المحتوى الرئيسى

قُم ناجِ جِلَّق يا عمر

03/05 02:00

هرج الصّاله ومرجها يعكس بهجهَ جمهورٍ ضرب موعداً مسبقاً مع الضّحك. تُطلّ صباح السّالم من الكواليس، تقف وحيدهً في منتصف الخشبه، تعرّف باعضاء فرقه «مسرح الشّوك». يجيء اسم دريد لحام في نهايه القائمه فيطول تصفيق الحاضرين، لتتركهم مقدّمه الحفل علي موعدٍ مع كلمه الافتتاح، يُلقيها عليهم «غوّار الطّوشه». وما ان يهمّ الاخير بتحيّه الجمهور حتّي يصدح صوت احدهم من بين النّاس قائلاً «قُم ناجِ جِلَّق وانشد رسم من بانوا... مَشت علي الرّسم احداثٌ وازمانُ»، فيصفّق الحاضرون مجدداً، يُصفّقون كثيراً. ربما يكون امير الشّعراء أحمد شوقي راضياً علي هذه المُعترضه الشّعريه، فقائلها كان الحلبيّ الجميل عمر حجو.

ارتبط اسم عمر حجو (1931 ــ 2015) بـ«مسرح الشّوك»، فهو مؤسّسه الاوّل، وصاحب التّجربه البكر التي تعود الي ستينيات القرن الماضي. ولـ «مسرح الشّوك» من اسمه نصيب، فهو الواخز النّاقد المتحدّث بصوت النّاس، وهو المشاغب المشاكس الباحث عن الافضل. ولانّ شموليّه النجم كانت سائدهً في تلك الحقبه من عمر الفنّ السّوري، فقد صار اسم عمر حجو جزءاً من جوقهٍ ضمّت اسماء بقيمه صباح الجزائري، وحسام تحسين بك، والرّاحلين ناجي جبر، ومحمد الشّيخ نجيب. استطاع هؤلاء ان يحجزوا لانفسهم متسعاً في مربّعات الضّوء، وصاروا نجوماً لهم حظوه في قلوب السّوريين، لكنّ تعويم فكره النّجم الاوحد جعل بريقهم يخفت لصالح القطع السوري النادر، والحديث هنا عن الفنّان دريد لحام.

حين نذكر «غوّار الطّوشه»، و«حسني البورظان»، و«ابو عنتر»، و «ابو صيّاح»، و «ياسين بقّوش»، و«بدري ابو كلبشه»، لن نستطيع استحضار شخصيّهٍ بعينها لنربطها باسم عمر حجو. فالاخير كان متبايناً عن ابناء جيله، وصاحب رؤيهٍ مختلفهٍ لفنّ الممثل. فقد حرص علي ان يُسجّل حضوره العفوي ضمن معادله المدرسه الكلاسيكيه في التّمثيل: «كن حقيقياً، كُن كما انت، صدّق نفسك، فيُصدّقك المُشاهد». هكذا بدا عمر حجو، رفيقاً للنّاس وقريباً منهم، وهكذا جاءت الخواتيم، فذاكرتنا غير الاصيله التي تبكي المبدعين بعد غيابهم فقط، لن تنسي دموع «ابو عبدو» في مسلسل «سنعود بعد قليل» (2013، تاليف رافي وهبي واخراج الليث عمر حجو)، ذاك الرجل الثمانيني الذي بكي فراق ولده فجاء الدّمع سورياً، وجاءت الوصيّه بان لا تفقدوا ابناً او وطناً يعادله، سوريّهً ايضاً.

اشقياءٌ يا رجال المسرح، ومُتعَبون يا من بقيتم اوفياء للخشبه السوريه التي اصطفت جمهورها واختارت النّخبه فطردت المساكين من بيتها وتجاهلت بعضاً من ارث المؤسّسين، ومنهم عمر حجو. ترجّل الراحل عن حصانِ المسرح العام 2011، فكانت مسرحيّه «السّقوط» الّتي قدّمها، رفقه دريد لحام، علي خشبه «مسرح قطر الوطنيّ» محطّه الختام في دربٍ لم يكن فقيراً بالعمل التلفزيونيّ الّذي احتفي باخر ظهور لحجو في مسلسل «الينابيع الزّرقاء» العام 2014 (تاليف نور الدين الهاشمي واخراج غازي ابراهيم).

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل