المحتوى الرئيسى

بعد تاريخ من الإخفاقات: هل يمكن أن تنجح اتفاقية الدفاع العربي المشترك في مواجهة داعش؟

03/04 17:03

فور انتهاء الحرب العالميه الاولي عام ثمانيه واربعين من القرن الماضي، وما احدثته من نكبات وازمات في العديد من البلدان العربية، توالت العديد من قرارات جامعه الدول العربيه، التي دعت الي ضروره تبني استراتيجيه واضحه للدفاع عن اي دوله يُعتدَي عليها.

حينها وقعت بعض من الدول “معاهدة الدفاع المشترك”، لفض المنازعات بين الدول الاعضاء بالطرق السلميه، والتي شملت جمله من البنود، بيد ان اللافت فيها، انها لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي الا في مواطن قليله جدًا.

لكن، مع تفاقم الصراع في العديد من الدول العربيه، واتساع رقعه عمليات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” مؤخرا، تعالت العديد من اصوات زعماء وحكام عرب بالعدوه الي انشاء قوه عربيه مشتركه للتصدي لها.

اخر من دعا الي ذلك، رئيس جامعه الدول العربيه نبيل العربي، ومن قبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للتمكن من محاصره ما سموه “الارهاب” والتصدي له، ورئيس المجلس الاعلي الاسلامي العراقي عمار الحكيم الي عقد مؤتمر اسلامي اقليمي لمكافحه ذلك.

حتي تتضح الامور اكثر، لا بد من تسليط الضوء علي ابرز بنود المعاهده، والدول المشاركه فيها، وما اذا كان تفعليها جري في بعض القضايا العربيه اصلا، اضافه الي احتمال وسيناريوهات تفعليها لمواجهه “داعش”.

بعض من بنود معاهده التعاون العربي المشترك

الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي

خمس مواد نصت عليها المعاهده، وتمحورت معظمها حول توحيد خطط الدول المتعاقده لمواجهه اي “ارهاب” يجري عليها، واتخاذ التدابير الدفاعيه لذلك، بيد ان الكثير من نصوص هذه المعاهده لم ترها الشعوب العربية واقعا ملموسا في العديد من قضاياها الاخيره المتعثره حتي الان.

تتضمن لجنه عسكريه مهمتها اعداد الخطط العسكريه لمواجهه جميع الاخطار المتوقعه او اي اعتداء مسلح يمكن ان يقع علي دوله او اكثر من الدول المتعاقده او علي قواتها وتستند في اعداد هذه الخطط علي الاسس التي يقررها مجلس الدفاع المشترك، وغيرها.

يجوز للجنه العسكريه الدائمه تشكيل لجان فرعيه دائمه او مؤقته من بين اعضائها لبحث اي موضوع من الموضوعات الداخله في نطاق اختصاصاتها، ولها ان تستعين بالاخصائيين في اي موضوع من هذه الموضوعات تري ضروره الاستعانه بخبراتهم او برايهم فيه.

ترفع اللجنه العسكريه الدائمه تقارير مفصله عن نتيجه بحوثها واعمالها الي مجلس الدفاع المشترك المنصوص عليه في الماده السادسه من هذه المعاهده كما ترفع اليه تقارير سنويه ما انجزته خلال العام من هذه البحوث والاعمال.

تكون القاهره مقرا للجنه العسكريه الدائمه، وللجنه مع ذلك ان تعقد اجتماعاتها في اي مكان اخر تعينه، وتنتخب اللجنه رئيسها من بين اعضائها لمده عامين ويمكن تجديد انتخابه ويشترط في الرئيس ان يكون علي الاصل من الضباط القاده العظام. ومن المتفق عليه ان يكون جميع اعضاء هذه اللجنه من ذوي الجنسيه الاصليه لاحدي الدول المتعاقده.

تكون القياده العامه لجميع القوات العامله في الميدان من حق الدوله التي تكون قواتها المشتركه في العمليات اكثر اعدادا وعده من كل من قوات الدول الاخري، الا اذا تم اختيار القائد العام علي وجه اخر باجماع اراء حكومات الدول المتعاقده.

لا بد من الاشاره الي ان مجلس الدفاع المشترك يتالف من وزراء الخارجيه والدفاع الوطني للدول المتعاقده او من ينوبون عنهم، وما يقرره المجلس باكثريه ثلثي الدول يكون ملزما لجميع الدول المتعاقده.

وبالتالي، الدول المشاركه في الاتفاقيه هي سوريا والعراق ومصر ولبنان والسعوديه واليمن والاردن.

الدبابات الاسرائيليه خلال اجتياحها لبنان عام 1982م

اولا: العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956م

حيث واجهت المعاهده اول اختبار حقيقي لها عند وقوع العدوان الثلاثي علي مصر في اكتوبر 1956 ليس فقط من خلال تواطؤ اسرائيل مع بريطانيا وفرنسا، بل وتواطؤ احدي الحكومات العربيه ضد مصر، وتحديدا حينما حرضت حكومه العراق بريطانيا علي العدوان ضد مصر وسمحت باستخدام قاذفات القنابل البريطانيه لضرب الاهداف المصريه.

ثانيا: الازمه الكويتيه العراقيه عام 1961

بعد اعلان الغاء اتفاقيه الحمايه المبرمه بين الكويت وبريطانيا وذلك في يونيو 1961، واعلان الكويت دوله مستقله، اثار نظام عبد الكريم قاسم في العراق مشكله كبيره مع الكويت حين طالب بضمها الي العراق.

لم يكتف قاسم بذلك، بل قام بحشد قواته علي الحدود الكويتيه وسارعت الجامعة العربية الي مواجهه الازمه فاصدر مجلسها قرارًا بتشكيل اول قوه سلام عربيه مشتركه لتحل محل القوات البريطانيه عند انسحابها من الكويت.

وسجل حينها الحدث اول نجاح للجامعه العربيه منذ قيام حرب فلسطين عام 1948 في مواجهه مشكله عربيه وتشكيل قوه عسكريه مشتركه تحت قياده موحده لانجاز عمل قومي محدد، يخدم القضايا العربيه.

ثالثا: ثوره اليمن عام 1962

سنه 1961 سقطت الوحده الغربيه المصريه السوريه بفعل التدخل الخارجي والتواطؤ العربي، وبعد عام اشتعلت ثوره اليمن عام 1962 بهدف الاطاحه بنظام الامام، وبالتالي لم تتحرك الجامعه العربيه لتقديم اي دعم او معونه للثوره تعينها علي الخروج بالبلاد.

رابعا: ازمه تحويل مياه نهر الاردن عام 1963م

استغلت اسرائيل التدهور المتصاعد في العلاقات العربيه العربيه وانشغال الأمة العربية بمشاكلها وعملت بكل جهد في تحويل مياه نهر الاردن واعلنت في نهايه عام 1963 انتهاءها من استكمال المرحله الاولي من مشروع المياه القومي الاسرائيلي.

وازاء هذا الخطر علي الامن القومي العربي رات مصر انه لابد من القيام بعمل عربي مشترك في مواجهه هذا التهديد؛ فدعت الي عقد اول مؤتمر عربي لمواجهه مشروعات اسرائيل بتحويل مياه نهر الاردن.

خامسا: حرب اكتوبر عام 1973م

تم تفعيل الاتفاقيه خلال حرب 1973، حيث كانت متعدده الاشكال، منها المشاركه بالمعدات الفنيه، او القوات المقاتله او بالاموال، وملائمه في الوقت نفسه لطبيعه الحرب.

سادسا: الاجتياح الاسرائيلي للاراضي اللبنانيه عام 1982م

علي الرغم من ان لبنان واحده من دول الاعضاء في المعاهده، الا انها لم تستفد منها في الاجتياح الاسرائيلي لها، وتحريك القوات العربيه نحوها، لكن الولايات المتحده الامريكيه قد ارسلت بالكثير من الاشارات لسوريا بموافقتها علي التدخل السوري في الاراضي اللبنانيه، وهو ما تحقق بالفعل.

سابعا: العدوان العراقي علي الكويت عام 1990

فشلت الجامعه العربيه في وقف العدوان، فيما نجحت الامم المتحده في اصدار القرارات الضروريه والمتنوعه لردع العدوان بشكل متدرج بدا بالحصار الاقتصادي وانتهي باستخدام القوه لازاله اثاره.

ليس هذا فحسب، فالاعتداءات الاسرائيليه المتواصله بحق الفلسطينيين منذ عقود عده، والحروب التي طحنت بهم، لم تر اي رادع عربي لاسرائيل حتي الان، علي الرغم من تفاقمها في السنوات القليله الماضيه.

الي جانب الغزو الامريكي للعراق عام 2003، وما نتج عنه من انشقاقات جمه داخل الطوائف العراقيه، والصراع الدائر في سوريا واليمن وليبيا، وارتفاع وتيرته في الوقت الحالي، كل ذلك يعطي مؤشرا ان ثمه عجزًا في القرارات العربيه نحو هذه الازمات.

الاقباط المصريون الذين اعدمتهم “داعش” فبراير الماضي

منتصف الشهر الماضي، وتحديدا حينما اعدمت “داعش” 21 قبطيا مصريا ذبحًا، كرد علي ذلك قام الطيران المصري بتوجيه ضربه جويه مركزه ضد معسكرات ومناطق تدريب ومخازن وذخائر التنظيم في الاراضي الليبيه.

وقتها وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوه الي المجتمع الدولي للمساعده في توجيه ضربه لليبيا، الا انها لم تلقَ اذانا مصغيه، فقام بتقديم مبادره اخري قوامها تشكيل “قوه عربيه مشتركه “لمواجهه الارهاب”.

وسبقه في ذلك الملك الاردني عبد الله الثاني، بعد حرق التنظيم ايضا للطيار الاردني معاذ الكساسبه اوائل الشهر الماضي، فيما جدد الامين العام لجامعه الدول العربيه نبيل العربي قبل ايام قليله ذات الدعوه.

ثمه من يري ان هذه الدعوات تضفي مزيدا من الشكوك حول مدي استعداد الدول العربيه للقبول بتشكيل “قوه عربيه مشتركه”، اذ لا يمكن الحديث عن جدوي المطالبات العربيه دون استعاده تاريخ التعاون العسكري العربي.

وبالرغم من وجود اتفاقيه الدفاع العربي المشترك، الا ان محطات التعاون العسكري العربي كانت محدوده جدا في تاريخ المنطقه، وربما كان ابرزها مشاركه قوات عربيه لمصر وسوريا في حرب تشرين الاول العام 1973، وتدخل قوات الامن “الردع” العربيه في لبنان في سبعينات القرن الماضي.

ومن وجهه نظر مراقبين فان المعاهده لم تجدْ اليات تفعيل حقيقيه، حيث بقي التعاون العسكري العربي مرتبطا بمواقف طارئه وليس توجها عاما، حتي ان التعاون والارتباط بين بعض الدول العربيه ودول اخري غربيه وشرقيه واقليميه كانا يفوقان التعاون العربي.

اضافه الي ان الدول العربيه المدعوه الي المشاركه في هذه القوه العسكريه مشاركه بالفعل – او معظمها – في التحالف الدولي ضد الارهاب الذي تقوده الولايات المتحده، والذي تعتبر مصر نفسها طرفا فيه، وان كان بالدعم اللوجيستي والمعلوماتي فحسب، من دون المشاركه في العمليات القتاليه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل