عام 2014، بواقع 31 حاله انتحار من مجموع  203 حاله بكامل البلاد. وسجلت البلاد 304 حاله انتحار عام 2013.

والسنه الفائته، اصدر مفتي الجمهوريّه التونسيّه السابق، حمده سعيد، بيانا اكد فيه ان  “قتل النفس بالحرق او الغرق او بالخنق او باي وسيله، حرام في الاسلام"،  داعيا "كل المسلمين الي عدم الالتجاء الي حل الانتحار مهما اصابهم من بلاء الدنيا وضيقها وان يصبر ويثابر"، في محاوله لكبح جماح الظاهره التي تزايدت وتيرتها في المجتمع.

الا ان عمليات الانتحار تواصلت منذ ذلك التاريخ وسجلت البلاد، انتحار 23 شخصا في شهر اغسطس 2014، ثم 27 حاله انتحار في ديسمبر من نفس العام.

وتركزت حالات "الانتحار" بمحافظه القيروان في  منطقه "العلا" و"الوسلاتيه "و"حفوز" و"بوحجله".

ووفق تقرير المنتدي التونسي للحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه، سجلت ''العلا'' وحدها نحو 15 حاله انتحار بين ابريل 2014، وديسمبر 2014، وسجلت نسبه عاليه منها في صفوف تلاميذ والمنقطعين عن الدراسه، علما وان هذه المنطقه  تتصدّر اسفل الترتيب التنموي علي السلم الوطني، وهو 260 من اصل  264 منطقه في كامل انحاء الجمهوريه، حسب معطيات قدّمها النائب بالبرلمان طارق الفتيتي.

وحسب المنتدي، تراوحت اسباب تفاقم الظاهره، بين عوامل اجتماعيه ونفسيه واقتصاديه، كما شملت حالات الانتحار مختلف الفئات السنيه بين 9 سنوات و75 عاما من التلاميذ والموظفين والعاطلين والمزارعين والتجار. الا ان المنتدي افاد بان القاسم المشترك بين هذه الحالات هو انتماؤهم للمناطق الريفيّه بمحافظه القيروان التي يشكل فيها سكان الريف حوالي 68 بالمائه من عدد السكان المقدر بـ600 الف، وفقا لاحصائيات رسميّه.

وافاد عبد الستار السحباني، وهو مختص في علم الاجتماع بتونس وصاحب دراسه حول الانتحار، بانه "تم تسجيل 18 حاله انتحار اطفال في 2014"،  مشيرا الي انّه "من اهم اسباب هذه الظاهره غياب الحوار بين مكونات الاسره مع الاطفال الذين يعانون من حاله اكتئاب بالاضافه لغياب الحوار في الوسط المدرسي مع المربي".

السحباني قال ان "تونس شهدت 203 حالات ومحاولات انتحار في 2014، اي بمعدل 17 حاله ومحاوله شهريا"، موضحا ان "الشريحه العمريه بين 26 و35 سنه هي التي تتصدر حالات الانتحار بـ60 حاله فيما بلغ عدد حالات انتحار الاطفال 18 حاله من بينها 12 حاله تخص الفتيات".

وبخلاف احصائيات المنتدي التونسي للحقوق الاقتصاديّه والاجتماعيّه، لا توجد ارقام دقيقه ولا دراسات رسميّه تهم جهه القيروان سواء لدي وزاره الصحّه او الشؤون الاجتماعيّه ولا وزاره الداخليّه.

وتربط المنظمات الحقوقيّه التونسيه بين ارتفاع نسبه الانتحار، وتدني حظوظ التنميه والظروف الاجتماعيّه بمحافظه القيروان التي شهدت تحرّكات احتجاجيّه فرديه وجماعيه من اجل مطالب التشغيل والماء وتحسين ظروف العيش، خلال الفتره الماضيه. 

وبالرغم من بدء المنظمات الحقوقيّه والاجتماعيّه في التحرك الميداني للتحسيس بخطوره ظاهره الاقدام علي الانتحار، والحد من تفشيها، عبر انشطه تربويه وثقافيّه بالاشتراك مع الهياكل الرسميّه والمختصّين في علم النفس والاجتماع فان الانتحار لم يتوقف، بل تزايد، حسب مراقبون.

ووفق فرج خماري، رئيس قسم النهوض الاجتماعي بالقيروان(حكومي)، تتنوع اسباب الانتحار في تونس، وفي قلبها العوامل الاجتماعيه النابعه عن العزله والفقر ، لافتا الي ان محافظه القيروان تسجل 4.5 بالمائه كنسبه فقر بين سكانها في 2014، وهي نسبه معنيه بالاشخاص الذين "لا يتجاوز مستوي دخلهم اليومي دينارين"(حوالي 1 دولار).

والي جانب العوامل الاجتماعيه، حدد تقرير المنتدي التونسي للحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه، اسباب اخري للظاهره، تتعلق بغياب الاب الذي يتوجه من القيروان للعمل في العاصمه لاشهر طويله، وغياب المرافق الاساسيّه من ماء وطرقات وتغطيه اجتماعيّه وصحيّه، والاخفاق المدرسي لدي التلاميذ نتيجه غياب التواصل بين مختلف مكونات المنظومه التربويه والتعليميه وكذلك داخــل الاسره.

وقالت ريم سعيدان، وهي اخصائيه اجتماعيه باداره الشؤون الاجتماعيه بالقيروان ( حكومي) للاناضول انه "لم يعد مستغربا تحول الانتحار الي ظاهره بحكم التغيرات المتتاليه الحاصله علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي ونسق الاحداث المتتاليه التي تسببت في احباط نفسي"، مضيفه "اقترن الانتحار بفعل ثوري او موقف من الحياه وهي صوره لعب الاعلام دورا في التسويق لها دون الاخذ بعين الاعتبار مما قد يؤثر في هذه النفوس خصوص لدي الاطفال".

واعتبرت سعيدان ان "حل الظاهره سياسي بالاساس، ويجب ان ينطلق من تبني سياسه اجتماعيه عاجله تمكن من حلول قريبه المدي وبعيده الاهداف".

  وحملت حنان الحليوي، رئيسه مصلحه الطب المدرسي والجامعي بالقيروان والاخصائيه نفسيّه، في حديث للاناضول، الاعلام مسؤوليه "التسبب في استفحال ظاهره الانتحار بالتناول الخبري دون التعهد بالتوعيه والتحسيس".

ومن الحلول التي تقترحها الدكتوره الحليوي "توخي نمط العيش السليم من حيث الغذاء والانشطه الرياضيه والثقافيه والتربويه وتسمح للعائله والمجتمع المدني بلعب دور في هذا الاطار".

يذكر ان الثورة التونسية انطلقت شرارتها بعد ان اقدم الشاب محمد البوعزيزي في محافظه سيدي بوزيد، علي احراق نفسه يوم 17 ديسمبر سنه 2010، واصبح الانتحار حرقا او التهديد بالحرق بمثابه "الرمزيّه الثوريه في تونس".

اوباما لـ تونس: ملتزمون بدعم مساركم الاقتصادي

الحكومة التونسية تتفقد اضرار فيضانات "جندوبه"

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل